فجوات في الخطاب الرئاسي يجب ردمها ليواكب الواقع
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في 7 أبريل 2022، تطور الخطاب السياسي في مؤسسة الرئاسة بصورة لافتة، وأصبح أكثر تشخيصا لواقع البلاد المرير، لكن رغم ذلك ما زال هناك بعض الفجوات في هذا الخطاب.
أولى هذه الفجوات تتمثل في الحديث عن مبدأ الاعتماد على النفس بالتزامن مع مطالبة المجتمع الدولي بدعم الحكومة اليمنية الشرعية، وهو ما ورد بشكل أكثر وضوحا في مقابلة الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي مع الصحفيين المصريين على قناة (TEN) الخميس.
وفي موضع آخر من المقابلة، أكد الرئيس العليمي على "حرص الحكومة في إطار الاعتماد على النفس على تنمية الموارد، ليس على المستوى المركزي وإنما أيضا على مستوى المحافظات"، كما أكد في السياق ذاته أن الحكومة قطعت شوطاً في هذا الجانب، حيث تشكل عائدات الضرائب والجمارك 30 بالمائة من الإنفاق الحتمي، لكنه عند الحديث عن نسبة الـ70 بالمائة الأخرى من الموازنة والتي كان يتم تغطيتها من النفط، قال إنه "يتم تعويضها اليوم إلى حد ما من مساعدات الأشقاء والأصدقاء، الذين نعتبرهم شركاءنا في المعركة".
سبق أن تحدث الرئيس العليمي في أكثر من مناسبة، خاصة منذ أواخر العام 2023 ومطلع العام 2024، عن توجه مجلس القيادة الرئاسي نحو تنمية الإيرادات غير النفطية للدولة، بما في ذلك الإيرادات التي يتم تحصيلها بالعملة الصعبة، ومع ذلك ما زال المجلس والحكومة يعولان على الدعم المقدم من "الأشقاء والأصدقاء" لسد النقص في ميزانية الدولة.
الفجوة الثانية تتمثل في الحديث عن بناء الجيش الوطني وتشكيل غرفة عمليات للجيش والمكونات العسكرية لإدارة مسرح العمليات تحت إمرة وزير الدفاع، لكن الواقع على الأرض يقول إن مجلس القيادة لم يصل بعد إلى مرحلة توحيد الهدف ميدانيا مع القوى المناهضة لمليشيا الحوثي والتي ما زالت تحتفظ بقوتها العسكرية بشكل كامل. حيث تقاتل قوات الحكومة في جبهات وتقاتل قوات المقاومة الوطنية في جبهات الساحل الغربي، فيما تقاتل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في جبهات خطوط التماس على الحدود بين الجنوب والشمال، كما تواجه تنظيم القاعدة في المحافظات الجنوبية بدون مساعدة من بقية المكونات العسكرية.
وفي حين تعمل مليشيا الحوثي على تطوير أسلحة جديدة بمساعدة إيرانية واضحة، تكتفي الحكومة الشرعية بالدعم المالي من دول التحالف العربي لمواجهة نفقات تشغيلية لا تخلو من الأزمات المتكررة دون أن تستثمر جزءا من هذا الدعم في تطوير وتصنيع ما تحتاجه من أسلحة لمعركة استعادة الدولة من قبضة المليشيا الحوثية. وفي هذا السياق يطالب مجلس القيادة الرئاسي بدعم عسكري من المجتمع الدولي لكي تفرض الحكومة سيطرتها على كامل التراب اليمني وتحمي الملاحة الدولية، وبالتزامن مع ذلك تلقّت الحكومة صفعة قوية بمقتل مدير دائرة التصنيع الحربي بوزارة الدفاع في العاصمة المصرية القاهرة وامتصت الصدمة بطريقة أقرب إلى اللامبالاة.
من جانب آخر، جاءت الفجوة الثالثة في المقابلة الأخيرة للرئيس العليمي في سياق حديثه عن عملية السلام، حيث اعتبر قرار مجلس الأمن رقم 2216 بمثابة "خارطة طريق شاملة لحل القضية اليمنية". ورغم أن الخطاب الرئاسي في هذا الجانب أكثر تماسكا في العادة، إلا أن اعتبار القرار الأممي بمثابة خارطة طريق شاملة لحل القضية اليمنية قد يحمل دلالات افتقار مجلس القيادة الرئاسي إلى رؤيته الوطنية الخاصة بالحل السياسي الشامل في اليمن.
ومما لا شك فيه أن هناك فجوات أخرى في الخطاب الرئاسي، بما في ذلك تكرار الشكر والإشادة "بالأشقاء والأصدقاء" بشكل مفرط وعلى كافة مستويات قيادات الدولة، بينما لا تحظى السردية الرئاسية بالتعميم على كافة هذه المستويات، مثل سردية الطبيعة الإمامية للمليشيا الحوثية ونشأتها منذ الثمانينيات كذراع لإيران ومشروعها في المنطقة العربية. وعلاوة على ذلك، لا تحظى هذه السردية بتغطيات موسعة في الإعلام الحكومي والمراكز البحثية وغيرها من وسائل النشر والتوعية.
هذه الفجوات وغيرها إذا لم يتم ردمها بشكل سليم ومتقن، قد تتوسع مع مرور الزمن مفسحة المجال للمليشيا الحوثية لمزيد من التغول وتدمير اليمن، كما يمكن أن تترك البلاد فريسة للضعف والانقسامات وتشظي القرار السيادي للدولة اليمنية.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: مجلس القیادة الرئاسی الأشقاء والأصدقاء فی هذا
إقرأ أيضاً:
الصبيحي يناقش ردّ الحكومة على سؤال نيابي حول رفع الحد الأدنى لرواتب متقاعدي الضمان
#سواليف
مناقشة رد #الحكومة على #سؤال_نيابي حول الموضوع؛
( 96 ) ألف #متقاعد ينتظرون رفع #الحد_الأدنى لرواتبهم.!
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية الإعلامي والحقوقي/ #موسى_الصبيحي
مقالات ذات صلة أهل غزة يصنعون البيوت المتنقلة بأنفسهم ، في غزة لا شيء مستحيل / شاهد 2025/03/16بحسب رد وزير العمل/رئيس مجلس إدارة مؤسسة #الضمان_الاجتماعي على سؤال لرئيس لجنة العمل النيابية حول تفعيل المادة (89/أ) من قانون الضمان الاجتماعي، التي تنص على إعادة النظر بالحد الأدنى لراتب التقاعد وراتب #الاعتلال كل خمس سنوات، فإن عدد متقاعدي #الشيخوخة والمبكر والعجز الجزئي الذين يتقاضون رواتب أساسية تتراوح حول الحد الأدنى الحالي الأساسي البالغ “125” ديناراً (20577) متقاعداً، وعدد متقاعدي الوفاة والعجز الكلي الذين يتقاضون رواتب حول الحد الأدنى الحالي البالغ “160” ديناراً (75891) متقاعداً، أي أن العدد الكلي لمتقاعدي الضمان الذين يتقاضون رواتب تقاعد أساسية تتراوح حول الحد الأدنى يبلغ ( 96468 ) متقاعداً. ويشكّلون حوالي (27%) من العدد التراكمي لمتقاعدي الضمان حتى تاريخه.
طبعاً هذا الرقم مبني على أساس الاقتراح الذي كنتُ قد اقترحته برفع الحد الأدنى من (125) ديناراً إلى (150) ديناراً لراتب الشيخوخة والمبكر والعجز الجزئي. ومن (160) ديناراً إلى (200) دينار لراتب تقاعد الوفاة والعجز الكلي.
ولمناقشة رد رئيس مجلس إدارة مؤسسة الضمان، الذي يُفهَم منه بأن المؤسسة لا تفكر برفع الحد الأدنى لراتب التقاعد، أقول:
أولاً: إذا كان العدد المذكور من المتقاعدين مُستهدَفاً وفقاً للمقترح المتوازن والمعقول المذكور، فهذا يعني ضرورة العمل على إنفاذ المقترح، لتحسين رواتب ومعيشة هذا العدد الكبير من متقاعدي الضمان وأفراد أُسَرِهم، وهذا يتفق مع توجهات الدولة وتوجيهات الملك الدائمة للحكومات بتحسين معيشة المواطن، كما يتفق مع أهداف ورسالة الضمان في تحقيق أمن الدخل للمتقاعد والمنتفع.
ثانياً: إن القول بأن إعادة النظر بالحد الأدنى لا تعني رفعه بالضرورة، وقد تكون الإعادة بالإبقاء عليه كما هو، هو اجتهاد في تفسير نص الفقرة المذكورة في غير محله، والدليل:
١- أن الفقرة “ج” من نفس المادة (89) المتعلقة بإعادة النظر بزيادة مبلغ الأربعين ديناراً التي تُزاد على الراتب الأساسي عند تخصيصه، نصت على (لمجلس الوزراء بناءً على تنسيب المجلس”مجلس ادارة الضمان” إعادة النظر في هذه الزيادة كل خمس سنوات).. فالنص هنا أعطى صلاحية تخييرية لمجلس الوزراء بذلك، بينما الفقرة “أ” قالت (… ويُعاد النظر في هذا الحد كل خمس سنوات). ما يعني الإلزامية.
٢- أن رد رئيس مجلس الإدارة يتحدث عن أن إعادة النظر تعني إعادة تقييم هذا الحد، أخذاً بالاعتبار الوضع الاقتصادي العام من ناحية نِسب النمو والتضخم، وكذلك وضع المركز المالي لمؤسسة الضمان، وهذا صحيح بهدف تحديد قيمة رفع الحد الأدنى للراتب، وليس الإبقاء عليه كما هو، وإلا فما فائدة إعادة النظر بهذا الحد، سيما وأن مؤشرات الوضع العام اقتصادياً تُحتّم رفع هذا الحد لتحسين معيشة عدد لا يستهان به من متقاعدي الضمان والحفاظ على القوة الشرائية لرواتبهم الضعيفة. أما بالنسبة للوضع المالي لمؤسسة الضمان، فالتصريحات الرسمية كانت تقول بأنه مريح جداً. بما يسمح برفع الحد الأدنى وفقاً للمقترح المذكور حتى لو وصلت الكلفة السنوية للرفع إلى (35) مليون دينار.
ثالثاً: القول بأن مؤسسة الضمان لم تقم برفع تنسيب لمجلس الوزراء بشأن تعديل الحد الأدنى لراتب التقاعد وراتب الاعتلال، القول بهذا على لسان رئيس مجلس إدارة المؤسسة مُستهجَن، لأن مجلس الإدارة هو المسؤول وهو صاحب الصلاحية بالتنسيب لمجلس الوزراء بهذا الموضوع، فلماذا لم يتحدث رئيس المجلس عن أسباب إحجام المجلس عن التنسيب لمجلس الوزراء بتعديل الحد الأدنى، فماذا ينتظر.؟!
وبصراحة فإن ردّ الوزير على السؤال النيابي زادنا قناعة بضرورة الإصرار على إنفاذ الاستحقاق القانوني برفع الحد الأدنى لراتب التقاعد، والأخذ بمقترح “الرفع” وفقاً للقيمة المذكورة أو قريباً منها على الأقل.
(سلسلة توعوية تنويرية اجتهادية تعالج موضوعات الضمان والحماية الاجتماعية، وتبقى التشريعات هي الأساس والمرجع – يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والبحث مع الإشارة للمصدر).