ألقى العلامة السيد علي فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، ومما جاء في خطبته السياسية: "لنصبر عندما تواجهنا البلاءات والتحديات والأزمات وما أكثرها، فلا نسقط أمامها ولا نخدع ولا ننهزم ولا نتراجع عن قيمنا ومبادئنا وعزتنا وكرامتنا".

وأضاف:"البداية من العدوان الإسرائيلي على إيران، الذي أظهر بالصورة الهزيلة التي حصلت وفق ما عبر عنه أحد قادة الكيان، بأنه "مسخرة"، ليشير إلى مدى الضعف والوهن الذي يعيشه العدو على أكثر من مستوى، وهو ما أكدته سابقاً الضربة الإيرانية التي تعرض لها والتي رغم كل الحديث الذي جرى عنها فقد حققت نجاحاً عندما أنجزت أهدافها وأظهرت القدرات التي تمتلكها الجمهورية الإسلامية.

لقد شعر هذا الكيان ومن يقف معه، وبوضوح مدى ما سيتعرض له من مخاطر إن استمر في غطرسته، بعد أن أخذت إيران قرارها الحاسم بأنها من الآن فصاعداً لن تسكت على أي اعتداء تتعرض له".

وقال: "نعود إلى غزة وجرحها النازف التي لن يكون هناك أي حل في المنطقة إلا بإيقافه، حيث لا يزال العدو يصر على ارتكاب مجازره فيها، وهو ما تشير إليه أعداد الضحايا الذين يسقطون يومياً والمقابر الجماعية التي اكتشفت أخيراً، فيما يستمر تدميره لكل مظهر من مظاهر الحياة فيها، ما يؤكد إصراره على تهجير أهالي القطاع تمهيداً لإنهاء القضية الفلسطينية، من دون أن يبدي هذا الكيان أي استعداد أو رغبة بالانصياع إلى قرار الأمم المتحدة الذي تدعوه إلى وقف أطلاق النار. إننا أمام ما جرى، نحيي مجدداً الشعب الفلسطيني ومقاومته وجميع الذين يقفون إلى جانبه، بما يقدمونه كل يوم من نموذج في الصبر والثبات والتصدي لهذا الكيان، ومنعه من تحقيق أهدافه".

 وتابع : "نصل إلى لبنان الذي ارتفعت فيه حدة المواجهات مع هذا العدو إيمانًا منه بنصرة هذه القضية وعدم ترك الشعب الفلسطيني وحيداً، تشهد على ذلك العمليات النوعية التي تقوم بها المقاومة، لتؤكد بأن هذا الوطن لن يكون لقمة سائغة له وأنه قادر على رد عدوانه، فيما تستمر تهديدات العدو ويقوم بالمناورات التي تحاكي حرباً على لبنان، ويستمر بالتدمير لكل مظاهر الحياة في القرى الآمنة. وهنا نجدد دعوتنا للبنانيين إلى تلمس خطر هذا العدو، وأن يصغوا إلى ما يقوله إنه لن يوقف حربه على لبنان إن وقفت الحرب على غزة، وألا يعتقدوا أنهم بعيدون عن استهدافه، هو الذي يرى لبنان نقيضاً له، ما يتطلب الحرص على الوحدة الداخلية والسلم الأهلي لعدم السماح للعدو بالاستفادة من أي ضعف على صعيد الجبهة الداخلية، وإذا كان من خلافات داخلية، فلا ينبغي أن تؤدي إلى توتر داخلي أو تعبث بسلمه الأهلي أو إلى إضعاف موقف لبنان أمام هذا العدو. في الوقت نفسه، فإننا نعيد تأكيد ضرورة الاستجابة لكل الدعوات التي تريد لهذا البلد ألا يبقى فريسة الفراغ بعدما أصبح واضحاً تداعيات ذلك على صعيد معالجات الملفات الداخلية التي من الواضح أنها ستزداد سوءًا على الصعيد الاقتصادي والمعيشي والحياتي، لا سيما معالجة أزمة النزوح السوري التي باتت معالجتها أمراً ضرورياً وملحاً لما تتركه من تداعيات سلبية على الوضع الداخلي".

 وختم: "نبقى على صعيد الداخل لننوه بدور القوى الأمنية في عملها الدؤوب لمواجهة عصابات السرقة التي باتت تلجأ حتى إلى القتل لتحقيق غاياتها والوصول إلى أهدافها، فيما نجدد دعوتنا إلى الإنصاف وعدم تحميل جميع السوريين تبعات ما يقوم به أفراد منهم من جرائم ويكون ذلك مبرراً لممارسات تسيء إليهم".

( الوكالة الوطنية)

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

والدي الذي لم يلدني.. او قصة حياتي..

محمد لطيف

كنت أسأل نفسي دوما إن لم يقرر هو إصطحابي في ذلك العام المبكر من سني حياتي من تلك القرية الواقعة على بعد نحو عشرة كيلومترات الى الشمال الشرقي من مدينة دنقلا على حواف حوض السليم ومن أسرة متواضعة الحال .. الى مدينة عطبرة حيث البيت الكبير والحياة العريضة والآمال الكبيرة ايضا .. كيف كان يكون حالي اليوم ..؟ الشاهد أنني وبفضل والدي الذي لم يلدني الشيخ محمد سعيد محمود عليه رحمة من الله ورضوانه ..وجدت نفسي في البيت الكبير حيث الجد والحبوبة والخالات والأخوال حتى قبل أن ابلغ سن التعليم .. فقضيت شهورا قاربت العام مدللا مرفها حتى حسبت أن الحياة إن هي إلا لعب ولهو !!

ثم حدث الإنقلاب الهائل وتغير كل شيء .. فما أن بدأت اليوم الأول من سلمي التعليمي في مدرسة خليوة الأولية حيث البيت الكبير .. حتى ظننت أن شروط أن تعيش في هذه الدنيا هي الصلاة والمذاكرة ..كان الأمر بالنسبة لوالدي الذي لم يلدني مقدسا لا يقبل المساومة ولا يحتمل التأجيل ..والمصيبة أنني كنت كسولا في الإثنين ..مما جعلني في موضع المراقبة الدئمة والملاحقة المستمرة من جانبه ..وكنت أظن .. وكم من ظنون هي آثام .. أنه يرهقني بما يفعل .. حتى إذا بلغت أشدي واصبحت في موقع المربي من أبنائي .. أدركت أنني كم ارهقت الرجل بل كم عذبته جراء كسلي وغبائي ذاك .. غفر الله لي و أجزل له العطاء.

كان بر والدي الذي لم يلدني بوالديه عجيبا موحيا مثيرا مما تسير به الركبان .. فطوال حياتي في البيت الكبير لآ اذكر أنه ذهب الى فراشه ليلة واحدة قبل أن يمر على فراش والدته .. جدتنا الراحلة مريم فضل حربة عليها الرحمة .. مطمئنا عليها .. ولا اذكر أنه خرج الى صلاة الصبح قبل أن يمر عليها وهي في مصلاتها تستعد للصلاة .. بل لا اذكر قط أنه عاد يوما من خارج البيت إلا وبدأ تحيته بها .. أما بره بوالده .. جدنا الراحل سعيد محمود عليه الرحمة .. الذي كان أحد كبار خلفاء الختمية ..مما حتم أن يكون البيت الكبير محل إنعقاد الليلية الختمية الشهيرة كل أحد وخميس ..وفي كل ذلك كان والدي الذي لم يلدني ..وهو الإسلامي الملتزم تنظيميا وسياسيا .. هو القائم على ترتيبات تلك الجلسات .. وبينما كنا نحن الصغار نؤدي ادوارنا مجبرين ممتعضين .. كان هو يتابع كل صغيرة وكبيرة بمنتهى الحماس والحفاوة بدءا من التنظيم والتمويل والترحيب .. وحتى المشاركة في قراءة المولد والحرص على قراءة بعض المدائح التى كان يحبها جدي عليه الرحمة ..ولم يكن يفعل كل ذلك إلا برا بوالده كما قال لي لاحقا .. !

وعلى ذكر إلتزامه التظيمي أذكر أمرين .. الأول أنني لم اسمعه يوما محتدا في نقاش أو منخرطا في جدال أو مسيئا لأحد أو رافعا صوته بـ (تكبيرة الجهاد) ضد آخر.. والذين عاصروه حتى في مواقع الخلاف يشهدون له بذلك ..ولعل تجربته في قيادة نقابة عمال السكة الحديد قد أثبتت تجرده ومهنيته و حياده تجاه الجميع .. قال لي مرة ( لكل حزبه والنقابة للجميع ) إندهشت حقيقة لإستخدامه العبارة وقلت له مداعبا .. يا حاج والله إنت ما بتشبه الجماعة ديل .. رد ضاحكا ( بطل لولوة يا هم بيشبهوني كويسين زيي أو أنا بشبهم كعب زيهم ابقى على واحد ) ولأنه لم يكن بوسعي أن اظلم نفسي واقول إنهم (كويسين) أو اظلمه وأقول إنه (كعب) انسحبت بهدوء.!!

أما المسألة الأهم علئ ذكر إسلاميته هذه فهي ورغم أنني عشت في كنفه بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة من إنفاق و تربية ورعاية وتوجيه وإشراف .. إلا أنني لا اذكر مرة واحدة طلب مني فيها بأي شكل من اشكال الإلتزام بما يؤمن به .. حتى عندما بدأت خوض غمار السياسة .. بوعي مستقل من وجهة نظري .. يساري من وجهة نظره .. لم يزد على أن يقول لي .. بس ما تخلي الصلاة .. له الرحمة والمغفرة .

ولكنه كان يعرف كيف يدير حواراته بما يقنع و يفحم و يضحك ايضا ..نزلنا ضيوفا عليه ذات عام رفقة بعض أصدقائي وقد تزامنت زيارتنا تلك مع احداث رابعة العدوية وكنا سعداء بـ ( بل وجغم) الإسلاميين ..(اليست هذه لغتهم ؟!) وكان هو غاضبا جدا بالطبع يصب جامه على مصر .. فقال له أحد الأصدقاء ياحاج مصر دي مذكورة في القرءان !! فضحكنا و نحن نستبطن أننا قد رددنا عليه بلغته ..ولم ندرك أن صديقنا الذي صفقنا له قد مد له حبلا ليشنقنا به .. إذ جاء رده سريعا ومباغتا على حكاية ذكر مصر في القرءان إذ قال ( أيه يعني هو إنت قايل اي حاجة مذكورة في القرءان كويسة ؟ ما هو قوم لوط مذكورين في القرءان !!) .. فغرقنا في موجة من الضحك لا لطرافة الرد فحسب .. بل لأننا لم نكن نملك ما نرد به عليه ..!

وأخيرا .. إن كانت لهذه الحرب من حسنة واحدة لي ولأسرتي فهي أنها قد منحتنا فرصة أن نقضي معه ثلاثة اشهر متواصلة .. قلت له أنا طلعت منك واحد ورجعت ليك بخمسة ..كان رده (والله أنا مبسوط من الحرب الرجعتكم لي ).. ثم استدرك ضاحكا ( بس اوعى تمشي تكتب محمد سعيد داير الحرب اصلكم بتلفحوا الكلام )..

وأشهد الله وأشهدكم أنني طوال وجودي معه لم اسمعه يوما داعما للحرب أو مؤيدا لها أو مبررا لها ..وكيف يكون كذلك وهو الذي لم يكن يوما متشددا أو عنيفا أو مؤجج فتنة أو مشعل نار ..؟ بل كان هو ما يقابل كل ذلك محضر خير وداعية سلام و منشد وفاق .. رحم الله خالي الشيخ محمد سعيد محمود والدي الذي لم يلدني ورحم الله والداي إذ منحاني فرصة الإنتقال الى كنفه لأكون ما أنا عليه .. فإن أسأت فلي وإن أحسنت فله الأجر .

الوسوممحمد لطيف

مقالات مشابهة

  • رئيس الرابطة المارونية: معالجة ملف المودعين يتطلب وقتا
  • مشكلة الحكومة أنها غير متمكنة من استعادة قرار الحرب والسلم
  • والدي الذي لم يلدني.. او قصة حياتي..
  • الحوثيون يتحدون : رفعنا الجاهزية وسوف نبادل حصار غزة بحصار الكيان الصهيوني
  • البنك الدولي يؤكد تورط دول الخليج في دعم الكيان الصهيوني
  • مع قرب المهلة التي منحها السيد القائد.. حماس: العدو يواصل إغلاق معابر غزة بشكل كامل
  • على سبيل المقارنة من المفترض ان يولد  حزب الله ميتا منذ تاسيسه▪︎▪︎!!!؟؟؟؟وفق اي معايير انتصر حزب الله..؟؟؟؟؟
  • وزير الداخلية استقبل سفيري فرنسا وكندا
  • السيد الرئيس أحمد الشرع في مقابلة مع وكالة رويترز: الحدث الذي حصل من يومين سيؤثر على المسيرة، وسنعيد ترميم الأوضاع إن شاء الله بقدر ما نستطيع، وتم تشكيل لجنة للمحافظة على السلم الأهلي والمصالحة بين الناس لأن الدم يأتي بدم إضافي
  • حرب العاشر من رمضان.. القوات الجوية تدمر مواقع العدو والبحرية تفرض حصارا والدفاع الجوي يسقط ثلث طائرات الجيش الذي لا يقهر