رغم أن القصف الذي نسب لإسرائيل واستهدف الدفاعات الجوية السورية جنوب البلاد فجر الجمعة يندرج ضمن مسار اعتيادي وسائد منذ سنوات طويلة تطلق حالة تزامنه مع الهجوم الذي ضرب مواقع في أصفهان الإيرانية تساؤلات.

ووفق وكالة الأنباء السورية (سانا) استهدفت إسرائيل بالصواريخ مواقع دفاع جوي في المنطقة الجنوبية، ما أسفر عن خسائر مادية، وأضافت أن الإطلاق حصل من اتجاه الشمال.

وأفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن "الضربات وقعت في المنطقة الواقعة ما بين السويداء ودرعا بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي، بدون أي صواريخ الدفاع الجوي".

وبينما أشار إلى أن المنطقة المستهدفة واقعة بين زرع وقرفا التي توجد فيها "كتيبة رادار" أكد على ذلك موقع "تجمع أحرار حوران المحلي"، وقال أيضا إن الصواريخ طالت أيضا مطار إزرع الزراعي والثعلة العسكري.

وبدورها أوضحت "سانا" أن الضربات حصلت في الساعة الثانية و50 دقيقة فجرا، في ذات التوقيت الذي أبلغت فيه مصادر ووكالات عن سماع دوي انفجارات في منطقة أصفهان الإيرانية.

ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي ضرباتها الجمعة إن كان في سوريا أو إيران، لكن وسائل إعلام عبرية نقلت عن مسؤولين قولهم إن إسرائيل ضربت في إيران "ذات المكان الذي هاجمها".

وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" نقلا عن مصدرين في وزارة الدفاع إن "طائرات عسكرية أطلقت صواريخ بعيدة المدى على قاعدة عسكرية إيرانية في أصفهان"، في رواية قابلتها أخرى ورجحت حصول الهجوم في إيران من الداخل.

"منطقة عسكرية بامتياز"

وتنتشر إيران عبر الميليشيات وما تصفهم بـ"المستشارين" في عموم الجغرافيا السورية، ودائما ما تنفذ إسرائيل ضربات جوية وصاروخية في البلاد، وتربطها بشكل غير مباشر بعمليات تهريب الأسلحة، التي تتم باتجاه "حزب الله".

ومنذ بداية الحرب في غزة تطورت الضربات الجوية الإسرائيلية لتطال مسؤولين بارزين وثكنات عسكرية للجيش السوري وتقع غالبيتها في جنوب سوريا، بينها "كتيبة الرادار" التي استهدفت مجددا فجر الجمعة.

تقع الكتيبة بالقرب من مدينة إزرع في ريف محافظة درعا، وهي جزء من منظومة دفاع جوي كاملة خاصة بالجنوب السوري، حسبما يوضح خبراء وباحثون لموقع "الحرة".

الخبير العسكري العقيد السابق، إسماعيل أيوب يقول إن وظيفة كتائب الرادار بالمجمل في سوريا محددة بكشف الأهداف الجوية متوسطة وكبيرة وصغيرة الحجم، وعلى مختلف الارتفاعات.

ويضيف لموقع "الحرة" أن المنطقة الجنوبية لسوريا ما زالت "عسكرية بامتياز"، وتضم قطعات وتشكيلات وفرق عسكرية وأفواج أبرزها وأهمها "الفوج 189" للدفاع الجوي، أو كما يعرف بـ"فوج جباب".

بعدما تكشف "كتيبة الرادار" الأهداف الجوية تنقل المعلومات لمقرات القيادة والسيطرة، وتعمل على توزيعها على وسائط الدفاع الجوي للتصدي.

وعلى أساس ذلك، يشرح أيوب أن "قصفها دائما ما يكون الهدف الأول للطائرات الحربية المعادية".

وفي بعض الأحيان يتم إعماء "كتائب الرادار" عن طريق التشويش، وفي حالات أخرى يتم تدميرها بالوسائط النارية.

ويبدو أن إسرائيل "اختارت تدميرها بأسلحة وصواريخ تطلق من مسافات بعيدة"، حسب الخبير العسكري.

ويعتقد أن التزامن بين ضربات جنوب سوريا و"الهجوم على إيران" يمكن فهمه من زاويتين.

الأولى في مسعى من إسرائيل "لضرب أهداف إيرانية داخل سوريا لا تستدعي ردا قويا".

ويرتبط الهدف الثاني بأمور عسكرية تتعلق بضمان دخول الطائرات الأجواء السورية، دون التعرض لأي تصدٍ من الأرض.

"مرسل ومستقبل"

ويأتي "الهجوم الإسرائيلي على إيران" والذي لم تتبناه إسرائيل رسميا حتى الآن بعد أسبوع من هجوم بالصواريخ والمسيرات نفذه "الحرس الثوري" باتجاهها.

وأظهرت تسجيلات مصورة ليلة السبت – الأحد الفائت الصواريخ الإيرانية والمسيّرات في أثناء عبورها الأجواء الأردنية، باتجاه إسرائيل.

ويشير الباحث السوري في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، نوار شعبان إلى أن المواجهات في الزمن الحالي تحول الكثير منها إلى الضرب بصورة غير مباشرة، عبر الدرونات المتفجرة والصواريخ المجنحة.

ويحتاج هذا الأسلوب وفق حديثه لموقع "الحرة" أجهزة إشارة لضمان البقاء على ذات المسار حتى الوصول للهدف.

ولا يستبعد الباحث أن تكون إيران قد استغلت كتائب الرادار في سوريا، كقواعد إشارة لتوجيه طائراتها المسيرة.

ويرجح أن تشهد سوريا "تحييدا أكبر في المرحلة المقبلة، على صعيد الرادارات وأجهزة الإشارة".

"سلاح بـ3 أقسام"

وينقسم سلاح الرادار في سوريا إلى 3 أقسام، حسبما يوضح الخبير العسكري إسماعيل أيوب، وجميعها تتبع للإدارة التابعة للقوى الجوية.

وهذه الأقسام عبارة عن 3 ألوية كبيرة هي: لواء المنطقة الجنوبية ولواء المنطقة الوسطى والساحلية ولواء المنطقة الشمالية والشرقية.

ويقول إن تكون كتيبة الرادار التي تم استهدافها فجر الجمعة تتبع للواء المنطقة الجنوبية، الذي يغطي مناطق تمتد من النبك في ريف دمشق وحتى الحدود الأردنية.

ضمن المنطقة المذكورة توجد العديد من الكتائب الرادارية، وجميعها تتموضع على المرتفعات والجبال.

ويضيف الخبير: "مهمتها كشف الأهداف الطائرة وإرسال المعلومات لمقرات السيطرة والتعاون مع رادارات الدفاع الجوي لاتخاذ قرار الهجوم الجوي".

ودائما ما كان النظام السوري يعلن عن تفعيل الدفاعات الجوية عندما يتم الإبلاغ عن قصف إسرائيلي في سوريا.

لكنه ومنذ شهرين التزم ببيانات ثابتة تؤكد حصول "عدوان" دون التصدي له.

ولا يستبعد الباحث شعبان أن تكون إيران تستخدم كتائب الرادار لأغراضها العسكرية المتعلقة بالدرونات التي تستخدمها.

وبينما يقول إن لديهم (الإيرانيون) غرف عمليات خاصة بالإشارة، يوضح أن تواجدهم خلال السنوات الماضية في القطع العسكرية والمطارات يثبت توغلهم في هذا القطاع العسكري.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المنطقة الجنوبیة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

ما الذي يمكن أن تغيره انتصارات سوريا وغزة بالمشهد المصري؟

في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، نجحت المعارضة السورية في الإطاحة بحكم بشار الأسد الذي فر إلى روسيا وتولى رئيس هيئة تحرير الشام أحمد الشرع الإدارة الجديدة، التي لاقت اعترافا دوليا وتلقت اتصالات واستقبلت وفودا من أغلب دول العالم، وبينها السعودية والإمارات ومصر على مضض.

كما أنه وبعد نحو 470 يوما من حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية على قطاع غزة نجحت المقاومة الفلسطينية في فرض هدنة بوساطة دولية على الكيان المحتل، تبدأ الأحد، في تطور اعتبره مراقبون خضوعا من تل أبيب وانتصارا للمقاومة، وهزيمة لمحور التطبيع العربي.

وهو ما عبر عنه الكاتب الصحفي وائل قنديل في مقال له، بعنوان: "انتصار غزّة... هزيمة العرب"، مؤكدا أن انتصارها حال "دون سقوط ضحايا جدد في بئر التطبيع"، وأعاد "إعمار الروح العربية".



سياسيون ومعارضون ونشطاء مصريون تحدثوا لـ "عربي21" عن ما يمكن أن تغيره انتصارات سوريا وغزة بالمشهد المصري، واحتمالات أن يغار النشطاء والمعارضين المصريين مما حققته معارضة سوريا، وما تلى نجاحها من خضوع الإمارات والسعودية ومصر للأمر الواقع.

وأشاروا إلى تأثير الظروف الإقليمية والدولية على الحالة المصرية ومدى قبول العالم لمصر ولرئيس نظامها عبدالفتاح السيسي بما قبله لبشار الأسد وسوريا، مشيرين إلى معوقات تكرار المعارضة المصرية انتصارات سوريا وغزة.

ورصدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها السنوي، انتهاكات النظام المصري في حقوق الإنسان، مؤكدة أن حكومة السيسي دخلت عقدها الثاني في السلطة وسط مواصلة سياسة القمع الشامل، باعتقال ومعاقبة المنتقدين والنشطاء السلميين بشكل ممنهج، وتجريم المعارضة السلمية.

"أضعف من الأسد والكيان"
وفي تقديره لما يمكن أن تغيره انتصارات سوريا وغزة بالمشهد المصري، قال السياسي المصري أحمد عبد العزيز،إن "انتصار الثورة السورية، بإزاحة جزار الشام الطائفي بشار الأسد، وانتصار المقاومة الفلسطينية على عدد من القوى العظمى بالعالم، وإرغام العدو الصهيوني على الخروج من غزة بشروط المقاومة، حدثان عظيمان فارقان".

المستشار الإعلامي للرئيس الراحل محمد مرسي، أضاف لـ"عربي21" أن ما حصل في سوريا وغزة "جاء بعد إحباطات وانكسارات متتالية دامت لأكثر من عقد؛ إذ رفعَ الحدثان كثيرا من معنويات المصريين، وأحيَيَا بنفوسهم الأمل بإمكانية الخلاص من سلطة الانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور مرسي، فلا نظام السيسي أقوى من الأسد الذي أخضع السوريين 60 عاما، ولا أقوى من الكيان الصهيوني وداعميه مجتمعين".

وتابع: "قطعا يغار المصريون من أشقائهم السوريين، وأرجو أن يستفيد مناهضو الانقلاب في مصر من تجربة الثورة في سوريا، مع الإدراك الكامل لاختلاف البيئتين، السورية والمصرية، في كثير من الأمور الجوهرية؛ من حيث الجغرافيا، والطبوغرافيا، والتركيبة الاجتماعية، وإمكانية العمل المسلح من عدمه... إلخ".

وفي تقديره لما يمنع المعارضة المصرية من تكرار انتصارات سوريا وغزة، قال: "إذا بقي مناهضو الانقلاب في مصر يصرون على وصف أنفسهم بـ(المعارضة) فلا يمكنهم أن يحذوا حذو الأشقاء السوريين والغزيين".

وأوضح أن "المعارض لا يجوز له الخروج على النظام الذي يعارضه؛ لأن المعارضة هي الوجه الآخر للنظام الذي يتطلع للوصول إلى السلطة عبر الوسائل الدستورية".

وواصل: "أما (الثائر) فهو لا يعترف بالنظام القائم، وإنما يسعى، بكل الوسائل الممكنة لإسقاطه؛ لأن هذا النظام (في نظر الثائر) أخل ببنود العقد الاجتماعي الذي ينظم العلاقة بين السلطة والمجتمع، ومن ثم فهو نظام خارج على الدستور والقانون، أي فاقد للشرعية".

وفي نهاية حديثه، يعتقد أن "واجب الوقت على المعارضة المصرية الآن، أن تتخلى عن وصف (المعارضة)، وتنتهج مسار الثورة".



"عواصف تغيير وجب استغلالها"
وفي قراءته، قال الباحث السياسي يحيى سعد: "بلا شك سيكون لما حدث بغزة وسوريا انعاكسات وارتدادات على المنطقة كلها"، مضيفا لـ"عربي21" أن "سنة التدافع سنة كونية فضلا عن كونها سنة إلهية حتى لا تفسد الأرض".

وتابع: "كما أن الأحداث الكبرى في التاريخ تؤثر بوجدان الشعوب وتغير من قناعاتها وميولها وثقافتها"، مؤكدا أن "الثورات فعل اجتماعي يرتبط طرديا بدوافع اجتماعية واقتصادية وسياسية، كما أن الشعوب تراقب التجارب المجاورة وتتعلم منها".

ولفت إلى أن "ما حدث في 2011 يصدق على تلك النظرية؛ حيث انتقلت شرارة التغيير التي انطلقت في تونس إلى أقطار أخرى كمصر وليبيا واليمن وسوريا".

وأكد أن "الروح واحدة، والغاية واحدة، وهي التخلص من الاستبداد والتبعية، والتطلع نحو الحرية والكرامة والعدالة وامتلاك الإرداة؛ غير أن الوسائل والآليات تحكمها اعتبارات كثيرة ومعقدة".

ويرى أن "كل ما تشابهت ظروفه وتوفرت معطياته يمكن أن يُستنسخ، والعكس صحيح؛ فربما نجحت تجربة في قطر من الأقطار لتوافر معطياتها ولكن لم تنجح في قطر آخر لانعدام تلك الظروف والمعطيات".

وختم بالقول: "نحن أمام موجة جديدة من رياح وعواصف التغيير، ومن لم يستثمرها ويحسن إدارتها من الطامحين إلى التغيير فلا يلومن إلا نفسه وعجزه".

"طرق التغيير ثلاثة"
وأكد السياسي المصري والقيادي في حزب "الأصالة" حاتم أبوزيد، أن "جديد مشهد الذكرى هذه المرة أنه يأتي مصحوبا بحالة تفاؤل عارمة بعد نجاح الثورة السورية في الإطاحة بالنظام الحاكم، وتعززت بنجاح غزة في معركة الصمود والتصدي للعدوان الصهيوني".

وأضاف لـ"عربي21": "إضافة لحالة بؤس يحياها الشعب نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية وسوء الإدارة، أو بالأحرى أن الإدارة لا تراهم من الأصل"، ملمحا إلى أن "واقع حال المعارضين والحالمين بالتغيير يشير إلى أنه لا جديد لديهم سوى المراهنة على لحظة انفجار الغضب المكتوم والظلم المتراكم".

وقال: "كثيرون يتحدثون عن التغيير والثورة، ولكن لا أحد يجيب بوضوح عن السؤال: كيف يتم ذلك؟"، مؤكدا أن "التغيير سواء كان للأسوأ أو الأفضل له 3 طرق، الأولى: بالنظم المستقرة المتوافقة مع مواطنيها وشعوبها؛ ويجري عبر الانتخابات، وهذا طريق مغلق في مصر لما يزيد على 75 عاما".

وبين أن "الانقلاب الأخير وتصرفاته تؤكد على استمرار ذات النهج"، موضحا أن "الذهاب إلى خيار الانتخابات أو إجبار النظام على الخوض فيه بطريقة عادلة؛ فبقدر ما يحتاج لجهد وبناء داخلي فهو بحاجة أكبر لرضا دولي وإقليمي، ومن ثم ففي الغالب هذا التغيير لن يكون المأمول".

ويرى أبو زيد، أن "الطريق الثاني: طريق الثورة الشعبية الجماهيرية العارمة، وهو يحتاج لقيادات وزعامات ذات فكرة أيديولوجية متصالحة مع أغلبية الجمهور وقادرة على التواصل معهم وبناء حالة من الوعي، تدفعهم للنضال والتضحية".

ولفت إلى أن "الحالة السورية ظلت أعواما تناضل وتقاوم، والفعل الفلسطيني الذي صبر على الأدواء أكثر من 15 شهرا لم يكن وليد لحظة بل سبقه عمل وصبر وتضحيات، فالنجاحات ليس مردها للتفاؤل أو البذل في ساعة من نهار، بل نتاج جهد وعمل ومتواصل".

وأشار إلى ضرورة "النظر في التجارب والاستفادة منها، لأن العمل الثوري يحتاج لجهد ووقت وتخطيط حتى يؤتي ثماره، ويحتاج إلى جماهير مؤمنة بما تعمل ولديها وعي حتى تثبت في الانكسارات، وتصبر على الشدائد".

وعن الطريق الثالث، قال السياسي المصري أنه "التغيير عبر التسلل لمؤسسات القوة واستخدامها في انتزاع السلطة بالقوة، وفي النهاية بصورة أو أخرى ستضطر القوى الإقليمية والدولية للرضوخ بقدر ما أمام الحالة الجديدة".

وأكد أن "السلطة إما أن تُنتزع بقوة الجماهير أو بسطوة السلاح كما فعل النظام القائم حاليا، وهناك طريق رابع لكنه ليس بمحل للطرح لأنه خارج عن الإرادة الداخلية للشعوب أو الحكام على السواء"، مضيفا: "ولعل طوفان الأقصى الذي هبط عام 2023، وما آل إليه يصبح بداية وخارطة طريق نحو الحرية والتخلص من الاستبداد والهيمنة الخارجية".

وختم مبينا أن "الأمر يحتاج إلى عمل جاد وضروري لأننا أمام حالة تشكيل صورة جديدة للمنطقة (شرق أوسط جديد)؛ فإما أن نكون أحد أطرافها الفاعلين، أو نظل في وضع الخاضع المشاهد لما يجري من حوله".



"معنى الثورة ومعنى التغيير"
وقال السياسي المصري وعضو حزب "الوسط" المصري المعارض وليد مصطفى:  "هناك 14 عاما من ثورة يناير ولنعترف أن الثورة محاولة لإحداث التغيير وليست التغيير، وبثورة يناير نجح الشعب والقوى السياسية في الضغط على النظام وفرض مسار الديمقراطية حتى 11 شباط/ فبراير 2011؛ لكن بعدها الشعب والقوى السياسية لم يكونا على نفس القدرة لإحداث التغيير، ولم يكن لديهم الخبرة، ولا القدرة على مواجهة تغلغل النظام بأركان الدولة".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن "القوى السياسية بمختلف أطرافها التي وصلت للسلطة أو التي رفضت وصول غيرها للسلطة، كلاهما كان لديه مشكلة، فالأول عندما وصل كان لديه طمع بالسلطة وحلم أنه القادر على ذلك ولما اكتشف أنه غير قادر فشل التغيير، والطرف الثاني مشكلته وحتى الآن أن غيرهم لا يصل للسلطة، دون أن يفكروا في تجهيز أنفسهم ويحصدوا نقاط قوة، والنتيجة أن المحاولة الثورية نجحت ولكن الثورة فشلت".

ولفت إلى أنه "بعد 13 عاما جاء أمل (طوفان الأقصى) عندما أذهل الشعب الفلسطيني العالم وكشف حقيقة العالم، وبين أن الشعب صاحب الحق عندما ينظم نفسه جيدا يقدر، لولا اعتقاد المقاومة الخاطئ بأن الأنظمة العربية الحالية رغم أنها امتداد لدكتاتوريين ستقف معهم وفوجئوا بأنها وقفت مع العدو وبذلت كل جهد كي لا تنجح".

وأوضح أحد نشطاء ثورة يناير، أنه "بعد الربيع العربي اختلفت الأرض والأنظمة العربية ترى محاولة أي شعب للتحرر، حتى ولو من محتل، خطر عليها، وأن مكاسبهم مع المحتل؛ ولكن الشعوب العربية في المقابل رأت القوة والقدرة ورأت النذالة والخسة في الوقت ذاته".

ويرى أن "من توابع (7 أكتوبر) وانتصار الثورة السورية وفرار بشار الأسد الذي لا يقل عن أي نظام ديكتاتوري عربي يتغلف بالقوة المجحفة أنه في وجود مقاومة حقيقية من الشعب يصبح الديكتاتور مجرد ورقة هشة، ويتراجع دعم باقي الديكتاتوريين له، كما أن الأنظمة علمت أن الشعوب رأت نتائج (طوفان الأقصى) الثورة السورية، والدول الكبرى والحليفة السابقة تقبل بالإدارة الجديدة لدمشق".

"تأخير مكلف"
وعن الحراك المصري والثورة المصرية، يعتقد مصطفى، أن "كل يوم يمر مع عدم البدء في التغيير يكلف مصر والأجيال القادمة سنوات من ضياع الدور والانهيار الاقتصادي والديون وإعادة الإصلاح وإعادة بناء اللحمة الوطنية".

وأكد أنه "لو ما زلنا نفكر بنفس الطريقة فهذه مشكلة، يعني أن الثورة بدأت 25 يناير فلابد أن يكون التغيير في 25 يناير فهذه مشكلة في التفكير، أو أن تتخذ نفس الطريقة بالمظاهرات أو التغيير المسلح كما دعا البعض فهذه مشكلة".

ويرى أن "المعارضة المصرية لم تعد نفسها حتى الآن للتغيير؛ وخاصة معارضة الخارج، وخاصة أقوى قوة بالمعارضة، حيث أنه منذ 11 عاما لم يتم الإعداد للتغيير وأي حدث يحدث نقول سوف يتغير المشهد لدينا كما غيرنا لكن لا يحدث التغيير".

وقال إن "المعارضة توجه اللوم للشعب؛ والحقيقة أنها لم تعدّ للتغيير حتى يسير الشعب خلفها؛ فالتغيير تقوم به قوى المعارضة بإعداد نفسها للتغيير ولقيادة الدولة وليس بدعوة الناس للخروج على الحاكم، ولكن عندما تكون المعارضة قادرة على اتخاذ قرارات مماثلة لما قامت به المقاومة الفلسطينية والمعارضة السورية وأعدت نفسها".

وأوضح أنه "يتكلم هنا عن الإعداد وليس عن وسيلة التغيير السلمية أو المسلحة"، مؤكدا أن "الأخيرة لا تصلح أبدا في مصر رغم أن النظام فاشي ومستبد، لأن الجيش المصري في بيت كل مصري، وهو منا، ومحاولة إغراقه بجريمة فض اعتصام رابعة العدوية والخصومة مع الشعب لن يكون مقابلها الكفاح المسلح".

"هذا هو الطريق"
واستدرك: "ولكن طريقنا هو الإعداد للمعارضة وزيادة جاهزيتها لتولي الحكم، وفي هذا الوقت يقدر الشعب على رؤيتها، وهنا يحدث التغيير في الوقت الذي تحدده المعارضة"، مبينا أن "كل مقومات التغيير في مصر موجودة وجاهزة منذ أعوام 2017 و2018".

وأشار إلى أنه "على المعارضة أن تفهم أن النجاة جماعية ولا يمكن لأي فصيل في الظروف الطبيعية أن يقوم وحده بمهمة حكم مصر، وفي الظروف الحالية أي فصيل أو 2 أو 3 يظنون أنهم قادرون على الحكم فهذا مستحيل لأن النجاة جماعية".



ولفت إلى أنه "إن لم تتكلم المعارضة بشكل جدي، وتكون الرموز الفقيرة في أفكارها قادرة على التواصل مع الغير، وتقدم مصلحة الوطن على أي شيء؛ سيتم استبدالهم لأن من كانوا في ثورة يناير 2011 بعمر العشرينات، الآن هم في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات".

وألمح إلى "خروج أجيال جديدة قد تتعاون سويا وتتخلى عن أيديولجياتها التي تؤمن بها؛ لأنهم سيرون الوضع بصورة أفضل عندها، وعندما يكون هناك شكل أفضل سيرى الشعب أشخاصا تدعو للتغيير وليس الثورة ولكن تغيير ما بعد الثورة".

وختم بالقول: "سيرى الشعب أنهم قادرون على إحداث هذا التغيير وأنهم سيكونوا بديلا لهذه السلطة وقادرون على العبور بهذا الوطن للأمان خلال فترة انتقالية ودستور انتقالي وعدالة يظهر فيها الجميع قدراته في خدمة الوطن، وقتها التغيير يأخذ وقتا أقل من وقت تغير المشهد السوري، ولكن على المعارضة أن تعد نفسها".

مقالات مشابهة

  • تستمر لـ 9 أيام .. إيران تبدأ مناورات عسكرية قرب الحدود العراقية
  • إيران توصي رعاياها بعدم السفر إلى سوريا
  • سوريا تجهز عملية عسكرية لملاحقة مجاميع مرتبطة بحزب الله
  • إيران توصي رعاياها بعدم زيارة سوريا.. تركيا تفتح قنصلية في حلب
  • إيران توصي مواطنيها بالامتناع عن السفر إلى سوريا
  • ما الذي تحاول سوريا فعله؟
  • آليات عسكرية  مدمرة تركها جيش العدو الصهيوني داخل حي تل السلطان برفح جنوب قطاع غزة
  • ما الذي يمكن أن تغيره انتصارات سوريا وغزة في المشهد المصري؟
  • ما الذي يمكن أن تغيره انتصارات سوريا وغزة بالمشهد المصري؟
  • مصدر أمني:إيران ترسل مخدراتها للعراق من خلال الشاحنات التي تحمل البطاطا وغيرها