بخلاف نظام الدنيا.. خطيب المسجد النبوي يكشف معيار تفاضل البشر أمام الله
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ الدكتور خالد بن سليمان المهنا، المسلمين بتقوى الله تعالى قال جل من قائل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).
وقال خطيب المسجد النبوي، في خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي، إن الله تعالى كرَّم الإنسان حين خلقه في أحسن تقويم وصوره فأحسن صورته، فهو أعدل المخلوقات قامة، مزيناً بالعقل، مهدياً بالتمييز، وذلك لما أراد سبحانه له من التكليف والاستخلاف في الأرض، ولحكم عظيمة لا يعلمها إلا هو، والبشر متفاضلون فيما بينهم بحسب ذلك، ولكنهم عند ربهم لا يتفاضلون بتلك الظواهر، فإنها لا تنفع عنده سبحانه، ولا يعبأ بها جل شأنه، وإنما التفاضل لديه جل جلاله بحسب صلاح بضعةٍ باطنة لا يراها العباد بأبصارهم، لكنها محل نظر الله تعالى إلى عبده قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم».
وأوضح أن العبد إنما يقطع منازل السير إلى الله بقلبه لا ببدنه، وذلك أن أصول العبادات الموصلة إلى الله تعالى محلها القلب، وهو مبعثها، كمحبة الله ورسوله، ورجاء الله وخوفه، وتعظيمه والتوكل عليه، والإخلاص له وأعظم غناءً وأكبر عناءً من مجاهدة الجوارح الظاهرة على فعل نوافل الطاعات، فمن صلح قلبه صلحت جوارحه وصحت أفعاله، قال ابن رجب: «ولم يكن أكثر تطوع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بكثرة الصلاة والصوم بل ببرِّ القلوب وطهارتها وسلامتها وقوة تعلقها بالله»، فإذا كان هذا العضو من الإنسان بهذه المنزلة فحريٌّ بالعبد أن يكون محل تعاهده وتفقد هو استصلاحه، لا يغفل عن ذلك طرفة عين، فالنور نور القلب، والبصيرة بصيرته، والصلاح صلاحه قال تعالى ((فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ ولكن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )) ولذلك كان من دعاء سيد المرسلين «اللهم اجعل في قلبي نوراً».
وبين إمام المسجد النبوي أن صحة القلب وسلامته ألزم على العبد من صحة بدنه وجوارحه، فإن غاية ما يوجبه سقم البدن أن ينتهي بصاحبه إلى الموت، الذي هو مصير كل مخلوق، وأما غاية سقم القلب وفساده الكفر أو النفاق الموجبان الخزي في الدنيا والآخرة ولا ينجو من الخزي يوم البعث إلا من أتى الله بقلب سليم.
كما قال تعالى على لسان خليله إبراهيم إمام الحنفاء صلى الله عليه وسلم (وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)، ومن دعاء أمام المتقين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: «وأسألك قلباً سليماً»، والقلب السليم هو الصحيح السالم من الشرك والشك والبدعة، السالم من الآفات والمكروهات كلها، وهو قلب المؤمن الموحد، فإن قلب الكافر والمنافق مريض، كما قال تعالى (فِي قُلُوبِهِم مَّرَض?).
وحذر الشيخ المهنا قائلاً:" من نقض ميثاق العبودية مع الله تعالى فيقسو القلب، وأن على المسلم أن يكون على هذا الميثاق أشد تعاضداً من تعاضده لماله ونفسه وأن على القلب أن يكون مفطوراً على قبول الحق والتأثر بالهُدى، فالقلب مع ذلك سريع التقلب، لا تزال ترد عليه الذنوب حتى يقسو أو يفسد، وقد يتعاظم حتى يختم عليه، فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، ولا تؤله جراحات القبائح، ولا يتوجع لجهله بالحق).
وأضاف (الكبر من أعظم أسباب قسوة القلب، فهو حجابٌ على القلوب يمنع عنها دواعي صلاحها ورقتها، قال تعالى "سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ"، قال التابعي الجليل أبو قلابة عبدالله بن زيد الجرمي رحمه الله: منع قلوبهم القرآن".
وبين أن من أعظم أسباب قسوة القلب وفساده، تعلقه بغير الله تعالى حباً وتعظيماً وتوكلاً، حتى لا يعلق بقلبه من التوكل على ربه أدنى عُلقة، وأن أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله تعالى، ففيه الشفاء التام الذي لا يغادر فيها سقماً إلا أبرأه، قال ابن رجب رحمه الله: فأما رقة القلوب فتنشأ عن الذكر، فإن ذكر الله يوجب خشوع القلب وصلاحه ورقته.
وأردف أن أعلى الذكر جاهاً وأسرعه إصلاحاً للقلوب، ذكر الله بكلامه المنزل، ووحيه المرتل قال جل من قائل ((لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) وأن على المسلم تلاوة آياته بالتدبر، والسمع له بالخشوع والتفكر، والاتعاظ بآيات الوعيد الأليم، والشوق عند آيات الوعد الكريم، والاعتبار بقصص الأمم الغابرة، وما جرى عليهم بقدرة الله الباهرة، فحريٌّ أن يوافق الداءَ الدواءُ، وأن يجد عند ذلك القلب الشفاء.
وأبان إمام المسجد النبوي أن من أراد أن يلين قلبه فليمسح رأس اليتيم، وليطعم المسكين، وليتفقد حوائج ضعفاء المسلمين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المسجد النبوي خطبة الجمعة خطبة الجمعة اليوم العبادات التفاضل المسجد النبوی الله تعالى قال تعالى
إقرأ أيضاً:
هل السعي لفك السحر حرام؟.. احذر 3 أخطاء يقع فيها الكثيرون
لعل السؤال عن هل السعي لفك السحر حرام ؟، ملخص لمجموعة من الاستفهامات التي تؤرق الكثيرون عن هل السعي لفك السحر حرام ، وهل هناك آيات إبطال السحر مكتوبة من القرآن وأدعية إبطال السحر وما حكم الذهاب للشيوخ لفك السحر؟
فقد دعت الحاجة إليها مؤخرًا بسبب ضعف النفوس ولجوء الكثيرين لأعمال السحر ووقوعهم فريسة سهلة للسحرة والمشعوذين والشياطين، إلا أن هذا يطرح سؤالا عن هل السعي لفك السحر حرام ؟، والذي يشغل الكثيرون ممن أتعبهم السحر، ويبحثون عن قشة ليتعلقون بها.
ورد فيه أن السحر والحسد مذكوران في القرآن الكريم ورسول الله صلى الله عليه وسلم أصيب بالسحر وعندما علم بالساحر وما فعله طلب من الصحابة رضوان الله عليهم بالذهاب الى بئر المياه الموضوع به السحر وطلب بنزحه وإخراج الشعرة التي استخدمه الساحر في عمل السحر وعندما وجدوها لاحظوا بها 11 عقدة فأنزل الله عز وجل سورة الفلق وكلما قرأوا آية انحلت عقدة حتى برأ النبي من السحر.
ورد فيه أن الإصابة بالسحر سببها البعد عن شرع الله وعدم اجتناب ما نهى عنه ن وأنه لا يوجد أحد يخاف الله ويتقه ويواظب على قراءة القرآن والأذكار اليومية ويصيبه السحر أو الحسد .
، ورد فيه جواز الذهاب الى الساحر لفك السحر كما قال العلماء لكن لا يجوز التصديق بكلامهم ولا الإيمان بتكهناتهم كما يفعلوا من تنبؤات في العام الجديد وغيرها من الأمور الغيبية التي لا يعلمها الا الله ، ومن آمن بكلام السحرة والعرافين لا تقبل منه صلاته أربعين يوما " .
ورد فيه أن المواظبة على قراءة آية الكرسي وسورة الفلق عدة مرات وفي كل وقت طوال اليوم مع ضرورة تقوى الله عز وجل واجتناب ما نهى عنه ولا مانع شرعًا الذهاب إلى أحد السحرة لفك السحر .
هل الذهاب الى شيخ لفك السحر حرامورد فيه أن الأصل في الذهاب لشخص يعالج بالقرآن؛ أن يرقي الإنسان نفسه ولا يذهب لغيره، فبإمكان الرجل أن يرقي زوجته والزوجة ترقي زوجها، وكذلك الوالد مع ولده والوالد مع والده، والأصل في ذلك أيضًا أن قراءة القرآن تكون باستمرار في البيت وتحصين الأهل والبيت بـ «الأذكار الموظفة» والأوراد لطرد الشياطين والوقاية من العين والحسد، وحتى تعم البركة، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن البيت الذي يُقرأ فيه القرآن؛ يزداد خيره ويقل شره ويتسع على أهله ويتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض، لما رٌوي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، مرفوعًا وموقوفًا ، ولفظه : ( إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا وَسَنَامُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تُقْرَأُ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ).وحسنه الألباني في " الصحيحة " (588).
حكم السحر والذهاب للسحرةفقد ورد أن الله َ- سبحانه وتعالى- ذكر السحرَ في أكثر من موضع في القرآن الكريم، كما ورد ذكره في السُنَّة المطهَّرة؛ فيقول الله –تعالى- فى سورة البقرة: « وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ» إلى قوله: «وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ»، ( الآية 102)، ويجب الاعتقاد بأن كل شيء بقضاء الله – تعالى-، ولا يقع في ملكه- تعالى- إلا ما يريده، فيجب الإيمان بأن الله فعال لما يريد، والنفع والضرر من عنده، وتفويض الأمر لله، والرضا بما قضى به.
وجاء أن الله – عز وجل - نفى عن السحر التأثير الذاتي ومفعوله، ونتيجته منوطة بإذن الله – تعالى-، ولا تتجاوز حقيقته حدودًا معينة، ولا يمكن أن يتوصل إلى قلب الحقائق وتبديل جواهر الأشياء، وقد ورد التحذير من اللجوء إلى السحر والسحرة، فيما ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله: «اجتَنبوا السَّبعَ الموبقاتِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ : وما هنَّ ؟ قال : الشِّركُ باللهِ ، والسِّحرُ ، وقتلُ النَّفسِ الَّتي حرَّم اللهُ إلَّا بالحقِّ ، وأكلُ الرِّبا ، وأكلُ مالِ اليتيمِ ، والتَّولِّي يومَ الزَّحفِ ، وقذفُ المحصَناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ»، رواه البخاري.
حكم السحر والذهاب للسحرة ، فقد ورد أن علماء المسلمين أجمعوا على إثبات السِّحر، وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة، وكون السحر له حقيقة ثابتة لا يعني كونه مؤثرًا بذاته ولكن التأثير هو لله- تعالى وحده-؛ لقوله: «وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ»، ولقد وصف الله سحر سحرة فرعون بأنه تخييل في قوله – تعالى-: «فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى»، [طه: 66]؛ أي إن الحبال لم تنقلب في الحقيقة إلى ثعابين، وإنما خُيِّل ذلك للمشاهدين.
وقد شددت النصوص على أن تعلم السحر ضارٌّ وليس بنافع، ويَحرُم على الإنسان أن يتعلم السِّحر أو الشعوذة؛ لأنه يقوم على خداع الناس أو إضلالهم أو فتنتهم أو التأثير السيئ فيهم، كما يَحرُم على الإنسان أن يعتقد أن العراف أو المشعوذ أو الساحر هو الذي ينفعه أو يضره، حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» رواه أبو داود والطبراني، وبناء عليه فإنه ينبغي على من يريد اتقاء شر السحر والسحرة بأن يقوي صلته بالله، وأن يكون دائمًا في ذكر الله، وذلك بالصلاة وقراءة القرآن والاستغفار، وعدم اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين فإن ذلك انحراف عن الطريق المستقيم.
حقيقة السحرورد أنه عبارة عما خفي، وله حقيقة، ومنه ما يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض الإنسان ويفرق بين المرء وزوجه وتأثيره يقع بإذن الله الكوني القدري، وهو عمل شيطاني، وكثير منه لا يتوصل إليه إلا بالشرك والتقرب إلى الجن والشياطين بما تحب، والتوصل إلى استخدامها بالإشراك بها مع الله تعالى، والسحر لا يزال موجود إلى الآن وهذا ثابث بنص القرآن والسنة النبوية، وله تأثير على الإنسان، ولكن لا يصيب الشخص المسحور الأذي إلا بإذن الله تعالى: «وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ».
هل السحر مذكور في القرآنورد في مسألة هل السحر مذكور في القران ، من الأدلة على وجود السحر حتى الآن قول الله تعالى: «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» (سورة البقرة: 102)،وتابع: وقوله تعالى: «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ» (الفلق/ 1 – 4).
يقول تعالى : «وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ» أي: ومن شر السواح، اللاتي يستعِنَّ على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر، وعن السحر في السنة النبوية، فالدليل ما رواه البخاري (2766)، ومسلم (89) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ) ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟، قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ»، وما رواه البزار (3578) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ» وصححه الألباني في "الصحيحة" (2195) .
هل السحر موجودوجاء في مسألة هل السحر موجود فعند جمهور العلماء ،اتفق أهل السنة والجماعة على وجود السحر، وأنه حقيقة تؤثر في الأشياء وتؤذي الإنسان، وأن كل ذلك بإذن الله عز وجل، والساحر عمله كفر؛ لأن الشياطين لا تلبي له ما يريد، إلا بعدما يكفر بالله رب العالمين، وحينها تخدمه ويخدمها.
حكم السحر وأنواعهورد عن حكم السحر وأنواعه كثيرة منها التخييل أو «خداع البصر»، وليس السحر كله كذلك، وقد ذكر بعض العلماء أنواعه وأوصلوها إلى ثمانية، ومن أشهرها:
أولًا: عُقَد ورقى: أي: قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد به ضرر المسحور، لكن قد قال الله تعالى: «وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ» (البقرة / 102).
ثانيًا: خفة اليد: وهذه يحسنونها بالتدرب على المسارعة بفعل الأشياء، وإخراج المخبوء، فمثلًا يأتي الساحر بحمامة فيخنقها أمام المشاهدين ثم يضربها بيده فتقوم وتطير!.. والحقيقة: أنه كان في يده بنج! فشممها إياه وأوهمهم أنه خنقها فماتت، ثم لما ضربها: أفاقت من البنج!.
ثالثًا: سحر العيون: وهذا كثير عند الدجالين، فهو لا يُدخل السيف في جسده، لكنه يسحر عيون المشاهدين، ويمرر السيف على جانبه، ويراه الناس المسحورون مر في وسطه.. وقد اشتهر عندنا سحر هؤلاء، لما وجد بين المشاهدين من حصَّن نفسه بالقرآن والأذكار، وأكثر من ذكر الله في جلسة الساحر فرأى الحقيقة على خلاف ما رآها المسحورون.
رابعًا: استعمال المواد الكيماوية: وهذه يحسنها من يجيد تركيب المواد بعضها على بعض فتنتج مادة تمنع تأثير بعض المواد، مثل ما كان يصنع الرفاعية من إيهام الناس أنهم لا تؤثر بهم النار، والحقيقة أنهم يدهنون أنفسهم ببعض المواد التي تمنع تأثير النار فيهم.. وغير ذلك كثير مما يفعله السحرة، ولا يقع إلا ما قدره الله تبارك وتعالى.