«لوموند»: الحرب في أوكرانيا تقرب بين موسكو وبكين
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
دفع تحول روسيا نحو الصين واندماجها المحتمل فى "السلام الصيني" أو ما يطلق عليه باللاتينية "باكس سينيكا"، الولايات المتحدة إلى مطالبة الأوروبيين بالضغط على بكين لوقف مساعدة موسكو فى حربها فى أوكرانيا، حسبما كتبت سيلفى كوفمان، بصحيفة "لوموند" الفرنسية.
ومؤخرا، حظرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واردات المعادن الروسية، إلا أنه فى الوقت نفسه، تحايلت موسكو على العقوبات الأوروبية من خلال تأمين الدعم من بكين لعملياتها العسكرية فى أوكرانيا، ما يسلط الضوء على العلاقات الروسية الصينية القوية فى ظل الحرب الدائرة، فقد شكّلت الحرب فى أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا تبعًا لذلك منفذا لتطور حجم العلاقات الاقتصادية بين موسكو وبكين، لا سيما بعد أن اتجهت روسيا إلى الصين على نحو واسع، هربا من الضغوطات المفروضة عليها فى ظل تلك العقوبات.
رسالة أمريكية لأوروبا
وقبل زيارة المستشار الألمانى أولاف شولتز إلى الصين، والتى انتهت يوم الأربعاء ١٧ أبريل، والرحلة المقبلة للرئيس الصينى شى جين بينج إلى أوروبا، حيث يستقبله الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى باريس فى ٦ مايو المقبل، أعلنت الولايات المتحدة عن عزمها إرسال هذه الرسالة إلى أوروبا: "بما أن لديكم علاقات مستمرة رفيعة المستوى مع بكين، استخدموها بشكل جيد للضغط على الصين لوقف مساعدة روسيا فى حربها فى أوكرانيا".
هذه الرسالة، التى رددها وزير الخارجية الفرنسى ستيفان سيجورنيه فى بكين بشكل مكثف خلال الأسابيع الأخيرة، والأمريكيون أنفسهم، والمستشار الألمانى أولاف شولتز، الذى فعل ذلك يوم الثلاثاء، تعكس قلق واشنطن بشأن أحد التأثيرات الجيوسياسية الأكثر إثارة فى الحرب بأوكرانيا، وهى تعزيز العلاقات الصينية الروسية.
ولإقناع أولئك الذين ربما شككوا فى أن هذا التعزيز كان له تأثير ملموس على مسار الحرب، وأنه يفسر جزئيًا مرونة الاقتصاد الروسي، أصدرت واشنطن بيانات سرية مسبقًا فى ١٢ أبريل، قالت إنه فى الربع الأخير من عام ٢٠٢٣، على سبيل المثال، زودت الصين روسيا بأكثر من ٧٠٪ من وارداتها من الأدوات الآلية المستخدمة فى إنتاج الصواريخ الباليستية.
علاوة على ذلك، على مدار عام ٢٠٢٣ بأكمله، جاءت ٩٠٪ من واردات روسيا من الإلكترونيات الدقيقة، والتى تعتبر ضرورية لتصنيع الصواريخ والدبابات، من الصين.
سبب الإصرار الأمريكي
لماذا هذا الإصرار الأمريكى المفاجئ على العامل الصيني؟ ربما تفاجأت واشنطن بالسرعة التى تمكن بها القطاع الصناعى الروسي، على الرغم من العقوبات الغربية، من التعافى وإنتاج ترسانة ضخمة من الأسلحة التى أحدثت فرقا على الأرض ضد القوات الأوكرانية المتعثرة، والتى أبطأت حركتها بسبب الحرب رغم تباطؤ وتيرة الإمدادات الغربية.
والدخل الكبير الذى يحصل عليه الكرملين من واردات النفط الروسية من الصين والهند معروف جيدا، وقد عوض هذا بالفعل خسارة موسكو للسوق الأوروبية. ومع ذلك، يبدو أن المساعدات المادية التى قدمتها الصين، والتى تم تقييم نطاقها بشكل سيء حتى الآن، لعبت دورا مهما، حتى لو لم تتجاوز الخط الأحمر المتمثل فى توريد الأسلحة الفتاكة. وهناك تفسير آخر يتلخص فى تعزيز المحور الروسى الصيني، وهو اتجاه رئيسى فى توازن القوى المتغير بين القوى العظمى.
وبالنسبة للولايات المتحدة، التى تقيس كل شيء فيما يتعلق بصعود القوة الصينية، فإن هذا لا يشكل اتجاها ينبغى إغفاله: ذلك أن العنصر الذى يعزز العلاقات بين الصين وروسيا هو المعارضة المشتركة للهيمنة الأمريكية.
هذا التقارب ليس جديدا تماما: فقد تحولت موسكو إلى الصين فى عام ٢٠١٤، عندما فترت العلاقات بين روسيا والدول الغربية بعد ضم شبه جزيرة القرم، مع الموجة الأولى من العقوبات، ومنذ ذلك الحين، زادت التجارة بين الصين وروسيا بشكل ملحوظ، ومع ذلك، ظل الاتحاد الأوروبى شريكا اقتصاديا مهما لموسكو حتى عام ٢٠٢٢. وبمجرد اندلاع الحرب الشاملة ضد أوكرانيا، كان على روسيا أن تتجه بالكامل نحو الصين.
لكن حسب مراقبين، ما هذا التوافق فى الواقع سوى "ذر للرماد فى الأعين" على حد وصفهم، حيث إن العلاقات الثنائية بين العملاقين العالميين "روسيا والصين" تتسم بالتباين فى عدة ملفات، من مصالحهما الاقتصادية إلى صراع النفوذ فى منطقة آسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتى سابقا وأيضا فى القارة الأفريقية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: روسيا الصين أوكرانيا فى أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
بين عناد كييف واشتراط موسكو.. ما موقف روسيا من السلام والحرب؟
موسكو- بدأ موضوع مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا، الذي كان قد تراجع إلى الخلف بسبب "الحروب الجمركية"، يعود بسرعة إلى جدول الأعمال.
فمنذ أيام، بدأت الصحافة الغربية تنشر معلومات "من الداخل" حول كيفية سير المفاوضات لإنهاء الأعمال العدائية والشروط التي يطرحها طرفا النزاع.
وأثارت مقالة نشرتها صحيفة فايننشال تايمز، في 22 من أبريل/نيسان الجاري، ضجة كبيرة، حيث زعمت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقترح على الولايات المتحدة وقف الأعمال العسكرية على طول خطوط المواجهة الحالية.
لكن الكرملين رد بسرعة على هذه المعلومات على لسان المتحدث باسمه، ديمتري بيسكوف، بقوله "هناك الكثير من الأخبار المزيفة التي يجري نشرها الآن ومن مصادر محترمة، لذلك يجب الاستماع فقط إلى المصادر الأصلية".
"العرض الأخير"يأتي ذلك بينما تجري مناقشات مكثفة لتفاصيل "العرض الأخير" للسلام الذي قدَّمته واشنطن إلى كييف في 17 أبريل/نيسان، وينتظر البيت الأبيض الرد عليه.
وقال نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس إن أميركا قدَّمت لروسيا وأوكرانيا "اقتراحا واضحا للغاية للتوصل لاتفاق سلام، ويجب على الطرفين الآن إما قبوله وإما مواصلة عملية التفاوض دون الولايات المتحدة"، ناصحا طرفي النزاع بـ"وضع أسلحتهما، وتجميد الصراع، والاتجاه نحو بناء بلديهما".
إعلانوزعمت وسائل الإعلام الغربية أن العرض الروسي جاء خلال اللقاء بين الرئيس الروسي والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب في 11 أبريل/ نيسان الجاري واستغرق أكثر من 4 ساعات.
وحسب الكرملين، كان الموضوع الرئيسي للمفاوضات هو تسوية الصراع الأوكراني، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
الكرملين: الصراع في #أوكرانيا سينتهي فورا إذا سحبت كييف قواتها من المناطق الأربع المنصوص عليها في دستورنا pic.twitter.com/wS3OVDgsZ0
— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 23, 2025
مصالح روسياويرى الباحث في النزاعات الدولية فيودور كوزمين، أن الهدنة التي أعلنتها موسكو في عيد الفصح كانت خطوة في سياق البحث عن حل سلمي للصراع الأوكراني لكنها لم تلق الرد "المناسب" من كييف، وبالتالي من غير الممكن اليوم التنبؤ بما إذا كانت المفاوضات التي بدأتها الولايات المتحدة بين موسكو وكييف ستؤتي ثمارها.
ويقول كوزمين للجزيرة نت، إنه في حال واصلت كييف موقف "العناد" ولم تتوصل لإبرام اتفاق مع موسكو، فقد تتوقف واشنطن عن "خدماتها" كوسيط، وتتخذ -ردا على ذلك- مواقف متشددة تجاه أوكرانيا.
ويتابع أن روسيا من خلال إجراء العملية التفاوضية، تعلم مُسبقا أن أوكرانيا غير مستعدة للسلام بأي شكل من الأشكال.
وفي هذه الحالة، يواصل كوزمين، ستكون مهمة المفاوض الروسي هي إدارة المفاوضات لأطول فترة ممكنة، لأن هذه العملية تصب في مصلحتها، فضلا عن أنها مفيدة لكل من روسيا والولايات المتحدة في آن واحد.
وحسب قوله، فإن اقتراح بوتين "بإعادة صياغة" مبادرة دونالد ترامب "المتسرعة" لوقف إطلاق النار غير المشروط في أوكرانيا، مع الأخذ في الاعتبار المصالح الروسية، يسمح لموسكو بمحاولة "الاستيلاء" على المبادرة في عملية التفاوض بشأن أوكرانيا.
ويتابع، أنه لتحقيق هذه الغاية يتعين إقناع واشنطن بعدم الاستماع كثيرا بشأن "الخطوط الحمر" التي وضعتها كييف ومبادرات الدول الأوروبية.
إعلانويضيف الباحث كوزمين أن الكرملين خرج من "فخ الاختبار" الأميركي لمدى صدق الرغبة في السلام، وفي الوقت ذاته، أبقى بوتين قضية شرعية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على جدول الأعمال، ويعمل على أن يقوم ترامب بحلها قبل إعلان وقف إطلاق النار، بحيث يبقى السؤال فقط حول من سيعطي الأوامر للقوات المسلحة الأوكرانية بوقف إطلاق النار وعن ثمن تلك الأوامر.
ضماناتمن جهته، يرى مدير مركز التنبؤات السياسية، دينيس كركودينوف، أن بوتين يروج لصيغة يتم فيها إجراء مفاوضات السلام بين اللاعبين الرئيسيين، روسيا والولايات المتحدة، في حين يتابع المشاركون الآخرون الأخبار فقط، حسب قوله.
ويقول للجزيرة نت إن موسكو أكدت مرارا وتكرارا على مختلف المستويات أن الضمانات الخارجية للامتثال للاتفاقيات مهمة بالنسبة لها، حتى لا تتكرر تجربة اتفاقية مينسك 2.
وعلى هذا الأساس -يضيف كركودينوف- من المهم لروسيا أن "تستبعد" أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبي من المناقشات مع أميركا بشأن العناصر الرئيسية للتسوية المستقبلية، بحيث تؤدي لتشكيل مسار إستراتيجي جديد للعلاقات بين موسكو وواشنطن، وتبقى أوكرانيا مجرد أحد المواضيع في سياق المفاوضات بين الطرفين، مثل البرنامج النووي الإيراني أو مشاريع الغاز في القطب الشمالي.
ويضيف أن صيغة المفاوضات المغلقة مع المبعوث الأميركي الخاص ستيفن ويتكوف، مناسبة "بشكل مثالي" لتحقيق هذا الهدف.
سلاح ليزر جديد من طراز "تريزوب" أوكراني حيث تشترط روسيا نزع أسلحة كييف (مواقع التواصل)
اشتراطات دسمةويشير إلى أن روسيا لم تكن راضية عن النسخة الأميركية الأوكرانية، التي تدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في البر والجو والبحر، تليها مفاوضات بشأن شروط السلام.
في حين تتواصل العمليات "السلبية" بالنسبة لموسكو، بل تتكثف، مثل استمرار المساعدات العسكرية الغربية واسعة النطاق لكييف والنقاش حول نشر "قوات الدعم" الأوروبية في شكل ألوية تابعة لحلف شمال الأطلسي على الأراضي الأوكرانية.
إعلانويلفت الخبير السياسي كركودينوف، إلى أن الشروط الأولية التي وضعتها روسيا لوقف إطلاق النار، كوقف تسليم الأسلحة الغربية للقوات الأوكرانية، وإلغاء التعبئة القسرية، ووقف تدريب وإعادة تجهيز الوحدات الجديدة، والتحقق من الامتثال لهذه المتطلبات، حددت على الفور الإطار الذي تحتاجه موسكو.
ويختم بأنه في مرحلة الاتفاق على وقف إطلاق النار، يتحرك الكرملين في اتجاه خيارات "نزع السلاح" في أوكرانيا التي نوقشت في وقت سابق في إسطنبول، وتتمثل بوضع "قيود صارمة" على الإمكانات القتالية للقوات الأوكرانية وعدد أفرادها وملف التعبئة، فضلا عن القيود المفروضة على الإمدادات الغربية من الأسلحة وأنواع أخرى من المساعدات العسكرية.