تعددت اللهجات كما هو الشأن فى اللغات جميعها، وقد تناول أستاذنا الرائد الدكنور إبراهيم أنيس القرءات القرآنية فى كتابه: فى اللهجات العربية، الأنجلو، القاهرة، ط4، 1973، الفصل الثالث ص53 80، وذكر اختلاف القراءات عند العرب فى شواهد برجالها ونصوصها، مدعّما ذلك بآراء كل من: ابن الجزرى فى الجزء الأول من كتابه النشر فى القراءات العشر، وابن قتيبة فى كتابه المشكل، ومواقف المفسرين، معلّقا على الصفات الصوتية، مفصلا القول فى أنواعها من: فتح وإمالة ص 60، وإدغام ص 70، وهمز ص 75.

 
ونتيجة لذلك ظهر اختلاف فى القراءات، والأصل واحد، وإنْ فتح ذلك أبواباً من الفرقة والاختلاف والتشكيك، مما جعل حذيفة بن اليمان يقول لعثمان بن عفان(ت35هـ/656م): 
«أدْرك الناس يا ابن عفان»، وشاركه الرأى بعض الحاضرين، فأجمعوا أمرهم على نسخ مصاحف بلغة قريش ولهجتها وقراءتها وضبطها وشكلها، تُرسَل إلى كل عامل، أو وال على البلدان؛ ليكون هذا المصحف العثمانى المعتمد والمرجع للناس جميعاً، وأن يُحرق ما عداه، مما هيّأ لاجتماع الناس مرة أخرى على مصحف واحد، وكما ندب أبو بكر زيداً بن ثابت فى المهمة الأولى، كما أشرنا من قبل، ندبه عثمان (24-35هـ = 644-656م) حدث، أيضاً، فى المرة الثانية، حين أضاف إليه كلاً من: عبدالله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام، وكلهم أصَحاب النبى صلى الله عليه وسلم، واستطاع زيد بن ثابت أن يندب عدداً آخر من الصحابة كانوا ثمانية من المهاجرين والأنصار لتزداد المراجع، ويتم الاستيثاق، فارتفع عدد الرجال المشاركين إلى اثنى عشر رجلاً من الحفاظ والصحابة الأجلاء بإشراف عثمان بن عفان، وعليّ بن أبى طالب، لا يكتب شيء إلا إذا عُرض على الصحابة فى المسجد، مع استبعاد رواية الآحاد، وبذلك تمّ إجماع الصحابة والحفاظ وأهل الدين والرأى والمشورة على كتاب واحد نُسخ منه عدد من المصاحف - قيل أربعة، وقيل خمسة، وقيل سبعة - أرسل بها عثمان إلى الأمصار الإسلامية: (مكة، المدينة، الشام، اليمن، البحرين، البصرة، الكوفة)، ليجتمع عليها المسلمون.
هكذا تعدد القراء فى عصر أبى بكر بن مجاهد (ت324هـ) وقد اقتصر ابن مجاهد على القراء السبعة، ولذا قيل إنه أوّل منْ سبّع السبعة.
وكان لكل قارئ منهم أربعة عشر راويا، وقد اقتصر ابن مجاهد على اثنين من الرواة لكل منهم جميعا: السبعة، أو العشرة.
ونسبتْ القراءة لراو من القراء، وصولا إلى القارئ الإمام على النحو التالي:
1ـ ابن كثير، وراوياه: البزى، وقنبل.
2ـ نافع، وراوياه: قالون، ورش.
3ـ أبو عمرو بن العلاء، وراوياه: الدورى، والسوسى، عن يحيى اليزيدى.
4ـ ابن عامر، وراوياه: هشام، وابن ذكوان.
5ـ عاصم، وراوياه: أبو بكر شعبة بن عياش، وحفص بن سلمان.
6ـ حمزة، وراوياه: خلف، وخلاد عن سليم.
7ـ على بن حمزة الكسائى، وراوياه: أبو لحارث، والدورى.
8ـ أبو جعفر، يزيد بن القعقاع، وراوياه: عيسى بن وردان، وسليمان بن جماز.
9ـ يعقوب بن إسحاق الحضرمى، وراوياه: رويس، وروح.
10ـ خلف بن هشام البزار، وراوياه: إسحق الوراق، وإدريس بن الحداد.
واصطلحوا على ألقابهم:
فالحرميان: نافع، وابن كثير، والمدنيان: نافع، وأبو جعفر، والبصريان: أبو عمرو، ويعقوب، والأخوان: حمزة، والكسائى، والنحويان: أبو عمرو، والكسائى، والعربيان: أبو عمرو، وابن عامر، والابنان: ابن كثير، وابن عامر، والكوفيون: عاصم، وحمزة، والكسائى، والمكي: ابن كثير، والشامي: ابن عامر، والمدني: ابن نافع، والبصري: أبو عمرو، كما ذكر عبدالخالق عضيمة فى دراسات لأسلوب القرآن الكريم، ج1 القسم الثانى ص 45/ و46. 
وكما تعدد القراء والرواة تعددتْ القراءات، والنص واحد، حيث اتفق الناس على سبعة، كما قدمنا، هم: أبو عمرو بن العلاء(68ـ155هـ)، ويعقوب بن إسحق الحضرمي(ت25هـ) بالبصرة، وأبو عمارة حمزة بن حبيب (80ـ 156هـ)، وعاصم بن أبى النجود(ت 127هـ) بالكوفة، وعبدالله بن عامر اليحصبي(61ـ118هـ) بالشام، وعبدالله بن كثير بمكة، ونافع بن أبى نعيم(30ـ169هـ) بالمدينة، وفى القرن الثالث للهجرة حذف منهم يعقوب، وأثبت مكانه أبا حمزة الكسائى (ت189هـ)، ومنْ قال بالقراءات العشر أضاف يعقوب الحضرمى، وأبا جعفر يزيد بن القعقاع(ت13هـ)، وأبا محمد خلف بن هشام(150ـ229هـ)، ثم عرفت القراءات الأربع لمحمد بن محيص المكي، والأعمش الكوفى، والحسن البصري، ويحيى الزيدى.
خطّ المصاحف
ويذكر القلقشندى(10) كيف أن القدماء أخذوا يتأنقون فى كتابة المصاحف وتجميلها، وكيف ندبوا الخطّاطين حَسَنِى الخطّ لنسخها وزخرفتها، ويذكر ابن النـّديم(11) خطوط المصاحف، وأنواعها، وعن محمد بن إسحق أن أوّل مَنْ كتب المصاحف فى الصدر الأول بخطٍّ حَسَن هو: خالد بن أبى الهياج، ذاكرا أسماء كتّاب المصاحف، وأسماء المذهّبين للمصاحف، وأسماء المجلّدين، وبسط العلماء القول فى ذلك، منهم: السجستانى، محمد (ت330هـ/941م) فى المصاحف، نشره آرثر جفرى، الرحمانية، القاهرة 1936.

عضو المجمع العلمى وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: لغتنا العربية جذور هويتنا د يوسف نوفل ابن کثیر أبو عمرو ابن عامر بن عامر بن کثیر بن أبى

إقرأ أيضاً:

785 متسابقًا يشاركون في مسابقة النور للقرآن الكريم بنزوى

يشارك 785 متسابقا ومتسابقة من أبناء ولاية نزوى في النسخة الثانية لمسابقة النور لعلوم القرآن الكريم التي تنظمها المدرسة القرآنية الوقفية بولاية نزوى في خمسة مستويات، حيث تأتي امتدادًا لنجاح النسخة الفائتة وتهدف إلى غرس حب القرآن الكريم في نفوس النشء وتشجيعهم على التنافس في تلاوته التلاوة الصحيحة وتجويده وتفسيره، إلى جانب ترسيخ القيم الإسلامية والأخلاق القرآنية في المجتمع.

وتأتي المستويات الخمسة للمسابقة وفقًا لقدرات المشاركين، حيث يتضمن المستوى الأول تلاوة خمسة عشر جزءًا من القرآن الكريم وبلغ عدد المشاركين فيه 66 متسابقًا، منهم 49 من الإناث و17 من الذكور، وتمنح جوائز لهذا المستوى إلى جانب خمس جوائز تشجيعية قيمة، ويخضع المتسابقون للتقييم بناءً على معايير تتعلق بإتقان التجويد نظريًا وعمليًا وحسن الأداء وجودة الصوت والإلمام بتفسير الأجزاء المقررة.

وفي المستوى الثاني، المخصص لتلاوة عشرة أجزاء من القرآن الكريم، بلغ عدد المشاركين 181 متسابقًا، منهم 132 من الإناث و49 من الذكور، ويتم تقييم المشاركين وفق معايير ترتكز على الالتزام بأحكام التجويد وجودة الصوت وحسن الأداء. فيما يخصص المستوى الثالث لتلاوة خمسة أجزاء لمن لا تتجاوز أعمارهم 22 عامًا، وبلغ عدد المشاركين فيه 226 متسابقًا، منهم 159 من الإناث و67 من الذكور. أما المستوى الرابع فقد خُصص لتلاوة جزء تبارك وجزء عم لطلبة الصفوف من الخامس إلى الثامن، ويشارك فيه 159 متسابقًا، منهم 106 من الإناث و53 من الذكور. بينما يخصص المستوى الخامس لطلبة الصف الرابع فما دون، لتلاوة جزء واحد (جزء عم)، وبلغ عدد المشاركين 150 متسابقًا، منهم 77 من الإناث و73 من الذكور، ويتم تقييم المشاركين بناءً على تطبيق أحكام التجويد والإلمام بمفردات الجزء المقرر.

وقال الدكتور سالم بن راشد الشكيلي، رئيس اللجنة التنظيمية للمسابقة: إن المسابقة شهدت هذا العام إقبالًا واسعًا من مختلف الفئات العمرية، مما يعكس اهتمام المجتمع بتعليم أبنائه القرآن الكريم تلاوةً مجودة مرتلةً وحثهم على التمسك بتعاليمه. وأشار إلى أن الهدف من المسابقة لا يقتصر على الحفظ والتلاوة، بل يمتد إلى ترسيخ القيم القرآنية في نفوس الأجيال، وتنمية مهاراتهم في التجويد ومعاني الكلمات وتفسير الآيات، بما يسهم في إعداد جيل واعٍ متمسك بهويته الإسلامية. وأضاف: إن المستويات التي أظهرها المشاركون كانت متميزة وتبشر بمستقبل واعد للحفاظ على هذا الإرث الديني العظيم، مشيدًا بدور الأسر في دعم أبنائها وحثهم على تعلم التجويد والتلاوة الصحيحة للقرآن الكريم وتشجيعهم على المشاركة في المسابقات القرآنية.

وشهدت المسابقة تفاعلًا مجتمعيًا واسعًا، حيث أعرب العديد من أولياء الأمور عن سعادتهم وفخرهم بمشاركة أبنائهم في هذه الفعالية القرآنية، وأكدوا أن مثل هذه المبادرات تسهم في تعزيز ارتباط الأبناء بكتاب الله وتغرس فيهم قيمه السامية.

وتواصل المدرسة القرآنية الوقفية في نزوى جهودها الحثيثة لتطوير هذه المسابقة سنويًا، إيمانًا منها بدور القرآن الكريم في بناء الشخصية المسلمة المتوازنة، وتحرص على أن تكون المسابقة منبرًا قرآنيًا رائدًا يحتضن المواهب ويشجعها على التميز والتفوق في حفظ كتاب الله.

مقالات مشابهة

  • وزير الشباب يكرم خريجي مدرسة البدر للقرآن الكريم
  • ملتقى الأزهر للتفسير: الماء سر الحياة في خطاب القرآن الكريم
  • وزير الشباب يكرم الخريجين من طلاب كلية البدر للقرآن الكريم
  • الجيزة تكرم 15 طالبة من حافظات القرآن الكريم -(صور)
  • هل تم إحراق جثة حارق «القرآن الكريم».. ما القصة؟
  • محافظ الجيزة يكرم 15 طالبة من حفظة القرآن الكريم
  • ثواب سماع القرآن الكريم.. دار الإفتاء تجيب
  • وفد من الشارقة يطلع على تجربة البحرين في خدمة القرآن الكريم وعلومه
  • 785 متسابقًا يشاركون في مسابقة النور للقرآن الكريم بنزوى
  • طعن رجلٌ حاول حرق القرآن الكريم على يد أحد المارة .. فيديو