المنخفض ما زال نشطاً على اليمن.. ماذا أعدّت الحكومة لمواجهة المناخ المتطرف؟
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
حالة وفاة واحدة في محافظة حضرموت وأضرار مادية جسيمة جراء الأمطار والسيول التي شهدتها المحافظات الشرقية، الأربعاء، متأثرة بالمنخفض الجوي الذي ضرب مطلع الأسبوع الجاري سلطنة عمان ودولة الإمارات.
وأفادت وكالة الأنباء الحكومية "سبأ" عن مسؤولين في السلطة المحلية بحضرموت والمهرة أن الأضرار المادية تركزت في الأراضي الزراعية والبنية التحتية للطرقات والكهرباء والمياه.
وقال وكيل محافظة حضرموت للشؤون الفنية، أمين بارزيق، إن الأضرار طالت الطرقات الإسفلتية، وشبكة الكهرباء (33)، وآبار المياه في منطقة ثلة المغذية لمدينة المكلا، فيما جرفت السيول عددا من سيارات المواطنين. وأضاف إن الأضرار لحقت بالأراضي الزراعية في مديرية غيل باوزير، والطرق الترابية والأراضي الزراعية في أرياف المكلا، إضافة لشبكة المياه في قصيعر شرق مدينة المكلا.
وفي محافظة المهرة ألحقت سيول الأمطار أضرارا بالطرقات في عدد من الأودية وخاصة وادي الجزع- المدخل الشمالي لمدينة الغيضة والواقع على الخط الدولي الساحلي.
والخميس، تفقد محافظ المهرة محمد علي ياسر، أعمال مؤسسة الطرق والجسور ومكتب الأشغال العامة بالمحافظة في إعادة فتح الطرقات التي جرفتها السيول.
وفي المتابعة الحكومية للتأثيرات السلبية لهذا المنخفض الجوي، قالت وكالة "سبأ"، إن رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك، أجرى اتصالات هاتفية، الأربعاء، بمحافظ حضرموت مبخوت بن ماضي وقيادات في السلطة المحلية بالمحافظة، ووجه "بتكثيف عمل لجنة الطوارئ بالمحافظة وفرق الطوارئ والإنقاذ بالمديريات وغرف العمليات، بما يسهم في حفظ الأرواح والممتلكات. وأكد ابن مبارك دعم الحكومة الكامل لجهود السلطة المحلية في الإجراءات المتخذة للتخفيف من أضرار المنخفض، مشددا على أهمية العمل على تصريف سيول الامطار وعودة الخدمات وإصلاح أضرار الطرقات.
والخميس، أجرى رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي اتصالا هاتفيا بمحافظ محافظة حضرموت للاطمئنان على الأوضاع في المحافظة والاطلاع على جهود مواجهة آثار المنخفض الجوي الذي دخل المحافظة الثلاثاء، مصحوبا بأمطار غزيرة وسيول جارفة.
وقالت وكالة الأنباء الحكومية، إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي استمع من محافظ حضرموت إلى تقييم أولي لآثار المنخفض الجوي وسير أعمال الإغاثة، والإخلاء، وفرق الطوارئ في مختلف المديريات. وفي اليوم السابق وجه العليمي رئيس الوزراء بمتابعة مستجدات المنخفض الجوي، كما وجّه برفع حالة الجاهزية ومضاعفة الإجراءات الاحترازية بالتنسيق مع مختلف الاجهزة بما فيها العسكرية والأمنية، واللجان المجتمعية، والمنظمات الإقليمية والدولية للحد من آثار الحالة المناخية، والعمل على سياسات أكثر استدامة لرفع قدرات مراكز الإنذار المبكر، والتكيف مع المتغيرات المناخية خصوصا في المحافظات الشرقية من البلاد.
وتأثرت بهذا المنخفض الجوي سلطنة عمان التي جرفت فيها السيول حوالي 17 شخصا بينهم 10 طلاب، ودولة الإمارات التي شهدت هطول أمطار بمعدلات غير مسبوقة خلال الأيام الماضية.
وبحسب المركز الوطني للأرصاد، فإن عددا من المحافظات يمكن أن تشهد الجمعة أمطارا رعدية متفاوتة الشدة ومن المتوقع أن تؤدي إلى تدفق السيول على صحارى وهضاب وسواحل محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، وأجزاء من محافظات ريمة، ذمار، إب، تعز، الضالع، مرتفعات لحج، أبين، البيضاء ومأرب.
وعادة ما تتسبب المنخفضات الجوية في اليمن بأضرار شديدة على المحافظات الشرقية وجزيرة سقطرى، وخلال العشر سنوات الماضية تزايدت حالات تشكّل المنخفضات الجوية في بحر العرب ضمن تطرف المناخ وتغيراته. وهذا العام توقع خبراء المناخ في اليمن مطلع الأسبوع الجاري هطول أمطار متدرجة الشدة على سواحل المهرة وحضرموت والمرتفعات الغربية، حيث تبدأ متوسطة عند منتصف الأسبوع ثم تزداد غزارة يومي الثلاثاء والأربعاء. وفي حين أفادت التوقعات أن الأمطار سوف تزداد غزارة ابتداء من يوم الأربعاء وحتى نهاية أبريل الجاري وبداية مايو القادم، أفادت أيضا أن هذه الفترة من المحتمل أن تشتد فيها الحرارة على المحافظات الصحراوية.
ورغم تكرار تشكّل المنخفضات الجوية وتأثر اليمن بها سنويا إلا أنها ما زالت تسبب أضرارا فادحة في الأرواح والبنية التحتية الحكومية والأهلية، وهو ما يشير إلى قصور الدور الحكومي عن مواكبة المناخ المتطرف وتأثيراته التدميرية على اليمن. ويعود هذا القصور في جانب منه، بحسب مراقبين ونشطاء، إلى حالة الصراع الذي تعيشه البلاد على إثر انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة ومؤسساتها، وفي جانب آخر، إلى شحة إمكانيات الحكومة اليمنية مقارنة بحجم التغيرات المناخية، إضافة إلى افتقار الحكومة لرؤية واضحة في مجال مواجهة هذه التغيرات المتطرفة والتكيّف معها.
وتبدي الحكومة الشرعية اهتماما في متابعة آثار التغيرات المناخية وصولا إلى قيادات الدولة العليا، لكن الجهود الحكومية لم ترتق بعد إلى مستوى الاستعداد المسبق لمواجهة الكوارث الطبيعية المحتملة، خاصة أن مواسم الأعاصير والعواصف الاستوائية والمدارية لم تبدأ بعد هذا العام، وهو ما أثار تساؤلات النشطاء في المجال المناخي عن حجم ونوعية الاستعدادات الحكومية لمواجهتها.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: المنخفض الجوی
إقرأ أيضاً:
اليمين المتطرف بأوروبا بين دعم أجندة ترامب وتحفظ حذر من سياساته
باريس- في الوقت الذي توالت فيه ردود الفعل بشأن اللقاء العاصف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، أثارت تصريحات زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان انتقادات فورية من الطبقة السياسية في البلاد.
فعلى هامش جولتها في المعرض الزراعي مطلع هذا الشهر، اعتبرت لوبان أن ما حدث لم يكن "أمرا استثنائيا"، قائلة إن "تمكن زعماء الدول من التحدث إلى بعضهم بعضا بعاطفة ووجود كلمات قاسية أمر طبيعي تماما".
وبينما فتحت لندن ذراعيها لاستقبال زيلينسكي بعد انتهاء زيارته في واشنطن وإعلان دعمها المستمر لكييف، كشف اليمين المتطرف الأوروبي عن وجه آخر "غير منزعج" من تصرفات الحليف الرئيسي للقارة ومتأثر بشكل كبير بسياسات ترامب وخطابه.
خيوط مشتركة
وإذ يبدو أن ولاية الرئيس الأميركي الثانية تلهم الرؤى حول تحالف يميني متطرف في العالم، لا تزال عودته إلى المشهد السياسي محل تساؤلات تحاول الإجابة عن ماهية هذه "النعمة حمالة الأوجه" للفصيل الأوروبي.
وفي هذا الإطار، ترى أستاذة العلوم السياسية وعلم الاجتماع في كلية "كيدج" للأعمال بباريس فيرجيني مارتن أن زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية في فرنسا تحاول الوقوف في منتصف خط رفيع. فمن جهة، لا تشبه نفسها برئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي يدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومن جهة أخرى لا توافق على ما يفعله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
إعلانوفي حديثها للجزيرة نت، وصفت مارتن كلمة لوبان في الجمعية الوطنية، الاثنين، "بالخطاب الملتوي" وقالت "لم يشر أحد من حزبها إلى ضرورة توفير الوسائل اللازمة لفوز أوكرانيا أو الدخول في اقتصاد الحرب نظرا لأساليب انتخابية سيعتمدون عليها لإقناع الفرنسيين بعدم الموافقة على التضحية من أجل اقتصاد أوكرانيا وحياتها".
أما في ما يتعلق بالتقارب بين لوبان والكرملين، أكدت الخبيرة في الأحزاب السياسية أن بوتين كان سعيدا بمنح الأموال للتجمع الوطني لتمويل حملته الانتخابية، معتبرة أن "تحالف لوبان-بوتين آنذاك كان لضرورة مادية أكثر منها أيديولوجية".
من جهته، أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة ستانفورد في برلين أولريك بروكنر إلى اختلاف الطيف السياسي في أوروبا من بلد إلى آخر؛ "ففي إيطاليا تقود جورجا ميلوني حكومة ائتلافية يمينية، بينما حقق حزب الحرية بزعامة خيرت فيلدرز مؤخرا فوزا انتخابيا مفاجئا في هولندا، في حين ظلت دول مثل أيرلندا ومالطا والبرتغال -مع ظهور أولى علامات التحذير- معزولة نسبيا عن هذا الاتجاه".
وتابع في حديث للجزيرة نت أن هذه الأحزاب رغم اختلافاتها لديها خيوط مشتركة، كالتشدد بشأن الهجرة، والتشكك في العمل المناخي، ورفض التكامل الأوروبي فوق الوطني، معتبرا أن رئاسة ترامب لعبت دورا رمزيا في تشجيع الحركات اليمينية المتطرفة بأوروبا وتوفير المصادقة الأيديولوجية والتطبيع لقضاياها من خلال دفع الأفكار التي كانت هامشية في السابق إلى الخطاب السياسي السائد.
نذير بالانتصاروفي 8 فبراير/شباط الماضي، أشاد زعماء اليمين المتطرف الأوروبي بأجندة الرئيس الأميركي واعتبروها نذيرا بانتصارات مستقبلية لمعسكرهم، في حدث نظمه حزب فوكس اليميني المتطرف الإسباني في مدريد تحت شعار "لنجعل أوروبا عظيمة مرة أخرى"، بحضور مارين لوبان وفيكتور أوربان ونائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني.
إعلانوخلال الاجتماع، قالت زعيمة التجمع الوطني الفرنسي إن القادة الأوروبيين الحاضرين -الذين تمتلك مجموعتهم "الوطنيون من أجل أوروبا" 84 مقعدا في البرلمان الأوروبي- هم الوحيدون القادرون على التواصل والعمل مع إدارة ترامب.
ومن ثم، يرى الأستاذ بروكنر أنه إذا استمر زعماء اليمين المتطرف في اكتساب السلطة وتوحيد قواهم في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، فقد يؤدي ذلك إلى تحولات كبيرة مع مخاوف من تهميش الاتحاد من المحادثات الحاسمة واحتمال عمل هؤلاء كوسطاء بين بلدانهم والولايات المتحدة تحت إدارة ترامب.
ومع ذلك، أضاف بروكنر أن صعود أقصى اليمين يواجه قيودا كبيرة، مفسرا ذلك بالقول إن "القومية المتأصلة في هذه الأحزاب غالبا ما تعيق قدرتها على تشكيل تحالفات متماسكة على المستوى الأوروبي، كما تعمل الطبيعة المتنوعة للمجتمعات الأوروبية كحصن ضد الأيديولوجيات المتطرفة".
ورغم الأيديولوجيات المشتركة، لا يزال أقصى اليمين الأوروبي منقسما إلى 3 مجموعات حزبية في البرلمان الأوروبي، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواقفهم من روسيا إذ تحافظ بعض الأحزاب على علاقات ودية مع نظام بوتين بينما تدعو أحزاب أخرى إلى موقف أكثر صرامة.
وفي هذا السياق، يرى الأكاديمي الألماني أن تحول الرئيس الأميركي المحتمل نحو موقف أكثر تأييدا لبوتين قد يؤدي إلى إعادة تشكيل هذه التحالفات ويوحد الفصائل اليمينية المتطرفة المتباينة سابقا لأن ترامب وبوتين ينشران الدعاية الروسية نفسها، على حد قوله.
بدورها، لا تعتقد فيرجيني مارتن أن سياسة ترامب تتوافق بالكامل مع اليمين المتطرف الفرنسي على اعتبار أن زعيم حزب "استعادة فرنسا" إريك زمور وشريكته سارة كنافو يمثلان التوجه الأقرب إلى الرئيس الأميركي مقارنة مع لوبان.
وأضافت "أصبحت مارين لوبان شخصية صامتة إلى حد ما وتلعب على وتر نزع الشيطنة وتثبيت دور المؤسسات وإضفاء الشرعية على النظام، في حين لا يهتم ترامب على الإطلاق بكل ذلك ويسعد بخلق لحظات إعلامية تترك من خلفها ضجة كبيرة".
قد يرى البعض تصريحات المستشار القادم المتوقع لألمانيا فريدريش ميرتس بشأن تعزيز أوروبا للتمكن من تحقيق الاستقلال عن الولايات المتحدة خطوة تنذر بإبراز دور بلاده وتقويتها داخل الاتحاد الأوروبي، لكن السؤال يظل مطروحا بشأن مدى إمكانية تخطي دول القارة الأوروبية للألغام السياسية التي تعاني منها وتوحيد صفوفها أمام تصرفات ترامب التي تكون في معظمها "غير متوقعة".
إعلانوللإجابة عن ذلك، أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة ستانفورد في برلين أولريك بروكنر إلى أن المواطنين -غير السياسيين وغير المبالين بالأنظمة السياسيةـ يدركون أهمية الدفاع عن المجتمع المفتوح والمؤسسات الليبرالية، وهو ما يفسر جزئيا نسبة الإقبال المرتفعة على التصويت بالبلاد والتي تجاوزت 80% قبل أسبوعين.
وأضاف بروكنر "يفهم الناس أن إضعاف النظام السياسي وتقسيم أوروبا يصب في مصلحة القوى الأخرى والتكنولوجيا الكبرى التي لا تريد أن تخضع للتنظيم من قبل الاتحاد الأوروبي. ورغم أن المناخ السياسي الحالي قد يبدو مضطربا، فقد أثبتت الديمقراطيات الغربية قدرتها على الصمود بشكل ملحوظ على مر التاريخ".
وقد استطاع ترامب إثبات تأثير أسلوبه السياسي على إستراتيجيات الحملات الانتخابية للأحزاب اليمينية المتطرفة بأوروبا، خاصة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل المباشر، وتبنّي الخطاب الشعبوي، والتركيز على القومية.
وهو ما جعل أولريك بروكنر يوضح أن مفهوم "التعطيل" الذي يدافع عنه ترامب، ويردده مليارديرات وادي السيليكون مثل إيلون ماسك، يتردد صداه لدى هذه الأحزاب في أوروبا، إذ يسعى هذا النهج غالبا إلى قلب المعايير والمؤسسات السياسية الراسخة تحت ستار إعادة السلطة إلى الشعب من النخب السيئة.
وتابع المتحدث أن هذه الأيديولوجيات المشتركة عززت العلاقات الوثيقة بين الحركات اليمينية المتطرفة الأميركية والأوروبية، موضحا أن ذلك يتجلى ذلك في تشكيل مجموعة اليورو باتريوتس من أجل أوروبا، التي تنظر إلى ترامب كزعيم رمزي. وأضاف "كذلك دعمت شخصيات مؤثرة مثل ماسك، من خلال منصته إكس، نشاط شخصيات اليمين المتطرف الأوروبية، مما زاد من ظهورهم وتأثيرهم".