كيف شكلت الحرب في غزة دور قطر كوسيط إقليمي؟
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تقريرا، أعدّه كريم فهيم وبريان بيستش، أشارا فيه للدور الذي لعبته غزة في تشكيل دور قطر كوسيط إقليمي. وقالا إنه في الأشهر التي أعقبت عمليات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر وبداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، اعتمد الطرفان في التفاوض على تدخل وسيط صغير ولكنه مؤثر: دولة قطر.
وعندما توصلت دولة الاحتلال الإسرائيلي وحماس إلى اتفاق لوقف مؤقت للقتال، كانت قطر هي اللاعب الرئيسي في الوساطة. وفي الوقت الذي لا تزال فيه المحادثات من أجل تحقيق وقف جديد للنار، فإن قطر هي الوسيط الرئيسي للمفاوضات.
وأشارت الصحيفة إلى أن قطر الغنية بالطاقة استخدمت نفوذها وعلاقاتها الدبلوماسية المؤثرة، بما في ذلك مع الجماعات مثل حماس وطالبان وأعداء الولايات المتحدة مثل روسيا، للوساطة في موضوعات حساسة خلال النزاعات الدولية.
وشعرت قطر بالغضب من التعليقات الأخيرة، بما فيها تلك التي صدرت عن النائب الديمقراطي عن ميريلاند ستيني، أتش هوير، من أن قطر لم تفعل الكثير لدفع حماس الموافقة على صفقة، ودعاها لكي تظل محايدة. وقالت قطر هذا الأسبوع إنها تعيد النظر في دورها كوسيط، رغم عدم حدوث تغيير محتوم.
ولعبت قطر دورا مهما في التوصل إلى اتفاق تشرين الثاني/ نوفمبر لوقف القتال الذي أسهم في الإفراج عن امرأتين أمريكيتين فيما ردته حماس لـ"أسباب إنسانية".
وشارك البلد في المحادثات اللاحقة للإفراج عن عشرات الأسرى الذين يعتقد أنهم لا يزالون في غزة. وتنقل المفاوضون في الأشهر الأخيرة ما بين الدوحة وباريس والقاهرة. وشارك رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في المفاوضات إلى جانب المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين والأمريكيين والمصريين.
وينبع تأثير قطر في غزة من دعمها الكبير للفلسطينيين والإسلاميين في المنطقة حيث حافظت على علاقات مع حماس وحاولت في الماضي التوسط في الخلافات بينها والفصائل الفلسطينية الأخرى ودفعها للمصالحة وبخاصة حركة فتح في الضفة الغربية.
وفي عام 2012، كان أمير قطر حينها، الشيخ حمد بن خليفة، أول رئيس دولة يزور غزة التي تسيطر عليها حماس وتعهّد بتقديم ملايين الدولارات كمساعدات للقطاع. واستقبلت قطر قادة حماس في الدوحة، وأقامت علاقات محدودة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في التسعينات من القرن الماضي، في وقت عارضت فيه بقية دول الخليج هذا النهج بقوة. وفتحت دولة الاحتلال الإسرائيلي مكتبا للمصالح التجارية في الدوحة.
وبعد توليه السلطة رفض الشيخ تميم بن حمد آل ثاني متابعة دول في الخليج للتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. وأكد المسؤولون القطريون أن خطوة كهذه تأتي بعد السلام الشامل بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين. وبعيدا عن الشأن الفلسطيني، حاولت الدولة الغنية بالغاز الطبيعي ولا يتجاوز تعداد سكانها عن 2.7 مليون نسمة الوساطة في عدد من النزاعات.
وبدأت الوساطة بشكل كبير مع العشرية الأولى للقرن الحالي، حسب سلطان بركات، الأستاذ في مؤسسة قطر بجامعة حمد بن خليفة في الدوحة. وكتب بركات ورقة علمية عن مبادرات الوساطة هذه في عام 2014، بما فيها المحاولات الأولى للوساطة في اليمن ولبنان والسودان وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحماس.
وكتب قائلا إن هذه الجهود لم تؤد إلا لنتائج مزيجة قبل عام 2011. ومع بداية ذلك العام الذي شهد احتجاجات مؤيدة للديمقراطية في أنحاء الشرق الأوسط، لم تكن قطر معروفة بالدبلوماسية قدر دعمها لانتفاضات الربيع العربي وكذا الجماعات الإسلامية المشاركة في هذه الثورات.
وأدى موقف قطر لإغضاب القوى في الخليج وبخاصة الإمارات العربية المتحدة والسعودية. وزاد التوتر بينها حتى وصل إلى حد القطيعة في عام 2017 والتي استمرت مدة ثلاثة أعوام، حيث طالب تحالف رباعي بمن فيه مصر والبحرين الدوحة بوقف العلاقات مع إيران وإغلاق قناة الجزيرة وفرض التحالف هذا حصارا بالبر والبحر والجو على البلد.
كما ولعبت قطر دورا مهما في أفغانستان، حيث استقبلت بعثة لطالبان ولعبت دورا في المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان بشأن وقف الحرب، كما كانت محورية في مساعدة الولايات المتحدة لإجلاء المدنيين الأمريكيين والحلفاء بعد الخروج الفوضوي للأمريكيين في 2021. وفي عام 2023 ساعدت قطر في تبادل الأسرى بين أمريكا وإيران.
وتأتي الدفعة الدبلوماسية كجزء من حزمة "القوة الناعمة" لكي تميز قطر عن جيرانها في المنطقة والتي شملت فتح فروع للجامعات الأمريكية المعروفة في قطر. وكذا دعم الفرق الرياضية واستقبال مباريات كأس العالم عام 2022، وكانت الوساطات القطرية مهمة وبخاصة عندما تنفع الولايات المتحدة، وحاجزا لها من النقد وبخاصة ذلك الذي يطالها للتعامل مع جماعات تعتبر إرهابية في الدول الغربية.
وأكدت قطر، هذا الأسبوع، أنها تريد النظر إليها كطرف محايد في الحرب بين حماس ودولة الاحتلال الإسرائيلي. فيما قالت السفارة القطرية في واشنطن عبر بيان، "قطر هي وسيط، ولا نتحكم لا بإسرائيل أو حماس".
وجاءت هذه التعليقات بعدما طلب هوير من قطر دفع حماس كي تقبل بالصفقة. وفي بيان، يوم الإثنين، شجّع قطر للتفكير "بحرمان قادة حماس من الملجأ في الدوحة، ولو فشلت قطر بممارسة هذا الضغط، فيجب على الولايات المتحدة إعادة النظر في العلاقات مع قطر"، بحسب تعبيره.
من جهتها، قالت السفارة القطرية في واشنطن، إنها "فوجئت بالتهديد، وأن دور الوساطة موجود لأن الولايات المتحدة طلبت منا عام 2012 للقيام به لأن إسرائيل وحماس رفضتا الحديث مع بعض مباشرة".
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها في تشرين الأول/ أكتوبر أن الولايات المتحدة وقطر وافقتا على تقييم العلاقة مع حماس، ولا يعرف إن كان هذا التقييم يشمل على طرد قيادة حماس من قطر.
وطالبت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ في الحزبين، الشهر الماضي، قطر، بأن توقف استقبالها للقيادة السياسة في الدوحة. وفي بيان لوزارة الخارجية القطرية، الأربعاء الماضي، قالت فيه إن "التوصيف الخاطئ لجهود الوساطة التي تقوم بها استلزم إعادة تقييم قطري شامل لدورها".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية غزة قطر الدوحة امريكا غزة قطر الدوحة المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة فی الدوحة فی عام
إقرأ أيضاً:
صعيد أمريكي: هل تُهدد الولايات المتحدة العلاقات التركية بتصريحات حول حماس؟
نوفمبر 19, 2024آخر تحديث: نوفمبر 19, 2024
المستقلة/- في تطور لافت للانتباه على الساحة الدولية، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية على موقفها الحازم تجاه الدول التي تستقبل مسؤولين من حركة حماس، محذرةً من أن ذلك لم يعد مقبولًا تحت أي ظرف، وذلك في تعليقها الأخير على التقارير الصحافية التي أفادت بأن بعض من قادة الحركة غادروا العاصمة القطرية الدوحة باتجاه تركيا. تصريحات متوترة وغير معتادة من واشنطن تثير أسئلة حول تداعيات هذا التصعيد على العلاقات التركية الأمريكية.
التصعيد الأمريكي: موقف ثابت أم تحدٍّ دبلوماسي جديد؟أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، ردًا على التقارير الإعلامية التي تحدثت عن انتقال قادة حماس إلى تركيا، أن الولايات المتحدة تعتبر أن أي دولة تستقبل هؤلاء القادة يجب أن تدرك أنها تتعامل مع “منظمة إرهابية شريرة” ولا ينبغي لها توفير مأوى لهذه الشخصيات. وقال ميلر في تصريحاته: “لا نعتقد أن قادة منظمة إرهابية يجب أن يعيشوا بشكل مريح في أي مكان، ناهيك عن دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)”. ووجه خطابه بشكل مباشر إلى الحكومة التركية قائلاً: “لقد تحدثنا مع جميع دول العالم حول هذا الموضوع، ونود أن نؤكد للحكومة التركية بوضوح أن التعامل مع حماس كما لو أنه لا شيء قد حدث هو أمر غير مقبول”.
هذه التصريحات تأتي في وقت حساس، حيث تستمر حركة حماس في كونها محورًا رئيسيًا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في حين أن تركيا كانت قد استضافت عددًا من قادة الحركة على مدار السنوات، كما كان لها دور في تقديم الدعم السياسي لحماس في إطار سياستها الخارجية في المنطقة.
قطر، تركيا وحماس: تاريخ من العلاقات المتشابكةلعقود، كانت قطر قد استقبلت المكتب السياسي لحركة حماس، وكانت نقطة انطلاق لقادة الحركة في المنطقة. كما استضافت قطر الرئيس السابق لحماس، إسماعيل هنية، الذي قُتل في 31 يوليو في هجوم إسرائيلي على طهران. هذا الدور القطري المعلن في دعم حماس لم يمرّ دون أن يثير الجدل على الصعيد الدولي، لا سيما من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين يعتبران الحركة منظمة إرهابية.
في الوقت نفسه، تركيا، التي كانت تتمتع بعلاقات قوية مع قطر وحماس، قد تواجه ضغوطًا دولية جديدة من واشنطن. فتركيا كانت قد استقبلت بعض قيادات حماس، بل سعت إلى لعب دور الوسيط في جهود التوصل إلى حل للصراع في غزة. إلا أن الانتقال المفترض لقادة حماس إلى تركيا الآن قد يعيد فتح ملف العلاقات التركية مع الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة.
الولايات المتحدة وحماس: استراتيجية ضغوط متواصلةالولايات المتحدة تعتبر حركة حماس تهديدًا إرهابيًا، وقد اتخذت العديد من الخطوات لمكافحة نفوذها في المنطقة. التصريحات الأخيرة من وزارة الخارجية الأمريكية تأتي في سياق الضغط المتواصل على الدول التي تتعاون مع الحركة، وتأكيد واشنطن على موقفها بعدم التسامح مع الدول التي تسهل الحركة الإرهابية في أي شكل من الأشكال.
ورغم هذه الضغوط، يُمكن أن تستمر بعض الدول، مثل تركيا، في اتباع سياسة مستقلة تجاه حماس، مستفيدة من علاقاتها المعقدة مع الدول العربية والإسلامية، وكذلك من توجهاتها الدبلوماسية الإقليمية.
هل تُهدد العلاقات التركية الأمريكية؟التصريحات الأمريكية قد تكون بمثابة اختبار حقيقي لعلاقات تركيا مع واشنطن، خصوصًا في الوقت الذي تحتاج فيه أنقرة إلى دعم واشنطن في قضايا مثل الأمن الإقليمي والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي. ومع تأكيد واشنطن على أن وجود قادة حماس في تركيا ليس مقبولًا، يبقى أن نرى كيف ستستجيب أنقرة لهذا الضغط، وهل ستضطر إلى مراجعة سياستها أو مواجهة تداعيات سياسية ودبلوماسية كبيرة.