حذر الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام والخبير في النزاعات الدولية، من أن الأعمال العدائية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران تنذر بانفجار الأوضاع في المنطقة وتهدد السلم والأمن الدوليين بشكل غير مسبوق، مطالباً المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لنزع فتيل الأزمة قبل تطورها إلى مواجهة شاملة تُلقي بظلالها على العالم بأسره.

وأضاف الدكتور مهران لصدى البلد "إن إسرائيل لا تكف عن استفزاز دول المنطقة وإشعال نيران الصراع بسياساتها العدوانية، في تحدٍ سافر لكل الأعراف والقوانين الدولية، ولا سيما ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر استخدام القوة أو التهديد بها ضد وحدة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة".

وأضاف: "صحيح أن حق الدفاع عن النفس مكفول بموجب المادة 51 من الميثاق، لكن ممارسة هذا الحق ليست مطلقة ويجب أن تخضع لمعايير الضرورة والتناسب، بحيث تقتصر على صد عدوان مسلح وشيك أو حال، ولا تتحول لذريعة لشن حروب استباقية أو عقابية تتنافى مع مبادئ القانون الدولي".

وأوضح أن التوغل الإسرائيلي المتكرر داخل الأراضي السورية واللبنانية والعراقية، فضلاً عن الغارات الأخيرة على منشآت إيرانية، قد يرقى لمستوى العدوان على سيادة هذه الدول، وهو أمر تُجرمه قواعد القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني على حد سواء، لكنه لفت الي ضرورة ضبط النفس، مبيناً أن استمرار المواجهة بهذا المستوى سيقوض كل فرص تحقيق السلام ويدفع باتجاه سيناريوهات مدمرة لن يكون فيها رابح سوى تجار الحروب.

وحول سبل احتواء الأزمة، شدد أستاذ القانون الدولي على ضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية لوقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات، وتكاتف المجتمع الدولي، وتراجع امريكا عن سياستها المشجعه لاله القتل الإسرائيلية، داعياً مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين، وفرض تدابير ملزمة وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمنع تفاقم الصراع، بما في ذلك إصدار قرار بنشر قوات حفظ سلام أو فرض عقوبات على الأطراف التي تعرقل وقف اطلاق النار في غزة، علي ينفذ علي الفور.

كما أكد مهران  حتمية التوصل لتسوية سلمية شاملة تنهي دوامة العنف والعداء المحتدمة بالمنطقة، مجدداً التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية كأساس لأي اتفاق مستقبلي، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه غير القابلة للتصرف في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

وأشار إلى أن قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية تشكل خارطة طريق متوازنة لحل الصراع، لكن تعنت إسرائيل واستمرار سياساتها الاستيطانية والتوسعية تقوض أي فرصة للتقدم، وهو ما يستدعي ضغوطاً دولية حازمة لإلزامها بوقف هذه الانتهاكات والامتثال لحكم القانون الدولي.

ورحب بالدور المصري، والجهود الدبلوماسية الحثيثة التي تبذلها القاهرة للتهدئة ومنع انزلاق المنطقة نحو حرب شاملة، وتحذيراتها المتكررة من أن ما يحدث سوف يؤدي الي تفاقم الازمة، معتبراً أن التصرفات المصرية تنسجم مع دورها التاريخي كمحور للاستقرار الإقليمي وكراعٍ للسلام، من خلال استخدام ثقلها السياسي ونفوذها الدبلوماسي بين الأطراف وتقريب وجهات النظر، مشددًا علي أن إحلال السلام والاستقرار الدائم في المنطقة لن يتحقق إلا بالانخراط الجاد في عملية تفاوضية تقود لاتفاق شامل ومتوازن يحقق الأمن والعدالة للجميع، وفق مرجعيات القانون الدولي والقرارات الأممية ذات الصلة، محذراً من أن عسكرة الصراع لن تُجدي نفعاً سوى تأجيج التوترات وإدامة معاناة الشعوب.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القانون الدولی

إقرأ أيضاً:

محللون: اليوم الأول لوقف إطلاق النار بغزة رسخ قواعد جديدة

رأى محللون وباحثون فلسطينيون أن اليوم الأول لوقف إطلاق النار في قطاع غزة رسخ قواعد جديدة، وأكدوا أن اليوم التالي للحرب سيكون فلسطينيا خالصا.

وقال المحلل السياسي عمر عساف لوكالة الأناضول إن اليوم الأول لوقف إطلاق النار ثبّت عدة معادلات "أولها أن للمقاومة الفلسطينية اليد العليا قبل وبعد الطوفان (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023) لأن من ادعى أنه يسعى لتدمير المقاومة والقضاء عليها لم يستطع فعل شيء مما يقول".

أما المعادلة الثانية وفقا لعساف فهي "تولد شعور لدى أبناء الشعب الفلسطيني بأن المقاومة قد أثبتت حضورها، وأفشلت كل ما يسعى له الاحتلال، وبالتالي ازداد التفافه حولها في مشهد يخلق اهتزازا لدى كيان الاحتلال".

وأضاف أن القضية الفلسطينية خرجت مما وصفها بمتاهات الحل التصفوي وسياسة الاستجداء، و"حظيت بدفعة للأمام جراء إنجازات المقاومة، وهي اليوم تتحدث للعالم كله عن القضية الفلسطينية".

ظهور مقاتلي القسام

من جانبه، أكد الباحث سليمان بشارات أن حرب الإبادة الإسرائيلية فشلت في القضاء على المقاومة وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، داعما قوله بـ"الظهور العلني لمقاتلي حماس وما رافقه من تجهيزات خلال تسليم الأسيرات الإسرائيليات الثلاثة، ما يدلل على أن الحركة ما زال لديها من القدرة البنيوية والإدارية والتنظيمية ما يؤهلها لإدارة الملفات الحساسة".

إعلان

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل حيز التنفيذ صباح أمس الأحد، ويستمر في مرحلته الأولى لمدة 42 يوما، يجري خلالها التفاوض على المرحلتين الثانية والثالثة.

وأفرجت حماس مساء الأحد عن 3 أسيرات إسرائيليات وسط ظهور علني لمقاتلي الحركة في مدينة غزة بين آلاف الفلسطينيين الذين رددوا هتافات مؤيدة لهم. وفي المقابل أفرجت إسرائيل فجر الاثنين عن 90 من الأسيرات الفلسطينيات والفتيان.

وذكر بشارات أن كل الأطراف التي دفعت إلى الاتفاق "معنية إلى حد كبير في استكمال المرحلة الأولى منه وصولا إلى اليوم 42، وهذا لا يعني عدم وجود خروقات أو منغصات أو محاولات لإعادة بعثرة الأوراق خصوصا من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو".

احتمالات عودة الحرب

ورجّح الباحث الفلسطيني أن يشكل الشارع الإسرائيلي عقبة كبيرة أمام عودة الجيش إلى الحرب، وقال إن "مشاهد الإفراج عن الأسيرات الإسرائيليات وتلهف الشارع الإسرائيلي لاستقبالهن يعطي انطباعا واضحا أن العودة للحرب لن تكون سهلة".

بدوره، قال الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي هاني أبو السباع إن الاتفاق شكل "حدثا كبيرا أثار جدلا في إسرائيل وتساؤلات عما فعله الجيش في القطاع على مدى أكثر من 470 يوما".

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي دخل قطاع غزة في حرب برية هي الأطول في تاريخ إسرائيل وخسر مئات الضباط والجنود، و"اليوم يدور الحديث داخليا عن خسارة المعركة".

وقال إن "الجدل يتعلق بكون إسرائيل دولة قوية نووية تخشاها الدول وربما الشرق الأوسط، وذات علاقات اقتصادية قوية مع قوى كبرى، لكنها عجزت في القضاء على حركة حماس المحاصرة في قطاع غزة منذ 18 عاما".

وأشار إلى أن ظهور مقاتلي كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس فور بدء الهدنة أثبت صعوبة القضاء على حماس، "بل إن الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن نصر مدوّ لحماس وعن رفع إسرائيل الراية البيضاء أمامها".

شاب يرفع العلم الفلسطيني في جباليا شمالي قطاع غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (الفرنسية) "اليوم التالي"

وفيما يتعلق باليوم التالي للحرب في إسرائيل، لفت أبو السباع إلى استعداد المعارضة لتوفير شبكة أمان لحكومة نتنياهو إذا اقتربت من الانهيار، لكنه أوضح أن المعارضة تصر على محاسبة "كل من قصّر في 7 أكتوبر، بما في ذلك نتنياهو وقادة الجيش".

إعلان

ورجّح أن إخفاق الجيش الإسرائيلي في غزة سيقابله "تغول في الضفة الغربية المحتلة لصرف الأنظار عن فشله في غزة".

وقال الباحث الفلسطيني إن "تدهور الروح المعنوية للجنود الإسرائيليين يتجلى في دباباتهم المدمرة وكثير من أسرار الحرب وجحيم غزة".

وخلص إلى أن اليوم التالي للحرب "هو للمقاومة في غزة، وإسرائيليا يكون في بدء انتقاد الحكومة التي يبيع رئيسها تصريحات غير واقعية، بينما فشل في تحقيق ما توعد به كإنهاء حماس واحتلال غزة".

وعلى مدى أكثر من 15 شهرا شنت إسرائيل حرب إبادة في غزة حيث استشهد نحو 47 ألف فلسطيني بينهم عائلات محيت بأكملها من السجل المدني، كما أصيب أكثر من 110 آلاف شخص، ودُمرت غالبية البنية التحتية المدنية في القطاع من منازل ومدارس ومساجد ومستشفيات.

مقالات مشابهة

  • بسبب عدم التزام إسرائيل.. تحذير دولي من عودة الهجمات في “البحر الأحمر”
  • خلال أيام.. مبعوث ترامب يبدأ محادثات المرحلة الثانية لوقف إطلاق النار في غزة
  • بوتين يثمن دور مصر في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة
  • السيسي يستعرض جهود مصر لوقف إطلاق النار بغزة في اتصال هاتفي مع بوتين
  • عطاف: يحذونا أمل حذر وتفاؤل يقظ لوقف إطلاق النار بغزة
  • نقيب الأشراف: مصر بقيادة الرئيس لعبت دورًا بارزًا لوقف إطلاق النار بغزة
  • المستشار النمساوي لـ السيسي: مصر قامت بدور جوهري لوقف إطلاق النار بغزة
  • خبراء: اليوم الأول لوقف إطلاق النار بغزة رسخ قواعد جديدة
  • تفسيرات بشأن ظهور مقاتلي القسام في أول يوم لوقف إطلاق النار بغزة
  • محللون: اليوم الأول لوقف إطلاق النار بغزة رسخ قواعد جديدة