أسعار الذهب تتخطى الأرقام القياسية، فهل يعد الذهب استثمارا بديلا مربحا؟
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
أثير – ريما الشيخ
يعتبر الذهب من أقدم وأثمن المعادن الثمينة التي استخدمها الإنسان عبر العصور، فقد كان للذهب دور هام في الاقتصاد والثقافة والتجارة. ومنذ فترة طويلة، شهد سوق الذهب تقلبات وتغيرات مستمرة في أسعاره، متأثرة بعوامل عدة منها العرض والطلب، الاستقرار الاقتصادي، والأحداث السياسية والجيوسياسية العالمية.
ويشهظ سوق الذهب تقلبات وتغيرات مستمرة في أسعاره، متأثرة بعوامل عدة منها العرض والطلب، الاستقرار الاقتصادي، والأحداث السياسية والجيوسياسية العالمية، وفي الآونة الأخيرة، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا، مما دفع العديد من المستثمرين إلى التفكير بالاستثمار في هذا المعدن الثمين، حيث ارتفعت الاسعار من مستوى 1,700 دولار للأونصة في بداية عام 2023 إلى مستوى 2,000 دولار للأونصة في نهايته، كما شهد العام الحالي 2024 ومنذ بدايته ارتفاعًا جنونيا حيث تخطى مستوى 2,400 دولار للأونصة.
”أثير” بدورها حاورت الدكتور يوسف بن خميس المبسلي، مساعد العميد للشؤون الأكاديمية في كلية الدراسات المصرفية والمالية، حول هذا الموضوع.
-لماذا يرتفع سعر الذهب فجأة الآن؟
لأنَّ الذهب شهد في الفترة الماضية عمليات شراء واسعة، حيث كانت البنوك المركزية، والبنوك الاستثمارية، وصناديق التقاعد، وصناديق الثروة السيادية من أبرز المشترين، كما قامت مؤسسات كبرى ومتداوِلين بعمليات مشابهة لشراء الذهب، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل: منها ارتفاع مستوى التضخم، وضعف النمو، والتوقعات الغامضة للاقتصاد العالمي واستمرار الصراعات والحروب في منطقة الشرق الأوسط، كما يشعر الكثير من المستثمرين بالقلق إزاء انخفاض العائدات من الأصول الأخرى، وانخفاض قيمة العملات التقليدية؛ مما يسبب ضغطا في الطلب على المعدن الثمين مما يرفع أسعاره، كما أوضح الخبراء والمحلِّلِين الاقتصاديين أن عمليات شراء الذهب تتم على الاغلب في أسواق العقود الآجلة الأكبر حجما أو في الأسواق خارج البورصة.
-ما القوى الدافعة وراء الارتفاع غير المتوقع للذهب؟
نشهد حاليا ومنذ بداية العام الحالي ارتفاعا صارخا لأسعار الذهب، وإن من أهم الدوافع سمعة الذهب كمخزن موثوق القيمة، وقدرته على العمل كملاذ آمن خلال الأوقات المضطربة، وقيمته في تنويع المحفظة الاستثمارية؛ ولذلك تهافتت عليه شهية العديد من البنوك المركزية على مستوى العالم فقامت بشراء الذهب لحيازته بمعدل قياسي مرتفع، وكانت البنوك المركزية تعيد توزيع احتياطياتها بعناية، مبتعدة عن الاعتماد القوي على الدولار الأمريكي، الذي شكل تاريخياً الجزء الأكبر من ممتلكاتها، مع تغير ديناميكيات القوة العالمية أصبحت هيمنة الولايات المتحدة أقل بكثير من قبل.
فعلى سبيل المثال احتفظ بنك الشعب الصيني، بلقب أكبر مشتري منفرد للذهب، إذ أعلن عن ارتفاع إجماليٍّ الذهب إلى 225 طناً ضمن احتياطاته خلال العام الماضي 2023، بالمقابل، يعد البنك الوطني البولندي ثاني أكبر مشترٍ في عام 2023، بعدد 130 طناً من الذهب. علاوة على ذلك، تعد المخاوف الجيوسياسية، والتوترات الحالية بمنطقة الشرق الأوسط دافعا كبيرا للمستثمرين إلى التحول نحو الاستثمار في الذهب نظرا لكونه من أصول الملاذات الآمنة كما أن انخفاض عوائد سندات الخزانة وانخفاض الدولار الأمريكي، المرتبط في كثير من الأحيان بتخفيض بنك الاحتياطي الفيدرالي لتكاليف الاقتراض، ساعد بشكل عام رواج سوق الذهب.
-كيف يتم تحديد سعر الذهب؟
إن الأحداث الاقتصادية والسياسية العالمية تؤثر على أسعار الذهب فالتوترات المختلفة تخلق أجواء ضبابية نحو الاستثمارات الأخرى، ويميل المستثمرون للجوء للذهب كملاذ آمن مما يرفع الطلب عليه، ونضيف هنا أنه حسب الاحصاءات يُقدر المخزون العالمي من الذهب بحوالي 230 ألف طن، فيما يقدر الانتاج العالمي من الذهب سنوياً بحوالي 3 آلاف طن، وبالتالي من يؤثر على سعر الذهب هو من يمتلكه وليس من ينتجه، وبطبيعة الحال تعتمد أسعار الذهب كثيراً على مستوى الإنتاج كما هو الحاصل في السلع الأخرى، بل يعتمد أكثر على تأثير مالكي الذهب في العالم، سواء تجاه المخاطر الجيوسياسية التي تحث على الاستحواذ على سلعة آمنة مثل الذهب، أو على الاتجاهات الأخرى مثل التحوط بالذهب بسبب التضخم الاقتصادي، كما أن عامل تأثير سعر صرف الدولار الأمريكي باعتباره أحد العوامل المهمة تؤثر على تقلبات أسعار الذهب، فعندما ينخفض الدولار الأمريكي يرتفع سعر الذهب لشدة الطلب علية من قبل المستثمرين خوفاً من خسارة أموالهم لقيمتها.
-هل هذا هو الوقت المناسب للاستثمار في الذهب؟
اكتسب الذهب ميزة منفردة كأصول آمنة تحافظ على قيمتها، وازدادت مكانته بشكل أكبر منذ عام 2020 خلال وباء كوفيد محققاً مكاسب تصل إلى 40٪، وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية حققت أسعار الذهب مكاسب ما يقرب من 20٪، وما يقرب من 55٪ على مدى السنوات الخمس الماضية، وبإجمالي ارتفاع يقدر بنسبة 400٪ على مدى السنوات العشرين الماضية، ويُمكن الاستثمار في المعدن الثمين من خلال شراء سبائك الذهب أو عقود الذهب الآجلة، كما يمكن للمستثمرين اختيار الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) التي تحتفظ بالذهب أو شراء أسهم الشركات العامة العاملة في مجال تعدين الذهب.
-ما توقعات أسعار الذهب خلال الفترة القادمة؟
من المتوقع أن نشهد تصاعد التوترات الجيوسياسية بالشرق الاوسط وكذلك توقعات تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي والتي ستؤدي إلى قوة مستمرة في الطلب على الذهب، ونشير هنا إلى أن التوقعات السابقة للمحليين الاقتصاديين بأن يصل سعر الذهب للربع الثاني من هذا العام عند مستويات 2,300 دولار للأونصة في حين ان سعر الذهب تخطى هذا المستوى خلال شهر ابريل وصولا إلى مستوى 2,400 دولار للأونصة، كما يتوقع رئيس استراتيجية السلع في “ساكسو بنك” احتمال ارتفاع الذهب إلى مستوى 2,500 دولار للأونصة خلال عام 2024 . بينما يتوقع معظم المحللين زيادة معتدلة في أسعار الذهب في عام 2025، وأن التوقعات الأكثر تفاؤلاً لسعر الذهب تشير إلى أن أسعار الذهب سوف تصل إلى مستوى 3,000 دولار للأونصة خلال الفترة القادمة.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: الدولار الأمریکی دولار للأونصة أسعار الذهب إلى مستوى سعر الذهب
إقرأ أيضاً:
«آي صاغة»: ضعف الطلب يدفع أسعار الذهب للاستقرار بالأسواق الدولية
استقرت أسعار الذهب بالأسواق المحلية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، في حين ارتفعت الأوقية ارتفاعًا طفيفًا، بالبورصة العالمية، وسط عمليات شراء ضعيفة، تزامنًا مع احتفالات أعياد الميلاد، وفقًا لتقرير منصة «آي صاغة».
قال المهندس، سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، إن أسعار الذهب بالأسواق المحلية شهدت حالة من الاستقرار خلال تعاملات اليوم، ومقارنة بختام تعاملات أمس، ليسجل سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى 3745 جنيهًا، في حين ارتفعت الأوقية بنحو 4 دولارات لتسجل 2615 دولارًا.
وأضاف، إمبابي، أن جرام الذهب عيار 24 سجل 4280 جنيهًا، وجرام الذهب عيار 18 سجل 3210 جنيهًا، فيمَا سجل جرام الذهب عيار 14 نحو 2497 جنيهًا، وسجل الجنيه الذهب نحو 29960 جنيهًا.
ووفقًا للتقرير اليومي لمنصة «آي صاغة»، فقد تراجعت أسعار الذهب بالأسواق المحلية، بنحو 25 جنيهًا خلال تعاملات أمس الإثنين، حيث افتتح سعر جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند مستوى 3770 جنيهًا، واختتم التعاملات عند مستوى 3745 جنيهًا، في حين تراجعت أسعار الذهب بالبورصة العالمية، بقيمة 11 دولارًا، حيث افتتحت الأوقية التعاملات عند مستوى 2622 دولارًا، واختتمت التعاملات عند مستوى 2611 دولارًا.
أشار، إمبابي، إلى تماسك أسعار الذهب، وسط عمليات شراء ضعيفة بالأسواق الدولية، تزامنًا مع احتفالات أعياد الميلاد، والإشارات السلبية من الفيدرالي الأمريكي حول السياسة النقدية.
وتراجعت أسعار الذهب بالبورصة العالمية، خلال الأيام الماضية، متأثرة بتلميحات جيروم باول رئيس الفيدرالي الأمريكي بإبطاء وتيرة خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل.
أضاف، إمبابي، أن استمرار المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا والتوترات في الشرق الأوسط، إلى جانب مخاوف الحرب التجارية، تمثل عامل دعم للذهب كملاذ آمن، وسط توقعات بتحول الفيدرالي الأمريكي في تطبيق سياسة نقدية متشددة خلال العام المقبل.
وأشار البنك المركزي الأمريكي الأسبوع الماضي إلى أنه سيبطئ وتيرة خفض أسعار الفائدة في عام 2025، وتظل التوقعات داعمة لارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية، والتي تساعد الدولار الأمريكي على الثبات بالقرب من أعلى مستوى له في عامين والحد من سعر الذهب.
وارتفع الذهب بنسبة 27% في 2024، وشهد خلالها فترات متباينة، بعد ارتفاع قوي بدأ في فبراير وانتهى في أكتوبر.
ولعبت البنوك المركزية دورًا رئيسيًا في ارتفاع الذهب في عام 2024، مع خفض أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم مما أدى إلى تعزيز الطلب، ومع ذلك، استمرت الضغوط التضخمية، مما دفع بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا إلى التلميح بالعودة للسياسة النقدية المتشددة، مع بقاء التضخم ثابتًا، وخاصة مع التركيز على نمو الأجور القوي، من المتوقع أن تظل السياسة النقدية مشددة في أوائل عام 2025.
لفت، إلى أن جاذبية الذهب تظل كمخزن للقيمة قوية وسط مخاوف التضخم والتوترات الجيوسياسية، سواء كان الأمر يتعلق بالصراع في الشرق الأوسط أو تحول سياسات التجارة العالمية، فإن هذه العوامل يمكن أن تعزز الطلب على الملاذ الآمن، إذ يمكن لهذه العوامل أن تعوض جزئيًا على الأقل ضعف الطلب الناشئ عن أسواق رئيسية مثل الصين أو الهند.
وقد تعود البنوك المركزية، التي أبطأت مشتريات الذهب في أواخر عام 2024، أيضًا كمشترين إذا تم تصحيح الأسعار بشكل كبير، مع استمرار الدول في تنويع استثماراتها في إطار سياسة التخلي عن الدولار.