عربي21:
2025-05-02@01:45:33 GMT

طريق السلام المسدود… وسقوط نظرياته وأوهامه القديمة

تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT

ربما لم يحتفظ التاريخ العربي بخطبة أكثر استغراقا في الوهم، مثل التي قدمها الرئيس المصري أنور السادات في الكنيست، مع أن الخطاب لم يكن ركيكا، ومع أن كاتبه حاول أن يوظف لغةً رومانسيةً وحالمةً، وأن ينثر مواطن الانفعال فيه، إلا أن التجول في ملامح أعضاء الكنيست الحاضرين في التسجيل المرئي، يظهر أنهم استقبلوه بفتور وبلادة.



الفلسطينيون من حيث المبدأ، من الصعب أن يقتنعوا بالسلام، فعيشهم في عائلات ممتدة لقرون من الزمن، يجعل الرواية واضحة، وسلب الأرض وتشريد سكانها الذين عاشوا بصورة متصلة لأجيال متعددة، بالطريقة التي حدثت في 1948، وما سبقها وتلاها، مسألة حقوقية واضحة، مهما توارت في مقولات دينية أو قومية، وهذه القضية تدركها (إسرائيل) بصورة متوطنة وواضحة، ولعلها تدرك أن الفلسطينيين الذين يريدون السلام يمثلون الأقلية، أو أن أي قناعةٍ بالسلام ستكون مؤقتة وغير مستدامة، لأن السلام الذي يطرح ويقدم ليس إلا شرعنة للوضع القائم، ويضع الفلسطينيين أنفسهم في تناقض تاريخي، فالمطروح على الطاولة هو استعادة لجزء من الأرض الفلسطينية التي احتلت سنة 1967 بينما تقوم الرمزية الفلسطينية التي تشكل الشعب الفلسطيني على أرضية نشأت لتحرير فلسطين المحتلة عام 1948.

تناقل الفلسطينيون روايات شفهية كثيرة حول مجازر العصابات الإسرائيلية في حرب 1948، في دير ياسين والطنطورة والدوايمة، وتوجد أطلال لقرى دمرت بالكامل، ولكن الشواهد المتبقية هي بعض الصور متدنية الجودة، أما ما يحدث في غزة على امتداد الأشهر الماضية، فالعالم يراه على الهواء مباشرةً، ويحتفظ بوثائقه المرئية، ويسمع أصوات ضحاياه، بما أدى إلى استعادة الرمزية الفلسطينية إلى مستويات الانتفاضة الأولى، بحيث تصبح أي فكرة للسلام مغلفة بالاستسلام، وهو للأسف ما لا يمكن أن يتحقق في الحالة الفلسطينية، فالفلسطينيون لا يمتلكون خيار الاستسلام أو آلياته من الأساس، ولا يوجد أحد يمكنه أن يوقع اتفاقية الاستسلام نيابةً عنهم كما فعل الإمبراطور في اليابان.

تناقل الفلسطينيون روايات شفهية كثيرة حول مجازر العصابات الإسرائيلية في حرب 1948، في دير ياسين والطنطورة والدوايمة، تفتعل (إسرائيل) الأزمات وتديرها بشكل متواصل، وتطبق سياسة الهرب من الاستحقاقات بصورة متواصلة، فمن يمكنه اليوم، وفي ظل هذه الظروف المعقدة، أن يتحدث عن أولوية عودة اللاجئين، أو أن يضع ورقتهم على طاولة، وكل الجهود تمضي لحماية الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، والوقوف ضد تهجيرهم في نكبة جديدة؟ ومن يمكنه أن يتحدث عن القدس بوصفها عاصمة لدولة فلسطين، والمسجد الأقصى والمقدسات المسيحية جميعها تحت التهديد المتواصل من الجانب (الإسرائيلي)، وبالنظر إلى هذه الحقائق الراهنة، فإن السلام المتعذر (نفسيا) بعد الحرب على غزة، يصبح متعذرا عمليا بالنظر إلى الواقع ومعطياته الراهنة. ثم مع من يمكن أن يتحدث أحد عن السلام في (إسرائيل)؟ تساءل الكثيرون عن السابع من أكتوبر، وحاولوا أن يصفوا المقاومة التي حركت العمليات في ذلك اليوم بالتطرف والإرهاب، ولكنهم لم يتساءلوا عن سبب صعودها داخل حركة حماس نفسها؟ ولم يلاحظوا أنها ردة فعل مثالية على بن غفير وسموتريتش اللذين يمثلان الأبناء المخلصين لرجل مثل باروخ غولدشتاين مرتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي في فبراير 1994، وأنهم يقودون حركة الاستيطان بطريقة البلطجة لتستوعب تناقضات المجتمع في (إسرائيل) وتصنع نسخة جديدة توراتية وشرقية المزاج مقابل (إسرائيل) الغربية صاحبة القيم الأوروبية المتحضرة، التي بقيت ضمن المزاعم الواضحة للجيل الذي كان يستمع لخطاب السادات بتململ واستهانة. الأسس النظرية لفكرة السلام الرومانسية أو فهلوة السادات، وطموحاته التمثيلية السابقة، التي جعلته يتبناها، أو تلك التي حاولت مجموعة من الواقعيين العرب والفلسطينيين تمريرها في نهاية السبعينيات، تبدو كلها خارج التصورات الممكنة حاليا.


يقول إيلان بابيه، إن إسرائيل تتفسخ من الداخل، ويزعم أن ضربة السابع من أكتوبر أسهمت في تعطيل تدهورها، الذي بدا واضحا في حراك الشارع قبل الأحداث، إلا أنه يغفل العقيدة الشمشونية التي تشكل جزءا من ثقافة المستوطنين، بمعنى أن انهيار (إسرائيل) أو تفسخها بأي صورة سيستلزم بالضرورة ثمنا باهظا يدفعه الفلسطينيون من أرواحهم ودمائهم وأطرافهم. الدولة الفلسطينية ربما تكون جزءا من تهدئة وتيرة الصدام وتأجيل لحظاته التراجيدية، إلا أن ما يمكن أن ينقذ المنطقة من مصيرها (الماسياني) ومن أشباح (هرمجدون) أو حرب نهاية العالم، هو وجود حقوق عادلة للفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها، بمعنى إعادة الصياغة الشاملة لكل من مفهومي فلسطين و(إسرائيل) على أساس فكرة الحقوق والحلول الواقعية، التي تستطيع أن تستوعب تحولات العالم وتغيرات الظروف، وهي مسؤولية تتخطى الأطراف المباشرين في الصراع، وتشمل طيفا واسعا من الدول والشعوب الأخرى، وتتطلب خروجا من الوعي بالآثار المباشرة، إلى تفهم الأفاق غير المباشرة للصراع وتشعباته، وأنه صراع يحمل أفكارا تشكلت في عصور قديمة وفي أماكن متباعدة، وليس الفلسطينيون الذين خرجوا من أراضيهم، أو الذين لا يتمكنون في العيش عليها بسلام، معنيين بأن يدفعوا وحدهم ثمنها، وأن اختزال النقطة الساخنة للصراع في وجودهم أو عدم وجودهم.

يبدو السلام متعذرا، وأي حديث عنه مبتذلا في هذه اللحظة، وأن أسسه النظرية السابقة كلها عرضةُ للتفكك والهشاشة، ولكن وقف المجزرة يمكن أن يستقضي تقدما لما يشبه السلام الذي لن يكون كافيا للحيلولة دون مجزرة أخرى.

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري الفلسطينيون غزة مصر فلسطين غزة الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یمکن أن

إقرأ أيضاً:

شاهد: حرائق هائلة بالقدس - إسرائيل تطلب مساعدات دولية لإخمادها

تصاعدت حدة الحرائق المشتعلة في أحراش جبال القدس ، اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025، حيث أفادت التقارير باحتراق عدة سيارات على شارع 1 المركزي، وسط مشاهد لهروب السائقين سيرًا على الأقدام هربًا من ألسنة اللهب المتقدمة.

وتم تسجيل إصابات طفيفة في المكان، بينما تشير المعطيات إلى استمرار تمدد النيران بسرعة نحو المناطق السكنية والطرق الرئيسية، ما دفع السلطات إلى تعزيز جهود الإجلاء والطوارئ.

وتوجهت إسرائيل بطلب رسمي للحصول على مساعدات دولية لدعم عمليات الإطفاء، بحسب تقارير إسرائيلية.

وتواصل فرق الإطفاء الإسرائيلية، حتى ظهر اليوم الأربعاء، مواجهة حرائق واسعة اندلعت في ستة مواقع مختلفة بمنطقة جبال القدس، تتركز بشكل خاص في محيط بلدة "واحة السلام"، وسط تعبئة عامة وإعلان حالة الطوارئ القصوى.

وأفادت "سلطة الإطفاء والإنقاذ" أن النيران تنتشر في كل من "شارع 3"، منتزه "كندا"، "نڤيه شالوم"، "مسيلات تسيون"، "متسبيه هارئيل"، و"رمات بيت شيمش"، مما أدى إلى إخلاء عدة بلدات بينها "واحة السلام" وبلدات أخرى.

تشارك في جهود الإخماد 67 طاقم إطفاء ميداني، إلى جانب 11 طائرة، 4 مروحيات، وآليات إطفاء ثقيلة، في حين أُغلقت عدة طرق رئيسية أمام حركة السير، منها شارع 3 وشارع 242 بين لطرون ومشمار هأيالون.

ودعت السلطات السكان إلى الالتزام بتعليمات قوات الأمن، والابتعاد عن مناطق الخطر، والإبلاغ الفوري عن أي أعمدة دخان عبر الاتصال برقم الطوارئ 102.

واندلع صباح اليوم الأربعاء حريق كبير في حرش قريب من بلدة "واحة السلام" في منطقة جبال القدس، وذلك بعد مرور أسبوع فقط على الحرائق الواسعة التي اجتاحت المنطقة.

وأعلنت سلطات الإطفاء الإسرائيلية حالة الطوارئ القصوى، والتي تمثل أعلى درجات التأهب، كما تم إصدار أمر بالتعبئة العامة لجميع فرق الإطفاء على مستوى البلاد.

وفي سياق التدابير الاحترازية، بدأت الشرطة الإسرائيلية بإجلاء سكان بلدة "واحة السلام" من منازلهم وبلدات أخرى، تحسبًا لتوسع النيران ووصولها إلى المناطق السكنية.

وتدخل البلاد كتلة هوائية خماسينية حارة، حيث يطرأ ارتفاع ملموس على درجات الحرارة، لتصبح أعلى معدلها السنوي العام بحوالي 10-12 درجة مئوية.

يتوقع الراصد الجوي أن يكون الجو، اليوم الأربعاء غائما جزئيا إلى صاف حارا في المناطق الجبلية شديد الحرارة في بقية المناطق.

وتدخل البلاد كتلة هوائية خماسينية حارة، حيث يطرأ ارتفاع ملموس على درجات الحرارة، لتصبح أعلى معدلها السنوي العام بحوالي 10-12 درجة مئوية.

وفي الأسبوع الماضي، بعد أكثر من 21 ساعة على اندلاع الحرائق، أعلنت طواقم الإطفاء الإسرائيلية، اليوم الخميس، السيطرة على الحرائق الواسعة التي شبت في منطقة بيت شيمش وجبال القدس.

وكانت السلطات قد قررت إخلال البلدات اليهودية "أشثاؤول" و"بيت مئير" و"مسيلات تسيون" و"شعاري هغاي" و"تروم"، ثم أذنت بعودة السكان إلى هذه البلدات؛ وصدرت تعليمات من وزارتي البيئة والصحة للسكان العائدين بتجنب الأنشطة البدنية والحرص على تهوية المنازل.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين إصابة طفل برصاص الاحتلال خلال اقتحام بلدة اليامون الأونروا تحذر بشأن مصير 800 طفل ستغلق إسرائيل مدارسهم بالقدس الشرقية غزة: الغرف التجارية تصدر بياناً عقب الاعتداء على فندق المشتل الأكثر قراءة الجيش الإسرائيلي يكشف عن فشله بالدفاع عن "العين الثالثة" في 7 أكتوبر استشهاد طفل فلسطيني برصاص الاحتلال في اليامون غرب جنين فصيل فلسطيني يُعقّب على تصريحات الرئيس عباس ويطالبه بالاعتذار شاهد: "القسام" تبث رسالة مُصوّرة جديدة لأسير إسرائيلي محتجز لديها عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • “يديعوت أحرنوت”: إسرائيل لم ترد بعد على طلب السلطة الفلسطينية المساعدة في إخماد حرائق القدس
  • تجدّد الاشتباكات وسقوط ضحايا في ريف دمشق بعد هدوء حذر بجرمانا.. نيويورك و«صحنايا».. طريق سوريا للتعافي محفوف بالفصائل والسلاح
  • "يديعوت أحرنوت": إسرائيل لم ترد بعد على طلب السلطة الفلسطينية المساعدة في إخماد حرائق القدس
  • إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقها
  • الموفد الروسي في محكمة العدل الدولية: الفلسطينيون بغزة يتضورون جوعًا
  • أردوغان: ما تقوم به إسرائيل في سوريا استفزاز لا يمكن القبول به
  • شاهد: حرائق هائلة بالقدس - إسرائيل تطلب مساعدات دولية لإخمادها
  • مندوب فلسطين لدى مجلس الأمن: ندعو كل الدول لـ دعم الحكومة الفلسطينية وخطة إعمار غزة
  • بلجيكا: ليس لـ “إسرائيل” حق السيادة على الأراضي الفلسطينية
  • «زيتون غزة».. هكذا تدمر إسرائيل الشجرة المباركة رمز الهوية الفلسطينية!