مدير مكتبة الإسكندرية ناعيًا صلاح السعدنى: أحد أعمدة الدراما التلفزيونية بعصرها الذهبي
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نعى الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، الفنان الكبير صلاح السعدني، الذي رحل اليوم عن عمر يناهز 81 عامًا، قائلا “يعد بحق أحد أعمدة وأركان الدراما التلفزيونية فى عصرها الذهبى”.
وأضاف زايد: “برحيل صلاح السعدنى، فقدت مصر قامة فنية عظيمة، وفنانًا أثرى الشاشة بأعمال ستظل محفورة في ذاكرة الفن المصرى والعربى”.
وتابع: إن ما عُرف عن الراحل أنه لم يكن مجرد فنان عادى، بل كان فوق ذلك مثقفًا، وهو ما انعكس على جودة ومستوى أعماله التى وجدت صداها لدى الجمهور، وسوف تبقى لصدقها خالدة فى ذاكرة الفن والإبداع.
وتقدم مدير مكتبة الإسكندرية بخالص العزاء لأسرة الفقيد، ولتلامذته فى مصر والعالم العربي، داعيًا الله أن يلهم أهله و ذويه الصبر والسلوان.
وولد صلاح السعدني فى 23 أكتوبر عام 1943 وحصل على شهادة بكالوريوس زراعة ويعد من أصول ريفية وبالتحديد من محافظة المنوفية وهو شقيق الكاتب الصحفى الساخر محمود السعدني.
دخل صلاح السعدني المجال الفني مع زميل الدراسة الفنان عادل إمام، ومثلا سوياً بمسرح الكلية، ثم عمل في العديد من الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية والمسرح، لكنه لم يلمع في السينما كما لمع في التليفزيون.
وتحدث صلاح السعدني عن بداياته بأحد البرامج، قائلا “كان مالى ومال التمثيل.. أنا كنت منذ طفولتي وأنا أعد نفسي لأصبح مهندسا زراعيا.. ومن أجل هذا الغرض التحقت بكلية الزراعة، ومضت الأمور على ما يرام إلى أن قادنى قدري والتقيت بالزميل عادل إمام وكان رئيس فريق التمثيل بالكلية، الذى استطاع أن يقلب حياته رأسا على عقب، فمن خلاله عرفت التمثيل، ومن هنا بدأت البحث عن إظهار الموهبة بداخلى”.
من أهم وأشهر أدوراه دور العمدة سليمان غانم في مسلسل ليالي الحلمية مع يحيى الفخراني وصفية العمري ومن مسلسلاته التى لا تنسى "ارابيسك والأصدقاء والإخوة أعداء والباطنية والزوجة أول من يعلم والضحية والقاصرات وجسر الخطر ومسلسل ملحمة الحب والرحيل ومسلسل ابنائي الأعزاء شكراً وبين القصرين وقصر الشوق ورجل في زمن العولمة - جزئين ومسلسل نقطة نظام وحارة الزعفراني وللثروة حسابات أخرى وعمارة يعقوبيان وعدى النهار وقطار منتصف الليل.
شارك السعدني فى العديد من المسرحيات منها الناصر صلاح الدين وثورة الموتى والملك هو الملك وباللو وزهرة الصبار اختاره المخرج يوسف شاهين في دور علواني بفيلم "الأرض "، قدم بعدها دور الجندي مسعد في فيلم "أغنية على الممر" عام 1973 تبعه أفلام الرصاصة لا تزال في جيبي، شقة في وسط البلد، ملف في الآداب، حكمتك يارب، طائر الليل الحزين، الشيطان يغنى، درب سعادة، كونشرتو، جبروت امرأة، زمن حاتم زهران، أولاد الأصول، اليوم السادس و " الأشقياء والوحش داخل الإنسان ومدرسة الحب وفيلم كراكيب وزوجة بلا رجل وشياطين الليل. وسوزي بائعة الحب وخلف أسوار الجامعة ولعنه الزمن وبرج المدابغ والفول والاعتراف الأخير والمراكبي وبدون زواج أفضل وهكذا الأيام واحترس نحن المجانين والحساب يا مدموزيل وقضية عم أحمد وفوزية البرجوازية وفتوة الناس الغلابة والحلال يكسب. وفيلم انهم يقتلون الشرفاء وانحراف.
كانت آخر الأعمال التي قدمها صلاح السعدني في رمضان 2013 مسلسل القاصرات، الذي جسد فيه شخصية الرجل القوي الذي يتزوج من الفتيات الصغيرة. وابتعد عن التمثيل والأضواء وفضل الجلوس في المنزل مع الأحفاد، ومشاهدة الأعمال الفنية الخاصة به، خاصة بعدما هاجمته أمراض الشيخوخة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: احمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية الفنان صلاح السعدني وفاة الفنان صلاح السعدني وفاة صلاح السعدني جنازة الفنان صلاح السعدني صلاح السعدنى مدير مكتبة الإسكندرية محمود السعدني صلاح السعدنی
إقرأ أيضاً:
حرف الراء بين الحب والكراهية
أعادني الكاتب سلطان ثاني في مراجعته التي نُشِرتْ في هذه الجريدة قبل عدة أيام لرواية «الحرب» لمحمد اليحيائي بعنوان «الراء المفقودة في الحرب» إلى تاريخ من الكتابات العربية عن هذا الحرف الهجائي بشكل عام، وعمّا يسببه وجوده في منتصف كلمة «حرب» أو فقدانه منها بشكل خاص.
بادئ ذي بدء سأقول إنه يثير تساؤلي دائما احتفاء الكُتّاب والأدباء بحرف معيّن من حروف الهجاء دون سواه، سواء في عناوين مؤلفاتهم أو حتى في مضامينها، وأتساءل: لماذا هذا الحرف بالذات؟ ما الذي فعله لهم أو بهم لينال هذه الحظوة؟ ثم أليست الكتابة لا تكتمل إلا بالحروف الثمانية والعشرين جميعها؟! نجد هذا مثلًا في ديوان «آية جيم» للشاعر المصري حسن طلب، الذي خصصه كاملًا للاحتفاء بحرف الجيم بعد تأنيثه: «الجيم تاج الأبجدية / وهي جوهرة الهجاء/ جُمانة اللهجات/ أو مرجانة الحاجات». ونجد هذا أيضًا في رواية «لغز القاف» للروائي البرازيلي ألبرتو موسى (ترجمة: وائل حسن) التي يستعرض فيها عوالم الأدب الجاهلي والأساطير العربية. هذه الرواية يقسّمها المؤلف إلى ثمانية وعشرين فصلا، عنوان كل منها على حرف من حروف الأبجدية العربية، ومع ذلك اختار أن يضع في العنوان حرف القاف، لماذا؟ يجيب أن القارئ سيكتشف بنفسه حقيقة لغز هذا الحرف عند الانتهاء من قراءة الرواية. أما الشاعر العُماني محمد عبد الكريم الشحي فهو لا يكتفي بحرف واحد في ديوانه «مقامات لام وضمة ميم»، وإنما يحتفي بحرفَيْ اللام والميم معًا. ورغم هذه الأمثلة على الاحتفاء بحروف مختلفة من اللغة العربية إلا أنه يبقى لحرف الراء حكاية أخرى.
كثيرة هي الأعمال الأدبية التي تضع حرف الراء في عناوينها، أذكر منها على سبيل المثال «ثلاثية راء» للقاص اليمني سمير عبدالفتاح التي يجمع فيها ثلاث مجموعات قصصية تبدأ كلها بهذا الحرف، هي «رنين المطر»، و«رجل القش»، و«راء البحر». وللراء لدى هذا الكاتب مكانة كبيرة لا يزاحمها أي حرف آخر، فهو يحضر في كثير من عناوين أعماله، ومنها عمله الأدبي «روايات لا تطير» الذي يبدأ به العنوان وينتهي كما نرى، ويصنفه سمير عبدالفتاح على الغلاف «مصغّرات» (أي روايات صغيرة)، ومن ضمنها مصغّرة عنوانها «رواية راء». وهناك أيضًا رواية «حرف الراء» للكاتبة المصرية عُلا صادق، وقصة «البنت التي أحبت حرف الراء» للشاعر والكاتب العراقي قاسم سعودي. وهذان العملان الأخيران سأرجع إليهما بعد قليل.
وبالعودة إلى مقال سلطان ثاني، فإنه يحدثنا عن حرف راء في رواية محمد اليحيائي، سقط فأصبحت الحرب حُبًّا، وهو يحيلنا بذلك على كرسي خشبي في تلك الرواية أراد البطل أن يحفر على أرضيته بسكين عبارة «الحرب خدعة»، لكن السكين أسقطت الراء، فجاءت العبارة هكذا: «الحب خدعة»! وهي في رأيي طريقة مبتكرة من المؤلف لقول عبارة الحب التي تتحول إلى حرب، إذا ما قارنّاها بالطريقة التقليدية في روايات أو قصص أو مقالات أخرى، والتي أصبحت أقرب إلى كليشيهات. على سبيل المثال كتب البابا تواضروس الثاني مقالًا أقرب إلى موعظة بعنوان «حرف الراء اللعين» يُمكن أن نلخّص فكرته بهذه العبارة: ((وهكذا اخترق حرف الراء تلك الكلمات الجميلة «حب» فقسمها وطرحها أرضًا، وتحولت إلى «حرب»)). وهذه شبيهة بعبارة وردت في قصة الفتيان «البنت التي تحبّ حرف الراء» لقاسم سعودي - التي وعدتُ بالرجوع إليها - حيث تبكي كلمة «حُبّ» حزينة، وتشتكي لصديقاتها: ((إني كنتُ سعيدة حتى هاجمني حرف الراء وتوسّطني. صرت كلمة «حرب»)).
أما رواية «حرف الراء» لعُلا صادق فنجد كليشيه راء الحب والحرب على لسان أكثر من شخصية فيها. يقول فارس: «فلم ندرك نحن في الصغر مقدار الفرق الذي قد يُحدِثه حرف الراء بتدخُّله في كلمة طاهرة، صافية، دافئة، وجميلة مثل كلمة حب»، وفي الرواية نفسها تخاطب فيروزة سينا بالقول: «أتمنى لكِ حبًّا لا ينزعه منكِ حرف الراء بتدخُّله السخيف»، ويبدو أن أمنية فيروزة لم تتحقق، فها هي سينا نفسها تقفل أحداث الرواية بدمدمتها المصدومة: «سُحقًا للحروب، سُحقًا للفراق، سُحقًا لحرف الراء الذي شوَّه كل ما يُحيطني من حبّ»!
هذه الكراهية المقيتة لحرف الراء نجدها في التراث العربي في سيرة إمام المعتزلة واصل بن عطاء، الذي كان يلثغ بهذا الحرف، ولذلك يحرص دائما أن يخلو كلامه منه، وله خطبة شهيرة تخلو -رغم طولها من حرف الراء، وقد وظفتها الروائية المصرية منصورة عز الدين في روايتها «بساتين البصرة». يقول ابن عطاء في هذه الخطبة: «الحمد لله القديم بلا غاية، الباقي بلا نهاية، الذي علا في دنوّه، ودنا في عُلوّه، فلا يحويه زمان، ولا يُحيط به مكان، ولا يؤوده حفظ ما خَلَق، ولم يخلقه على مثالٍ سبق، بل أنشأه ابتداعًا، وعدّله اصطناعًا، ...... إلى آخر الخطبة».
كان حرف الراء مكروهًا إذن من واصل بن عطاء، ومن البابا تواضروس، ومن شخصيات رواية «حرف الراء»، وربما من بطل رواية «الحرب». لكنّه لم يكن كذلك في قصة قاسم سعودي التي تخبرنا بأنه محبوب منذ العنوان: («البنت التي أحبّت حرف الراء»). والبنت المقصودة هنا «بدور» التي أحبته وآوتْه في حقيبتها، بعد أن سرد لها حكاية مغادرته قرية الكلمات ومنازل الحروف، احتجاجًا على أن «الكلمات تنظر إليه بازدراء، والحروف كذلك». غير أنه في نهاية القصة يفاجأ أنه ليست بدور فقط التي تحبه، وإنما كل الحروف الأبجدية التي جاءت تبحث عنه بعد أن افتقدتْه، فيعانقها سعيدًا لأنها «لم تتخلَّ عنه رغم كل شيء». وهكذا نحن أيضًا، لا يمكن أن نتخلى عن حرف الراء، مهما قيل عن إفساده الحب الصافي وتحويله إلى حرب ضروس. فلا تصحّ كتابة بدونه، ولا يستقيم لسان في غيابه، مع احترامي الشديد لمحاولات واصل ابن عطاء.
سليمان المعمري• كاتب وروائي عماني