من «حسن أرابيسك» لـ«سليمان غانم».. رحلة من العطاء الفني
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
«العمدة» لقب لا يستحقه سوى الفنان صلاح السعدنى، الذى حفر اسمه بحروف من ذهب فى عالم الدراما، استطاع أن يجسد كثيراً من الشخصيات المتناقضة، الفقير والغنى، الفتى الشعبى والأرستقراطى، بطل من أبطال نصر أكتوبر، لا يتنازل مطلقاً عن هوية بلده، بمجرد ذكر اسمه يتردد فى أذهان جمهوره «صنايعى الأرابيسك» حسن النعمانى، والعمدة سليمان غانم فى مسلسل «ليالى الحلمية» وشخصيات متعددة حتى وصلت أعماله إلى 200 عمل فنى ما بين السينما والدراما خلال 50 عاماً.
على خشبة مسرح كلية الزراعة كانت بداية الانطلاقة الحقيقية، زميلاً للفنان عادل إمام فى البدايات، دخل حب الفن قلبه، ولمع فى أدوار صغيرة على خشبة المسرح، ومن الأعمال المميزة ببداية مشواره الفنى مسلسل «لا تطفئ الشمس» للكاتب إحسان عبدالقدوس، بطولة الفنان كرم مطاوع، وزوزو ماضى، حيث جسد دور «ممدوح» بعد اختيار المخرج نور الدمرداش له بسبب كفاءته، والذى جدد التعاون معه مرة أخرى فى مسرحية «معروف الإسكافى»، من بطولة عبدالمنعم إبراهيم، ونعيمة وصفى.
كانت الثمانينات هى بداية ظهوره فى أدوار البطولة فى الأعمال الفنية، بعد التأكيد على موهبته الأساسية وحبه للفن، وبداية تصدره لأفيشات الأفلام وكتابة اسمه على تترات المسلسلات بالبنط العريض، ومن أهم أعماله فى تلك الفترة تقديم مسلسل ليالى الحلمية الجزء الأول والثانى، بشخصية سليمان غانم، العمدة الذى دخل فى صراع مع سليم البدرى «يحيى الفخرانى»، برعاية المخرج إسماعيل عبدالحافظ، وبعد النجاح الكبير للجزء الأول، قرر صناعه بعد عامين فقط تقديم جزء ثان جديد مكون من 25 حلقة.
شهدت تلك الفترة أيضاً تقديمه دور «ياسين» فى مسلسل «بين القصرين» فى أواخر الثمانينات، عن رواية الكاتب الكبير نجيب محفوظ، تعرض المسلسل لما كانت عليه الأحوال السياسية والاجتماعية قبل قيام ثورة 1919، بجانب نجاحاته المستمرة فى الدراما بتلك الفترة قدم عدداً من الأفلام المهمة منها «لعدم كفاية الأدلة»، وقام بدور «إبراهيم على العوضى»، مع نجلاء فتحى ويوسف شعبان، ويسرا.
فى فترة التسعينات من القرن الماضى، قدم شخصية «حسن النعمانى»، فى مسلسل «أرابيسك»، الذى يمتلك ورشة لصناعة الأرابيسك فى حى شعبى، يتميز بالشهامة والرجولة والوقوف إلى جانب الآخرين بالتعاون مع المخرج جمال عبدالحميد.
وفى فترة الألفينات قبل ابتعاده عن الوسط الفنى، قدم علامات بارزة أيضاً فى عالم الدراما، منها مسلسل «رجل فى زمن العولمة» الجزء الأول والثانى مع المخرج عصام الشماع، و«مسلسل أوراق مصرية» بـ 3 أجزاء ناجحة مع المخرج وفيق وجدى، وفى عام 2013 كان مسلسل «القاصرات» مسك ختام أعماله الفنية بالتعاون مع المخرج مجدى أبوعميرة، وتناول المسلسل زواج القاصرات، ليبتعد بعدها عن الوسط الفنى لمدة 11 عاماً.
«المتحدة للخدمات الإعلامية» تنعاه: مصر فقدت قامة فنية وثقافية كبيرةونعت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ببالغ الحزن والأسى الفنان الكبير صلاح السعدنى، مؤكدةً أن مصر فقدت قامة فنية وثقافية كبيرة، وتقدمت بخالص العزاء للشعب المصرى، داعية الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.
«فقد الفن المصرى والعربى قامة كبيرة لا تتكرر»، هكذا تحدث الناقد الفنى محمود قاسم، «السعدنى يعتبر علامة بارزة فى عالم الدراما، فقد رحل بجسده ولكنه سيظل موجوداً بأعماله الفنية، لم يكن طريقه مفروشاً بالورود، ولكنه اجتهد حتى استحق لقب العمدة، من العلامات الفارقة فى حياته مسلسل ليالى الحلمية، وتقديمه لشخصية سليمان غانم، على الرغم من أنه كان مرشحاً لها فى البداية الفنان سعيد صالح».
«الشناوى»: كان عملاقاً فى ذروة عطائه وحتى عندما اختار الصمت فى سنواته الأخيرةوحرص الناقد الفنى طارق الشناوى على نعى الفنان الراحل صلاح السعدنى قائلاً: «عمدة الدراما، صلاح السعدنى كان عملاقاً فى ذروة عطائه منذ مطلع الستينات، وعندما اختار الصمت فى سنواته الأخيرة ظل عملاقاً».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: صلاح السعدنى سليمان غانم حسن أرابيسك المتحدة للخدمات الإعلامية صلاح السعدنى سلیمان غانم مع المخرج
إقرأ أيضاً:
«السفاحون» يلهمون صناع الدراما عبر العصور.. «ساعته وتاريخه» آخر «مسلسلات الجريمة» في 2024
تنويه: "الأحداث الواردة في هذا العمل من وحي خيال المؤلف، وأي تشابه بينها، وبين الواقع فهو من قبيل الصدفة"، تنويه آخر: "الأحداث تستند إلى وقائع حقيقية، مع إضافة شخصيات، وأحداث خيالية اقتضتها الضرورة الدرامية"، عبارات نطالعها في بدايات تترات أعمال فنية سواء أفلامًا، أو مسلسلات، يكتبها صناع العمل، لتحقيق أهداف مختلفة، سواء الحماية من المسؤوليات القانونية، أو الهرب من ملاحقة الورثة، أو حتى "كف الأذى" عن أصحاب القصص الحقيقيين، وبمجرد كتابة "أكلاشيه التبرئة"، لا يمكن أن يرجع أحد على مؤلفي الدراما، ليظل مصطلح "حرية الإبداع" ثوبًا فضفاضًا يرتديه كل ممسك بقلم، وسط بعثرة النوايا، وإن كان النجاح الجماهيري قد تحقق من قبل في عدة أعمال، أشهرها مسلسل "الراية البيضا" الذي يعرف الجمهور شخصياته الحقيقية، بينما كانت العبارة التي كتبها المؤلف أسامة أنور عكاشة كفيلة بـ"إخراس ألسنة المغرضين"، حين قال: "تم تغيير أسماء الشخصيات ولكن أحداث المسلسل حقيقية حدثت، ولا زالت تحدث"!
ويتابع الجمهور هذه الأيام، عرض مسلسل جديد (من واقع ملفات المحاكم)، بعنوان "ساعته وتاريخه"، مستوحى من كتابَي "يوميات قاضٍ"، و"حكايات قضائية" للمستشار الأديب بهاء المري، رئيس محكمة الجنايات (صاحب مجموعة من الروايات والقصص)، بينما كتب السيناريو والحوار للمسلسل مجموعة من مؤلفي الدراما، في حلقات منفصلة، تدور كل حلقة حول جريمة وقعت بالفعل، وتنتهي كل حلقة بـ"منطوق الحكم على المتهم كما ورد في ملف قضيته"، وبدأ المسلسل بعرض حلقة مثيرة تشابهت أحداثها (إلى حد التطابق) مع قضية فتاة المنصورة "نيرة أشرف" التي ذبحها زميلها في الشارع (يونيو 2022)، وتم الحكم عليه بالإعدام، وتنفيذ الحكم (يونيو 2023)، في حادثة ضجت بها السوشيال ميديا، وبرغم تغيير اسم البطلة، وإضافة شخصيات خيالية (كان بعضها أثرى دراميًّا من شخصية البطلة نفسها)، وبرغم التسطيح الدرامي لشخصية القاتل، على غير العادة، إلا أن الجمهور فهم المغزى، أو على الأقل أدرك الفروق الواضحة بين الواقع ومحاكاته.
وبالتزامن مع عرض "ساعته وتاريخه"، تواترت أخبار تحضير اثنين من المسلسلات المستوحاة من جرائم حقيقية، أولها بعنوان "سفاح التجمع"، يقوم ببطولته الفنان أحمد الفيشاوي، استلهم أحداثه من قضية معروفة إعلاميًا بنفس الاسم، بطلها الحقيقي "كريم" مدرس اللغات المتهم بقتل مجموعة من السيدات، وإلقاء جثثهن في الصحراء، وهي نفس القصة التي تصارع عليها من قبل مجموعة أخرى من صناع الدراما، أما المسلسل الثاني فيحمل اسم "القصة الكاملة"، تم اقتباسه من حكايات اليوتيوبر سامح سند، وهو صانع محتوى على السوشيال ميديا، له قرابة "2.5" مليون متابع لصفحاته عبر "يوتيوب"، و"فيسبوك"، و"تيك توك"، نشر خلالها فيديوهات عن جرائم وقعت في شتى ربوع مصر، بين حوادث قتل، وأحداث غامضة، ومرعبة ارتبطت بالجن والعفاريت، استهوت تلك الحكايات المنتج مجدي الهواري، ليعلن تدشين مشروع ضخم لتنفيذ أكثر من "150" حلقة درامية تدور حول القصص التي سردها "سند" عبر السوشيال ميديا، مع إسناد كتابتها درامياً لنخبة من مؤلفي الدراما المحترفين، قام بعضهم بـ"تشويق الجمهور" باقتراب عرض الحلقات عبر منصات إلكترونية كبرى.
وكان آخر مسلسل مستوحى من قصة حقيقية، عُرض العام الماضي، سفاح الجيزة، فيه أبدع الفنان أحمد فهمي بتجسيد شخصية السفاح "قذافي فراج" الذي قتل صديقه وثلاث سيدات في غضون أعوام (2015ـ2017)، وصدر بحقه حكم الإعدام، في 2021، والطريف أن المسلسل (الذي قام بتغيير أسماء الشخصيات)، بدأ عرضه في أغسطس 2023، بينما كان السفاح الحقيقي يترنح بين أحكام الإعدام، التي رفضت محكمة النقض الطعن عليها في فبراير العام الجاري، ليصبح حكم القصاص نافذاً ونهائياً، وتزامن مع عرض "سفاح الجيزة"، مسلسل "حدث بالفعل"، لمجموعة من النجوم، منهم غادة عبد الرازق، ودينا الشربيني، وشيرين رضا، وآية سماحة، وكان مستوحى من جرائم حقيقية ارتكبها "مرضى نفسيون".
السفاح، أو القاتل المتسلسل، ظلت شخصية ملهمة لصناع الدراما في أحيان كثيرة، حيث سبقت "الجيزة"، و"التجمع" منطقة أخرى هي "المهندسين"، ظهر فيها شاب ثري يدعى أحمد حلمي المسيري، هزت جرائمه الرأي العام في 1991، عقب قتله رجل أعمال وزوجته وخادمته، وصدر بحقه حكم بالإعدام في 1994، واستفزت قصته الفنان خالد الصاوي، ليكتب سيناريو وحوار فيلم "السفاح"، قام ببطولته الفنان هاني سلامة، 2009، وقبلها بنصف قرن، وبالتحديد 1962، استوحى أديب نوبل نجيب محفوظ، قضية سفاح يدعى "محمود أمين سليمان" ارتكب "8" جرائم قتل في خمسينيات القرن الماضي، وانتهت أسطورته بمصرعه في مغارة بجبل حلوان، على أيدي رجال الشرطة، فقام "محفوظ" بتحويلها إلى قصة فيلم "اللص والكلاب" المصنف رقم "15" في قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، وجسد خلاله النجم شكري سرحان شخصية المجرم الذي تم تغيير اسمه إلى "سعيد مهران"، والغريب أن نفس النجم، شكري سرحان جسد شخصية شاب تورط في تنفيذ جريمة قتل صاحب "بار"، ضمن أحداث فيلم "إحنا التلامذة"، 1959، وهي قصة حقيقية لأحد الشباب قضى عقوبة السجن "10" سنوات، وخرج ليعمل بالتمثيل وأصبح "كوميدياناً شهيراً"، وعلى مدار جزأين، ظهرت في عامي (2007، و2014) ملحمة فيلم "الجزيرة" للمخرج شريف عرفة، وجسّد خلالها الفنان أحمد السقا شخصية "منصور الحفني" تاجر المخدرات في الصعيد، وللهرب من الربط بينها وبين "امبراطور النخيلة" الذي تم إعدامه في 2006، جاءت جملة "تمويه" حوارية على لسان أحد القيادات الأمنية بالفيلم: "مش عايزين نشوف عزت حنفي تاني"، مثلما أصرّ صناع مسلسل "ابن حلال" للفنان محمد رمضان، لدى عرضه في 2014، أن أحداثه تشابهت بـ"الصدفة"، مع جريمة قتل ابنة المطربة المغربية ليلى غفران، التي هزت الرأي العام في 2008.
أما السفاحة "المرأة"، فكان لها نصيب من استلهام الدراما، بدأت بأشهر سفاحتين في تاريخ مصر، ريا وسكينة، اللتين قتلتا عشرات النساء بالإسكندرية مطلع القرن الماضي، وتم تنفيذ حكم إعدامهما في ديسمبر 1921، هذه القصة ألهمت "بديعة مصابني" لتجسيدها على خشبة المسرح في العام التالي لإعدامهما، ثم عالجتها عشرات الأعمال الفنية بين المسرح والسينما والتليفزيون، وجسدتها العديد من النجمات، آخرهن عبلة كامل وسمية الخشاب، في مسلسل عرض عام 2005، وفي السينما تقمصت نبيلة عبيد (تحت اسم مستعار)، شخصية "ناهد القفاص" التي قتلت زوجها وقطعت جثته بالساطور، في 1989، والتي صدر بحقها حكم بالسجن المؤبد، وعُرض فيلم "المرأة والساطور" في 1997، لينهي المخرج سعيد مرزوق الأحداث بعبارة: "ليس كل قاتل مذنباً، وليس كل قتيل بريئاً".
وعلى مدار سنوات، ألهمت عشرات الجرائم صناع الدراما، لتبقى دعاوى النقاد بـ"الترفق" بالجمهور، وعدم الضغط عليهم سواء بتكرار مشاهد الدم، أو الاستغراق في "التخطيط المتقن للجريمة"، أو تقديم مشاهد "مبتكرة" للقتل، حتى لا تلهب خيال المراهقين، مع تحليل شخصيات المجرمين نفسياً، وتعظيم القيم الإيجابية، وضرورة التركيز على "التطهير" كـ"مصير حتمي لكل من تسول له نفسه ارتكاب الجريمة"، وتبقى الحقوق الإنسانية" مصطلحاً "مائعاً" وسط تساؤلات الجمهور، حول مدى الاقتراب أو الابتعاد عن شخصيات حقيقية من لحم ودم، عاشت بيننا، بل واهتز لضجيجها الرأي العام، وربما اعتلت "قمة التريند" في وقت ما.
اقرأ أيضاًمن ملفات المحاكم المصرية.. مواعيد عرض مسلسل ساعته وتاريخه والقنوات الناقلة
«الدكتور» يسرق بأساليب مبتكرة.. تفاصيل الحلقة 4 من مسلسل «ساعته وتاريخه»