لم يستطع ناشطو (قحت) قديما (تقدم)حديثا مغادرة حالة (ديك المسلمية) الذي تخبرنا الرواية الشعبية انه ظل (يعوعي) بينما ( بصلتو يحمرو فيها) كناية علي عدم ادراكه لمصير خطير ومحتوم ينتظره ( الذبح)…

هم يتحملون وزر اشتعال الحرب اللعينة لاسباب ثلاثة، اولها/ فشلهم فى ادارة الفترة الانتقالية والوصول بالاوضاع الى نفق مظلم نحصد ويلاته ونتائجه المرة الان.

وثانيها/ اغفالهم للتحذيرات التى كانت ترى تحت رماد التراخي والعمالة والارتهان للخارج والفشل فى الاداء التنفيذى وميض نار اسهم لاحقا فى كل الحريق الذى شهده السودان.
وثالثها/ التحالف واللهث وراء السلطة عندما فقدوها باي ثمن حتى ولو كان ذلك عبر بندقية المتمرد حميدتي الذى فض اعتصامهم وقتل انصارهم ولطالما صدعونا بهتافات مناوئة له من شاكلة (مافى مليشيا بتحكم دولة)، كيف سولت لهم انفسهم المريضة وهم الذين يطرحون انفسهم (قوى مدنية) ان يطلبوا تحقيق الديمقراطية من على ظهر دبابة ( قادرين تتخيلوا) مستوى الانتهازية والبؤس والنفاق.

الان وحتى بعد ان وقع الفاس فى الراس مازال القحتاويون سادرين فى غيهم بعيدين عن نبض الشارع وطموحات وهموم والام المواطنين، يغردون فى سرب الخيانة والعمالة ويسبحون عكس التيار الوطني العريض وبغباء غريب.

ولا ادري الي اين تسوقهم الاقدار ولكني اثق فى انهم سيظلون مرابطين في هذه ( الحالة الديكية) مع العلم ان الشعب الان هو الذى تولى مسؤولية ( تحمير البصلة) و(اعداد الحلة) التى تستهدف الاجهاز على ديك المسلمية (جماعة تقدم) والحكم عليهم بالاعدام من الحياة السياسية.

لم ينتبه منهم احد الي المصائر والسيناريوهات التي كانت تنتظر البلد في ظل معطيات واقع منقسم ومتشظ وخطير.. وبدلا من امعان القراءات المستقبلية بشكل واع وحكيم ولغت جماعة (قحت) ومن اجل كراسي السلطة فى انقلاب دموي من اجل العودة للحكم مازال يدفع ثمنه المواطن قتلا ودمارا وتنزيحا واغتصابا وانتهاكات يندى لها الجبين ..

كل معطيات فشل الدولة فى عهد القحاتة كانت ماثلة للعيان وبينما كانت (بصلتهم وبصلة الوطن بيحمروا فيها) كانوا يلهثون بغباء لتنفيذ انقلاب يجعل من المتمرد حميدتي كفيلا لهم ، كل الشواهد كانت تستدعي الانتباه لهشاشة الاوضاع قبل التورط فى مغامرة الانقلاب المشؤوم ، انهيار اقتصادي تفلتات امنية جيوش متعددة ، ضعف في سطوة المركز ونهاية لعهود سيطرته علي الاطراف تفشي حيازة الاسلحة، مظاهرات وموت في الشوارع، انهيار مخيف للعملة الوطنية تدهور في مناحي الحياة كافة، وبالرغم من ذلك لم يكن يدرك (ديوك المسلمية) انهم فى الطريق لمغادرة البطولة والمشهد برمته.

للاسف توافرت بيننا كافة المعطيات التي ادت الي تشرذم الدولة وانقسامها ودخولها في دوامة الحرب ومواجهات الشوارع والانقسام والضياع، وحده ديك المسلمية كان يصيح بالخيانة والعمالة والجعجة بينما ( بصلة السودان فى النار).

فى مقال سابق كتبته قبل اعوام سالت (ديوك المسلمية)، : ( لا ادرى هل يدرك الذين يقودون زمام الامور في السودان انهم ربما يكونوا اخر حكاما للسودان الواحد المستقر الموحد الامن المطمئن، لا اظنهم يعلمون ان التاريخ سيحسب عليهم نهاية عهد الدولة السودانية ودخولها مرحلة الغيبوبة التي ستنتهي الي الموت تحت انقاض الغبائن وتصفية الحسابات.)
للاسف مازالوا حريصين على ان يتعاركوا علي حطام وطن جريح مزقته المواجهات والحروبات والخلافات دون ان يكون هنالك عقلاء بينهم يقودون البلاد الي بر الامان، او يواسون على الاقل اهل السودان ضحايا حليفهم وكفيلهم المتمرد حميدتي. .. من اين اتى هؤلاء.؟!

محمد عبدالقادر

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

هالة المثالية وهم الرموز

عبر قرون من الزمن عرف الناس رموزا بينهم يحملون لهم هيبة وتقديرا عظيما ولا يقبلون بهم عيبا أو يرضون فيهم انتقاصا، فلا عجب حينها من تشكل هالة من النزاهة والتقديس اختصوهم بها بعيدا عن مواضع النقص أو مزالق الهفوة، ولتأسيس تلك الرموز مبررات عديدة تُعرف من مكانة الرمز أو منتجه الفكري، فمنها على سبيل المثال: الوالدان، المعلمون، العلماء، المثقفون والفلاسفة، كما أن منهم الرؤساء والقادة، ومع وقوع هؤلاء الرموز في دائرة الضوء ضمن دوائر التلقي المتتابعة تنشأ تلك العلاقة المبنية على إعجاب المتلقي عاطفيا (مهما كانت صفته؛ ابنا أو طالبا أو قارئا، مرؤوسا أو حتى مواطنا) ولو أن ذلك الإعجاب بقي في محل منتجهم الفكري تربية أو معرفة أو رعاية لأحوالهم لكان خيرا، لكنه انسحب على كل ما قد يصدر عنهم من قول أو فعل حدّ نزع الصفة الآدمية عنهم بتحويلهم إلى ملائكة منزهين.

التاريخ الذي نقل شخصياتهم محاطة بهالات التقديس نقل كذلك تناقضاتهم لنجد أن جان جاك روسو، صاحب التيارات الثورية الرومانسية في مقولته الشهيرة «ولد الإنسان حرًا، وهو في كل مكان مكبل بالأغلال» روسو الذي يرى أن الإنسان فاضل بطبيعته لكن البيئة الخاطئة من حوله تدفعه لارتكاب الخطأ، روسو الثوري المحب للطبيعة رفض المساواة بشكل صريح وعاش على حساب الأغنياء وأصحاب النفوذ، ومع تنظيره المستفيض عن أهمية المحيط الاجتماعي في التنشئة السوية للأفراد في مؤلفاته، فقد تخلى عن أبنائه الخمسة واضعًا إياهم في دور الأيتام، متسببًا في موتهم المبكر.

أما الفيلسوف الأكثر شهرة في القرن العشرين ميشيل فوكو - الملقب في فرنسا بالملك الفيلسوف - فقد نشرت صحيفة «صنداي تايمز» بتاريخ 28 مارس 2021، تقريرًا صادمًا يكشف اعتداءات فوكو على أطفال عرب أثناء إقامته أواخر الستينات في المغرب، وفقًا لأقوال صديق له، الصادم أن صاحب «أركيولوجيا المعرفة» و«المراقبة والمعقابة» و«تأويل الذات» و«تاريخ الجنسانية» كان بيدوفيليا ذا سلوك منحرف من الناحية الأخلاقية، حتى أنه كان يتجسس على جيرانه من السطح مستخدمًا منظارًا خاصًا.

لودفيغ فتغنشتاين، أبرز فلاسفة اللغة والمنطق والعقل، المعروف بالغطرسة وتقلب المزاج، كان معلما في إحدى المناطق النائية بالنمسا؛ فعاقب فتاة بسحبها من شعرها إلى درجة اقتلاع خصلات رأسها لعدم فهمها قاعدة رياضية، كما ضرب أخرى بقوة إلى درجة أن أذنيها نزفتا دما!

الحقيقة؛ ليس العجب في تناقضهم بشرًا حتى مع ثقافتهم، بل في اعتقاد الناس -حتى من المثقفين أنفسهم- قدسيتهم وتنزههم عن الخطأ والعيب والنقصان والقصور، وما ذلك إلا لسيطرة العاطفة بالكامل على المتلقي حدّ تجاهل المنطق في اعتقاد ملائكية هؤلاء الرموز سواء من المثقفين أو من غيرهم، ولعل هذه السذاجة في التعاطي مع نقصهم أو مكامن الضعف لديهم هي ما جعلت الفيلسوف الفرنسي لوك فيري يقول موضحا «الثقافة لا تمنع أحدًا من أن يكون سافلاً» ونزيد على تعبيره الغاضب أن قد يتفوق المثقف على غيره في قدرته على تبرير السوء والخطأ دون حتى الاعتراف باقترافه للخطأ.

لعل ما يحدث اليوم مع مشاهير التواصل الاجتماعي هو ذاته ما حدث قديما مع تناقض بعض الفلاسفة والأدباء، مع تبدل دوائر الضوء عن الإنتاج المعرفي إلى إنتاج السلع وتدوير اليوميات (مهما كانت خاوية دون محتوى حقيقي أو متضمنة محتوى مبتذلا)، حيث صارت قاعدة الجماهير حاجزًا من الشهرة والألفة معا يحولان دون تصديق ما قد يصدر عن هؤلاء المشاهير من إسفاف أو اعتداء أو حتى إجرام لتنبري جموع الجماهير الغفيرة من المتابعين والمعجبين مدافعة عن مشهورها الملاك، وبطلها المعصوم، وفي ذلك ما فيه من خطورة، حتى وإن تجاوزنا مسألة الإسفاف القيمي الضبابي غير المجرّم (للأسف) فإننا لا نملك تجاوز الظاهر من مخالفات يقينية تمس أمان الفرد والمجتمع.

ختاما، ما زالت الكلمة حاملة طاقات التأثير فرديًا ومجتمعيًا، ناقلة رسائل إيجابية وأخرى سلبية عبر أي من قنوات تمريرها المختلفة؛ كتابية أو سمعية بصرية، مما يستدعي ضرورة العناية بتجويد المحتوى، وتشريع وسائل حوكمة واضحة لكل قنواتها ومؤثريها من صانعي المحتوى سعيا لتعزيز القيم؛ تقديرًا لقيمة القانون وضوابطه بعيدا عن الإسفاف والتسطيح.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

مقالات مشابهة

  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
  • شاهد بالفيديو.. عبد الواحد محمد نور يسخر من دعوة “حميدتي”.. يصف قواته بالمليشيا والجنجويد ويتهمه بالتسبب في نزوح الأسر من منازلها
  • محلل سياسي: صدام متوقع بين السياسيين ورجال الأعمال في إدارة ترامب
  • هالة المثالية وهم الرموز
  • محمد عبدالقادر: يَتَجَلَّى نهاية العميل حمدوك
  • ترامب يعين ديوك بوكان الثالث سفيرًا جديدًا لدى المملكة المغربية
  • ترامب يعين ريتشارد ديوك بوكان سفيرا جديدا في الرباط
  • مفارقة غياب حميدتي
  • 5 دقائق كانت كافية.. دونجا يمنح الزمالك التقدم على مودرن سبورت «فيديو»
  • انقلاب (أب كيعان) على حميدتي!