رام الله- دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى والاعتكاف فيه "لإفشال مخططات الاحتلال"، وذلك بعد دعوات أطلقتها جماعات استيطانية لتكثيف اقتحام المسجد خلال الأيام المقبلة، وفي عيد الفصح اليهودي وذبح قرابين فيه.

وطالبت "حماس"، في بيان لها، جماهير الشعب الفلسطيني في عموم الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل إلى "الحشد والنفير، وشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك والرباط والاعتكاف فيه من اليوم، بدءا من صلاة الجمعة، وحتى يوم الاثنين المقبل".

وتهدف الدعوة، وفق بيان الحركة، إلى حماية المسجد "دفاعا وذودا عنه، وإفشالا لمخططات العدو الصهيوني وقطعان مستوطنيه المتطرّفين، وما يسمَّى "جماعة الهيكل"، لتدنيس باحاته وإقامة طقوس ذبح القرابين داخله، يومَي الأحد والاثنين المقبلين".

تغيير الوضع القائم

تأتي هذه التطورات في وقت أُعلن فيه عن خطة لوزارة الأمن القومي الإسرائيلية ووزيرها إيتمار بن غفير لتغيير "الوضع القائم" في المسجد الأقصى خلال العام الجاري، بما يسمح لليهودي بحرية أداء طقوس دينية في المسجد، وتعزيز السيادة عليه، ووضع تدابير تكنولوجية وإلكترونية للشرطة فيه، بحسب ما أفادت القناة 11 الإسرائيلية الثلاثاء الماضي.

وفي القدس تستمر التحذيرات من خطط الجماعات الاستيطانية، واستغلال الاحتلال لانشغال العالم في العدوان على غزة، لتكثيف الاقتحامات وتنفيذ التهديدات بإقدام الجماعات الاستيطانية على ذبح قرابين داخل المسجد، وربما تقسيمه مكانيا وزمانيا، وإحداث المزيد من التغيير على "الوضع القائم".

وقال خطيب المسجد الأقصى، رئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري إن "الحفاظ على الوضع القائم في الأقصى أمر واجب على المسلمين، كما هو واجب على سلطة الاحتلال، لأنه بعد عام 1967 التزمت سلطات الاحتلال بالحفاظ على الوضع القائم، فلا يجوز تغييره".

وشدد عكرمة، في تصريحات للجزيرة نت، على أن "الصلاة في الأقصى للمسلمين وحدهم، وما يقال عن القرابين أمر يخص اليهود ولا علاقة لهم بالأقصى".

ويقصد بمصطلح "الوضع القائم" الوضع الذي كانت عليه المقدسات في القدس، بما في ذلك المسجد الأقصى في العهد العثماني، وامتد طوال فترة الانتداب البريطاني (1917-1948)، ثم الحكم الأردني (1948-1967) للقدس حتى احتلالها عام 1967.

استغلال حرب غزة

ويقول الناشط المقدسي فخري أبو ذياب إن "الأعياد اليهودية دائما تشكّل كابوسا على الأقصى والقدس"، مشيرا إلى أن جماعات الهيكل وغلاة المتطرفين اليهود والمستوطنين يوظفون أعياد الفصح التوراتية "لمزيد من ترسيخ الوجود اليهودي في المسجد الأقصى المبارك".

وأضاف أنه مع وجود وزير (بن غفير) مسؤول عن شرطة الاحتلال هو جزء من تلك المنظمات التي تنوي تغيير الوضع القائم في الأقصى، فإن هذا العام تحديدا ونتيجة الظروف في الإقليم، قد تستغل تلك الجماعات الوضع والحرب في غزة لافتعال المزيد من الاستفزازات والتعديات على الأقصى لتحقيق هذا الحلم، "وربما حلم الصهيونية العالمية بتقسيم المسجد زمانيا ومكانيا، أو اقتطاع جزء منه، أو تغيير الوضع القائم فيه".

ووصف أبو ذياب الوضع المقبل بأنه قاتم، خاصة أن هناك صمتا إزاء ما يدور "وأمِن الاحتلال وجماعات الهيكل العقوبة رغم أنهم يتعدّون على كل القوانين والمعاهدات الدولية"، ولم يستبعد الناشط المقدسي أن تكون تلك الجماعات قد أعدت العدة، "ربما لذبح قرابين في الأقصى خلال ما يسمى الأعياد اليهودية، وأن تستغلها لتغيير الوضع القائم".

وفي 23 أبريل/نيسان ينطلق عيد الفصح اليهودي ويستمر لمدة أسبوع، ويعد هذا العيد أحد أخطر مواسم الاقتحامات للمسجد الأقصى، وبدأت جماعات الهيكل بالتحضير له مبكرا.

وأدرجت وزارة الأمن -في خطة عملها السنوية 2024- هدفا يشكل سابقة مثيرة للجدل، وهو تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى وفي المدينة المقدسة المحتلة، وتعزيز سيادة الاحتلال في ساحات الحرم، عبر وضع تدابير تكنولوجية وإلكترونية للشرطة على ما أسمته الوزارة "جبل الهيكل" (المسجد الأقصى)، بحسب ما أفادت القناة 11 الإسرائيلية، الثلاثاء الماضي.

وبالعودة إلى إحصائيات دائرة الأوقاف الإسلامية، فإن 52 ألفا و853 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى خلال 2023، في أعلى رقم يسجل في تاريخ اقتحامات المستوطنين للمسجد، الذي بدأ عام 2003.

ومع تزايد الاقتحامات أصبح المستوطنون أكثر جرأة على أداء طقوسهم فيه، ومن بين الطقوس التي جرى رصدها في السنوات الأخيرة: صلاة الصباح، مباركة البلوغ، مباركة الزواج، السجود الملحمي، تلاوة أسفار من التوراة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات تغییر الوضع القائم الوضع القائم فی المسجد الأقصى فی المسجد فی الأقصى

إقرأ أيضاً:

طوفان تغيير المعادلات والموازين

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

تتداخل الأحداث في المنطقة، جريمة الإبادة مُستمرة في غزة، وبدأ "طوفان الأقصى" في استعادة مظهر عنصر استرجاع القضية الفلسطينية على خريطة الساحات الإقليمية والدولية، ليذكر العالم الغني بالأحداث، بأنَّ الشعب الفلسطيني ينشد حريته، والقضية في يده، ليس عند سواه، وطوفان مُقاومته يُؤسس لحركة تحرر تستبدل فصائل المقاومة المتعددة، والنتائج المترتبة تهيئ الظروف من الناحية السياسية، إلى جانب نمو قطب المُقاومة حول التحرر.

والأقصى بالنسبة للشعب الفلسطيني والشعوب الحرة، هو الخط الأحمر، ومدينة القدس هي مفتاح السلام والأمن الدوليين، لما كان من المستحيل أن يكون هناك مكان أكثر أهمية للعالمين الإسلامي والمسيحي من بيت المقدس... لا بد لنا أن نقف على مدلولات "عملية طوفان الأقصى" لربط مضمون العملية بالمشاعر، إن كانت سلبية أم إيجابية... لا بد أن حدثًا ما أو أشياء أدت إلى العمل العسكري المقاوم. المعاناة آلت إلى ما توصلت إليه وحدة المقاومة، تحولت إلى جيش تحرير شعبي، تجاوزت مفهوم فصائل منفردة. هناك نقطة أخرى لا بد من لفت النظر إليها، أن "العملية" قد نجحت في كسب معركة الوعي، عرفت بالقضية، المقاومة هي درجة طوفانها، باعتبار أن طوفان الأقصى عتبة التحرير.

وإذا نظرنا إلى "طوفان الأقصى" من الناحية العملياتية، نجده عبارة عن فعل عسكري مقاوم للاحتلال، مطالب بالتحرير... وهنا لا بُد لنا أن نقف أيضاً على مدلول العملية، لنلاحظ أن قادة المقاومة اختاروا لها اسمًا مرتبطًا مع مضمون المعاناة، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بدءا من الأمواج العاتية للمشاعر، التي هي عبارة عن نتيجة لما قبل عملية طوفان الأقصى. وهذا ما كشفته وتكشفه جريمة الإبادة الجارية في غزة؛ فالدلالة بارزة، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمكان الذي احتله الكيان الغاصب، وبمشاعر سابقة أدت إلى طوفانها.

لقد عانى الفلسطينيون معاناة في صميم حياتهم الدينية والدنيوية، آلت بهم هذه المعاناة إلى عملية عسكرية لم تكن نكرة، بل نتيجة لما أظهره الكيان الغاصب من عجرفة وتغول في العديد من الأمور، قتل وتهجير، وممارسة عنصرية، وتدنيس للمقدسات... من هنا تجدر الإشارة إلى أن قادة المقاومة قد أحسنوا الاختيار من حيث الشعور والحس، ومعنى "طوفان الأقصى"، كونه مجموعة أمواج عاتية من القهر والتنكيل، أدت إلى فوران كبير بحجم الشعور اتجاه القدس والأقصى.

وبعيدًا عن العاطفة أو التحامل... بعيدا عن هذا وغيره، قريبًا من القضية الفلسطينية وقدسيتها، بعقيدة المسلم والمسيحي... تضع الأحرار أمام مرايا إنسانية متعددة، ليرى العالم الصورة كما ينبغي، كما رآها قادة المقاومة... "طوفانا" إنسانيا بحد ذاته، وحركة تغييرية، تحمل معادلات وموازين توبيخ من لا قلب له ولا إحساس... طوفان برداء الدم الزكي الحر، يُواسي الإنسانية المعذبة، يصطحب الضمير الحر لنصرة المظلوم، بأمواج جبهات المقاومة التحررية، باتحاد يصطدم بصخور الظلم، بمعادلة جديدة تستنزف الداخل في الكيان المحتل... بهذا يضع العالم كله أمام موقف، ومشهد متجه نحو خارطة التغيير، يكسر المشروع الذي أريد للمنطقة... انفجر الطوفان، صب أمواج انفجاره في نهر "المعاناة"... كان اصطدامه مأساوياً، لكن ليس فيه تشاؤم في مجرى سفينة المقاومة... الاهتزاز طبيعي لأوضاع انفجاره، ليخرج منه الحزن وقهر الاحتلال...

إنَّ العمل المقاوم يرتبط بأحداث سابقة لجريمة الإبادة في غزة، كانت ترتطم أمواجها بصخور الضعف العربي، وشواطئ العالم المغلوب على أمره، ما إن علت أمواج الطوفان إلّا واشتعلت شرارة التغيير، انطلقت من جنوب لبنان، واليمن، والعراق، وإيران، وكأن قادة المقاومة أرادوا بهذا أن يحمل طوفانهم معادلات إقليمية بجبهات مقاومة متحدة، فيها دفع للأثمان والاستحقاقات، وتفاوضات حول البديل المتعذر والبديل غير المقبول..

في المجمل إن طوفان الأقصى أعلى من صرخات المظلومين وغيَّر المعادلات والموازين.

مقالات مشابهة

  • طوفان تغيير المعادلات والموازين
  • حماس تدعو لتدخل دولي وإسرائيل توسع السجون
  • فيديوغراف.. رزمة جديدة من الانتهاكات بالقدس خلال يونيو
  • 74 مستوطنًا و20 عنصرًا من مخابرات الاحتلال يقتحمون الأقصى
  • من معركة إلى قتال: تغيير في سياسة إسرائيل ضد غزة
  • حريق هائل بالقرب من المسجد الأقصى المبارك .. فيديو
  • مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
  • مستوطنون إسرائيليون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال
  • 85 مستوطنًا يقتحمون ساحات المسجد الأقصى
  • مُستوطنون إسرائيليون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال