علّق وزير العدل المصري الأسبق، المستشار أحمد مكي، على تراجع مصر في مؤشر العدالة وسيادة القانون، وغيرها من المؤشرات، مثل نزاهة القضاء، ومدركات الفساد، بأنها نتيجة حتمية لشيء واحد وهو "غياب الديمقراطية الحقيقية عن مجتمعاتنا".

وقال مكي، وهو القيادي البارز في تيار استقلال القضاء المصري مطلع الألفية الجديدة، في لقاء خاص مع "عربي21": "لا توجد سلطة مستقلة في غالبية دول العالم النامية بما فيها مصر، والتي تكرس لحكم الفرد الواحد، والذي بدوره يسيطر على جميع المؤسسات التي يفترض أنها مستقلة مثل القضاء والصحافة والإعلام وغيرها من المؤسسات".



احتلت مصر المرتبة الـ136 من أصل 142 دولة، والـ9 والأخير في الترتيب الإقليمي، بمؤشر سيادة القانون لعام 2023 الصادر عن منظمة مشروع العدالة العالمية "WJP"، وحصلت على 0.35 نقطة وفق المعايير التي يقاس بها المؤشر في العام الحالي، مواصلا انخفاضه على مدار 9 سنوات.

ولم تسبق مصر في الترتيب على مؤشر العدالة العالمية سوى دول نيكاراغوا والكونغو الديمقراطية وهايتي وأفغانستان وكولومبيا وفنزويلا، حيث يستند على مجموعة من المعايير، أبرزها سيادة القانون وحقوق الإنسان، والتدخّل الحكومي، والحقوق الأساسية ومدى توافر العدالة المدنية والجنائية، ومبادئ الشفافية، والنظام الأمني، وغيرها.

ويقيس المؤشر أداء 142 دولة من "0 ـ 1"، وكلما اقتربت الدولة من رقم واحد كانت أقرب إلى سيادة القانون، وكلما اقتربت من الصفر كانت أبعد، ويعتمد المؤشر في تقييم الدول على 8 مؤشرات أساسية، أخفقت مصر في تجاوز الحد الأدنى وحصلت في بعضها درجة متدنية مثل الرقابة المفروضة على سلطات الحكومة، تذيلت الترتيب الإقليمي (9\9)، فيما حلت في المرتبة 140 عالمياً من أصل 142 دولة.

تاليا نص الحوار:
ما هو تعليقك على تدهور وضع مصر على المستوى القضاء والعدالة والقانون الذي تصدره مؤسسات دولية مستقلة؟
هذا يعكس واقع البلاد في ظل غياب الديمقراطية، وعدم وجود مؤسسات مستقلة سواء قضائية أو صحفية أو رقابية أو حسابية أو غيرها، وهو مؤشر على أن العدالة في خطر.

ما هي مؤشرات غياب استقلال القضاء في مصر؟
حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية، واستقلال القضاء هو الضمان الأخير لها.

ما دلالة استمرار تراجع مصر على مؤشرات العدالة واستقلال القانون وغيرها؟
هذا لا معنى له سوى أنه لا توجد نية لدى السلطات المصرية للعمل على تحسين وضع المؤسسات المستقلة والاستماع إلى الانتقادات البنائة من حولها، وبالتالي يستمر الوضع كما هو عليه دون تحقيق أي تقدم سوى في بيانات الحكومة الرسمية.

هل تعتقد أن البرلمان المصري ساهم في تدهور العدالة والقضاء؟
البرلمان لا بد أن يكون حرا حتى يشرع قوانين توافق إرادة ومصلحة الناخبين، وما يجري الآن هو سن قوانين وتشريعات لخدمة السلطة ورغباتها،  انتهينا بعد كل هذه السنوات إلى سلطة باتت تمسك بزمام كل المؤسسات الموجودة في الدولة.

هل تمارس السلطة أي نوع من الضغوط على القضاة والقضاء ومجريات العدالة؟
بكل تأكيد، هذا هو حال القضاء والعدالة عندما تكون السلطة التنفيذية أو رأس السلطة هو المتحكم في كل مؤسسات البلاد من خلال التعيين والاستبعاد والمحاباة والتخصيص والمكافآت وغيرها من طرق الترهيب والترغيب.


الدستور نص على استقلال القضاء.. لماذا لا يحافظ القضاء على حقه الدستوري؟
ليس كل ما في الدستور يطبق على أرض الواقع، هناك سلطات اسمية، في إحدى الندوات التي جمعت الصحافة والقضاء تم تشبيه الوضع الراهن بوضع السلطة الفلسطينية هي سلطة بالاسم فقط، هل هي سلطة مستقلة؟

إذا كان مجلس القضاء الأعلى، أعلى سلطة قضائية في مصر غير مسموح له باختيار رئيسه، حيث يُرسل لرئيس الجمهورية 7 اسماء للاختيار منهم وأحيانا يختار من خارج الأسماء السبعة، وهو أمر مثير للدهشة والاستغراب.

كيف ترى موقف الدول الغربية الديمقراطية من تدهور وضع مصر على مؤشرات العدالة وسيادة القانون واستمرار التعامل مع السلطة دون قيد أو شرط بل ورفع العلاقة مع القاهرة إلى درجة شراكة؟
الغرب لا يعنيه سوى مصالحه أولا وأخيرا، واستقرار المنطقة خاصة في مصر من أجل حماية حدود الغرب من طوفان الهجرة غير الشرعية، والدول الغربية مطمئنة للاستقرار الأمني، ومع تغول السلطة التنفيذية لأنها تمثل إرادة الغرب.

مع تدهور وضع مصر في القضاء والعدالة تدهور وضعها اقتصاديا وسياسيا أيضا، هل هناك رابط مشترك بين حرية الرأي وتحقيق العدالة والنهوض الاقتصادي والازدهار السياسي؟
لا شك أن هناك عامل مشترك، لا نهوض بدون حرية، أي إنسان يريد أن ينهض ويتقدم لا بد أن يكون إنسان حر، والفرق بين الإنسان والدواب هو الحرية، فإذا ضاعت الحرية فلا حديث عن عدالة أو قضاء او اقتصاد أو سياسة، الإنسان لا يمكن أن يكون مبدعا إلا إذا كان حرا.

العدالة هي الضمانة الوحيدة للاستثمار المحلي والأجنبي وزيادة الاستثمارات وتأصيل ثقة مجتمع الأعمال في جدوى الاستثمار في مصر، بالعدالة تتحقق مطالب الناس في جودة التعليم وفي رفع كفاءة قطاع الصحة وهكذا.. الحرية هي أساس النهوض.

لماذا غاب القضاة عن التحرك في وجه السلطة التنفيذية كما كان الحال في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك من خلال تيار "استقلال القضاء"؟
سؤال جيد، غاب هذا الحراك للدفاع عن استقلال القضاة والقضاء بسبب غياب الجماهير التي كانت تتفاعل معه ومع مطالبه، هذا الجماهير الان مقيدة وغير قادرة على الحراك للتضامن مع أي مطالب مدنية تتعلق بالمجتمع المدني.


لا يمكن فضل حرية الشارع والجماهير عن استقلال القضاء، لا استقلاب للأخير بدون حرية الشارع.

متى تتحقق العدالة الناجزة والكاملة ويستقلّ القضاء بشكل كامل.. وهل الأمر مستحيل؟
الأمر ممكن وليس مستحيلا، ولكن لا توجد إرادة سياسية، لا توجد رغبة لدى السلطة في التحول إلى نظام ديمقراطي تعددي حقيقي، ومؤسسات مستقلة، لن يتحقق ما نريد إلا بنظام ديمقراطي يؤمن بالحرية والرأي والرأي الآخر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات المصري أحمد مكي العدالة والقضاء مصر أحمد مكي العدالة والقضاء المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة استقلال القضاء تدهور وضع لا توجد مصر فی فی مصر

إقرأ أيضاً:

تقرير جديد: أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مارست عشرات الانتهاكات بالضفة

سجلت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية عدد 207 انتهاكات على يد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وذلك خلال فبراير/شباط الماضي وحده، وتنوعت بين اعتقال واستدعاء ومداهمة، إضافة إلى ملاحقة عناصر المقاومة في إطار التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي.

ورصد التقرير الصادر عن فبراير/شباط عشرات حالات الملاحقات وقمع المظاهرات، وأكثر من 90 حالة اعتقال، و20 مداهمة للمنازل وأماكن العمل، بالإضافة إلى حالات إطلاق نار مع المقاومين ومحاكمات تعسفية واستدعاء.

وأشار إلى أن هذه الانتهاكات تأتي في إطار التنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة والاحتلال الإسرائيلي، وتركزت حملات الاعتقال في جنين وطوباس ونابلس، وشملت عشرات الأسرى المحررين والمعتقلين السياسيين السابقين وطلبة جامعات، بالإضافة إلى أكثر من 20 مطاردا من قبل جيش الاحتلال.

المصدر: لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية حملة على المخيمات

وتعد لجنة أهالي المعتقلين السياسيين نافذة للتواصل مع عائلات ذوي المعتقلين، وتوثق كل حالة اعتقال ميدانيًا أو ما يتم التبليغ عنه أو ما يتم رصده عبر وسائل الإعلام، وتصدر تقارير دورية تشمل التحديثات الأسبوعية والشهرية، كما أن اللجنة تتواصل مع محامين وحقوقيين لمواجهة هذه الانتهاكات والتصدي لها قانونيًا للضغط على أجهزة السلطة لوقف هذه الانتهاكات.

ويقول المتحدث باسم اللجنة "إن ما نحصيه لا يمثل كل الحالات، فهناك اعتقالات واستدعاءات لا نستطيع رصدها لعدة أسباب، منها خوف الأهالي من التبليغ نتيجة تهديدات أجهزة السلطة، أو لا تتعرف اللجنة على تفاصيل الانتهاكات إلا بعد أيام من حدوثها".

وأضاف -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن هذه الانتهاكات تأتي في سياق مرتبط بالعمليات التي شنتها أجهزة السلطة على مخيمات الضفة الغربية، وتحديدا في مدينة جنين ومخيمها، حيث شهدت المحافظة أعلى نسبة من الاعتقالات والانتهاكات، كما ترتبط هذه الحملات بمحاولة إخماد الأصوات المعارضة لسياسات السلطة وتنسيقها الأمني المتواصل مع الاحتلال من أجل استهداف المقاومين والمطاردين من قبل قوات الاحتلال.

إعلان

وبشأن التنسيق الأمني، أشار المتحدث باسم لجنة المعتقلين السياسيين إلى أن أجهزة السلطة تترصد بعض المقاومين الذين خرجوا من المخيمات خلال العمليات الحالية التي تشنها قوات الاحتلال و"هذا ما شاهدناه من خلال حملات الاعتقال التي أجرتها أجهزة السلطة وبثتها على مواقع التواصل المختلفة وهي تهين وتعتقل مطاردين للاحتلال".

موقف حماس

وتعليقا على التقرير الصادر من قبل لجنة أهالي المعتقلين السياسيين، قال المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حازم قاسم إن "تصاعد الاعتداءات من السلطة تزامن مع تصاعد العدوان الصهيوني على الضفة، وحتى أن النسبة الأكبر من اعتداءات السلطة تقع في الأماكن الأكثر عرضة لهجمات الاحتلال مثل جنين".

وعن موقف حماس من هذه الانتهاكات، قال قاسم في مقابلة مع الجزيرة نت "للأسف ما تمارسه الأجهزة الأمنية للسلطة ضد المقاومين يتقاطع تماما مع السلوك والأهداف الإسرائيلية، وهو أمر خارج عن الفهم الوطني والأخلاقي".

وأضاف المتحدث باسم حماس أنه على كل القوى الوطنية التحرك الجاد لوضع حد لهذا "التغول من الأجهزة الأمنية ضد أبناء شعبنا ومقاومته، ومنعها من زيادة الشرخ" في الحالة الفلسطينية.

رأي القانون

قد تصوغ السلطات الأمنية في السلطة الفلسطينية هذه الاعتقالات بحجج قانونية تستند إليها في ممارسة هذه الانتهاكات، وبالتالي لا تمثل -حسبها- خرقا للقانون العام الفلسطيني، ولكن القانونيين لهم رأي آخر.

فرئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي يقول إن "اعتقال المقاومين أو إطلاق الرصاص عليهم يعد تجاوزا لكل الأعراف والمواثيق الدولية، إضافة إلى مخالفة القانون الفلسطيني والأعراف الوطنية، ويؤسس لتغييب مبدأ سيادة القانون ويرسخ ثقافة الانقسام ويهتك النسيج الاجتماعي ويدفع إلى هز أركان السلم الأهلي".

وفي مقابلة مع الجزيرة نت، أضاف عبد العاطي أن المطلوب لمنع هذه الانتهاكات هو ضمان فتح تحقيق في كل هذه الانتهاكات، وإعلان نتائجها، بالإضافة إلى المحاسبة على هذه الانتهاكات الجسيمة أمام القضاء الفلسطيني، باعتبار أن هذه الانتهاكات وفقا للقانون الأساسي الفلسطيني لا تسقط بالتقادم وينبغي أن يتم إيقافها.

إعلان

أما أستاذ القانون الدولي بالجامعة العربية الأميركية رائد أبو بدوية فأشار إلى أن التقارير الصادرة عن المؤسسات الحقوقية تؤكد وجود حالات انتهاك بحق المقاومين، خاصة انتهاك حقوقهم في السلام الجسدي عبر ممارسة بعض أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي داخل مراكز الاعتقال في الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

واعتبر أبو بدوية هذه الانتهاكات نوعا آخر يتمثل في انتهاك حرمة الحق في الحرية، سواء عبر الاعتقال من دون أي مسوغ قانوني أو حتى الاستدعاء أو الاحتجاز لفترات مؤقتة، إضافة لحرمة اقتحام المساكن التي أوجب القانون الفلسطيني عدم مداهمتها إلا من خلال أمر قضائي بالتفتيش.

وأشار أستاذ القانون الدولي -في مقابلة مع الجزيرة نت- إلى أن ذلك يمثل انتهاكا واضحا للقانون الفلسطيني، وأن السلطة الفلسطينية تحاول أن تلبس هذه الممارسات شكلا من أشكال القانون عبر توجيه تهم مثل إثارة النعرات وحمل سلاح بلا ترخيص و"لكن من الواضح جدا أن هناك حالة من التغول والسيطرة من قبل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية".

‪احتجاجات سابقة ضد ممارسات الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية

يُذكر أن قوات الأمن التابعة للسلطة في رام الله شنت حملة سمتها "حماية وطن" في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بهدف نزع سلاح المقاومين الفلسطينيين في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، والذي يقع تحت سيطرتها ضمن المنطقة (أ) بموجب اتفاق أوسلو عام 1993.

كما شنت قوات الاحتلال عدة مداهمات واقتحامات لمخيمات الضفة، منذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي، أي بعد يومين فقط من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل حيز التنفيذ، وذلك بعد عدوان شنّه جيش الاحتلال استمر نحو 15 شهرا على القطاع الفلسطيني المحاصر.

مقالات مشابهة

  • وزير سلطة المياه الفلسطيني لـ«الاتحاد»: أزمة مياه غير مسبوقة في قطاع غزة
  • "الأعلى للقضاء" يرد على مزاعم مواطن
  • مرغم: وزارة الأوقاف ليس لها سلطة على المساجد.. وأموال الأوقاف يجب أن تكون مستقلة عن الدولة
  • القضاء الأمريكي يعلق خطة ترامب لترحيل المهاجرين
  • تقرير جديد: أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مارست عشرات الانتهاكات بالضفة
  • رغد صدام تنتقد مقتل صحفي عراقي وتدين غياب سلطة الدولة والفوضى في العراق
  • العدالة والتنمية يطالب بالتحقيق في مشاركة رجال السلطة في توزيع مساعدات "جود"
  • ترامب يهاجم الإعلام : فاسد وغير قانوني ويؤثر على القضاة
  • أمسية رمضانية للسلطة القضائية في تعز
  • السلطة القضائية تنبه القضاة: احترام آجال صدور الأحكام لا يتم على حساب المحاكمة العادلة