رأي اليوم:
2024-09-19@09:01:33 GMT

سعاد خليل: مفهوم شعر التفعيلة 2

تاريخ النشر: 30th, July 2023 GMT

سعاد خليل: مفهوم شعر التفعيلة 2

 

سعاد خليل هذا الدراسة عن مفهوم شعر التفعيلة كما بينا في المقال السابق ولطول الدراسة راينا ان نجزئها الي مقالتين . في عام 1906 ترجم بولس شحادة المشهد الأول من مسرحية شكسبير يوليوس قيصر علي  الطريقة نفسها ،وفي العام نفسه كتب نقولا فياض قصيدته المرسلة (زيارة  من غير موعد ) من ديوانه (رفيف  الاقحوان 1950 ) ثم تبعهما عبد الرحمن شكري ، فضمن قصيدته كلمات العواطف ، من ديوانه (ضوء الفدر 1909) عدة ابيات غير مقفاه ، وضمن ديوانه الثاني (الالي الأفكار 1913 ) اربع قصائد منه ، ولكننا في دواوينه الأخرى نجد ان القصائد التي عدل فيها عن وحدة القافية كانت نزرة قليلة .

ومن بعد هؤلاء نجد قصائد مرسلة لمحمد فريد أبو حديد، واحمد زكي ابوشاكي وخير الدين الزركلي ومعروف الرصافي ، وبشارة الخوري . ج  – مجمع البحور او ملتقي الاوزان هو الشعر الذي يجمع بين عدد من الابحر في قصيدة واحدة ، وأول من ابتدعه احمد زكي أبو شادي في قصيدته (الفنان ) من ديوانه الشفق الباكي 1926 حيث مزج الطويل والمتقارب والمجتث والبسيط ومطلعها . تفتش في لب الوجود معبرا عن الفكرة العظمي    لألباء الطويل تترجم اسمي معاني البقاء                        المتقارب وتثبت بالفن سر الحياة                          المتقارب وكل معني يرف ل\يكفي الفني حي               المجتث حقيقة هذه الدراسة عميقة جدا مستندا كاتبها علي تفاصيل دقيقة وامثلة واشعار نشرت لأكبر الشعراء محللا ومبينا كل التفاصيل الخاصة بمفهوم شعر التفعيلة .موثقا لها بمراجع وتواريخ دقيقة . وقول في قصيدة ترنيمة اتون التي ترجمها عن اللغة الإنجليزية، وهي في الأصل ترنيمة مصرية قديمة، والتي تحررت من وحدة القافية والبحر معا ، ومزجت عدة بحور: تبلج الفجر حال بأفق هذا السماء                 المجتث يا اتون الحي يا مستمدا للحياة                   الرمل عندما انت تعتلي افق الشرق للسماء              الخفيف كل ارض ملكتها من جمال ملكته                الخفيف فانت حال عظيم يزهو علي الأرض بعدا ء       المجتث حصرت اشعتك لحقول ،ان تكن ما قد صنعت    الكامل . ومن بعده كتب علي الناصر قصيدته (الي امرأة ضالة 1931 ) التي مزجت السريع والمتقارب وكتب خليل شيبوب قصيدته الشراع 1932 ) التي مزجت لخفيف الطويل ، وكتب إيليا أبو ماضي قصيدته (الشعر والسلطات الجائر 1933 ) التي مزجت الوافر والهزج والمتقارب والمجتث ، وقد فتح هذا النظم الحرم الباب علي مصراعيه لترجمة المسرحيات الشعرية وتأليفها ، فتبناها علي احمد بأكثير (روميو وجولييت عام 1946 وشجته هذه التجربة علي كتابة مسرحياته علي الطريقة نفسها ،ثم أصبحت من بعده ديدن المسرح الشعري . د  – الشعر المشطور ، هو ما حذف منه شطره ، فعد الشطر الأخير بيتا ، واكثر الرجز واقل السريع من هذا النمط ، فلا تأتي الابحر الأخرى مشطورة ، وفي العصر الحديث جرب بعض الشعراء الحديثين هذا النمط من الشعر فيغير الرجز والسريع ، ولكن تجربتهم لم يكتب لها ان تنتشر ومن هؤلاء علي محمود طه (1902-1942 ) في قصيدته ميلاد شاعر الخفيف ) ادخلوا الان أيها المحسنونا               جنة كنتم بها توعدونا اجعلوها من البدائع زونا                 وأملاؤها من ا لجمال فنونا املاوها فنا وليس فتونا                   وانشروا الصفو فوقها والسكونا . رابعا: ظاهرة شعر التفعيلة وروادها الأوائل : اكتشف علي احمد بأكثير بحسه المرهف وثقافته الشعرية ان البيت يضيق بحواره المسرحي  ، فتوصل الي تكرار التفعيلة الواحدة بدلا من ا لشطر او البيت ، ولكن اكتشافه الحاسم لم يعطكما تقول الدكتورة الجيوسي ما يستحقه من تقدير لقاء ما انجزه فعلي الرغم من طليعيته ورؤيته النافذة وحبه المغامرة لم تكن لديه موهبة تكفي سواء اكانت في حجمها ام في  قدرتها علي الاقتحام – لدفع اكتشافه المهم الي حدوده القصوى ،لا سيما انه طبق تجاربه في الشكل المسرحي الذي لم يكن ذا شعبية واسعة ، ومن هنا ظل اكتشافه مجهولا تماما ، لم يلاحظه احد الي ان ادعت نازك الملائكة انها وحدها اكتشفت الشعر الحر غير ان السياب –وقد ازعجه ادعاؤها نبه العالم الادبي الي تجارب باكثير المبكرة . ففي أواخر الخمسينات ظهرت تجربتان جديدتان، احدثتا تحولا هائلا في حركة الشعر العربي الحديث وهم : أ   تجربة نازك الملائكة: تذكر الملائكة ان قصيدتها ( الكوليرا ) التي كتبتها يوم 27/10/1947 ونشرتها مجلة العروبة اللبنانية في عددها الصادر في الأول من كانون الأول من العام نفسه هي اول قصيدة حرة الوزن ، ساقتها اليها ضرورة التعبيرة (المتدارك ) طلع الفجر                              فعلن فعل اص الي وقع خطي الماشين     فاعل فعلن فعلن فعلان في صمت الفجر                        فعلن فعلان اصغ انظر ركب الباكين                 فعلن فاعلن فعلن فعلان عشرة اموات ، عرونا                    فاعل فعلن فعلن فعلن لا تحص ، اصخ للباكينا                 فاعن فعلن فعلن فعلن اسمع صوت الطفل المسكين             فاعن فعلن فعلن فعلان  موتي موتي ضا العدد                   فعلن فعلن فعلن فعلن موتي موتي لم يبق غد                   فعلن فعلن فعلن فعلن . وسوا اساقت الشاعرة الملائكة ضرورة التعبير الي اكتشاف هذه التجربة ام ساقتها تأثيرات اخري كالبند والموشحات التي تنكر تأثيرها في تجربتها، كما راينا لا يمكن للمرء الا ان يجدها امتداد طبيعيا للتجربة الفنية الأخرى التي سبقتها، ولا سيما تجربة بكثير في حواره المسرحي . ب   تجربة بدر شاكر السياب: يرخ السياب قصيدته (هل كان حبا في 29-11-1946، وينشرها في ديوانه (ازهار ذابلة ) الذي صدر في القاهرة في النصف الثاني من شهر كانون الأول من عام 1947 أي تتفق قصيدتا الملائكة والسياب في تاريخ النشر ، وتختلفان في تاريخ الكتابة ومطلعها : ( الرمل ) هل تسمين الذي القي هيام                       فاعلانن فاعلاتن فاعلاتن ام جنونا بالأماني ام غراما ؟                     فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن ما يكو الحب ونوحا وابتساما                     فاعلاتن فاعلاتن فاتن ام خفوق الاضلع الحري ، اذا حان التلاقي       فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن بين عينينا ، فاطرقت فرار باشتياقي              فاعلاتن فاعلاتن فعلاتن فاعلاتن عن سماء ليس تسقيني ، اذا ما                  فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن جئتها مستسقيا الا اوما                          فاعلاتن فاعلاتن . والسياب يصف هذه القصيد بانها محاولة جدية في العر مختلف الاوزان والقوافي، وهي كأغلب الشعر الغربي ، ولا سيما الإنجليزي تجمع بين بحر من البحور ومجزوءاته ، أي ان التفاعيل ذات النوع الواحد يختلف عددها من بيت الي اخر ،فهو لا ينكر البته تأثره بالشعر الإنجليزي ، ولا سيما شعر اليوت وايديث ستويل . والدكتور نذير العظمة في كتابه (بدر شاكر السياب وايديث ستويل ) يتتبع هذا التأثير ، ويخلص الي ان شعر ستويل واليوت كان من مصادر السياب ، وينظر علي سبيل المثال الي قصيدة السياب الشهيرة (انشودة المطر ) وقصيدة ستويل (ما يزال المطر يسقط 1940 ) فيجدهما توأمتين ،ان نظرة فاحصة الي كلتا القصيدتين تكشف لنا عن مشابهات صارخة في المضمون والشكل ،وفي الرؤيا والرمز، في التركيب والصور والايقاع ،حتي ليخيل الينا ان كلتيهما قد ولدتا من خيال او رحم واحدة .

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

الحردلو (21) الليله العديله تقدّمو وتبرا…!!

مع تصادم الايديولوجيات السياسية والأدبية في "شعر ما بعد الاستقلال".. كالاشتراكية والماركسية والواقعية والإسلاموية والسريالية والوجودية والبنائية وما بعدها؛ يصف"د. محمد الواثق" الأكاديمي والناقد والباحث والشاعر هذه التيارات بأنها (أقنعة مصطنعة) لتمويه الهوية السودانية الأصيلة المتجذّرة في الصوفية الشعبية لعصر الفونج وأيضاً الحس الجمالي للبطانة..- هكذا قال..!
ومع ذلك يقر د.الواثق بأن شعراء معيّنين يمكن تصنيفهم كنتاج للبيئة البدوية (مثل محمد سعيد العباسي وعبد الله محمد عمر البنا وعبد الله الطيب) بينما آخرون (مثل التجاني يوسف بشير ومحمد أحمد محجوب وأحمد محمد صالح وصلاح أحمد إبراهيم) تتم نسبتهم للبيئة الحضرية المدنية..وجميعهم في التحليل الأخير كما يقول- يمكن إرجاعهم إلى الجذر الجماعي العام (الفونج والبطانة)..!
الإعجاب والافتتان بالبيئة البدوية يتمثّل بخاصة في شعر (محمد سعيد العباسي) أحد شعراء القرن العشرين الكبار في السودان وعبر العالم العربي..فهو مولود في عائلة صوفية شهيرة، وجده هو الشيخ أحمد الطيب مؤسس الطريقة السمانية في السودان..وبعد دراسته في الخلوة أرسلته أسرته إلى مصر حيث انتسب إلى الكلية الحربية، ولكنه هجرها بعد أن مكث فيها عامين..وعاد للسودان وأمضي شطراً كبيراً من حياته يتجوّل في سهول وسهوب كردفان ودارفور على ظهر جمله..يختلط بالبدويين وينشد مادحاً ومتغزّلاً بالجمال الفطري: (حيّاك مليط):
May heavy-laden clouds greet you,
Oh Mellit,
With abundant shower
on your orchard-rich valley
**
حيّاكِ "مليط" صوب العارض الغادي
وجاد واديك ذا الجنّات من وادِ
فكم جَلوتِ لنا من منظرٍ عجبٍ
يُشجي الخليَّ ويروي غُلةَ الصادي
أنتسيتني برحَ أيامي وما أخذتْ
منّا المطايا بايجافٍ وإيخادِ
كثبانك العفرُ ما أبهى مناظرها..
أنسٌ لذي وحشةٍ..رزقٌ لمرتادِ
فباسق النخل ملء الطرفِ يلثم مِن..
ذيل السحابِ بلا كدٍ وإجهادِ
كأنه ورمالاً حوله ارتفعت..
أعلام جيشٍ بناها فوق أطوادِ
وأعيُن الماء تجري في جداولها
صوارماً عَرضوها غير إغمادِ
والوُرقُ تهتف والأظلال وارفة
والـريحُ تـدفع مـيّاداً..لميّادِ
لو استطعتُ لأهديت الخلودَ لها
..لو كان شيءٌ على الدنيا لإخلادِ
**
العباسي عند د.الواثق هو النموذج الكلاسيكي لشعراء القرن العشرين الذين يكتبون بالعربي الفصيح، في ذات الوقت الذي يستلهمون فيه البيئة البدوية..! إنه مفتون بتلك البيئة حتى أن بعض شعره الفصيح يتحوّل إلى نمط (الجراري) وهو تركيبة غنائية تجاري حركة الإبل..وهو غناء ينتشر في كردفان ودارفور حيث قضى الشاعر هناك سنوات طويلة..!
وبالرغم من الدرجات الواسعة من التحديث الحضري، فإن غالبية السودانيين لا يزالون عاطفياً على ارتباط بجذورهم الريفية ..وهذا ربما يفسّر ذيوع (أغنية الحقيبة) واستمرار أشكال أخرى من الأغاني الشعبية التي لا يزال يجري الاحتفاء بها منذ قرن حتى الآن..!
وبعض الولع بهذه الأغنيات ربما يعود جزئياً إلى حقيقة أنها تشابه الشعر البدوي؛ ليس في النَظم فقط ولكن في المحتوى والموضوعات الرئيسية مثل التغزّل في الجمال واستدعاء الشجن والحنين..!
**
صدى جماليات الشعر البدوي يمكن استشعار وجوده حتى الآن في الشعر الغنائي الحديث والأغنيات المصحوبة بالموسيقى..!!
الموسيقار والمطرب (محمد الأمين) وهو من بين أميز الموسيقيين يضيف أحياناً إلى غنائه وموسيقاه نكهة بدوية..! إحدى أغنياته (حروف إسمك) هي رسالة حب رقيقة يروي فيها شاعرها هاشم صديق ما يعنيه له اسم محبوبة روحه:
حروف اسمك جمال الفال ..وراحة البال
وهجعة زول بعد ترحال..
وتنية حلوة للشبال..
ودنيتنا ومشاويرنا وحكاياتنا اللي ما بتنقال
حروف اسمك نجوم ركّت على الياسمين
فرح في عين جمالا حزين
أساور في ايدين طفله
بتحفظ في كتاب الدين..
زفاف عاشقين بعد فُرقه..
وسط باقات دعا الطيبين
**
حروف اسمك
عقد منضوم بخيط النور
وطلّة ورده من السور
ونغمه تنادي من طنبور
وشعلة فرحه في الوادي
تشع جزلانه ليها شهور ..
حروف اسمك وكت اشتاق وارحل ليك
..واسرح في عسل عينيك
بتحضني قبل ألمس حرير ايديك
تأرجحني وتفرحني وتخليني
أدق سدري واقيف وسط البلد واهتف..
بريدك يا صباح عمري..!
انه يرى في حروف اسمها هذا الجو البهيج:
زفاف عاشقين بعد فرقة
وسط باقات دعا الطيبين
هذا ما يسجله "عادل بابكر":
In the letters of your name
I see two lovers united in marriage
after a long parting,
amid cheers and best wishes
from kind hearts
**
ومن أجل تعميق المزاج الاحتفالي في هذا المقطع من الأغنية يدخل (محمد الأمين) إليه بجملة موسيقية ترجّع صدى أغنية شعبية تنشدها البنات خلال طقوس الزواج تخاطب العريس خلال السيرة إلى بيت العروس:
May this path bring you glad tidings
May good fortune lead your way,
and guard you from behind..!!
الليله العديل والزين
والليله العديله تقدمو وتبرا ..!

مرتضى الغالي

murtadamore@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • “سحر خليل” العرفان في مثواها شموخ
  • بسنت صيام تهدي العمرة الثانية لـ سعاد حسني (فيديو)
  • سحر خليل “إمرأة من نوع خاص وعالم آخر”
  • تفسير حلم تساقط الشعر لابن سيرين.. «4 حالات»
  • خليل البلوشي يتحدث عن فوز الهلال ضد الريان .. فيديو
  • الحردلو (21) الليله العديله تقدّمو وتبرا…!!
  • قرأ القرآن في المآتم والأفراح.. أيهما يفضل الشيخ محمود خليل الحصري ولماذا؟
  • عمرو خليل: كل المعطيات تعكس رغبة نتنياهو وحكومته في استمرار الحرب على غزة
  • عمرو خليل: إسرائيل في أزمة كبرى أمام العالم ولا يوجد ما يبرر جرائمها
  • افتراق مفهوم السلام بين العرب وإسرائيل