الإمارات.. نموذج ملهم في التلاحم المجتمعي
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
سامي عبد الرؤوف (دبي)
شهدت الحالة الجوية التي مرت بها دولة الإمارات، الكثير من النماذج الملهمة والرائدة في التلاحم المجتمعي والتعاون بين أفراد المجتمع والجهات الحكومية من جهة وتعاون أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين مع بعضهم بعضاً من جهة ثانية.
وأظهرت نتائج الأمطار الاستثنائية، تحلي جميع فئات ومكونات المجتمع بالمسؤولية المجتمعية التي أكدت وعي الجمهور ودوره الإيجابي خلال فترة المنخفض الجوي، مما أسهم بإيجابية كبيرة في حماية الأرواح والممتلكات وتعزيز الاستقرار والسلامة في المجتمع.
التلاحم المجتمعي
رصدت «الاتحاد» أبرز مظاهر وملامح التلاحم المجتمعي والتعاون الشعبي والثقة في قدرة الجهات المختصة والمعنية الاتحادية والمحلية على التعامل بحرفية قبل وأثناء وبعد المنخفض الجوي.
وتفصيلاً، تخللت الحالة الجوية في الأيام الماضية، مواقف وطنية نبيلة، من بينها ما قام به مواطن من أفراد الشرطة، خلال تأديته عمله وسط الأمطار فإذا به يرى عَلَم الدولة، وقد سقط بفعل الرياح الشديدة، فيأخذه من ساريته ويقبله ويضعه في مكان مناسب يليق بذلك الرمز الوطني الغالي.
وخلال هذه الأيام، حفلت طرقات الدولة بالكثير من قصص التعاون الشعبي، حيث قام أشخاص بمساعدة آخرين علقت سياراتهم في الشوارع، فقاموا إما بجرها جانباً بعيداً عن الطرق أو بمساعدتهم بأيديهم لتنحية هذه المركبات من عرض الطريق.
وعلى مستوى التعاون مع الجهات المختصة، تلقت أرقام الطوارئ التابعة للشرطة أو الدفاع المدني والبلديات وفرق الإنقاذ والإسعاف في كل إمارة بلاغات من مواطنين عن مناطق تجمع مياه الأمطار أو تعطل سيارات أو وجود عالقين في إحدى المناطق الجبلية أو الأودية التي تجمعت بها مياه الأمطار.
التعليمات
كما شهدت أحداث الأمطار، التزام النسبة الأكبر من أفراد المجتمع وشرائحه بالتعليمات الصادرة عن الجهات المختصة على مستوى الدولة، فيما يتعلق بأخذ الحيطة والحذر وعدم الخروج إلا للضرورة والالتزام بالتعليمات المتعلقة بالسير في طرق محددة وتجنب أخرى تعرضت للإغلاق بسبب تراكم المياه.
وساعد هذا التعاون المجتمعي في سرعة تجاوز تداعيات الحالة الجوية التي مرت بها الدولة خلال الأيام الماضية، إلا أن ذلك النجاح يستلزم الاستمرار في التقيد بالإرشادات والتعليمات الصادرة من الجهات الرسمية وخاصة فيما يتعلق بالابتعاد عن أماكن جريان الأودية وتجمعات المياه.
ثقة بالحكومة
ولم يخل الأمر من ثقة مجتمعية بقدرة الجهات المختصة على التخلص من تأثيرات وتداعيات الأمطار الغزيرة في أقرب وقت ممكن، وهو ما حدث بالفعل حيث تم التعامل بسرعة فائقة في تجاوز أهم الآثار خلال ما يتراوح بين 24 ساعة و36 ساعة، لتعود الحياة إلى طبيعتها بنسبة كبيرة جداً.
وتعد الأمطار الغزيرة التي شهدتها الدولة مؤخراً، هي الأكبر منذ نحو 75 عاماً، وعادلت كمية الأمطار التي تساقطت في 12 ساعة خلال ذروة المنخفض الجوي، ما تشهده الدولة من كمية أمطار خلال عام كامل، مما يجسد حجم المطر الذي شهدته الدولة في غضون الأيام الماضية.
ملحمة مجتمعية
وتمثل الجهود الكبيرة والمتواصلة من الأفراد العاملين في الجهات المختصة، واحدة من أبرز معالم الملحمة المجتمعية التي تجسدت خلال التعامل مع تداعيات المطر، فالموظفون في الشرطة والبلديات والدفاع المدني وغيرهم، واصلوا الليل بالنهار والعمل الدؤوب بما يعبر عن حبهم وتعاملهم مع الأمر ليس من باب الوظيفة وتأدية الواجب، بل من منطلق الحب والتضحية في سبيل الوطن وضمان سلامة أهله والعمل على راحتهم.
وخلال الأيام الماضية قام الأشخاص العاديون بإرسال الرسائل النصية لأقربائهم وأصدقائهم وذويهم، حول تحديث تعليمات وتوجيهات الجهات المختصة فيما يتعلق بكل الأمور الخاصة بالتعامل مع نتائج المنخفض الجوي، مما أسهم بإيجابية كبيرة في حماية الأرواح والممتلكات وتعزيز الاستقرار والسلامة المجتمعية.
كما قام عدد من المواطنين بالتنبيه من خلال فيديوهات أو رسائل نصية عبر برامج التواصل المجانية أو وسائل التواصل الاجتماعي، فيما يتعلق بأماكن جريان المياه والأودية ومخارج السدود والتصدعات البسيطة التي شهدها عدد محدود من الطرق.
إنقاذ قطة
اللافت أيضاً أن الاهتمام بتخفيف آثار المنخفض الجوي، شملت كذلك الحيوانات عن طريق حمايتها والاهتمام بتوفير المأوى المناسب والآمن لها، ومن ذلك قصة القطة التي كانت متشبثة بمقبض باب إحدى السيارات وسط ارتفاع منسوب مياه الأمطار، فيأتي أحد أفراد الدفاع المدني لينقذها ويأخذها برفق إلى مكان بعيد عن مياه الأمطار، ويقوم بتهدئة مخاوفها.
استمرارية الخدمات
وفي لقاء مع عدد من المسؤولين في الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية في دبي، قال الدكتور محمد سليم العلماء، وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية: «الخدمات الصحية مستمرة بكفاءة وفاعلية وسلاسة دون توقف أو انقطاع خلال الأيام الثلاثة الماضية التي شهدت مرور الدولة بمنخفض جوي».
«لقد نجحت مختلف المؤسسات المعنية في الدولة في التعامل باحترافية تامة في مواجهة تداعيات الحالة الجوية التي تشهدها الإمارات منذ عدة أيام».
وأضاف: «طريقة التعامل التي حدثت، تقدم تجربة نموذجية تثبت بها الإمارات كفاءة أجهزتها في مواجهة مختلف التحديات وفق أعلى المستويات، وقد رأينا التكامل الكبير في أداء الأجهزة الرسمية سواء على المستوى المحلي أو الاتحادي، مما أسهم بدور كبير في احتواء آثار حالة عدم الاستقرار الجوي».
وأشار إلى أن أبرز ما يمكن استخلاصه والتأكد من وجوده كحقيقة في دولة الإمارات، هو سرعة وكفاءة والجاهزية القصوى والاستعداد الكامل لجميع الجهات بكل القطاعات في إطار منظومة فعالة وتنسيق ميداني واسع النطاق مع التزام مجتمعي أصيل بالتوجيهات والتعليمات الرسمية.
العيادات الافتراضية
من جانبه، كشف الدكتور يوسف محمد السركال، المدير العام لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، أن نحو 500 موعد طبي في المرافق التابعة للمؤسسة، تم تحويلها إلى مواعيد إلكترونية، حيث تم إنجاز الكشف وتوفير العلاج والرعاية الصحية اللازمة لأصحابها من خلال العيادات الافتراضية التابعة للمؤسسة.
وأشار السركال، الذي قام بجولات ميدانية على المرافق الطبية التابعة للمؤسسة على مدار الأيام الماضية، إلى أن المؤسسة اتخذت قراراً بضرورة استمرار تقديم الخدمات من دون التأثر بتداعيات المطر، فعملت على 3 أمور بالتوازي، هي: تقديم الخدمة في المرفق الطبي للأشخاص الذين تمكنوا من الوصول إليه، والثاني الذهاب إلى منازل وبيوت الحالات الضرورية وغير القادرة على الوصول إلى المرفق الطبي، بالإضافة إلى العيادات الافتراضية.
وأكد أن الاستثمار في القطاع الصحي الاتحادي الذي حدث خلال الفترة الماضية، هو ما ساعد بشكل كبير في عدم تأثر تقديم خدمات الرعاية الصحية للجمهور.
البنية الإلكترونية
من جهته، نوه عوض صغير الكتبي، المدير العام لهيئة الصحة في دبي، بقدرة البنية التحتية لدولة الإمارات على مواجهة مثل هذه التحديات المناخية غير المسبوقة، مشيراً إلى أن النتائج المترتبة على الأمطار الغزيرة كانت محدودة جداً، ولم ينتج عنها أي خسائر في الأرواح وهذا هو الأمر الأهم والمقياس الأبرز في مثل هذه الحالات.
وأشار إلى أن ما حدث هو أضرار طفيفة للغاية في عدد بسيط من الممتلكات، وهي نتائج يمكن التعامل معها والتخلص منها في أسرع وقت وبسهولة ويسر كبيرين، لافتاً إلى أن جاهزية المؤسسات جعلتها تستجيب في وقت قياسي لنتائج المنخفض الجوي. وأكد أن الاستعداد المسبق والتفكير الاستباقي لمثل هذه التحديات، جعل المؤسسات والمجتمع يخرجون من الأمر بأقل تداعيات ممكنة، مشيراً إلى أن البنية التحتية الإلكترونية المتميزة جعلت كل الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية على مستوى الدولة تمارس عملها عن بُعد بشكل طبيعي وتلقائي من دون تأثير على مصالح الجمهور.
البعد الإنساني
وعن البعد الإنساني والاجتماعي لتعامل الجهات الحكومية مع تداعيات الأمطار، أكد سعيد مبارك المزروعي، نائب المدير العام لجمعية بيت الخير، أن الاهتمام بالإنسان هو واحد من المكونات الأساسية لدولة الإمارات منذ نشأتها وهو من الجوانب الجلية التي ظهرت في التعامل مع نتائج الأمطار. وقال: «الخدمات والاستجابة تمت لصالح المجتمع ككل، سواء المواطنين أو المقيمين، فالجهود بذلت من دون ككل أو ملل وشملت الجميع، فعملت كافة الجهات على قدم وساق لاحتواء كافة الأمور الناجمة عن المنخفض الجوي». وأشار إلى أن الجهات الحكومية، أخذت الأمر بعناية واهتمام حتى من قبل بدء المنخفض الجوي، وكانت مستعدة قبل حدوث الأمطار، وهو ما ساعدها على التعامل في الحال مع كل المستجدات التي رافقت سقوط الأمطار الغزيرة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات الحالة الجوية المنخفض الجوي هطول الأمطار الأمطار الغزيرة سقوط الأمطار الأمطار التلاحم المجتمعی الأمطار الغزیرة الجهات الحکومیة الجهات المختصة الأیام الماضیة الحالة الجویة المنخفض الجوی فیما یتعلق التعامل مع إلى أن
إقرأ أيضاً:
حكومة الإمارات تطلق مشروع ” أرقام الإمارات الموحدة”
أطلقت حكومة دولة الإمارات مشروع “أرقام الإمارات الموحدة” والذي يمثل أحد المشاريع الوطنية الهادفة لتطوير وتعزيز النظام الإحصائي الوطني ودعم مسيرة الدولة في مختلف المجالات الاقتصادية والديموغرافية والاجتماعية والبيئية وغيرها.
جاء ذلك خلال فعالية حضرها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، ورؤساء ومسؤولو المراكز الإحصائية في الدولة.
ويهدف المشروع الوطني، والذي تتشارك فيه الحكومات المحلية كافة في الدولة من خلال مراكزها الإحصائية إلى تحقيق رؤية دولة الإمارات في أن تكون الرائدة عالمياً في مجال توظيف البيانات والإحصاءات ودعم عملية صنع القرار، فيما يستند المشروع إلى ثلاثة محاور رئيسية، وهي تمكين الاقتصاد الاستباقي، ومحور الإنسان والمجتمع، ومحور البيئة المستدامة والطاقات المتجددة.
وبهذه المناسبة أكد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، أن مشروع أرقام الإمارات الموحدة يأتي في إطار حرص حكومة دولة الإمارات على تبني أفضل التقنيات والحلول المتقدمة في مجال توظيف البيانات والإحصاءات ودعم عملية صنع القرار بالتعاون بين المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء في الحكومة الاتحادية والمراكز الإحصائية والمجالس التنفيذية المحلية في إمارات الدولة والشركاء من القطاع الخاص.
وقال سموه: ” الإنجازات المتحققة في مجال الإحصاء والبيانات بدولة الإمارات تمثل ركيزة أساسية لاستمرارية جهود التطوير والعمل ضمن فريق وطني واحد”.
كما أشاد سموه خلال لقائه برؤساء ومسؤولي المراكز الإحصائية في الدولة بالجهود التي تبذلها الجهات الاتحادية والمحلية المتمثلة في اللجنة الوطنية للإحصاء برئاسة المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء وممثلي الوزارات والجهات الحكومية المعنية، وبعملها مع المراكز الإحصائية كافة في الدولة ضمن فريق واحد، مؤكداً سموه أهمية تسخير البيانات التي تمكن حكومة دولة الإمارات من اتخاذ قرارات وسياسات مدعومة بإحصاءات رسمية شاملة ودقيقة لتعزيز تنافسية الدولة في مسيرتها التنموية في القطاعات الحيوية ذات الأولوية.
ويهدف المشروع لتوحيد روزنامة النشر الإحصائي الوطني وحوكمة عمليات إنتاج المؤشرات بشكل دقيق على مستوى الدولة، وتعزيز التنافسية والتعاون الثنائي بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودول العالم من خلال توفير ملفات شاملة ودقيقة تركز على أداء الدول في تقارير التنافسية العالمية والقوة الاقتصادية العالمية مثل الناتج المحلي الإجمالي، والتضخم، والاستثمار الأجنبي، والبنية التحتية والبيئة والسياحة وغيرها، لدعم وضع السياسات الاقتصادية وتحليل الاتجاهات لتعزيز النمو والاستقرار الاقتصادي في الدولة، إلى جانب التحول الكلي نحو المسوحات الرقمية المشتركة وتعزيز جهود التكامل الرقمي والبيانات وبناء سجلات دقيقة قائمة على جمع البيانات وتحليلها بشكل ذكي وتوظيف التقنيات الحديثة والمنصات الرقمية لخلق بيئة بيانات متكاملة تدعم صنع القرارات الاستراتيجية.وام