وداعًا العُمْدَة سليمان غانم وداعًا حسن أرابيسك.. ورَحلَ صلاح السعدني "يروفايل"
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
حالة فنية نادرة، يراه النقاد أنَّه ليس فقط فنانًأ كبيرًا، بل يعدُّ أهم عناوين الدراما التلفزيونية المهمة في العالم العربي كله، فنجوميته التليفزيونية، منذ الثمانينات، كانت نتاج ارتبطه بالدراما، حيث بدأ في ستينات القرن الماضي، الذي كان نجوم الشااشة الصغيرة لهم وزن وقيمة غير عادية. قهذا أيضًا ما جعله علامة لا تفارق نفوس جماهيره ومحبيه، لا سيما ووقد كان واحدًا من روَّاد شاشة الأسرة المصرية، التي كانت لا تخشى على مشاركة أطفالها أو تعرُّضهم لها يومًا ما، هذا هو الرَّاحل صباح اليوم الجمعة 19 إبريل 2024، عن دنيانا الفنًّان الكبير "صلاح السعدني".
من ينسى عام 1987، الذي أدَّى فيه "السعدني" دور العمدة سليمان غانم، خلال مسلسل "ليالي الحلمية"، تلك الشخصية التي صوَّرت عمدة قرية ميت أبو غانم الذي توجّه للقاهرة للأخذ بثأر والده من عائلة البدري ثم استقر وتزوج نازك لفترة ثم عاش في القاهرة ودخل عالم الأعمال مع مرحلة الانفتاح الاقتصادي. نازك هانم السلحدار: الهانم زوجة سليم البدري الأولى "يحيى الفخراني"؛ لتدور حالة من الصراع الدرامي الممتزج ببعض الكوميدي بين البطلين في إطار لا تنضب العداوة فيه. ثم من ينسى حسن أرابيسك، بطل مسلسل "أرابيسك"، حيث تمّ بثه لأول مرَّة في 11 فبراير 1994، والذي أمتع مشاهديه بشخصية غير الأول التي تحدَّثنا عنها، فكانت لشخصية فنان الأرابيسك المصري الذي تعرض لبعض الأحداث جعلته يضل عن طريقه، فأهمل عمله وورشته إلَّا أنه ذات الوقت لم يزل محافظًا على فنِّه الذي ورث مهارته من أجداده؛ ليخرج من متاهته إلى صلاح حاله.
حسن أرابيسك "هتوحشنا يا خال"كان الفنَّأن أحمد السقَّا كتب عبارة "هتوحشنا يا خال"، نعيًا لرحيل الفنان صلاح السعدني، الذي امتلأ تراثه الفنِّيِّ بعدد غزير شمل أعمالًا فنية درامية وسنيمائية، والَّتي كانت آخرها "القاصرات" عام 2013، والتي أدَّى فيها شخصية "عبد القوي الأدهم النجعاوي"، الرجل الرِّيفي كبير البلد الذي جاوز الستين من العمر، ولكنَّه هام بزواج القاصرات من البنات تحت السن القانونية للزواج، مستغلَّانفوذه وثروته وشدة حاجة أهاليهِنْ الماديَّة، مستجيبًا لميلوله غير المتزنة نحو هذه السن الصغيرة؛ ليطلقهُن بعد فترة، مستبدلًا الواحدة تلو الأخرى، ليسطر الفنَّان صلاح السعدني ختام مشواره السنيمائي، قببل اعتزاله الفنَّ لفترة تخطت 10 أعوام كاملة.
العمدة بيصبَّح.. آخر ظهور للسعدنيالعمدة بيصبَّحطوال العشرة أعوام، احتفظ صلاح السعدني بهدوءه، وظلَّ في حالة من اعتكاف، بعيدًا عن الكاميرات والعدسات الجماهيرية، حتَّى قام نجله الفنان أحمد السعدني، منذ فترة، بنشر صورة تجمعه مع والده، وعلق عليها: "العمدة بيصبح". لم يكن هذا الاعتكاف بمنأي عن مشوار "السعدني" طوال حياته الفنّية، فحسبما قال الناقد الفني طارق الشناوي - في تصريحات صحفية - إنَّ صلاح له مواقف على المستوى السياسي فهو دائما مع الحق والعدالة ودفع ثمن ذلك لأنه كان رأيه معاكس لرأي الدولة وذلك بأيام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، كذلك الرئيس السادات الذي غضب من أخيه الكبير محمود السعدني؛ لتأتي التعليمات بعدها بإبعاد صلاح السعدني من أي عمل درامي.
الناقد طارق الشناوي رصيد متنوع وأداء متمايزرصيد الراحل دراميًا، لم يكن مجرَّد عددًا يتم ضمه في دفاتر الذكريات، بل كانت علامات فارقة، على مرِّ تاريخه التليفزيوني شملت: أهل الدنيا، أوراق مصرية، الأصدقاء، الإخوة أعداء، الباطنية، الزوجة أول من يعلم، الضحية، القاصرات، الناس في كفر عسكر، النوة، بين القصرين، حارة الزعفراني، حلم الجنوبي، رجل في زمن العولمة، للثروة حسابات أخرى، وغيرها الكثير، والتي كانت بصمات مختلفة وأداءات متمايزة، وحالات منفردة بشخصية لا تتكرر.
صلاح السعدني خلال فيلم أغنية على الممرأمَّا في السنيما، فعلى نهج "لنا في الجبال علامات" شارك السعدني في عدة أفلام من الوزن الثقيل والعيار الممتاز، لا سيما الأرض، الرصاصة لا تزال في جيبي، أغنية على الممر، الأشقياء، المراكبي، اليوم السادس، وغيرها الأعمال الفنية الثرية، مع عمالقة السنيما من المخرجين والأبطال.
هكذا رصيد ممتلئ، وعلامات وبصمات متنوعة، وأداءات متمايزة وباقية في دفتر الذكريات، وجسدٌ راحل في وسيع رحمة الله، ورحل صلاح السعدني.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: صلاح السعدني الفنان صلاح السعدني رحيل صلاح السعدني وفاة صلاح السعدني وفاة الفنان صلاح السعدني السعدني صلاح أحمد السقا طارق الشناوي محمود السعدني
إقرأ أيضاً:
«الويلية» الإماراتي.. فن الشجن والعاطفة
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةصدر عن مركز أبوظبي للغة العربية كتاب «فن الويلية- الدان: جمالياته، أشعاره، أداؤه»، للدكتور حمد بن صراي، الذي يرى أنه «لم يعد الاهتمام بتراث الإمارات بسبب كونه جزءاً من الهوية الوطنية فحسب، بل على اعتباره عامل وحدة بين أفراد المجتمع الواحد، وامتداد السلف في الخلف».
وبهذه الكلمات بدأ المؤلف كتابه عن فن من الفنون الشعبية الإماراتية وهو فن الويلية الدان، مؤكداً أهمية التراث والدور الاجتماعي له، وضرورة الحفاظ على تراث الأجداد والآباء التي لا تزال آثاره باقية أمام الأعين، وضرورة توثيق التراث قبل أن يتلاشى.
وحدد المؤلف أهداف مشروعه في توثيق فن الويلية أو الدان ومنها: توثيق جهود الآباء وحفظها في ميدان الفنون الشعبية، والتعرف على أداء فن الويلية، والتعرف على الطرايق والأشعار الخاصة بهذا الفن، وتوثيق السنع والمذهب والأصول التي يقوم عليه فن الويلية، وتوثيق أسماء الأبوة الذين ارتبطوا بفن الويلية، والتوثيق الميداني لفن الويلية من خلال اللقاءات والمقابلات مع المؤدين الكبار.
والدان كلمة عامة شائعة من الدندنة بكل ما فيها من شجن، وهي من ألفاظ الترنم تستخدم في ضبط النغم قبل بدء أداء الشلة، وهي كأنها مناداة باللحن، ودخول إلى أداء الفن. أما الويلية: فهي الفن الأصلي، وهو المعتمد، ويعتقد البعض أن اللفظ جاء من الويل والحزن، وقد تختلف التسميات باختلاف المواقع الجغرافية التي يعرف فيها هذا النمط. ويمارس فن الويلية (الدان) منذ القدم وربما سبق غيره من الفنون الشعبية، وله شعبية كبيرة، ويغلب على أشعاره الشجن والعاطفة والوجد، وهي عميقة وتلامس القلب.
ويعتبر فن الويلية فناً برياً لا بحرياً، وهو من الرقصات الاحتفالية التي لعبت أدواراً جلية في الأعراس والمناسبات وغيرها. ويعتبر الفنان محمد الهفيت أو (العور) أبو الدان الأكبر. وقد ورث الفن من آبائه الأولين، وكان الكل يصغى إليه، وينجذب لصوته، حتى يقال إن الطير يقف يستمع لهذا اللحن الشجي، وهناك الفنان حسن بن محمد الوصلة بإمارة رأس الخيمة. كما كان لفن الويلية (الدان) حضور قوي في إمارة أبوظبي مع اختلافات في طريقة الأداء، والدق، واللحن.
وعن حالة فن الويلية في العصر الراهن، يذكر المؤلف أن فن الويلية يكاد يتلاشى بسبب قلة مؤديه، ويكاد يندثر لقلة التسجيل والتوثيق. ثم عرض المؤلف للمقابلات التفصيلية مع رواد فن الويلية بشكل مفصل، وعرض لحكاياتهم وذكرياتهم مع هذا الفن، وأصوله وطرق الأداء المتنوعة في كل المناطق، ودور كل فرد في الفرقة أثناء الأداء، وقوانين الويلية.
ويعد هذا الكتاب مرجعاً قيماً وشاملاً لفن الويلية (الدان)، وهو فن شعبي كان معروفاً في الإمارات منذ زمن بعيد، وهذا الكتاب يستعرض تاريخ هذا الفن وطريقة الأداء وأشهر الشعراء والفرق. كما يعد رسالة ودعوة للاهتمام بهذا الفن وتوثيقه وحفظه ودعم القائمين عليه، وتقديمه للأجيال القادمة كمعبر عن الهوية الإماراتية، لما فيه من قيم وأخلاقيات تعبر عن المجتمع الإماراتي وحضارته.