عربي21:
2025-03-06@03:33:22 GMT

في سقوط أيديولوجية القوة الإيرانية

تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT

في الصراع السياسي والعسكري بين الدول، ثمة فارق مهم جدا بين من يُقدم على تغيير قواعد الاشتباك وبين من يُجبر عليها: في الحالة الأولى تمتلك الدولة القدرة العسكرية والسياسية التي تؤهلها للخروج من الستاتيكو السياسي والعسكري القائم، أو من قواعد الاشتباك السائدة والمتفق عليها ضمنيا بين طرفي الصراع، بينما لا تمتلك الدولة في الحالة الثانية هذه القدرات، واضطرارها إلى دخول المستوى الجديد من الصراع ليس إلا لخفض الأثمان الاستراتيجية إذا هي لم تقم بذلك.



ضمن هذه المقاربة يمكن النظر إلى الضربة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق، ثم الرد العسكري الإيراني بمئات المُسيرات والصواريخ من الأراضي الإيرانية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة.

تغيير قواعد الاشتباك

بقصفها مبنى دبلوماسي رسمي لإيران في دمشق غيرت إسرائيل قواعد الاشتباك السائدة منذ سنوات بينها وبين إيران (معركة بين الحروب)، وهي إذ تفعل ذلك، فإنما فعلته بعد دراسة عميقة للمتغير الحالي في المنطقة والمتمثل بحرب غزة من جهة، والدعم الغربي غير المحدود لإسرائيل من جهة ثانية، وهما متغيران يدفعان صناع القرار في إيران ـ من وجهة نظر إسرائيلية ـ إلى التفكير مليا في توجيه ضربة عسكرية مباشرة لإسرائيل إن قامت الأخيرة بتغيير قواعد الاشتباك وضرب أهداف إيرانية رسمية بشكل مباشر.

الخيارات الإيرانية

كان أمام إيران خياران:

ـ المحافظة على قواعد الاشتباك مع ما يعنيه ذلك من خسائر كبيرة، ليس على المستوى المعنوي والشعبي فحسب، بل أيضا على المستوى الاستراتيجي، لأنه ينهي نهائيا مقولة الصبر الاستراتيجي الإيرانية، ولأنه سيدفع إسرائيل إلى المضي قدما في تغير قواعد الاشتباك.

ـ رد عسكري، ولكن الردود العسكرية تكون دائما على مستويين: الأول ضعيف يحمل رسائل سياسية وإن جاءت عبر السلاح، بينما يكون الثاني قويا يندرج ضمن معادلة الردع القاسي.

اختارت إيران الرد الضعيف لأربعة أسباب رئيسية:

الأول، تفاوت القدرة العسكرية بينها وبين إسرائيل، إذ أن رد عسكري إيراني قوي يؤذي إسرائيل سيُقابل بالضرورة برد عسكري، وسيؤدي إلى فتح باب حرب طويلة بين الجانبين، لن يكون بمقدور إيران تحملها في ظل دعم أميركي هائل لإسرائيل ودعم غربي تكشف بوضوح منذ أحداث السابع من أكتوبر العام الماضي في محيط غزة.

الثاني، لن يستطيع الاقتصاد الإيراني المأزوم وهو في مرحلة التعافي المبكر من تحمل حرب بهذا المستوى، الأمر الذي قد يؤدي إلى رفع مستوى الغضب الشعبي الموجود أصلا نتيجة التدهور الاقتصادي.

يمكن فهم أن إسرائيل لن ترد على الرد الإيراني مباشرة بقصفها مواقع داخل إيران، أو إعادة تكرار سيناريو القنصلية في دمشق، بل ستقوم بعمليات عسكرية مباشرة في سورية ضد الميليشيات التابعة لها، أو عمليات غير مباشرة داخل الأراضي الإيرانية دون أن تعلن إسرائيل مسؤوليتها عنها (تفجيرات أصفهان المحدودة أمس)، فمثل هذه العملية داخل الأراضي الإيرانية تهدف إلى توجيه رسالة سياسية مفادها أن إسرائيل قادرة إن لزم الأمر في الوصول إلى العمق الإيراني.الثالث، ليس لدى إيران رغبة في أن تؤدي الحرب إلى نشوء تحالف إسرائيلي عربي ـ كان وما يزال مضمرا وبحدود معينة ـ واضح من شأنه أن يؤدي إلى إضعاف مكامن القوة الإيراني في البلدان العربية (العراق، سورية، لبنان، اليمن).

الرابع، عدم رغبة صناع القرار في طهران بحدوث قطيعة سياسية مع الولايات المتحدة، خصوصا بعد الانفراجات الجزئية التي حصلت بين الدولتين خلال الأعوام الماضية فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني وتخفيف العقوبات الاقتصادية الأميركية والغربية على إيران.

في المجمل، كان الرد الإيراني ضعيف الأثر، انعكاسا لقدرة إيران المحدودة فيما يتعلق بإسرائيل، ويمكن القول إن التجارب الطويلة بين الجانبين خلال العقود الماضية من جهة، وقصف القنصلية الإيراني في دمشق والرد الإيراني، لا تخدم القضية الفلسطينية، بقدر ما تخدم المصالح الإيرانية في المنطقة، فإذا لم تستطع إيران ـ التي تحمل في شعاراتها محاربة إسرائيل بسبب احتلالها لفلسطين ـ من استثمار لحظة فارقة (ضرب القنصلية) لفرض واقع جديد، فإن كل استراتيجيتها سقطت أمام هذا الامتحان.

وما قول البعض بأن إيران ألزمت إسرائيل بالعودة إلى قواعد الاشتباك السابقة (المعركة بين الحروب)، وأن الصواريخ الإيرانية والمُسيرات كشفت منظومات الصواريخ الإسرائيلية الاستراتيجية، وقول آخرين من أن إسرائيل كانت ضعيفة لدرجة أنها لجأت إلى دول عربية وغربية للمشاركة معها في إسقاط الصواريخ الإيرانية، ما قول كل هذا إلا هراء بالمعنى الاستراتيجي، وإن كان ثمة حقيقة واضحة لا يبدو أن العرب قادرين على فهمها أو استغلالها، وهي أن عملية "طوفان الأقصى) والرد العسكري الإيراني كشفا حالة الخوف والهلع الإسرائيلية العالية جدا.

ولا يتعلق هذا الخوف بطبيعة الحال بسبب ضعف إسرائيل على المستوى العسكري، بل ناجم من الشخصية الإسرائيلية التي ترتعب جدا من أي محاولة عربية أو إسلامية للنهوض، أو أية محاولة لتوجيه ضربة لها.

من هنا، يمكن فهم أن إسرائيل لن ترد على الرد الإيراني مباشرة بقصفها مواقع داخل إيران، أو إعادة تكرار سيناريو القنصلية في دمشق، بل ستقوم بعمليات عسكرية مباشرة في سورية ضد الميليشيات التابعة لها، أو عمليات غير مباشرة داخل الأراضي الإيرانية دون أن تعلن إسرائيل مسؤوليتها عنها (تفجيرات أصفهان المحدودة أمس)، فمثل هذه العملية داخل الأراضي الإيرانية تهدف إلى توجيه رسالة سياسية مفادها أن إسرائيل قادرة إن لزم الأمر في الوصول إلى العمق الإيراني.

كما أن إسرائيل غير قادرة على الدخول في أزمة مع الولايات المتحدة غير الراغبة إطلاقا بنشوء حرب واسعة في الشرق الأوسط، حفاظا على مصالحها التي أصبحت خلال السنوات السابقة متمثلة بثلاث مستويات:

الأول، استمرار تدفق النفط بسلاسة إلى العالم الغربي.

الثاني، استمرار طرق الملاحة البحرية في عملها دون تهديد.

الثالث، الإبقاء على الوضع الراهن السياسي في البلدان العربية عبر استقرار النظم الاستبدادية والحيلولة دون نشوء نظم ديمقراطية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية الإيرانية إيران إسرائيل رأي مواجهة مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة داخل الأراضی الإیرانیة قواعد الاشتباک الرد الإیرانی أن إسرائیل فی دمشق

إقرأ أيضاً:

تقرير: خبراء صواريخ روس توجهوا إلى إيران خلال مواجهة إسرائيل

تشير مراجعة رويترز لسجلات سفر وبيانات توظيف إلى أن عددا من كبار خبراء الصواريخ الروس زاروا إيران خلال العام المنصرم وسط تعزيز طهران تعاونها الدفاعي مع موسكو.

السجلات أظهرت أن جميع الروس لديهم خلفيات عسكرية رفيعة المستوى يشملون خبراء في الدفاع الجوي والصواريخ والمدفعية الرحلات الجوية جاءت وسط ضربات متبادلة بين إسرائيل وإيران

وحسب لتقرير جديد من رويترز، تم حجز السفر لخبراء الأسلحة السبعة من موسكو إلى طهران على متن رحلتين في 24 أبريل و17 سبتمبر من العام الماضي، وفق وثائق تحوي تفاصيل الحجزين الجماعيين بالإضافة إلى بيان الركاب للرحلة الثانية.

وأظهر مرسوم نشرته الحكومة الروسية ووثيقة على موقع وزارة الخارجية الروسية على الإنترنت أن سجلات الحجز تتضمن أرقام جوازات سفر الرجال، حيث يحمل ستة من السبعة الرقم "20" في بداية رقم الجواز.

ويشير ذلك إلى أن جواز السفر يُستخدم في أعمال رسمية للدولة، ويصدر لمسؤولين حكوميين في رحلات عمل خارجية وعسكريين يعملون انطلاقا من الخارج. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما كان يفعله السبعة في إيران.

وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الإيرانية إن خبراء الصواريخ الروس قاموا بزيارات متعددة لمواقع إنتاج الصواريخ الإيرانية العام الماضي، ومنها منشأتان تحت الأرض، وبعض الزيارات جرت في سبتمبر.

ولم يحدد المسؤول الموقع، طالبا عدم الكشف عن هويته لتتسنى له مناقشة المسائل الأمنية.

وقال مسؤول دفاعي غربي، يراقب التعاون الدفاعي الإيراني مع روسيا وطلب عدم الكشف عن هويته أيضا، إن عددا غير محدد من خبراء الصواريخ الروس زاروا قاعدة صواريخ إيرانية، على بعد 15 كيلومترا تقريبا غرب ميناء أمير آباد على الساحل الإيراني على بحر قزوين في سبتمبر.

ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان الزوار الذين أشار إليهم المسؤولون يشملون الروس في الرحلتين.

وأفادت مراجعة لقواعد البيانات الروسية التي تحتوي على معلومات عن وظائف المواطنين أو أماكن عملهم، ومنها الخاصة بسجلات الضرائب والهواتف والسيارات، بأن الروس السبعة الذين حددتهم رويترز لديهم جميعا خلفيات عسكرية رفيعة المستوى، منهم اثنان برتبة كولونيل وآخران برتبة لفتنانت كولونيل.

وأظهرت السجلات أن اثنين من الخبراء في أنظمة صواريخ الدفاع الجوي، وأن ثلاثة متخصصون في المدفعية والصواريخ، بينما يتمتع أحدهم بخلفية في تطوير الأسلحة المتقدمة وعمل آخر في ميدان لاختبار الصواريخ. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان الجميع لا يزالون يقومون بتلك الأدوار، إذ تراوحت بيانات التوظيف من 2021 إلى 2024.

جاءت رحلاتهم إلى طهران في وقت حرج بالنسبة لإيران، التي وجدت نفسها منجرة إلى معركة انتقامية مع عدوها اللدود إسرائيل، تبادل فيها الجانبان شن ضربات عسكرية في أبريل وأكتوبر.

واتصلت رويترز بجميع الرجال عبر الهاتف. ونفى 5 منهم أنهم ذهبوا إلى إيران أو أنهم عملوا لصالح الجيش أو كلا الأمرين، بينما رفض أحدهم التعليق وأغلق آخر الهاتف.

ورفضت وزارتا الدفاع والخارجية الإيرانيتان التعليق على ذلك، وأيضا مكتب العلاقات العامة في الحرس الثوري، وهو قوة النخبة التي تشرف على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني. ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلب التعليق.

وقد أثر التعاون بين البلدين بالفعل على حرب روسيا على أوكرانيا، مع نشر أعداد كبيرة من طائرات شاهد المسيرة الإيرانية في ساحة المعركة. ووقعت موسكو وطهران اتفاقية عسكرية مدتها 20 عاما في العاصمة الروسية في يناير.

مقالات مشابهة

  • البيت الأبيض: نُجري محادثات مباشرة مع حماس بالتشاور مع إسرائيل
  • واشنطن تؤكد إجراء محادثات مباشرة مع حماس بالتشاور مع إسرائيل
  • مفاوضات مباشرة مع «ترامب» بخصوصن رهائن إسرائيل في غزة و«الأغذية العالمي» يدقّ ناقوس الخطر
  • أكسيوس: أمريكا تجري مباحثات مباشرة مع حماس بشأن الأسرى دون علم إسرائيل‏
  • الرئيس السوري: نلتزم باتفاق عام 1974 لفض الاشتباك مع إسرائيل
  • الإعلام العبري يكشف عن أساليب تجنيد إيران للجواسيس في إسرائيل
  • عاجل | المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية: تصريحات وزير الخارجية التركي بشأن إيران كانت غير بناءة ونأمل ألا نشهد تكرارها
  • تقرير: خبراء صواريخ روس زاروا إيران وسط الاشتباكات مع إسرائيل
  • تقرير: خبراء صواريخ روس توجهوا إلى إيران خلال مواجهة إسرائيل
  • إسرائيل تعتقل مواطنا بتهمة التواصل مع المخابرات الإيرانية