أستاذ مناخ يفسر لـ«عاجل» أسباب الحالة المطرية المتطرفة بالإمارات
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
علق أستاذ المناخ في جامعة الملك سعود الدكتور علي الغامدي على الحالة المطرية التي شهدتها دولة الإمارات مؤخرا، قائلا، في حوار مع صحيفة «عاجل»، إنها تعود إلى تضافر عاملي الزمان والمكان اللذين ساهما في تطرفها.
وإلى نص الحوار:
كيف ساهم عاملا الزمان والمكان في الحالة المطرية الأخيرة بالإمارات؟
زمنياً، حدثت الحالة المطرية في موسم يشهد فيه الغلاف الجوي ارتفاعًا في درجات الحرارة لتأثير ظاهرة النينو أو الإنسو (El Niño/ENSO) ، مما اعطى الهواء قدرة على حمل كمية أكبر من بخار الماء.
يأتي ذلك، فيما يشهد بحر العرب ومعظم الخليج العربي حالة من الاحترار، الأمر الذي ساهم في زيادة كميات بخار الماء في الأجواء. في التوقيت نفسه كان هناك ازدياد في سرعات الرياح القادمة من الربع الخالي، مما سمح في نقل كميات عالية من ذرات الغبار إلى مسار العاصفة، وأدى إلى نشاط عمليات تكاثف بخار الماء وتكون السحب.
مكانيا؟
هذ الوضع الجوي توافق مع الطبيعية الجغرافية لموقع منطقة الحدث والتي تقع (1) بين مسطحين مائيين دافئين و(2) بين نظامين جويين أحدمها كمنخفض جوي على الخليج العربي يجمع كميات ضخمة من بخار الماء ويتحرك شرقاً وآخر كمرتفع جوي على بحر العرب يدفع بكميات ضخمة من الرطوبة نحو المنطقة.
هذا الدفع الرطوبي قابله مستويات عالية من ذرات الغبار التي ساهمت في نشاط عمليات التكاثف العلوي، ومن ثم تحول هذه المحتوى الرطوبي إلى مجموعة من السحب الرعدية التي شكلت مجتمعة عاصفة مطرية ضخمة متطرفة.
هل كان هناك دور للاستمطار الاصطناعي في تلك الحالة المتطرفة؟
يدخل الاستمطار الاصطناعي ضمن مفهوم عام يسمى بـ "تعديل الطقس" (weather modification) والذي يعرف بأنه تدخل بشري يتم بقصد إحداث تغييرات مصطنعة في تكوين الغلاف الجوي أو سلوكه أو ديناميكيته للحصول على منفعة ما كزيادة كميات الأمطار أو لتخفيف حدة تساقط البَرَد.
لهذا التدخل البشري عدة صور منها ما يعرف بـ "البذر السحابي" (cloud seeding) وهو ما يتم لزيادة فرص الأمطار "الاستمطار الاصطناعي" (artificial rain) عبر النشر الجوي أو الأرضي لجسيمات دقيقة في السحب الموجودة، ابتداءً عندما تكون ظروف الرطوبة والعوالق الجوية (كالغبار) غير كافية لتساقط الأمطار.
ورغم أن دولة الإمارات تمتلك برنامجا ضخما لبحوث علوم الاستمطار، لكن التصريحات الصادرة تفيد بعدم إجراء أي عملية بذر سحابي في يوم العاصفة، ما يتفق مع جميع التوقعات الجوية منذ نهاية الأسبوع الماضي التي كانت تشير الى حدوث عاصفة مطرية شديدة، نظراً للوضع الجوي الذي ذكرنا سابقاً.
لماذا من المستحيل إجراء عملية استمطار في ذلك التوقيت؟
بالنظر الى التوقعات الجوية المسبقة بهطول أمطار غزيرة وإلى آلية عمل الاستمطار؛ فمن غير المنطقي من الناحية الفنية أن يتم إجراء عمليات بذر سحابي، لأن جميع الظروف مهيئة لحالة متطرفة.
كما أنه من المعلوم أن عمليات تعديل الطقس هي عمليات تتم بحذر شديد، فقد ينطوي عليها أخطار طبيعية (انهيارات أرضية، وبشرية ووفيات...) إضافة إلى مخاطر اقتصادية (خسائر المحاصيل الزراعية والممتلكات وتعطل الأعمال).
إن عملية البذر بالطائرات محفوفة بطبيعتها بمخاطر طيران، خاصةً عند التعامل مع ظروف جوية متطرفة. حتى وإن افترضنا حدوث عملية استمطار، فالمساهمة قد تتراوح ما بين 10 إلى 25% في أفضل أحوال النجاح.
هل الحالة المطرية المتطرفة التي ضربت الإمارات جديدة على المنطقة؟
هذه الحالة الجوية ليست ظاهرة جديدة على المنطقة استناداً إلى السجلات المناخية، فهذه الحالة تتكرر من فترة إلى أخرى خلال شهري مارس وإبريل؛ فمثلاً في شهر إبريل من عام 2019 أدت حالة جوية مشابهة إلى كميات أمطار بلغت (247 ملم) في وادي شحة في رأس الخيمة. كذلك في شهر مارس من عام 2016 تجاوزت كميات الأمطار (240 ملم) في دبي مع سرعات رياح عالية.
ومن المنظور المناخي، فإن كمية الأمطار المسجلة في خطم الشكلة (254.8 ملم) تعتبر كمية تاريخية، لكن السبق في حالة هذا العام يلاحظ في مساحة الانتشار مع تركز الأمطار الغزيرة على المناطق السكنية في ساعات قصيرة.
ما أسباب زيادة الحوادث المناخية المتطرفة في الآونة الأخيرة؟
خلال السنوات الأخيرة تشير الدراسات إلى ازدياد في حدوث مثل هذه الظواهر مع ازدياد واضح في شدتها المطرية (زيادة كمية الهاطل المطري) نظراً لعدد من العوامل؛ أهمها الاحترار العالمي.
إن ارتفاع درجات الحرارة الذي نلاحظه اليوم يساهم في رفع كميات التبخر من المسطحات المائية وكذلك يجعل الغلاف الجوي أكثر قدرة على حمل كميات عالية جداً من بخار الماء مما يجعل العواصف المطرية أكثر غزارةً وحدة.
وفي الواقع، فإن معظم دول المنطقة تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة يفوق ضعف متوسط الاحترار العالمي وفي اتجاه موازٍ تشهد كذلك المسطحات المائية المجاورة كبحر العرب ارتفاعا حراريا، ما يفسر ما نشهده من ارتفاع الحالات المطرية الغزيرة المتطرفة.
هل من سبل لتحييد أو لتقليل آثار الظواهر المناخية المتطرفة؟
في ظل مناخ أكثر احترارًا، يمكن أن تصبح هذه الأحداث المطرية الغزيرة أشد تطرفاً وبتبعات أكثر ضرراً مما يحتم المزيد من الجهود في مجال تخفيف التبعات، وتعزيز قدرات الصمود عبر منهجيات التأقلم والصمود المناخي كبرامج المراقبة الجوية المعززة بالذكاء الاصطناعي، والتحذير المبكر محلي النطاق، وخطط الطوارئ والتلافي الطبيعية والبشرية، وتحسين البنى التحتية، وتكييف الأعمال، والتوعية.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: أهم الآخبار أمطار الإمارات الحالة المطریة بخار الماء
إقرأ أيضاً:
مركز أبوظبي للغة العربية يطرح باقة فعاليات مجتمعية خلال شهر القراءة الوطني بالإمارات
يطرح مركز أبوظبي للغة العربية خلال شهر القراءة الوطني، الذي يقام تحت شعار "الإمارات تقرأ"، برنامجاً ثقافيّاً يستهدف أفراد المجتمع كافة، انسجاماً مع إعلان دولة الإمارات للعام 2025 "عام المجتمع".
ويهدف البرنامج، الذي تتوزّع فعالياته على مختلف مدن أبوظبي بما فيها منطقة العين، إلى تعزيز مكانة اللغة العربية، وإثراء ثقافة أبناء المجتمع عبر تكريس حب القراءة لديهم، وتأكيد دور الكتاب في بناء الإنسان والارتقاء بوعيه وثقافته لخدمة مجتمعه.
ويستضيف البرنامج كوكبة من الأدباء والمبدعين والمفكرين لعرض تجاربهم الإبداعية الملهمة، إلى جانب إطلاق ورشات عمل في مجالات مختلفة، وأنشطة قرائية خاصة بنادي "كلمة"، يناقش خلالها كتباً مهمة مثل: "تنوير الماء" للكاتبة الإماراتية لولوة أحمد المنصوري، و"فلسفة المأساة في أدب دوستويفسكي ونيتشه".
وقال سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية: "أطلق المركز خلال الفترة الماضية حملته المجتمعية لدعم القراءة المستدامة للنصف الأول من العام 2025، ويحظى شهر القراءة خلال هذه المبادرة بنصيب وافر من الفعاليات الرامية إلى تدعيم علاقة جميع أفراد المجتمع بالكتاب، وباللغة العربية، وتعزيز حضورها، بوصفها ركيزة أساسية من ركائز التنمية المستدامة".
وأضاف : "يوفّر البرنامج فعاليات متنوعة تخاطب شرائح المجتمع كافة، وتلبي احتياجاتهم المعرفية، من خلال عقد سلسلة ورشات عمل، ومحاضرات، وندوات، وأنشطة كتابة إبداعية، وجلسات قرائية، ومناقشة أفكار ومضامين الكتب، إلى جانب زيارة مكتبات وأماكن تاريخية وتراثية، يستضيفها قصر الحصن، وبيت محمد بن خليفة- العين، ومؤسسة التنمية الأسرية، ومكتبة الطفل، وبيت العائلة الإبراهيمية، وجامعة الإمارات- العين".
وأكد الطنيجي أن مركز أبوظبي للغة العربية معني بالإسهام في ترسيخ مكانة اللغة العربية في المجتمع، وتعزيز القراءة لتكون ضمن النسيج الثقافي لجميع أفراده، مع التركيز على الأجيال الشابة. وأوضح: "ولكي يتحقق هذا الهدف، حرصنا على التواصل مع الشباب بلغة عصرهم التكنولوجية، والاستفادة من معطيات الذكاء الاصطناعي، وكذلك اهتممنا بالتعاون مع الجهات والمؤسسات قريبة الصلة بالشباب كالمدارس والجامعات والأندية وغيرها، من خلال مبادرات نوعية مبتكرة وبرامج تتميز بالجدة، والاستدامة، والارتباط بقيم المجتمع".
ويتزامن شهر القراءة الوطني مع مناسبات عالمية محلية أفرد لها برنامج المركز فعاليات تواكبها وتتماشى في الوقت ذاته مع خصوصية شهر القراءة وعام المجتمع؛ فبالتوافق مع يوم المرأة الدولي الذي يصادف 8 مارس من كل عام، ينظّم المركز بالتعاون مع مؤسسة التنمية الأسرية، ورشة القراءة والتفكير الناقد حول "المرأة العربية في النصوص الأدبية: رموز القوة والإلهام"، وبمناسبة يوم الطفل الإماراتي يقدم فعالية بعنوان "الطفل ثنائي اللغة"، فيما يقدّم احتفاءً باليوم العالمي للشعر فعاليتين عن "روحانيات رمضانية في الشعر العربي"، وأخرى عن "الشعر مع عبق الفصحى ودفئ النبطي". إلى جانب فعالية تُعنى بالتراث الإماراتي الأصيل، بعنوان "تاريخ القهوة عالمياً ودورها في التراث الإماراتي".