تستعد الرياض لإطلاق أول أوبرا سعودية بعنوان "زرقاء اليمامة"، وأعلنت هيئة المسرح والفنون الأدائية، أن العمل المنتظر ستجري عروضه على مسرح مركز الملك فهد الثقافي في العاصمة السعودية.
.المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الرياض فنانون مسارح
إقرأ أيضاً:
«الوعي» هو آخر من يعلم!
هل هنالك أدلة على وجود «الوعي» حقا؟ أم علينا أن نتعامل معه كشيء بدهي؟ ويا ترى من أي نقطة ينبثقُ ضمن قصّة تطور الإنسان المُركبة؟
تطرح آناكا هاريس فـي كتابها: «الوعي، دليل موجز للغز الجوهري للعقل» ترجمة: أحمد هنداوي، أسئلة عديدة حول فكرة «الوعي»، تُضاهي سؤال: كيف يمكن أن ينشأ شيءٌ ما من العدم؟ ذلك الشيء الذي يبقى حاضرا، رغم شلل الجسد أحيانا أو انحباسه فـي غيبوبة، أو تحت تأثير مخدر طبي؟
وإن كنا نربط «الوعي» بأهمية وجود دماغ وجهاز عصبي، فهاريس تضربُ لنا مثالا حيا بالنباتات، فعلى سبيل المثال: خناق الذباب لا يُغلق مصيدته إلا إذا لمست حشرة شعرتين من الشعر الموجود على أوراقه، وشتلات القمح تتذكرُ انتهاء فصل الشتاء وبدء وقت الإزهار وصنع البذور، وبعض النباتات تدركُ أهمية أن تتجشم العناء ناحية الضوء. ماذا أيضا عن ذاكرة الكائنات الأخرى التي تدفعها لأن تُنجب ذرية مُقاومة لنقاط ضعف أسلافها القدامى؟ أليس من المذهل أن يكون لدى النباتات قدرة على تمييز الأصوات والروائح وتشكيل الذكريات؟
«أمهات الأشجار»، قادرة على تمييز أقاربها من النوع نفسه، هذا ما اكتشفته الأبحاث التي أجريت فـي بعض الغابات - كما تذكر هاريس- فلديها شبكات جذرية أشبه بشبكات الإنترنت الطبيعية، وبشيء أقرب إلى الخيال الكرتوني، تتمكن الأشجار من إرسال الكربون لأقاربها وتقلل التنافس مع جذور الأشجار الناشئة لتنمو دون مشقة. ولنا أن نتصور كيف تمضي بينها الرسائل المُشفرة بواسطة شبكة الجذور المُعقدة تلك، فتخبر بعضها البعض عندما تمرضُ أو تحتضر!
هذا السلوك المُعقد للنباتات يطرح السؤال الأعمق: هل تحتاج الكائنات الحية إلى «الوعي» لتمارس حياتها؟ الأمر هنا يُشبه تلك الخوارزمية المُعقدة لشبكات الإنترنت التي تعمل دون وعي، فما الذي يعد دليلا على وجود «الوعي»؟
كيف يمكن لروبوت فاقد الوعي أن يتفكر فـي تجربة واعية دون أن تكون له تجربة واعية أصلا؟ فتجربة الوعي تؤثر فـي المعالجة التي تحدث فـي الأدمغة، فعندما نتحدث عن لغز «الوعي»، لا بد من نقطة مرجعية نعود إليها، لا بد من تجربة نوعية تكون هي الأصل الحاسم!
ولنا أن نتصور فكرة مرعبة أخرى يُعرج عليها الكتاب أيضا: «الوعي هو آخر من يعلم»، إذ تنتقل المعلومات البصرية والسمعية والمعلومات الحسية عبر جهازنا العصبي بسرعات مختلفة. فاليدان اللتان تلمسان الكرة - على سبيل المثال- بعيدتان عن الدماغ، ولذا علينا أن نُدرك مُزامنة الإشارات ولحظة دخولها إلى التجربة الواعية من خلال عملية «الربط». فالإدراك هو النتيجة النهائية لحيل تعديل بارعة ومستمرة. إذ ينجح الدماغ فـي إخفاء الفروق الزمنية، فما يُقدمه لنا بوصفه الواقع هو فـي الحقيقة نسخة متأخرة عنه!
يقوم دماغنا بجمع كل المعلومات من الحواس قبل أن يبني قصّته الفريدة، والنتيجة كما يقول عالم الأعصاب ديفـيد إيجلمان: أدمغتنا تعيش فـي الماضي، إذ بحلول الوقت الذي نظن أنّ هذه اللحظة تحدث، تكون اللحظة فـي حقيقتها قد انتهت!
هكذا يُغير الدماغ سلوكه باستمرار استجابة للمدخلات التي يتلقاها، فهو يتطور من خلال الذاكرة والتعلم المستمر، إذ يُجهز حركات ميكانيكية للجسد قبل أن يُدرك الجسد بوعي قرار التحرك!
كلما قرأتُ كتابا من هذا النوع، ينبشُ فـي هذه الأسئلة التي يكتنفها الشك والغموض، تأكدتُ أنّ الإنسانية وأسئلتها ما تزال بكرا، وأننا بالكاد بدأنا نفهم عقولنا وضآلتنا فـي هذا الكون الشاسع!
هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى