بروكسل - "أ.ف.ب": أعاد قادة دول الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا اجتماع قمة في بروكسل أمس الخميس، إحياء مشروع صعب لتوحيد أسواقهم المالية، في إجراء مطلوب لمنافسة الولايات المتحدة والصين في مجال التقنيات الخضراء والرقمية.

وإن كانت السوق الموحدة التي نشأت قبل أكثر من ثلاثين عاما ساهمت في ظهور عمالقة أوروبيين في الكيمياء وصناعة الطائرات والسيارات، إلا أن قطاعات أساسية مثل المالية والاتصالات والطاقة والدفاع تعاني من التجزئة نتيجة تنظيمات وطنية متضاربة، ما يحدّ من القدرة التنافسيّة.

وأكد الرئيس الفرنسي إيمامويل ماكرون إجراء "نقاش طويل للغاية لأنّ المواقف في البداية كانت متباعدة"، متحدثًا عن تكامل أسواق رأس المال. واعتبر أن "اتحاد الادخار والاستثمار هو المفتاح للتمكن من تعبئة التمويل الخاص وفقاً لأولوياتنا. حدّدنا اليوم طريقة، مبادئ، جدولا زمنيا، وسنعود إلى المسألة في يونيو".

وتستخدم غالبية الدول الأوروبية عملة موحدة، إلا أن شركاتها الناشئة غير قادرة على جذب التمويلات الضخمة المتوفرة لمنافساتها الأمريكية. في المقابل، تستقطب المراكز المالية الأمريكية كذلك المدّخرات الأوروبية.

وقال رئيس الوزراء الإيطالي السابق إنريكو ليتا الذي وضع تقريرا حول مستقبل السوق الداخلية ليناقشه رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي: إنّ "أكثر من 300 مليار يورو تخرج من أوروبا سنويا للاستثمار في الولايات المتحدة لأن السوق الأوروبية مفككة ولا تتمتع بجاذبية كافية".

ويتحتّم على أوروبا توظيف أكثر من 620 مليار يورو من الاستثمارات الإضافية سنويا بحسب المفوضية الأوروبية، لمجرد تحقيق تحولها الرقمي والبيئيّ.

ويضاف إلى هذا المبلغ زيادة الإنفاق العسكري لدعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، ما يحتّم مجهودًا إضافيًا قدّره البنك المركزي الأوروبي بـ75 مليار يورو في السنة.

من جهته، رأى المستشار الألماني أولاف شولتس أنّ على "الشركات الأوروبية أن تتمكن من الاستفادة من وفورات الحجم التي توفرها سوق داخلية أوروبية على هذا القدر من الاتساع، في حال أردنا التقدم في مجال النمو والتنافسية، وتحقيق المشاريع الكبيرة للتحول الأخضر والرقمي".

ويُتوقع لاتحاد أسواق الرساميل أن يساعد القارة على تجاوز "الجدار" الاستثماري من خلال تعبئة الادخار الخاص لصالح الاقتصاد الفعلي. وتشير الأرقام إلى أن نحو ثلث المدخرات الأوروبية البالغة 35 ألف مليار يورو "تنام" في حسابات مصرفية، في مقابل أقل من 15 بالمائة في الولايات المتحدة.

وترفض الدول الصغيرة الخضوع لمراقبة مالية أوروبية ولا سيما من قبل فرنسا التي تستضيف في باريس الهيئة المالية للأسواق المالية. كما أنّ تنسيق الأنظمة الضريبية أو قانون الإفلاس بين مختلف الدول يطرح معضلة مستحيلة حتى الآن.

وقال رئيس وزراء لوكسمبورغ لوك فريدن: "علينا تفادي الإسراف في البيروقراطية والإسراف في وضع تنظيمات والإسراف في المركزية، كما توصي به بعض الدول".

ورأى الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي في كلمة ألقاها الثلاثاء الماضي في بلجيكا: إنّ "ما نحتاج إليه هو تغيير جذري"، مشيرا إلى "مناطق أخرى لم تعد تلتزم قواعد اللعبة". وقال: إنّ "منافسينا الرئيسيين يستغلون كونهم يملكون اقتصادًا بحجم قارة. لدينا ميزة الحجم ذاتها في أوروبا، لكنّ تجزئة السوق تكبحنا".

ومن المتوقع أن يسلّم رئيس الوزراء الإيطالي السابق المطروح لخلافة أورسولا فون دير لايين على رأس المفوضية الأوروبية، تقريرًا حول موضوع التنافسية خلال الصيف. وتعتزم الدول الـ27 تحديد التوجهات الاستراتيجية لولاية المفوضية المقبلة من خمس سنوات التي ستلي الانتخابات المقررة في يونيو القادم.

وقال رئيس الوزراء الإيطالي السابق إنريكو ليتا: "ليس لدينا وقت نهدره لأنّ الهوة تتزايد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة".

ويتراجع الاتحاد الأوروبي في السباق العالمي للابتكار في شتى المجالات، من البطاريات إلى الذكاء الاصطناعي مرورا بالألواح الشمسية والرقائق الإلكترونية. وتخسر الصناعة الأوروبية أسواقا على وقع ارتفاع أسعار الطاقة منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، وتعاني منافسة دول تستفيد من دعم حكومي مكثف وتنظيمات متساهلة.

ويسجّل الاتحاد الأوروبي ركودا منذ أكثر من عام ونصف عام وبلغت أعلى نسبة نمو خلال العام 2023 0,4 %، مقارنة بـ2,5 % في الولايات المتحدة و5,2 % في الصين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبی ملیار یورو أکثر من

إقرأ أيضاً:

مولدوفا تجري مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي

بدأت مولدوفا اليوم الثلاثاء رسميا مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فيما بثت الخدمة الصحفية لمجلس الاتحاد الأوروبي بداية اجتماع المؤتمر الحكومي الدولي في لوكسمبورغ .

إقرأ المزيد ما العوائق التي تعترض طريق مولدوفا وأوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي؟

جاء ذلك بعدما دشن الاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء بمحادثات عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي.

وتجدر الإشارة إلى أن المفاوضات الخاصة بانضمام أي بلد إلى الاتحاد الأوروبي ليست محدودة بفترة زمنية ولا تحدد أية مواعيد نهائية للانضمام.

حضر المؤتمر وزيرة الخارجية البلجيكية حاجة لحبيب والمفوض الأوروبي للتوسيع وسياسة الجوار أوليفر فارهيلي، ورئيسة وزراء مولدوفا دورين ريشان.

وقالت لحبيب في كلمتها الافتتاحية حول مولدوفا: "بدأنا رحلة طويلة، لكنكم لن تكونوا وحدكم، الاتحاد الأوروبي سيكون دائماً معكم".

وشددت على أن "الاهتمام الخاص سيكون بإصلاح القضاء، ومكافحة الفساد، بالإضافة إلى احترام حقوق الأقليات".

تنقسم المفاوضات حول انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي إلى 35 قسما أو فصلا، تغطي جميع مجالات الحياة في البلاد من الرعاية الصحية إلى السياسة الخارجية، ومن التعليم إلى الأسواق المالية.

ويجب أن تفي الدولة بجميع متطلبات الاتحاد الأوروبي لتكييف تشريعاتها بشكل كامل مع التشريعات الأوروبية.

وتعتبر تركيا صاحبة الرقم القياسي لأطول في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي التي ظلت تجري لمدة 19 عاما دون أي احتمال لاستكمالها.

وكان رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي مهدوا الطريق أمام مفاوضات الانضمام مع أوكرانيا ومولدافيا، منتصف ديسمبر 2023.

وترفض المجر بدء المفاوضات رسميا مع أوكرانيا، باعتبار أن الشروط لم يتم استيفاؤها.

من جهتها، اعتبرت المفوضية الأوروبية في السابع من يونيو الجاري أن أوكرانيا ومولدافيا استوفتا كل الشروط المسبقة لبدء المفاوضات الرسمية.

وكانت المفوضية الأوروبية طلبت من كييف اتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد ونفوذ الأوليغارشيا. وطلبت أيضا مراعاة الأقليات بشكل أفضل، وهو إجراء أصرت عليه بودابست بسبب وجود جالية مجرية في أوكرانيا.

ومنح الاتحاد الأوروبي أوكرانيا صفة المرشح للعضوية في يونيو 2022، في لفتة رمزية بعد أشهر من بدء العملية العسكرية الخاصة وكذلك مولدافيا.

ويشكل افتتاح المفاوضات خطوة في الطريق الطويل والشاق للانضمام.

المصدر: تاس 

مقالات مشابهة

  • العقوبات الأوروبية ضد روسيا تدخل في مأزق
  • الخارجية الروسية: حجب وسائل الإعلام الأوروبية هو رد فعل مماثل
  • مولدوفا تجري مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
  • سفارة روسيا بالقاهرة: العقوبات الأوروبية ضد موسكو تضر بالغرب
  • الانتخابات الأوروبية.. قراءة في النتائج والتداعيات
  • موسكو تدعو الولايات المتحدة والأوروبيين للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران
  • ما قصة إقرار الاتحاد الأوروبي استخدام أرباح أصول روسيا المجمدة لدعم أوكرانيا
  • الاتحاد الأوروبي يوافق على استخدام أموال روسية لدعم أوكرانيا
  • تعليق السفارة الروسية بالقاهرة حول العقوبات الأوروبية ضد روسيا
  • السفارة الروسية بالقاهرة عن العقوبات الأوروبية ضد روسيا: أمريكا هي المستفيد الرئيسي منها