فيتو أميركي ضدّ عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
الامم المتحدة - وضعت الولايات المتحدة الخميس 18-04-2024 حدا لآمال الفلسطينيين الضئيلة في الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة إذ استخدمت، كما كان متوقعا، حقها في النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد هذا المطلب الذي سبق أن انتقدته حليفتها إسرائيل التي تخوض حربا في غزة.
ومشروع القرار الذي قدّمته الجزائر والذي "يوصي الجمعيّة العامّة بقبول دولة فلسطين عضوا في الأمم المتّحدة" أيّده 12 عضوا وعارضته الولايات المتحدة وامتنع عن التصويت عليه العضوان الباقيان (المملكة المتحدة وسويسرا).
وندّدت السلطة الفلسطينيّة برئاسة محمود عبّاس الخميس باستخدام الولايات المتحدة الفيتو، ورأت في ذلك "عدوانا صارخا" يدفع المنطقة إلى "شفا الهاوية".
وقال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور إن هذا الرفض "لن يكسر إرادتنا ولن يوقف إصرارنا. لن نوقف جهودنا. دولة فلسطين حتمية، إنها حقيقية". وأضاف في خطاب مؤثر "لا تنسوا أنه عندما تُرفَع هذه الجلسة، سيظل أبرياء في فلسطين يدفعون بحياتهم وحياة أبنائهم ثمن الإجراءات الإسرائيلية (...)، ثمن تأخير العدالة والحرية والسلام".
وقالت حركة حماس من جهتها في بيان مقتضب "حماس تدين الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن ضدّ مشروع قرار منح فلسطين عضويّة كاملة بالأمم المتحدة، وتؤكّد للعالم أنّ شعبنا الفلسطيني سيواصل نضاله حتى يدحر الاحتلال وينتزع حقوقه ويُقيم دولته الفلسطينيّة المستقلّة الكاملة السيادة وعاصمتها القدس".
ورغم الفيتو الأميركي، فإن الدعم "الساحق" من أعضاء المجلس "يبعث رسالة واضحة جدا: دولة فلسطين تستحق مكانها" في الأمم المتحدة، حسبما قال السفير الجزائري عمار بن جامع، واعدا باسم المجموعة العربية بأن يتقدّم مجددا بهذا الطلب في وقت لاحق، ومضيفا "نعم، سنعود أقوى".
وندد سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان بالدول التي دعمت المشروع. وقال "إن التحدث إلى هذا المجلس أشبه بالتحدث إلى حائط"، معتبرا أن الأصوات المؤيدة للمشروع ستشجع الفلسطينيين على عدم العودة إلى طاولة المفاوضات و"تجعل السلام شبه مستحيل".
وقال السفير الصيني فو كونغ "اليوم يوم حزين"، مبديا "خيبة أمله" من الفيتو الأميركي، ومضيفا "لقد تحطم حلم الشعب الفلسطيني".
من جهته، قال نائب السفير الأميركي روبرت وود إنّ "هذا التصويت لا يعكس معارضةً للدولة الفلسطينيّة، بل هو اعتراف بأنّه لا يُمكن لها أن تنشأ إلّا عبر مفاوضات مباشرة بين الطرفَين" المعنيَّيْن.
ويأتي ذلك فيما حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من انزلاق الشرق الأوسط إلى "نزاع إقليمي شامل".
وفي وقت سابق، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية زياد أبو عمرو خلال جلسة لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط، إنّ "منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة من شأنه أن يرفع جزءاً من الظلم التاريخي الذي تعرّضت له وتتعرض له أجيال متتابعة من الشعب الفلسطيني، وأن يفتح آفاقاً واسعة أمام تحقيق سلام حقيقي قائم على العدل، وسلام تنعم به دول وشعوب المنطقة كافة".
بدوره، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أمام المجلس إنّ "الاحتلال والسلام نقيضان لا يجتمعان. لا سلام ما بقي الاحتلال، ولا أمن ما ظلّ الظلم الإسرائيلي ينكر إنسانية الشعب الفلسطيني، وحقّه في الحياة والحرية والكرامة والأمن والدولة".
وخلال الجلسة، طالب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي مجلس الأمن الدولي بأن يتحمّل مسؤولياته، وبألا يخيّب آمال الشعب الفلسطيني وسعيه المشروع للاستقلال والعضوية" في المنظمة الدولية.
وفي غمرة الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، طلبت السلطة الفلسطينية في مطلع نيسان/أبريل الجاري من مجلس الأمن النظر مجدّداً في الطلب الذي قدّمته في 2011 لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتّحدة.
وقدّمت الجزائر، بصفتها العضو الممثّل للمجموعة العربية في مجلس الأمن، مشروع قرار يوصي الجمعية العامة بـ"قبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة".
وقالت البعثة الدبلوماسية المالطية التي تتولّى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي لنيسان/أبريل إنّ التصويت على مشروع القرار سيتمّ الساعة 21,00 ت غ الخميس، رغم أنّ الولايات المتحدة المتمتعة بحقّ الفيتو عبّرت صراحة عن معارضتها له.
وقال ريتشارد غوان، المحلّل في مجموعة الأزمات الدولية، لوكالة فرانس برس "أعتقد أن الفيتو الأميركي مؤكّد تماماً"، متوقّعاً أن تمتنع عن التصويت على مشروع القرار الجزائري بريطانيا وربّما أيضاً اليابان وكوريا الجنوبية.
وتُقبَل دولة ما عضواً في الأمم المتحدة بقرار يصدر من الجمعية العامة بغالبية الثلثين، لكن فقط بعد توصية إيجابية بهذا المعنى من مجلس الأمن.
وتصدر التوصية عن مجلس الأمن بموجب قرار لا بدّ أن يوافق عليه تسعة على الأقلّ من أعضاء المجلس الـ15 وشرط ألا تستخدم أيّ دولة دائمة العضو حقّ النقض (الفيتو) لوأده.
ووفقاً للسلطة الفلسطينية، فإنّ 137 من الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة البالغ عددها 193 دولة اعترفت حتى اليوم بدولة فلسطين.
وفي أيلول/سبتمبر 2011، قدّم رئيس السلطة محمود عباس طلباً "لانضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة".
ورغم أنّ مبادرته هذه لم تثمر، إلا أنّ الفلسطينيين نالوا في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 وضع "دولة مراقبة غير عضو" في الأمم المتحدة.
وخلال جلسة مجلس الأمن، حذّر غوتيريش من أنّ "الشرق الأوسط على شفير الهاوية، وقد شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيداً خطراً، سواء بالأقوال أو الأفعال".
وقال "أيّ خطأ في التقدير، أو تواصل سيّئ، أو هفوة، يمكن أن يؤدّي إلى ما لا يمكن تصوّره، إلى صراع إقليمي واسع سيكون مدمّراً لجميع المعنيّين"، داعياً إلى "أقصى درجات ضبط النفس".
وأعرب الأمين العام عن إدانته للغارة التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق ونسبتها طهران إلى الدولة العبرية، وكذلك أيضاً للهجوم غير المسبوق الذي شنّته إيران على إسرائيل نهاية الأسبوع الماضي ردّاً على تلك الغارة.
وشدّد غوتيريش على أنّ "لحظة الخطر القصوى هذه يجب أن تكون لحظة ضبط نفس قصوى".
"حان الوقت للتوقّف"
وأضاف "حان وقت إنهاء حلقة الأعمال الانتقامية الدموية... حان الوقت للتوقف".
وتابع "يتعيّن على الأسرة الدولية العمل معاً لمنع أيّ أعمال قد تدفع الشرق الأوسط برمّته إلى حافة هاوية، مع ما يترتب على ذلك من أثر مدمّر على المدنيين. واسمحوا لي أن أكون واضحاً: المخاطر تتصاعد على كثير من الجبهات".
وأردف الأمين العام "نحن نتحمّل سوياً مسؤولية مواجهة هذه المخاطر وإبعاد المنطقة عن حافة الهاوية... بدءاً من غزة".
وأعرب الأمين العام عن إدانته الشديدة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، مكرّراً دعوته إلى وقف فوري للنار، ووصول مساعدات إنسانية بلا عوائق، وإطلاق سراح جميع الرهائن.
وقال "أكرّر دعوتي إلى وقف فوري لإطلاق النار لدواع إنسانية وإلى الإفراج الفوري عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة".
"جحيم" على الصعيد الإنساني
وأضاف "في غزة، أدّت ستة أشهر ونصف من العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى خلق جحيم" على الصعيد الإنساني، مؤكّداً أنّ مليوني فلسطيني يعانون في القطاع المدمّر من "الموت والدمار والحرمان من المساعدات الإنسانية الحيوية" والجوع.
ولفت غوتيريش أيضاً إلى أنّ "حصيلة القتلى هائلة وغير مسبوقة، من حيث الوتيرة والحجم، منذ أن أصبحت أميناً عاماً" للأمم المتحدة في 2017.
وأسِف لأنّ "كلّ هذا يحدث في ظلّ قيود كبيرة تفرضها السلطات الإسرائيلية على إيصال المساعدات إلى سكان غزة الذين يواجهون الجوع على نطاق واسع".
وإذ نوّه الأمين العام بإحراز إسرائيل "تقدّماً محدوداً" في سماحها بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع، دعاها إلى بذل جهود أكبر على هذا الصعيد.
عنف المستوطنين
كما دعا غوتيريش الدولة العبرية إلى وضع حدّ لعنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلّة، بعد أن أثار مقتل فتى إسرائيلي يبلغ 14 عاماً هجمات إسرائيلية طالت عشرات القرى الفلسطينية.
وقال الأمين العام مخاطباً أعضاء مجلس الأمن الدولي "أدعو إسرائيل، باعتبارها قوة الاحتلال، إلى حماية السكّان الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلّة من الهجمات والعنف والترهيب".
وحذّر غوتيريش من "الوضع المتفجّر في الضفة الغربية المحتلة"، داعياً إلى "وقف التصعيد".
وقال إنّه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر قُتل في الضفة "أكثر من 450 فلسطينياً، بينهم 112 طفلاً (...) غالبيتهم بأيدي القوات الإسرائيلية خلال عملياتها وأثناء تبادل لإطلاق النار بين القوات الإسرائيلية ومسلّحين فلسطينيّين".
وأضاف "قُتل آخرون بأيدي مستوطنين إسرائيليين مسلّحين، وأحياناً بوجود قوات الأمن الإسرائيلية التي زُعم أنّها لم تفعل شيئاً للحؤول دون سقوط" هؤلاء القتلى.
ودعا الأمين العام "إسرائيل إلى اتّخاذ إجراءات فورية لإنهاء عنف المستوطنين غير المسبوق".
اندلعت الحرب في غزة إثر هجوم شنته حماس في إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر وخلف نحو 1160 قتيلًا، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية.
وردّت إسرائيل على هجوم حماس باجتياح القطاع، ما أدّى إلى مقتل أكثر من 33 ألف شخص، معظمهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الأمم المتحدة الشعب الفلسطینی الأمین العام الشرق الأوسط دولة فلسطین مجلس الأمن فی الضفة فی غزة
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن يمدد مهمة قوة حفظ السلام بالجولان لستة أشهر
وافق مجلس الأمن الدولي، أمس الجمعة، على تجديد ولاية قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في مرتفعات الجولان المحتلة بين سوريا وإسرائيل لمدة 6 أشهر إضافية. ويأتي القرار تزامنا مع تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة.
وتولى اللواء أنيتا أسامواه من غانا قبل أسبوعين قيادة قوة حفظ السلام التي تشرف على تنفيذ اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 بعد حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973).
وأكد القرار الذي تبناه مجلس الأمن "وجوب التزام الطرفين بشروط اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 بين إسرائيل والجمهورية العربية السورية، والالتزام الصارم بوقف إطلاق النار".
وأعرب القرار عن قلقه من أن "الأنشطة العسكرية المستمرة التي يقوم بها أي طرف في منطقة الفصل لا تزال تحمل إمكانية تصعيد التوترات بين إسرائيل وسوريا، وتهدد وقف إطلاق النار بين البلدين، وتشكل خطرا على السكان المدنيين المحليين وموظفي الأمم المتحدة على الأرض".
وتشهد المنطقة منزوعة السلاح، التي تبلغ مساحتها حوالي 400 كيلومتر مربع، تصعيدا ملحوظا جراء التطورات العسكرية الأخيرة، حيث دفعت إسرائيل قواتها إلى داخل المنطقة عقب الإطاحة المفاجئة بالرئيس السوري المخلوع بشار الأسد من قبل المعارضة السورية المسلحة في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري.
إعلانوأكدت إسرائيل أن هذه الخطوة تمثل "إجراء محدودا ومؤقتا" لضمان أمن حدودها، دون تقديم جدول زمني لانسحاب قواتها. لكن بموجب ترتيبات وقف إطلاق النار، لا يُسمح للقوات المسلحة الإسرائيلية والسورية بالوجود في المنطقة منزوعة السلاح "منطقة الفصل".
بدوره، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون إن "إسرائيل ستواصل التعاون مع قوات الأمم المتحدة العاملة على الأرض. كما سنواصل مراقبة التطورات في سوريا".
ومع استمرار التوترات على الحدود، يواجه مجلس الأمن والمجتمع الدولي تحديات كبيرة لضمان استمرار وقف إطلاق النار ومنع تصعيد محتمل قد يؤثر على أمن المنطقة واستقرارها.