بوابة الوفد:
2025-03-14@03:06:56 GMT

فلسفة الحرب

تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT

كثيرا ما أتساءل عن ضرورة قيام الحروب بين البشر بينما خلق الله متسعا فى الطبيعة ليتعايش البشر مع بعضهم البعض فى وئام وسلام؟! وعادة ما تفاجئنى الأحداث الواقعية والنظريات الفلسفية التى تبرر ضرورة وجود الحروب بين البشر، فثنائية الحرب والسلام تلى فى الأهمية ثنائية الخير والشر فى ترتيب ما يمكن أن نطلق عليه الأضداد العشرة وهى من الأفكار المحورية فى فلسفة فيثاغورس؛ الفيلسوف وعالم الرياضيات اليونانى الشهير فى القرن السادس قبل الميلاد، والطريف أن مواطنه هيراقليطس كان من أوائل الذين فلسفوا الحرب وجعلوها الجانب الأهم فى حياة البشر؛ انظر اليه وهو يقول فى واحدة من أشهر شذراته الفلسفية «الحرب أب للجميع، ملك على الجميع، فهى التى تجعل من البعض آلهة ومن البعض بشرا وهى تجعل من البعض أحرارا ومن البعض عبيدا « والمعروف أن اليونانيين كانوا يؤلهون أبطال الحروب ويعبدونهم، فضلا عن أنهم كانوا يعتبرون أنفسهم هم الأحرار وينظرون إلى غيرهم من الأمم على أنهم الأضعف والأحقر وأنهم لا يصلحون الا للرق والعبودية! ولذلك فلا عجب أن وجدنا أرسطو فيلسوف اليونان الأكبر والأهم فى القرن الرابع قبل الميلاد يبيح الحرب فى فلسفته السياسية فى حالة واحدة فقط وهى نقص العبيد فى دولته المثالية ؛ إذ إنه كان يعتبر أن الرقيق أحد العناصر الثلاثة الرئيسية فى تكوين الأسرة إلى جانب الرجل والمرأة! 
وربما تكون هذه الرؤية لفلاسفة اليونان الأوائل عن الحرب وضروراتها وراء تلك النزعة العدوانية التسلطية للحضارة الغربية حتى يومنا هذا فهم يعتبرون أنها من ضرورات الحياة وأداة الحرية وأساس السيادة التى دائما ما ينشدونها للسيطرة على العالم! وليس ببعيد عن ذلك أن نتذكر الاسكندر الأكبر وكان من تلاميذ أرسطو المخلصين – رغم بعض الاختلاف فى وجهات النظر بين الأستاذ والتلميذ – وما فعله حينما تولى حكم بلده مقدونيا وهو فى سن السابعة عشرة حيث واصل حرب والده الملك فيليب على بلاد اليونان وامتد بها إلى بلاد الشرق فاجتاح فارس والهند وبابل وهى البلاد التى أنتجت أعظم حضارات الشرق القديمة وذلك بغرض السيطرة على العالم، ولما حاول أرسطو أن يثنيه عن ذلك موجهًا اليه رسالة « عن الاستعمار» محذرا إياه أن اجتياح بلاد الشرق لن يكون فى مصلحة اليونان رد عليه قائلا: اننى أريد أن أجعل الثقافة واللغة اليونانية هما لغة وثقافة العالم!
وبالطبع فقد حقق الاسكندر حلمه بسيادة اليونان على العالم القديم وكون امبراطوريته الضخمة التى ضمت معظم بلاد الشرق القديم وجعلتها جزءا من الإمبراطورية المقدونية، لكن ما حدث بعد ذلك أن غزو الشرق لم يكن الا إيذانا بنهاية التميز الثقافى والعلمى لبلاد اليونان وانتقل مركز التأثير منها إلى الإسكندرية وبلاد الشرق رغم أن السيادة والقوة العسكرية بقت فى الغرب فى ظل الإمبراطورية الرومانية!
والسؤال الآن هو: هل اختلفت نظرة فلاسفة الغرب الآن عما كان عليه الحال فى بلاد اليونان القديمة؟!
لعلنا نجد إجابة هذا السؤال لدى مارتن فان كريفلد أحد فلاسفة الغرب المعاصرين فى كتابه «حرب المستقبل» حيث يستشهد بمقولة هيراقليطس القديمة «أن النضال هو أصل كل شىء»، ويؤكد «أن الحرب شىء مغروس بيولوجيا فى الانسان، فهى لا تختلف عن الاعتبارات الأخرى كالدين والعلوم والعمل والفن «ويعتبرها» غاية أو نشاطا بالغ التشويق بدرجة لا يوفرها شىء اخر.

.، ولا يعتبر أى نوع من الأنشطة الأخرى التى يخاطر فيها الانسان بحياته الا مجرد مباراة قياسا بالحرب، ورغم أن الحرب هى أيضا نشاطا مفتعلا فانها تختلف عن الأنشطة الأخرى فى أنها تحرر الانسان من كل شيء حتى الموت نفسه!، وتعد هى الشىء الوحيد الذى يستخدم فيه الانسان كل ملكاته ويخاطر بكل شيء ويختبر أقصى قدرة له فى مواجهة خصم على نفس القدر من القوة، ورغم أن جدوى الحرب أيا كان هدفها كانت دائما موضع جدل فالشيء الثابت فى كل زمان ومكان هو أنها دائما شيئا مشوقا!»
تلك هى رؤية الغربيين عن الحرب قديما وحديثا باعتبارها شيئا ضروريا ومشوقا، فهل يظل العرب مخدوعين بالحديث المعسول عن السلام والحريات والمساواة والحقوق والتسامح..الخ مما يتشدق به الغربيون اليوم رغم أننا نعلم أنهم هم من أبدعوا وامتلكوا كل أنواع أسلحة الدمار الشامل فى الوقت الذى يحاولون منعنا من امتلاكها؟! 
وللحديث بقية..

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حرب المستقبل نحو المستقبل من البعض

إقرأ أيضاً:

البطريرك يوحنا العاشر: "نثمن علاقاتنا التاريخية مع اليونان حكومةً وشعباً"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 

شدد البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس على عمق العلاقة التاريخية التي تجمع كنيسة أنطاكية واليونان حكومةً وشعباً. 

 

حاء ذلك خلال استقبال البطريرك الأمين العام لقسم الأديان في وزارة التربية اليونانية جاورجيوس كالانتزيس وذلك في المقر البطريركي في البلمند.

 حضر اللقاء من الجانب اليوناني سفيرة اليونان في لبنان ذسبينا كوكولوبولو والقنصل اليوناني إغناطيوس باباذيميتريو.

 وحضر اللقاء من الجانب الأنطاكي د. الياس وراق رئيس جامعة البلمند والأرشمندريت جورج يعقوب رئيس دير سيدة البلمند والأرشمندريت يعقوب خليل عميد معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي-جامعة البلمند. 

 

أجرى  البطريرك مع الوفد اليوناني جولة تناولت واقع الكنيسة الأنطاكية وسبل تعزيز وتجسيد العلاقة التاريخية التي تجمع الكنيسة الأنطاكية واليونان في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تطورات.

بعد اللقاء شارك الوفد إلى جانب غبطته في الصلاة في كنيسة الدير.

مقالات مشابهة

  • تحذيرات من تقنية جديدة قادرة على التنبؤ بموعد وفاة الانسان
  • البطريرك يوحنا العاشر: "نثمن علاقاتنا التاريخية مع اليونان حكومةً وشعباً"
  • مع اقتراب موسم الحرائق.. اليونان تحظر إشعال النيران في الهواء الطلق
  • "سر المحوجة" .. كيف انتقلت من بلاد الشام إلى المطبخ المصري ؟
  • ما فلسفة المواريث في الإسلام؟ وما معايير تقسيمها لدى الشارع؟
  • الرعب يخيم على غزة.. "الجارديان": 2.3 مليون فلسطينى يعيشون فى ظلام دامس
  • وزير الدفاع الإيراني: توسع نفوذ النيتو نحو الشرق تهديد خطير لأمن المنطقة
  • ما المميز في اليونان كوجهة مقارنة بالمالديف وسيشل وبالي؟
  • دراما رمضان في السودان تحاول رصد واقع الحرب
  • علماء يعثرون على شبكة ري متطورة تكشف أسرار حضارة بلاد الرافدين