بوابة الوفد:
2024-11-07@12:53:07 GMT

قبل أن نحصى الخسائر

تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT

مثل ملايين غيرى فى أنحاء الأمة العربية، ممن لا حول لهم ولا قوة، سوى الغضب والأسى والتمنى والترجى وانتظار الفرج، تلقيت الرد الإيرانى على إسرائيل بروح من التشفى قبل الانتقال لإحصاء خسائره. الأسباب عديدة، بينها أنه حق لها على ضرب مقرها القنصلى فى دمشق، واغتيال عدد من كبار قيادات حرسها الثورى تواجدوا به.

كما هى عادتها دائما، تجاهلت إسرائيل أن اتفاقية فيينا الأممية عام 1961 تجرم الاعتداء على المبانى الدبلوماسية وتحمى جميع العاملين بها. والدعم الأمريكى والغربى لإسرائيل دون سقف أو حدود، أغراها بمواصلة خرق القانون الدولى والعدوان على الحجر والبشر، لاسيما إذا كان فلسطينيا أو مناصرا لقضيته، فهى لم تعد تخشى من أى مساءلة عن تعديها أو انتهاكها للقوانين الدولية. بل هى ترتكب جريمة تلو الأخرى منذ سمح لها القانون الدولى، الذى تضرب به عرض الحائط، بالوجود كدولة، لأن الغرب الأوروبى والأمريكى ينتفض ليبرر لها جرائمها بمزاعم الحق فى الدفاع عن النفس.
وكان رفض الطلب السورى بإدانة مجلس الأمن لجريمة إسرائيل قصف القنصلية الإيرانية، أو تحميلها أى مسئولية على خرق سيادة دولتين فى آن واحد سوريا وإيران، بمثابة موافقة ضمنية على عدوانها. بل أن المجلس كافأها باستخدام واشنطن حق النقض الفيتو ضد المقترح الجزائرى نيابة عن المجموعة العربية، لمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة فى هيئة الأمم المتحدة بدلا من وضعها الراهن كدولة مراقب منذ عام 2012، برغم اعتراف 137 دولة من بين 193 من الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية.
ولم نكن فى حاجة للاستماع للخطاب الوقح الغارق فى النرجسية والغرور، والحافل بالتعالى وقلب الحقائق للمندوب الإسرائيلى، لكى نعلم أن واشنطن تتربص بالمشروع الجزائرى، وتمارس ضغوطا على الدول من أجل إفشاله، فى الوقت نفسه الذى لا تكف عن التشدق بدعمها حل الدولتين، والتدليس بالترويج لأكذوبة أن التطبيع بين إسرائيل والسعودية، هو الطريق الأمثل لسرعة قيام الدولة الفلسطينية!
بعيدا عن مشاعرى البدائية فى التشفى فى إسرائيل، ونحو 300 مسيرة وعدد من الصواريخ الباليستية الإيرانية تسقط داخل أرضيها، فقد أعادت الضربة الإيرانية المحسومة وغير المباغتة، التأكيد على أن إسرائيل قادرة بغيرها. وكان من الطبيعى تبعا لذلك أن تعلن واشنطن قبل تل أبيب، أن الهجوم الإيرانى قد فشل. فالقواعد العسكرية الأمريكية والفرنسية فى عدد من دول المنطقة وحاملات الطائرات والبوارج البريطانية والأمريكية التى ترسو على شاطئ البحرين الأحمر والمتوسط، هى ما ساهم فى التصدى للهجوم الإيرانى.
بالغت إيران لأسباب داخلية تتعلق بأزمتها الاقتصادية والعقوبات الأمريكية والغربية التى أدت لعزلتها، فى حجم الخسائر الإسرائيلية. وقللت إسرائيل من قيمة تلك الخسائر ووصفتها بالطفيفة، فى سياق منهجها فى التستر على خسائرها الحربية، وفرض رقابة صارمة عليها.
لكن المؤكد أن الضربات المتبادلة بين طهران وتل أبيب فشلت فى الربط بين هذا التصعيد وبين كونه من نتائج حرب إسرائيل الوحشية على غزة. كما طغت تلك الضربات على الحرب الإسرائيلية فى غزة التى غدت الخبر الثالث فى نشرات الأخبار. وبعد أن تراجع الغرب نسبيا تحت ضغط تعاطف شعوبه مع معاناة غزة، عن تبنى الروايات الإسرائيلية المضللة عن مذابح غزة وتدميرها، عاد من جديد لترديدها وتأكيد التزامه بحماية أمن إسرائيل. بل إن الأخيرة تسعى بمساعدة أمريكية لتشيكل تحالف إقليمى عسكرى للتصدى للخطر الإيرانى، فى عودة للحديث مجددا عن حلف ناتو فى المنطقة. وبعد أن كان عدد من الدول الغربية قد قرر وقف تصدير السلاح إلى إسرائيل توقف الحديث عن تلك المسألة.
ولا شك أن هذا التصعيد قد أنقذ نتيناهو من الضغوط الداخلية عليه من أجل إتمام صفقة مع حماس للإفراج عن الرهائن، ووقف الحرب، ومطالبته بمغادرة موقعه كرئيس للحكومة بعد تقلده له على امتداد 15 عاما، وإجراء انتخابات مبكرة، خاصة بعد إعلان الطرف القطرى التشكيك فى جديته ومصداقيته فى مسار التفاوض مع الوسطاء. وعادت إسرائيل بعد أن تم جرجرتها إلى محكمة العدل الدولية بتهمة جرائم إبادة جماعية، لترتدى دور الضحية الذى كان قد تراجع خلال الأشهر القليلة الماضية.
لكن الأخطر من كل ما سبق، هو أن نتنياهو قد حصل، وفقاً لما ذكرته بعض الصحف الأمريكية، على موافقة ضمنية من إدارة بايدن على اجتياح رفح، وهو ما ينطوى على خطر أن إسرائيل لم تعد تخضع لضغوط تعهدات أمريكية وغربية سابقة برفض لتهجير نحو مليون ونصف المليون من الفلسطينيين إلى سيناء المصرية، سعيا لغلق ملف القضية الفلسطينية ودولتها المستقلة من جدول أعمال المجتمع الدولى.
التصدى للغطرسة الإسرائيلية يتطلب أن تتخلى إيران عن أحلامها الإمبراطورية فى المنطقة، وأن تصبح دولة طبيعية كبقية الدول فى الإقليم، وأن تسعى بنية صادقة، إذا كانت حقا تريد قهر «الشيطان الأكبر» الرابض فى واشنطن، لتحسين علاقاتها بالدول العربية، وعدم المساهمة فى المخطط الغربى الساعى لتأجيج الصراع المذهبى والطائفى وإشاعة مزيد من الفوضى ليضمن لإسرائيل التفوق العسكرى بشكل دائم على كل دول الإقليم. وهو جهد هام ومطلوب لا يجب أن تكون الدولة المصرية بعيدة عنه.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدولة المصرية على فكرة أمينة النقاش

إقرأ أيضاً:

‏إجراءات أمنية مشددة حول المباني الرسمية في العاصمة الأمريكية واشنطن

أفادت وسائل إعلامية، ب‏إجراءات أمنية مشددة حول المباني الرسمية في العاصمة الأمريكية واشنطن.

وتفتح اليوم الثلاثاء، مراكز الاقتراع أبوابها في جميع أنحاء الولايات المتحدة، مع توقيتات مختلفة نظرًا لامتداد البلاد عبر ست مناطق زمنية.

وتشهد الانتخابات منافسة حامية بين دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري، وكامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي.

ويبلغ عدد المواطنين المؤهلين للتصويت نحو 230 مليون ناخب، إلا أن ما يقارب 160 مليونًا فقط منهم مسجلون للتصويت.

مقالات مشابهة

  • أكسيوس: واشنطن حذرت بغداد من أن إسرائيل قد تهاجم العراق إذا لم يمنع الهجوم الإيراني
  • هل تستغل طهران انشغال واشنطن بالانتخابات؟ إسرائيل ترفع درجة التأهب
  • الشرطة تعزز وجودها في واشنطن تحسبا لاندلاع أعمال عنف أثناء الانتخابات الأمريكية
  • ‏إجراءات أمنية مشددة حول المباني الرسمية في العاصمة الأمريكية واشنطن
  • الخسائر تقدر بـ 20 مليار دولار.. إسرائيل تمسح 29 بلدة لبنانية من الخريطة
  • أكثر من 50 دولة تطالب الأمم المتحدة بوقف بيع ونقل الأسلحة إلى إسرائيل
  • أكثر من 50 دولة تطالب الأمم المتحدة بفرض حظر أسلحة على إسرائيل
  • لابد من محاسبتهم..واشنطن تدعو إسرائيل لردع عنف المستوطنين في الضفة الغربية
  • واشنطن: يتعين على الحكومة الإسرائيلية منع عنف المستوطنين المتطرفين
  • رئيس الحكومة اللبنانية: نطالب الدول بممارسة أقصى ضغط على إسرائيل لوقف العدوان