الدقيق «أبيض».. وقلوب التجار «سوداء»
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
توتر واضطراب شديد تشهده أسواق الخبز فى مصر بعد قرار الحكومة بخفض أسعار الدقيق بحوالى 2000 جنيه للطن، ليسجل سعر طن الدقيق نحو 16 ألف جنيه. ورغم هذا الانخفاض وإعلان شعبة المخابز بالغرفة التجارية انخفاض الأسعار إلا أن الأسواق لم تشهد هذا الانخفاض بعد، فما زالت العديد من المخابز تبيع بالسعر القديم، الأمر الذى استدعى تدخل الأجهزة الرقابة والجهات المعنية لمحاسبة المسئولين عن ذلك.
أصحاب مخابز
من جانبه يقول «امام سالم» صاحب مخبز سياحى بمنطقة السيدة زينب، إن سعر الدقيق لم ينخفض، وقرار وزير التموين بخفض سعر الدقيق لم يطبق على أرض الواقع، فما زال التجار يبيعون الدقيق لنا بالسعر القديم، وأضاف: أنه يتمنى أن ينخفض سعر الدقيق ويتم ضبط الاسعار، خاصة أن الفترة الأخيرة شهدت مشاجرات عديدة بيننا وبين المواطنين بسبب الأسعار، رغم أننا ما زلنا نشترى الدقيق بالسعر القديم، وأوضح أن سعر الرغيف لديه يباع بـ ٢,٥ جنيه، مطالبًا بتشديد الرقابة على التجار أولًا لأنهم المتحكم الأول والأخير فى أسعار الدقيق.
فى هذا الإطار، يؤكد خالد فكرى، السكرتير العام والمتحدث باسم شعبة المخابز بالقاهرة، أن أسعار الدقيق انخفضت فى الأيام الماضية، حيث بلغ معدل الانخفاض ما يقرب من 13%، فى ظل توافر الدقيق بمختلف أنواعه، مشيرا إلى أن أعلى سعر للدقيق الفاخر وصل إلى 16 ألف جنيه للطن، بينما الأنواع الأقل جودة وصل سعرها إلى 14 ألف جنيه للطن، موضحا أن السوق المصرى به نحو 10 أنواع من الدقيق تختلف أسعارها حسب الجودة، فضلًا عن أن إضافة المحسنات تزيد من سعر الدقيق.
وأشار فكرى إلى أنه تم عقد اجتماع بحضور وزير التموين على مصيحلى وعدد من مسئولى الوزارة، حيث تم الاتفاق على أسعار رغيف الخبز مع أصحاب المخابز فى القاهرة والجيزة والقليوبية.
ولفت المتحدث باسم شعبة المخابز إلى أن رغيف الخبز السياحى بوزن 80 جراما سيكون سعره 150 قرشا، وأن رغيف الخبز السياحى بوزن 40 جرما سيكون سعره 75 قرشا، أما رغيف الخبز السياحى وزن 25 جراما فسيكون سعره 50 قرشا.
وكشف أنه بعد حل أزمة الدولار أصبحت الأسعار مستقرة وربما تشهد أسعار الخبز انخفاضًا جديدًا، مؤكدا أن الوزارة شكلت لجنة لمتابعة مستلزمات إنتاج الرغيف بصفة دورية شهريا لمتابعة سعر الدقيق ارتفاع أو انخفاض، ومتابعة أسعار الخبز الحر فى ضوء أسعار الدقيق وعناصر التكلفة، موضحا أن مهام اللجنة العليا ستكون تحديد أسعار الخبز الحر والأوزان والمواصفات الفنية فى ضوء متغيرات تكلفة الإنتاج.
وأوضح «فكرى» أن وزير التموين وجه بضرورة مساعدة المخابز الحرة وتسهيل حصولها على التراخيص اللازمة للعمل بحرية وتحت الرقابة المباشرة للوزارة فى الوزن والسعر والجودة، وذلك بعد صدور القرارات الوزارية المنظمة لذلك، مع تشكيل اللجنة العليا للخبز الحر التى ستكون مسئولة عن تحديد الأوزان والأسعار.
وقال فكرى إن القرار الوزارى الذى سيصدر خلال الأيام المقبلة سيشمل تحديد مواصفات رغيف الخبز الحر والسعر والوزن، وكذلك المواصفات والاشتراطات الواجب توافرها فى المخابز السياحية، كما سيشمل القرار الوزارى تحديد الأصناف المختلفة للعيش الحر والسياحى والافرنجى والشامى الأبيض بما يشمل الأسعار والأوزان.
واستكمل «فكرى» حديثه بأن وزير التموين وجه بتشديد الرقابة على المخابز لضمان تخفيض الأسعار للمواطنين، وفى حالة امتناع بعض المخابز السياحية عن تطبيق القرار والالتزام بتخفيض أسعار الخبز السياحى سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة ضدها بتحرير مخالفات قد تصل لإغلاق المخبز.
وأضاف السكرتير العام والمتحدث باسم شعبة المخابز بالقاهرة أن المخابز السياحية على مستوى الجمهورية يصل عددها إلى 50 ألف مخبز تنتج حوالى 200 مليون رغيف يوميًا.
تدخل الحكومة
وعلى الجانب الآخر، طالبت جمعية مواطنون ضد الغلاء وزارة التموين بتفعيل قرار الوزارة بتحديد سعر رغيف العيش السياحى، والأخذ فى الاعتبار الانخفاض الحاد فى أسعار الدقيق عالميا ومحليا، حيث انخفض السعر من ٢٦ ألف جنيه للطن إلى اقل من ١٢ ألف جنيه، وهو ما يستدعى التخفيض التلقائى كما حدثت الزيادة التلقائية فى وقت سابق، فضلا عن تطبيق نظام البيع بالكيلو مجددا، وإلزام الأفران بالبيع بنظام محدد ووضع ميزان ديجيتال متطور فى جميع الافران للحيلولة دون غش المستهلكين وإيقاف نظام البيع بالرغيف غير محدد الوزن.
وقال محمود العسقلانى رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء إن هذه التجارة غير الرشيدة تستوجب تدخل الدولة حتى تعيد لأصحاب المخابز رشدهم والتزامهم بالتجارة الرحيمة الرشيدة، وتحديد هامش ربح عادل لا يهدر حق المستهلك من ناحية، ولا ينتقص من تكلفة وربح المنتجين من اصحاب المخابز من ناحية أخرى، مشددا على حتمية تدخل الحكومة لإيقاف هذا الجشع.
عقوبة التلاعب
من ناحية أخرى أكد المستشار مؤمن مرقص المؤسس والمدير التنفيذى لمؤسسة المؤمن للمحاماة والاستشارات القانونية، أنه تم التوافق على خفض سعر رغيف العيش الحر وزن 45 جراما أمام المستهلك عند 50 قرشًا، وسعر الرغيف وزن 65 جراما عند 75 قرشا، ورغيف الخبز وزن 90 جراما عند جنيه واحد، أما كيلو الخبز المعبأ فمن المفترض أن يباع بـ 11.5 جنيه، وهذا ما تم الإعلان عنه من قبل شعبة المخابز المسئولة عن أصحاب المخابز.
ووفقا لحديث المستشار مؤمن فمن يخالف هذا القرار يتعرض للعقوبة التى سنها المشرع لمنع تلاعب التجار واصحاب المخابز فى الأسعار والأوزان، خاصة أن وزارة التموين حذرت جميع المخابز البلدية وكذلك السياحية والأفرنجية من مخالفة مواصفات إنتاج رغيف الخبز سواء المدعم أو الفينو، وشددت على ضرورة الالتزام بالأوزان والأسعار المحددة لعدم التعرض للعقوبات.
واضاف أن وزارة التموين والتجارة الداخلية، حددت مواصفات رغيف الخبز المدعم، بأن وزنه 90 جرامًا، وقطره لا يقل عن 18 سم، ونسبة الرطوبة لا تزيد عن 26%، وأى نقص فى وزن الرغيف بدءا من 10 جرامات يعد مخالفة تموينية تستوجب تحرير محضر.
وأضاف المستشار مؤمن مرقص أن العقوبات المقررة على المخابز البلدية فى حال ارتكاب مخالفة، تكون تصاعدية، حيث إن العقوبة الأولى والثانية تكون بمثابة إنذار، فالأولى هى الغرامة من 500 إلى 1000 جنيه، وذلك فى حال نقص وزن الرغيف بمقدار 10 إلى 20 جراما، بينما تتمثل المخالفة الثانية فى نقص وزن الرغيف من 20 إلى 30 جراما، وتكون الغرامة من ألف إلى 2000 جنيه.
وتتصاعد العقوبة فى المخالفة الثالثة وهى نقص وزن الرغيف 30 جراما فأكثر، ليتم إيقاف المخبز عن العمل لمدة شهر، وقد تمتد إلى ثلاثة أشهر مع إنذار بالغلق النهائى..
كما أكد المستشار مؤمن مرقص أن هناك تحذيرات شديدة للمخابز السياحية والأفرنجية وهناك عقوبات رادعة لكل من يخالف الأوزان والأسعار الخاصة بالرغيف الفينو والسياحى، الواردة بالقرار الوزارى رقم 144 للعام الجارى، والمحددة بغرامة قدرها 10 آلاف جنيه.
و أوضح المستشار مؤمن أن وزارة التموين طالبت المخابز الأفرنجية والسياحية بعمل إعلان على المخبز بالأوزان والأسعار المحددة، بسعر رغيف الفينو 40 جراما بـسعر 75 قرشا، 60 جراما بجنيه واحد، والخبز السياحى وزن 75 جراما بسعر جنيه، واضاف أن قانون حماية المستهلك لم يكتف بالمخابز بل اهتم أيضا بالسلع الأخرى، حيث أنه وضع غرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مليونى جنيه، أو مثلى قيمة المنتج محل المخالفة أيهما أكبر، كل من قام بفعل من الأفعال الآتية:
- مارس خداعا بشأن طبيعة السلعة أو صفاتها الجوهرية أو العناصر التى تتكون منها أو كميتها، تلاعب فى البيانات الخاصة بمصدر السلعة أو وزنها أو حجمها أو طريقة صنعها أو تاريخ إنتاجها أو تاريخ صلاحيتها أو شروط استعمالها أو محاذيره، وكذلك التلاعب فى خصائص المنتج والنتائج المتوقعة من استخدامه.
كما ألزم القانون المورد بالسعر أو كيفية أدائه، ويدخل فى ذلك أى مبالغ يتم إضافتها للسعر وعلى وجه الخصوص قيمة الضرائب المضافة، جهة إنتاج السلعة أو تقديم الخدمة، نوع الخدمة ومكان تقديمها ومحاذير استخدامها وصفاتها الجوهرية سواء انصبت على نوعيتها أو الفوائد من استخدامها، شروط التعاقد وإجراءاته، وخدمة ما بعد البيع، والضمان، والجوائز أو الشهادات أو علامات الجودة التى حصل عليها المنتج أو السلعة أو الخدمة - كما ألزم القانون الموردين بالعلامات التجارية أو البيانات أو الشعارات، وعاقب على وجود تخفيضات على السعر على خلاف الحقيقية، والكميات المتاحة من المنتجات، ويجوز للائحة التنفيذية لهذا القانون إضافة عناصر أخرى.
خطوة جيدة
وقال الدكتور محمد البهواشى، أستاذ الاقتصاد، إن قرارات الحكومة بالإفراج التدريجى عن بضائع الجمارك تعد بشرى خير تساهم فى توفير السلع الأساسية وتحقيق انفراجة فى الأسواق، لافتا إلى أن الجهود التى بذلت على مدار الفترة الماضية، بدأت فى إنتاج ثمارها وتشمل باقى القطاعات فى الاقتصاد المصرى، وهى خطوة جيدة لضمان توافر السلع واستقرار أسعارها، مشيرًا إلى أن زيادة أسعار توريد أردب القمح تدعم الفلاح وتضمن استقرار الأمن الغذائى.
وأشار أستاذ الاقتصاد إلى أن انخفاض سعر الدقيق يأتى فى ضوء نتائج مبادرة رئيس الوزراء لخفض أسعار السلع والمواد الغذائية بالاتفاق مع التجار والمستوردين وذلك بعد توجيهات من القيادة السياسية بنسب تخفيضات تصل لـ30%.
وشدد «البهواشى» على أنه بهذه القرارات سيكون هناك انفراجة فى توافر السلع الأساسية والتى سيكون لها تأثير كبير لزيادة المعروض ودورها فى السيطرة على معدل التضخم وهو من أهم الأولويات التى تهم المواطن، موضحا أن انخفاض أسعار الدقيق سيكون له تأثير كبير على تراجع سعر الخبز السياحى فى المخابز الفترة القادمة، موضحا أن تحسن الوضع الاقتصادى يعتبر خطوة هامة نحو تحقيق الاستقرار فى مصر.
وطالب أستاذ الاقتصاد الحكومة بضرورة فرض رقابة على المخابز لضبط المتلاعبين ومعاقبتهم، مشيرا إلى أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات لضبط الأسواق والحفاظ على حقوق وصحة وسلامة المواطنين ومواجهة الغش التجارى والاحتكار أو حجب السلع.
ومن جانبه أكد حازم المنوفى عضو شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية لمحافظة الإسكندرية، أن الفترة المقبلة ستشهد تراجعا كبيرا فى أسعار بعض السلع الأساسية بالأسواق بسبب انخفاض سعر طن الدقيق بنحو 2000 جنيه للطن الواحد ليسجل 16 ألف جنيه مقابل 18 ألف جنيه وهو (هبوط بنسبة 12.5%) حسبما أعلن اتحاد الغرف التجارية.
وأشار «المنوفى» إلى وجود وفرة بكافة السلع الأساسية وغيرها بعد الإفراجات الكبيرة عن البضائع فى الموانئ، وبدء المنافسة بين المنتجين والمستوردين من خلال خفض الأسعار، موضحا أن اتحاد الغرف التجارية أعلن فى بيان صحفى سابق، عن توقعاته لاستمرار انخفاض أسعار الجملة لكافة السلع الأساسية بما يصل إلى 25% فى العديد من السلع لتعود الى متوسط ما كانت عليه فى منتصف 2023، وسيظهر الانخفاض تدريجيا فى أسعار التجزئة فى الفترة القصيرة القادمة.
وتابع عضو شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية لمحافظة الإسكندرية، أنه من المفترض أن ينعكس انخفاض سعر الدقيق على السلع التى يدخل الدقيق فى مكوناتها وعلى رأسها المكرونة، مشيرا إلى أنها من السلع التى تتأثر تأثرًا مباشرًا بارتفاع أسعار الدقيق، ولكن حتى الآن لم تشهد المكرونة المعبأة أى انخفاضات فى أسعارها.
وأوضح أن المكرونة السائبة فقط هى التى شهدت انخفاضًا فى أسعارها خلال الفترة الماضية، إذ يبلغ سعر كيلو المكرونة فى «الشيكارة» جملة نحو 20 جنيهًا، ليصل سعر الكيلو فى التجزئة إلى 24 جنيهًا كحد أقصى للسعر.
وتابع عضو شعبة المواد الغذائية: أن أسعار المعجنات مثل الباتيه والخبز السياحى والبسكويت والحلويات، لم تنخفض أسعارها حتى الآن رغم انخفاض أسعار الدقيق، ولكن من المتوقع أن تتراجع أسعارها خلال الفترة المقبلة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سوداء
إقرأ أيضاً: