ريموند دو لاروش أول امرأة تحصل على رتبة طيّار، فقد نجحت في الحصول على رخصة الطيران الرسمية في الثامن من مارس/آذار عام 1910، واستمرت في تطوير مهارتها وشهرتها في المجال، وشاركت في عدد من السباقات والاستعراضات الجوية. ورغم وفاتها في حادث تحطم طائرة عام 1919، بقي إرث دو لاروش محفورا في تاريخ الطيران، وكانت مصدر إلهام للنساء في جميع أنحاء العالم، خصوصا اللواتي يطمحن لممارسة مهنة الطيران.

المولد والنشأة

ولدت إليسا ليونتين ديروش أو دو لاروش، في 22 أغسطس/آب 1882 بمدينة باريس في فرنسا، من أسرة متواضعة، حيث كان والدها يعمل سباكا.

وعاشت دو لاروش طفولتها مولعة بالرياضة ثم بالدراجات النارية والسيارات، وفي سن العشرين أصبحت ابنة السباك ممثلة وصنعت لنفسها اسما في عالم الفن، إذ بجانب تقديمها للعديد من العروض المسرحية في فترة كرست فيها نفسها للمسرح، أطلقت على نفسها اسما مستعارا هو "البارونة ريموند دو لاروش"، وكانت تعمل على الرسم والنحت كذلك في بعض الأحيان.

واستمدت دو لاروش شغفها بالطيران من عروض ويلبر رايت عام 1908 للطيران الآلي في باريس، وتعرفت شخصيا على العديد من الطيارين حينها، ومنهم ليون دو لاغرانج الذي تحول من فنان إلى طيار، قبل أن يشتهر بأنه والد ابنها أندريه.

تزوجت ريموند دو لاروش مرتين، حيث عقدت قرانها الأول من لويس ليوبولد ثادوم عام 1900، وانفصلا بعد 9 سنوات، في حين كان زواجها الثاني من جاك فيال عام 1915 وانفصلا في 1917.

شغف الطيران

في عام 1906 ذهبت ريموند دو لاروش لحضور معرض السيارات في باغاتيل، فصادفت هناك معرضا للطيران، حيث شاهدت عروض سانتوس دومونت، أحد رواد الطيران البرازيلي، وهناك أدركت انجذابها لهذا المجال، وقررت خوض المغامرة.

وكانت قواعد تعلم الطيران آنذاك، عبارة عن دورة نظرية في الميكانيكا والقليل من علم الهواء، حيث تمثلت الأدوات الوحيدة الموجودة على متن الطائرة في ذلك الوقت، في مقياس الهواء لمعرفة اتجاه الرياح، وقياس السرعة لمعرفة ما إذا كان مسموحا لها بالطيران، إضافة إلى عجلة القيادة التي حلت محل عصا "المكنسة الشهيرة"، وكان على قائد الطائرة أن يجلس لوحده في مقعد كان عبارة عن "دلو من الخيزران".

وفي 13 يناير/كانون الثاني 1908 تحول حماس ريموند دو لاروش إلى شغف بمجرد رؤيتها للطيار هنري فارمان داخل حلبة مغلقة في إيسي ليه مولينو جنوب غربي باريس في فرنسا.

الرحلات الأولى

اهتمت ريموند دو لاروش بدراسات وتجارب لويس بلايريو وإرنست أرشيديكون والإخوة فوازين في مجال الطيران، وبعد دراسة العديد من الطائرات، اختارت طائرة فوازين ذات السطحين لخصائصها المتمثلة في القدرة على المناورة والاستقرار وسهولة الطيران.

اتجهت دو لاروش إلى صديقها الطيار وصانع الطائرات تشارلز فوازين، الذي أسس مع شقيقه غابرييل لشركة "الإخوة فوازين"، وقررت القيام برحلتها الأولى تحت إشراف المهندس الطيار إدوارد شاتو، الذي كان مسؤولا عن تدريبها في معسكر شالون في مورميلون، على بعد 140 كلم شرق باريس.

وقامت دو لاروش بأول رحلة لها بمفردها في 22 أكتوبر/تشرين الأول 1909، على متن طائرة فوازين تتسع لشخص واحد فقط، ثم أقلعت وحلقت لمسافة 270 مترا، وفي اليوم التالي، قامت برحلة جوية لمسافة 6 كيلومترات، وهي لا تزال تحت مراقبة إدوارد شاتو.

ريموند لاروش حصلت على رخصة الطيران في فبراير/شباط 1910 (غيتي) أول طيار مرخص

في الرابع من يناير/كانون الثاني 1910، تدربت ريموند دو لاروش للحصول على رخصة الطيران بأحد الحقول في فرنسا، وقامت برحلة أخرى وسط رياح خفيفة. وخلال اجتماع عقد في الفترة ما بين 6 و13 فبراير/شباط 1910، حصلت دو لاروش على رخصة الطيران رقم 36، وصادق عليها نادي الطيران الفرنسي.

وفي الثامن من مارس/آذار 1910 منحت لقب أول امرأة في العالم تحصل على رخصة طيار، رغم كونها ليست أول امرأة تقود طائرة منفردة، إذ سبقتها في ذلك تيريز بلتييه، التي قامت برحلة في سبتمبر/أيلول 1908 دون الحصول على شهادة.

استعراضات جوية

شاركت ريموند دو لاروش في العديد من الاستعراضات الجوية، سواء في فرنسا أو خارجها، مثل الاستعراضات الجوية الأولى في مصر، واجتماع سانت بطرسبورغ من 8 إلى 15 مايو/أيار 1910، الذي حصلت من خلاله على تهنئة شخصية من القيصر نيكولا الثاني آنذاك، بعد أن قامت برحلة مذهلة على ارتفاع 100 متر.

إضافة إلى ذلك، تركت حضورا جيدا في اجتماع بودابست في الفترة من 5 إلى 15 يونيو/حزيران 1910، وأيضا في "أسبوع الطيران العظيم" بمدينة روان ما بين 19 و26 يونيو/حزيران 1910، فأصبحت المرأة الوحيدة بين الطيارين تلفت الانتباه، حيث بدأت الصحافة تقدمها تحت مسمى جديد هو "البارونة" ريموند دو لاروش.

وخلال مشاركتها في يوليو/تموز 1910 بأسبوع الطيران الرئيسي الثاني في شمبانيا (مقاطعة تاريخية شمالي شرق فرنسا)، تعرضت دو لاروش لحادث أدى إلى تحطم طائرتها، وأصيبت على إثر ذلك بجروح وكسور متفاوتة الخطورة، لدرجة باتت فيها إمكانية تعافيها موضع شك، ونقلت على وجه السرعة إلى إحدى العيادات القريبة في المدينة، وبعد مدة طويلة في العلاج، عادت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 1910 إلى منزلها في باريس.

عانت دو لاروش من إصابات على مستوى الكتف، ولم تستعد عافيتها إلا بعد مرور عامين، لتقف على قدميها وتشرع في الطيران مرة أخرى، لكنها سرعان ما أصيبت بجروح خطيرة مرة أخرى، جراء حادث سيارة في سبتمبر/أيلول 1912، أودى بحياة صديقها ورفيقها تشارلز فوازين.

ريموند دو لاروش توفيت في حادث طيران يوم 18 يوليو/تموز 1919 (غيتي)

وعند بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914، مُنعت النساء من الطيران لأنه كان يعتبر خطيرا للغاية في ذلك الوقت، لأن الطائرات غالبا ما كانت تكون تحت نيران العدو، لكنها وبفضل شجاعتها تمكنت من أداء الخدمة العسكرية.

وبمجرد انتهاء الحرب، عادت إلى الطيران وسجلت في يونيو/حزيران 1919 رقما قياسيا جديدا للارتفاع للسيدات وهو 4800 متر.

الجوائز والإنجازات  أول امرأة في العالم تحصل على رخصة طيار.  لقب النبلاء من قيصر روسيا نيكولا الثاني، خلال العرض في سانت بطرسبورغ.  في عام 1913 فازت بكأس فيمينا، التي تُمنح للطيار الذي قطع أطول مسافة خلال العام.  حطمت الرقم القياسي لـ4800 متر مرتين، ضد الأميركية روث لو في 17 يونيو/حزيران 1919.  في 20 مايو/أيار 1911 عُينت ضابطا بالأكاديمية من قبل تيودور ستيغ، وزير التعليم العام والفنون الجميلة. الوفاة

في 18 يوليو/تموز 1919، حاولت ريموند دو لاروش الحصول على رخصة "طيار اختبار" لتجريب الطائرات المخترعة حديثا، فشاركت في قيادة نموذج أولي من طراز "كاودرون"، في أول محاولة لتجريب الطائرة آنذاك.

وأثناء الهبوط هوَت الطائرة وتحطمت، مما أدى إلى مقتل الطيار ومساعده على الفور، ودُفنت ريموند دو لاروش في مقبرة "بير لاشيز" في باريس، التي تعتبر واحدة من أكثر المقابر زيارة في العالم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات على رخصة الطیران یونیو حزیران أول امرأة فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

سحب 1172 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة

 
سحبت الأجهزة الأمنية 1172 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة.


يذكر أن أبرز مزايا الملصق الإلكتروني:

وجود شريحة تحتوي علي رقم المركبة وبياناتها المسجلة للاستعلام بالحاسب الآلي، بحيث يتيح توفير منظومة معلومات دقيقة تقوم الجهات المعنية من خلالها بحصر أماكن الكثافات المرورية والتعامل معها وإصدار تقارير وإحصائيات للمساهمة في إدارة وتنظيم حركة المرور.

ويحدد الملصق مسار حركة المركبات وتصنيفها "سيارة - دراجة نارية - نقل - مقطورة" ويكشف مدى أحقية المركبات في السير بالمسار المخصص لها "الحارة المرورية" مع توجيه وإرشاد مستخدمي الطرق.

ويُتيح لأجهزة الأمن وضع نظام آلي لفحص المركبات أمنيًا ويمكن من خلاله التعرف علي المركبات المطلوبة أمنيًا والمنتهية التراخيص من خلال الربط مع قاعدة بيانات السيارات، وتطبيق قواعد المرور وتسجيل المخالفات بطريقة إلكترونية وموحدة علي كل المواطنين بأنحاء الجمهورية ويساهم في التعرف علي المركبات التي انتهت فترة السماح بتواجدها داخل البلاد عن طريق المنافذ الجمركية، وكذا مركبات المناطق الحرة.

كما يهدف الملصق الإلكتروني إلي التسهيل علي جمهور المواطنين في تنقلاتهم واستخدامهم للطرق من خلال سداد الرسوم المستحقة بأنواعها المختلفة "المرور علي الطرق - الانتظار وغيرها" دون توقف، ويتم إرسال رسالة نصية عقب كل عملية "خصم - مخالفة - رسوم"  تشير إلي رسوم العملية والرصيد المتبقي لدى تفعيل هذه المنظومة.

ويساهم الملصق في رفع معدلات ضبط السيارات المبلغ بسرقتها عن طريق إدراجها بشكل إلكتروني يضمن سرعة ضبطها.

مقالات مشابهة

  • جراح لا تندمل.. كيف حطمت سجون الأسد أرواح معتقلين رغم الحرية؟
  • سلطة الطيران المدني تعقد الاجتماع الثاني لمكافحة مخاطر الطيور
  • سلطة الطيران المدني تعقد الاجتماع الثاني للجنة القومية لمكافحة مخاطر الطيور والحياة البرية
  • بحضور ممثلي الجهات الحكومية .. سلطة الطيران تعقد الاجتماع الثاني للجنة القومية لمكافحة مخاطر الطيور
  • سحب 1156 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة
  • مقتل 14 امرأة جراء انفجار مفخخة في منبج شرقي حلب.. الثاني خلال أيام (شاهد)
  • مقتل 14 امرأة جراء انفجار مفخخة في منبج شرقي حلب.. الثاني خلال أيام
  • سحب 1172 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة
  • جامعة أم القرى توقع اتفاقية مع جامعة لاروش السويسرية لتطوير برامج مبتكرة في مجالي السياحة والضيافة
  • سحب 898 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة