الطوفان يواصل كشف زيف المجتمع الدولي
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
من المؤكد أن العلاقات الدولية ما بعد طوفان الأقصى، لن تكون أبداً كما كانت قبله، نظرة الشرق للغرب، تطلعات الشمال والجنوب، أنظمة «الفيتو» والشعوب المقهورة، فالطوفان كشف الوجه الحقيقي للمجتمع الدولي، بمعظم عواصمه، الوجه الخادع للمنظمات والمحاكم الدولية، بمعظم مسمياتها، وهو الأمر الذي سيعلي من شأن الأصوات المطالبة بعدم الانصياع خلف تلك العواصم، خصوصاً المهيمنة دولياً من جهة، وأيضاً بتعديل قواعد ومواثيق عمل تلك المنظمات والمحاكم من جهة أخرى، وفي مقدمتها ما يعرف استخدام حق النقض للدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي.
بدا واضحاً أن ستة أشهر كاملة من القصف اليومي على مدنيين أبرياء في قطاع غزة، وهدم منازلهم، وقتل وإصابة ما يصل إلى 115 ألفا منهم، لم تكن كافية لاستنفار الضمير الإنساني لدى دول الغرب تحديداً، والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، وهي الدول التي دأبت على مد كيان الاحتلال بالسلاح طوال الوقت، لاستخدامه في حرب الإبادة، وفي الوقت نفسه، في إطار حالة النفاق السائدة، تطالب هذه الدول أيضاً بإدخال المساعدات الإنسانية للجوعى والمرضى، ذراً للرماد في العيون، إلى أن يحين وقت قتلهم، أو هكذا بدت الأمور.
طوال الوقت كان الشغل الشاغل لهؤلاء، هو تحرير عشرات الأسرى الإسرائيليين، دون أي حديث عن آلاف الأسرى الفلسطينيين، طوال الوقت كان الحديث عن خفض عدد القتلى بشكل يومي في صفوف الفلسطينيين، دون أي حديث عن وقف استهداف المدنيين بشكل عام، طوال الوقت كان الحديث عن هدنة أو هدن، دون أي حديث عن وقف تام للقتال، حتى تستعيد آلة القتل عملها بمجرد الإفراج عن أسرى الكيان، وذلك في سوابق تاريخية تؤكد أننا أمام منظومة دولية فاشية، تدير العالم علانية، دون أي استحياء أو خجل. إلا أن هناك من الشواهد ما يوجب علينا التوقف أمام تلك الأحداث من وجوه عديدة، علّ وعسى يستوعب الشارع العربي، حقيقة ما يجري حوله على كل المستويات، في ظل المنظومة السياسية الحاكمة من المحيط إلى الخليج، التي أصبحت تتشابه فيما بينها من كل الوجوه، خصوصاً في التخلي عن دعم القضايا العربية التاريخية العادلة، مادام الطرف الآخر هو الولايات المتحدة، الآمر الناهي، الذي يجب أن يُطاع، من هنا جاءت عمليات التطبيع العربية المتتالية مع الكيان الصهيوني، نتاجاً طبيعياً لهذه الحالة من الانبطاح، حتى لو كانت النتيجة المؤكدة هي التخلي عن أقدس مقدسات العرب والمسلمين، ويمكن الإشارة إلى عدد من الشواهد في النقاط التالية:
أولاً: منذ بدء عملية طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر الماضي، لم تعد تصدر عن واشنطن، أو أي من عواصم الغرب، أي تقارير دورية فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في العالم العربي، خصوصاً ما يتعلق بمصر والسعودية، كما لم تعد تصدر أي تعليقات سياسية حول ما يستجد من انتهاكات أو اعتقالات، ما يؤكد أننا كنا في السابق أمام حالة ابتزاز واضحة، لا أكثر ولا أقل، لا علاقة لها بالأخلاق والإنسانية من قريب أو بعيد.
تشكل الحرب الدائرة في قطاع غزة الآن، منطقاً معكوساً، في السلوك الدولي، فأسراب الطائرات والسفن المحملة بالأسلحة إلى كيان الاحتلال، لم تتوقف على مدار الشهور السابقةثانياً: كشف طوفان الأقصى الوجه القبيح للغرب من كل النواحي، التاريخية والسياسية والأخلاقية والطائفية والعنصرية، الأمر الذي سينسف كل الادعاءات السابقة، التي استنزفت الكثير من الجهد ونفقات الدعاية والإعلام، على مدى 70 عاماً على الأقل، منذ ما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، حتى بلغ الأمر أن مواطن الشرق، أصبح يعتقد صدق ذلك العطف الغربي على الحيوان والطير والبيئة، في الوقت الذي تتلطخ أيديهم بدماء ملايين البشر عبر العصور، حتى الآن.
ثالثاً: ثبت بالأرقام أن عدد الغربيين وغيرهم من نحو 13 دولة، للعمل في صفوف قوات الإبادة الصهيونية، زاد على 20 ألفاً، ما بين يهود، ونازيين جدد، ومرتزقة مال، في الوقت الذي لم تطلب فيه أي دولة عربية، سواء بشكل رسمي، أو من خلال جمعيات أهلية، أو حتى من خلال جامعة الدول العربية، السماح لمتطوعين بالانخراط في صفوف المقاومة الفلسطينية، على اعتبار أن فلسطين، على الأقل، دولة عضو ومؤسس في جامعة العرب.
رابعاً: تشكل الحرب الدائرة في قطاع غزة الآن، منطقاً معكوساً، في السلوك الدولي، فأسراب الطائرات والسفن المحملة بالأسلحة إلى كيان الاحتلال، لم تتوقف على مدار الشهور السابقة، في الوقت الذي يحرم فيه العالم المدنيين الواقعين تحت الاحتلال من الحصول حتى على أسلحة دفاعية، في مواجهة أقوى أسلحة العصر الحديث، بل إننا لم نسمع من أي عاصمة عربية حديثاً حول حق الشعب المحتل في الدفاع عن نفسه.
خامساً: منع الغذاء والدواء عن الشعب الفلسطيني في القطاع، والمساومة الدولية، سياسياً وعسكرياً، على ذلك، هو في حد ذاته من أكبر جرائم الحرب، بل وصل الأمر إلى اعتبارهم، في تصريحات علنية، «حيوانات بشرية» سنقطع عنهم الماء والدواء والغذاء، وسنطردهم من منازلهم ومن أرضهم، إلى غير ذلك مما يؤكد أننا مازلنا نعيش عالم الغاب في أبشع صوره.
سادساً: استطاعت إيران تثبيت أقدامها أكثر وأكثر في المنطقة العربية، وفي أذهان وقناعة المواطن هذه المرة، بعد القصف الصاروخي التاريخي على دولة الاحتلال، والدور الذي قام به حزب الله على جبهة الحرب الشمالية، والدور الذي يقوم به الحوثيون في البحر الأحمر، وبعض العمليات من داخل العراق، ومن خلال المساعدات الكبيرة المقدمة إلى حركات المقاومة في غزة، في ظل صمت واضح لما تسمى بدول المذهب السني، التي بدا واضحاً أنها تخلت عن القضية الفلسطينية، في الوقت الذي تعيب فيه على إيران طوال الوقت تدخلها في الشأن العربي.
سابعاً: يطرح السؤال المهم نفسه على الأحداث المتعلقة بإسرائيل تحديداً وهو: أين جماعات الإسلام السياسي العربية، خصوصاً الجماعات المسلحة، من أمثال تنظيم الدولة «داعش» في العراق، أو «إمارة سيناء»، في مصر، أو «النصرة» في سوريا، أو «الجماعة الإسلامية» في لبنان، وغير ذلك من الجماعات التي كان من المفترض أن تنتفض لأشرف الحروب العربية على الإطلاق، في الدفاع عن شعب فلسطين ومقدسات المسلمين، ما يؤكد أننا أمام جماعات صناعة خارجية، مع الإشارة إلى داعش تحديداً، التي قامت بأعمال عدائية في الفترة الأخيرة، داخل أفغانستان، وداخل إيران، وحتى داخل روسيا.
على أية حال، ربما كانت المبادرات المطروحة على مائدة المفاوضات طوال الوقت، هي في حد ذاتها دليل دامغ على زيف المجتمع الدولي، الذي يستهدف بالدرجة الأولى محو المقاومة الفلسطينية من الوجود، تمهيداً لتصفية القضية، التي بعد أن تولى وتوارى أنصارها، استبدلتهم العناية الإلٰهية بآخرين من نيكاراغوا وجنوب افريقيا والبرازيل، وحتى المكسيك وكولومبيا وتشيلي، ما يؤكد عدالة هذه القضية، التي بدأت فصولها بوعد بلفور المشؤوم، ويقيناً سوف تختتم بالنصر، بوعد الله الحق.
وربما كان ذلك هو السبب في هذه الحالة من الهلع التي تنتاب حكومة وقوات الاحتلال، ومن خلفهما عواصم الدعم المادي والعسكري، التي أصبحت على يقين بأن دولة الظلم ساعة، وقد آن أوان نهايتها إلى غير رجعة، هزيمة وتعرٍ في الخارج، وتفتت وتشرذم من الداخل، في معجزة نادرة، على أيدي مجموعات صغيرة من المجاهدين الذين أخذوا بالأسباب، لا أكثر ولا أقل، وسط هذا الزيف الدولي الذي لم يعد يقتصر على العجم، بعد أن أصبح بعض العرب لاعبين أساسيين في المؤامرة.
المصدر: القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال الفلسطينيين فلسطين غزة الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الوقت الذی طوال الوقت ما یؤکد دون أی
إقرأ أيضاً:
«أبوظبي للغة العربية» يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسابقة «أصدقاء اللغة العربية»
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلة «الكمدة» تحافظ على لقب «الإسطبلات الخاصة» «الإمارات للدراجات» ثالث «المرحلة 3» من «طواف العلا»كرّم مركز أبوظبي للغة العربية، الطلبة الفائزين بالدورة الرابعة لمسابقة أصدقاء اللغة العربية السنوية المخصّصة للطلبة ضمن الفئة العمرية من 8 إلى 16 عاماً، من الناطقين باللغة العربية والناطقين بغيرها، وذلك خلال حفل استضافته أمس قاعة الحصن بمقر المركز، بحضور سعادة سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي للمركز، وعدد من المسؤولين في المركز، وشخصيات تربوية، وأهالي الطلبة، وحشد من الإعلاميين.
وفاز في المسابقة كلٌّ من الطالبة الإماراتية مريم المرزوقي، من مجمع زايد التعليمي - دبي، وهي من أصحاب الهمم، والطالبة المصرية مرام محمد حجاج من مدرسة الشامخة - أبوظبي، والطالب السوري إسماعيل عبدالمعين دعاس من مدرسة النهضة - أبوظبي.
واستحقّ الفائزون الثلاثة نيل جائزة المسابقة النقدية، وقيمتها 10 آلاف درهم إماراتي، وذلك بعد أن اجتازت مقاطع الفيديو الخاصة بهم (التي لا تتجاوز دقيقتين) اختبارات لجنة التحكيم، وحقّقت شروط المسابقة المتعلّقة بمهارات القراءة الصحيحة، والنطق السليم، وإجادة النبر والتنغيم، وتوافق النص مع لغة الجسد، وصحة الوقفات.
وتترجم المسابقة استراتيجية المركز في الاهتمام بالمبدعين من أصحاب الهمم، والاستثمار بقدراتهم، وتمكينهم من تحقيق طموحاتهم، ودمجهم في المجتمع ليكونوا عناصر قادرة بشكل فاعل في المساهمة ببناء مستقبل أكثر إشراقاً وتطوّراً، كما تنسجم مع توجّهات القيادة الرشيدة بإعلان العام 2025 «عام المجتمع» حيث تستهدف فعاليات المركز جميع أفراد المجتمع تحقيقاً لاستراتيجية تنموية يحرص من خلالها على إثراء المخزون الثقافي، والفكري، والمعرفي لمختلف الفئات والشرائح المجتمعية.
وقد هنّأ سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية، في كلمته بحفل التكريم، الطلبة الفائزين بالمسابقة.
كما وجّه الشكر لوزارة التربية والتعليم، والكوادر العاملة في المجال التعليمي، وأهالي الطلبة المشاركين، على المستوى الرائد والمتقدم الذي ظهرت به المشاركات.
وأكّد الطنيجي حرص مركز أبوظبي للغة العربية على توفير بيئة مشجعة ومنضبطة تسمح بتحقيق تطلعات الأهالي والآباء في تمكين أبنائهم من امتلاك ناصية اللغة العربية وإجادة التعبير بواسطتها عن أحلامهم وآمالهم لما في ذلك من أثر كبير في بناء شخصيتهم وتطورها، وتحسين مداركهم، عبر غرس المعاني الرفيعة للثقافة العربية في نفوسهم ووجدانهم في سن مبكّرة.
وتابع سعادته: «يحرص المركز من خلال مبادراته ومشاريعه على تعزيز وعي وثقافة جميع أفراد المجتمع، والاستثمار في تنمية ملكاتهم، والنهوض بالمواهب على صعيد الإبداعات المرتبطة باللغة العربية. وقد استطاعت المسابقة منذ إطلاقها أن تكشف عن مجموعة واسعة من المواهب التي نعتزّ بإمكاناتهم، وقدراتهم، ما يحفزنا على بذل المزيد من الجهود ليبقى هذا الجيل الجديد على مقربة من لغته، وثقافته العربية الأصيلة، ويكون قادراً في المستقبل على تعريف أقرانه حول العالم بإرثه الحضاري.