نورهان أبو الفتوح: القمة الروسية الإفريقية الثانية تأتي لتؤكد عمق العلاقات بين موسكو وإفريقيا
تاريخ النشر: 30th, July 2023 GMT
قالت نورهان أبو الفتوح مساعد مدير مركز الحوار للدراسات السياسية وسكرتير تحرير التقرير الروسي السنوي، إن القمة الروسية الإفريقية الثانية تأتي لتؤكد عمق العلاقات الروسية الإفريقية.
وأضافت أن العلاقات الروسية الإفريقية تطورت في السنوات الأخيرة خاصة وأنها جاءت في توقيت يشهد فيه العالم تحولات عدة بداية من الأزمة الأوكرانية إلى الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها بعض الدول والقضايا المختلفة من تغيرات مناخية وغيرها.
وصرحت بأنه وعلى الرغم من ذلك لم تحلَّ هذه الأزمات دون امتداد علاقات الصداقة والتعاون بين روسيا ودول القارة الإفريقية بانعقاد القمة الثانية.
وأوضحت نورهان أبو الفتوح خلال تواجدها في موسكو لحضور أحد المنتديات على هامش القمة الروسية الإفريقية، أن دلالات متانة العلاقات الروسية الإفريقية تعددت فيما تجلى من اهتمام روسي بإقامة المنتديات الدولية على هامش القمة التي جاء منها مؤتمر جامعة الصداقة بين الشعوب (المسماه فيما بعد باتريس لومومبا) التي حضرته من خلال استقبال وفد مكون من أكثر من 14 إعلاميا وباحثا إفريقيا لمناقشة أهم موضوعات التعاون بين روسيا وإفريقيا في الفترة بين 24 يوليو إلى 26 يوليو 2023، حيث عقد المنتدى الإعلامي الروسي الإفريقي للممارسين الشباب في مجال الإعلام فضلا عن مشاركة مئات الإعلاميين من الدول الإفريقية لمتابعة وتغطية أعمال القمة.
وعن أبرز مخرجات القمة، أكدت أبو الفتوح أنه استكمالا لمسيرة التعاون بين الجانبين تناولت القمة عديد الملفات حيث قدمت اقتراحات ومبادرات عدة لتعزيز التعاون، تصدرها ملفات التعاون الاقتصادي في ضوء اقتصاد عالمي جديد والأمن الغذائي وهو الأمر الذي أثار مخاوف عديد الدول منذ انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب والتي كانت أحد أبرز القضايا المطروحة على الساحة في الآونة الأخيرة.
وفي هذا السياق أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا ستزيد من إمدادات الحبوب على أساس تجاري ومجاني، وهو ما يعد إجراء شديد الأهمية في ظل ارتفاع أسعار الحبوب إلى مستويات غير مسبوقة بسبب الانسحاب الروسي من اتفاقية الحبوب.
كما أكدت أبو الفتوح أن التعاون الاقتصادي يعد أحد أهم أولويات السياسة الروسية تجاه إفريقيا وهو ما أكدت عليه الدعوة إلى تشكيل عالم جديد متعدد الأقطاب، حيث لن يكون هناك هيمنة للدولار وصندوق النقد الدولي.
وذكرت أن موافقة الدول الإفريقية على هذه الرؤية يبشر بالاتجاه نحو نظام اقتصادي عالمي جديد وهو ما يزيد حظوظ نجاح المساعى الروسية لتقوية دور موسكو وحضورها على الساحة الإفريقية في ظل التجاذبات والاصطفافات الحادة دوليا على وقع أزمة أوكرانيا، ويدعمها في العلاقات الاستراتيجية والخلفيات التاريخية للدور الروسي الفاعل في القارة السمراء، والعلاقات المتينة والتقليدية التي كانت تربط الاتحاد السوفياتي السابق بالعديد من بلدان قارة إفريقيا.
وتتوقع سكرتير تحرير التقرير الروسي السنوي أن يشهد التعاون الاقتصادي بين روسيا والدول الإفريقية في الفترة القادمة تطورا هائلا خاصة في ظل تعددية المجالات المشتركة وهو ما ذكر خلال القمة من خلال التعاون التكنولجي، فضلا عن التعاون في مجال الطاقة النووية الذي شهد نموا ملحوظا في الآونة الأخيرة خاصة من خلال محطة الضبعة في مصر بمشاركة شركة "روس أتوم" بالإضافة إلى المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس ومصر.
وبينت نورهان أبو الفتوح أن القمة تناولت أيضا أحد أهم مجالات التعاون بين الجانبين وهي التعاون الإنساني والاجتماعي في مجالات التعليم والثقافة والرياضة وتمكين المرأة والشباب، حيث شهدت العلاقات الروسية الإفريقية عديد الاتفاقيات والزيارات المتبادلة من أجل تعزيز التعاون في مجال التعليم، إلا أنه لازالت القارة الإفريقية في حاجة إلى نقل التجارب الروسية في مجال التعليم العالي والتعليم المهني وتكنولوجيا التعليم للدول الإفريقية، فضلا عن أهمية التعاون بين الجامعات الروسية والإفريقية وزيادة عدد المنح الدراسية خاصة في ظل وجود عديد الجامعات الروسية الرائدة في التعامل مع الدول الإفريقية من خلال تخريج عديد الطلاب الذين وصلوا إلى مناصب كبرى في دولهم ويأتي على رأسهم جامعة الصداقة بين الشعوب التي شاركت بجناج معرض التعليم على هامش القمة وعديد الجامعات الروسية مثل كازان وبلخانوف وغيرها.
وفي الختام أكدت نورهان أبو الفتوح أن هذه القمة تعد قمة استثنائية حيث أنها الأولى من نوعها التي تجمع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقادة حوالي 49 دولة إفريقية في ظل ظروف عالمية متغيرة ودلالات متعددة تحتم عليهم اتخاذ المزيد من الخطوات الجادة لتعزيز العلاقات وهو ما ستشهده الأيام المقبلة خاصة في ظل التأكيد خلال القمة على انعقادها كل 3 سنوات، فضلا عن تبني حزمة من الوثائق المشتركة والتعاون على المدى البعيد، مع الالتزام ببلورة النظام الدولي متعدد القطبية، واعتماد خطة عمل مشتركة حتى عام 2026 بهدف زيادة التبادل التجاري وبنيته التحتية والانتقال للتسويات بالعملات المحلية ما يؤكد على الرؤية الموحدة والمتقاربة بين البلدين ما سيضمن تفعيل العلاقات ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات المبرمة.
وانعقدت القمة الروسية الإفريقية الثانية على مدار يومي 27 و28 من شهر يوليو الجاري بمدينة سان بطرسبرغ والمنتدى الاقتصادي والإنساني روسيا - إفريقيا يومي 27 و28 يوليو 2023 تحت شعار "مع السلام والأمن والتطور" بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات الإفريقية، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى رجال أعمال أفارقة وعلماء وشخصيات اجتماعية، وبحضور أكثر من 20 ألف مندوب عن أكثر من 180 دولة.
RT - القاهرة - ناصر حاتم
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أخبار مصر أخبار مصر اليوم إفريقيا الاقتصاد العالمي التعليم القاهرة تكنولوجيا فلاديمير بوتين قمة روسيا إفريقيا قمح موسكو العلاقات الروسیة الإفریقیة القمة الروسیة الإفریقیة الدول الإفریقیة التعاون بین فضلا عن فی مجال من خلال وهو ما
إقرأ أيضاً:
وقف الحرب الأوكرانية فرصة لإعادة ترتيب العلاقات الأمريكية الروسية
في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى وقف النار بين روسيا وأوكرانيا، بدأت موسكو وواشنطن مناقشات حول العلاقات الاقتصادية في المستقبل. ولطالما كانت العقوبات الاقتصادية من أقوى أدوات السياسة الخارجية الأمريكية طيلة عقود.
عقوبات اليوم هي أكثر دقة، وتستهدف أفراداً بعينهم ومؤسسات
وكتب أليكس ليتل في مجلة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية، أن القيود على الوصول إلى الشبكات المالية العالمية والتقنيات المتقدمة، والأسواق المربحة، أدت إلى عقوبات اقتصادية فعّالة على الدول المستهدفة. كما استخدمت هذه الإجراءات ضد شخصيات، ما أدى إلى تعطيل الأنشطة المهنية، بينما أضعفت العقوبات المفروضة على الشركات أو الحكومات، قدرتها التنافسية.
وعدلت الولايات المتحدة استخدامها للعقوبات مع مرور الزمن. وعقوبات اليوم هي أكثر دقة، وتستهدف أسماء بعينها ومؤسسات، بينما تقلل الضرر على اقتصادات أمريكا والحلفاء، بحيث تعزل العوامل السيئة، وتتجنب التسبب في أزمات انسانية غير مقصودة.
The U.S. placed 16,000 sanctions on Russia to isolate its economy.
It fueled war in Ukraine to isolate Russia politically and militarily.
Yet Putin is now more embraced than ever by the Global South.
The BRICS Summit is proof. Not even the Western media can deny it anymore. pic.twitter.com/hY8bfiEzUb
ومع ذلك، ورغم تعقيداتها، فإن العقوبات تخفق أحياناً في تحقيق غرضها الرئيسي، فرض تغييرات في السياسات الخارجية للدول المُستهدفة، والسبب واضح، فالسياسة الخارجية لا تعمل في فراغ، وهي تعكس أساساً الطموحات والإيديولوجيات والمصالح وديناميات السياسة الداخلية، لزعماء الدول. وتُفرض العقوبات عادة على دول مستبدة، يكون هدفها الأساسي الحفاظ على النظام السياسي. وعندما تستهدف أمة بالعقوبات، فإن الولايات المتحدة تضع نفسها عدواً وجودياً لتلك الأمة، ما يقوي هيكلية السلطة التي ترمي إلى إضعافها وإرغامها على الدخول في مواجهة.
سردية قويةوعندما تفرض واشنطن عقوبات، فإنها تسلّم هذه الأنظمة سردية قوية مفادها أن الدولة المُستهدفة، المُهددة من قوة أجنبية معادية، يجب أن تتكاتف حول قيادتها. في حالة روسيا، أتاحت العقوبات لنظام الرئيس فلاديمير بوتين التهرب من المسؤولية عن إخفاقاته السياسية والاقتصادية وسوء إدارته، بدل أن تكون شكلاً من أشكال الإكراه. وهذا لا يسهم إلا في تعزيز التماسك الداخلي، وإطالة أمد النظام، وتقليل احتمال أي إصلاح ذي معنى.
وإذا ثبّت أن العقوبات غير فعّالة في عكس مسار الحرب أو انضاج تغيير ديموقراطي، فما الذي يجب أن يكملها أو يحل محلها؟ إن الجواب معقد ويختلف باختلاف الطيف الجيوسياسي. وفي حالة روسيا، فإن العقوبات الغربية لم تغير سياستها الخارجية. وفي واقع الأمر، فإن الولايات المتحدة تتحول في مقاربتها لموسكو.
US expands sanctions against Russia
The new measures target companies in countries such as China in a bid to 'discourage' trade with Moscowhttps://t.co/04MCiKwNR3 pic.twitter.com/6XGWnf1xPG
إن روسيا المثالية، من منظور الولايات المتحدة، دولة مستقرة وديموقراطية وبناءة، تعيش في سلام مع جيرانها، وتحافظ على توازن القوى في أوراسيا، خاصةً مع الصين. وبصفتها "عامل توازن"، يمكن لروسيا نظرياً مواجهة طموحات الصين المتنامية، والمساعدة في معالجة التحديات الاقتصادية والديموغرافية التي تواجه أوروبا، وإعادة توجيه نفسها نحو التنمية الاقتصادية بدل الانخراط في المواجهة الجيوسياسية. لم تقترب عزلة روسيا الاقتصادية والمالية والسياسية من تحقيق هذه الأهداف، رغم أنها بعيدة المنال. بل عززت المصالح الراسخة والمجمع العسكري الصناعي، الذي يستفيد من الصراع الدائر.
المصالح الأمريكيةوبعد أن تنتهي الحرب في أوكرانيا، فإن رفع العقوبات وتعزيز التنمية الاقتصادية في روسيا، من شأنهما خدمة المصالح الأمريكية على نحوٍ أفضل، مع الإجراءات العقابية الحالية. وبطبيعة الحال، لن ترحب كل الأطراف الموجودة في روسيا بمثل هذا التحول. إذ أن العقوبات أفضت إلى بروز "اقتصاد ظل".
إن بعض المنتفعين مثل ميخائيل شيلكوف، الذي يملك غالبية الأسهم في شركة "فسمبو-أفيسما" الرائدة في إنتاج التيتانيوم، وطاهر غارييف، الذي يسهل صادرات النفط الروسي، انتفعا إلى حد كبير من اقتصاد الحرب، الذي فكك بفاعلية أي رمز للرأسمالية المنافسة.
إن احتمال وضع حد للحرب في أوكرانيا، يوفر فرصة جديدة لإعادة انتاج العلاقات الروسية الأمريكية. إن مساراً جديداً يمنح الأولوية للانخراط الاقتصادي على حساب سياسة الإكراه، من شأنه تمهيد الطريق لروسيا مستقرة وقادرة على التعاون مع الغرب.
إن مثل هذه السياسة لن تكون خالية من المخاطر، لأن التغيير لن يحصل فوراً. ورغم ذلك، فإن التاريخ أثبت أن الأمم القوية لا تتجاوب مع محاولات الإذلال، وأن الانخراط المستدام يبنى على الاحترام المتبادل بدل فرض الطاعة. ويبدو أن ترامب راغب في تعديل السياسة الأمريكية. ويمكن أن يجد أن الشراكة الاقتصادية مع موسكو، مفيدة للشركات الأمريكية، ولجعل أوروبا أكثر سلمية.