الجفاف يدفع الملايين إلى "الجوع الحاد" في الجنوب الأفريقي
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
دفعت موجة الجفاف الشديدة التي تجتاح جنوب أفريقيا ما يقدر بنحو 20 مليون شخص إلى "الجوع الحاد"، وفقا للأمم المتحدة، مع عواقب مدمرة على المجتمعات في العديد من البلدان. يسلط تقرير، نيويورك تايمز، الضوء على الوضع المزري الذي يتكشف في المنطقة، والذي تفاقم بسبب عوامل بما في ذلك ظاهرة النينيو المناخية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والآثار المتبقية لجائحة كوفيد-19 والصراع.
أدى الجفاف، الذي يوصف بأنه أحد أسوأ موجات الجفاف منذ أكثر من أربعة عقود، إلى إتلاف المحاصيل وأهلك الماشية وأدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما أثر بشكل خاص على المحاصيل الأساسية مثل الذرة. وأعلنت ملاوي وزامبيا وزيمبابوي حالات الطوارئ الوطنية استجابة للأزمة، مما يسلط الضوء على خطورة الوضع.
ويعزو الخبراء شدة الجفاف إلى مجموعة من العوامل، حيث تلعب ظاهرة النينيو دورا هاما في تعطيل أنماط هطول الأمطار في الجنوب الأفريقي. وفي حين أن نمط الطقس آخذ في الضعف، فإن احتمال تكرار حدوث ذلك يلوح في الأفق، مما يزيد من تفاقم ضعف المنطقة.
بالإضافة إلى العوامل الطبيعية، ساهمت الأنشطة البشرية مثل إزالة الغابات في شدة الجفاف، وتغيير أنماط هطول الأمطار المحلية وتدهور التربة. ومع ذلك، فإن إرجاع أحداث الجفاف المحددة إلى تغير المناخ لا يزال يمثل تحديًا، خاصة في مناطق مثل الجنوب الأفريقي التي لديها بيانات طقس تاريخية محدودة.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار تأثير تغير المناخ على المدى الطويل على المنطقة، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة وزيادة تواتر الظواهر الجوية المتطرفة إلى تفاقم ظروف الجفاف. تم تحديد الجنوب الأفريقي باعتباره "نقطة ساخنة" لتغير المناخ تتميز بارتفاع درجات الحرارة واتجاهات الجفاف، مما يشكل تحديات كبيرة أمام التكيف والقدرة على الصمود.
ويؤكد التقرير الحاجة الملحة إلى اتخاذ تدابير تكيفية للتخفيف من تأثير الجفاف على المجتمعات الضعيفة. وتشمل الاقتراحات الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر، وتنفيذ برامج السلامة الاجتماعية مثل التأمين، وتشجيع تنويع المحاصيل لتعزيز القدرة على الصمود بين المزارعين.
وبينما تكافح المجتمعات المحلية لمواجهة العواقب المباشرة للجفاف، هناك حاجة ملحة للمساعدة الدولية والجهود المنسقة لمعالجة انعدام الأمن الغذائي وضمان رفاه الملايين الذين يواجهون الجوع. إن الوضع في الجنوب الأفريقي بمثابة تذكير صارخ بالإجراءات العاجلة المطلوبة لمواجهة التحديات المعقدة التي يفرضها تغير المناخ وآثاره المتتالية على السكان المعرضين للخطر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: موجة الجفاف جنوب أفريقيا الجوع الحاد الجنوب الأفریقی
إقرأ أيضاً:
تحديات كبرى تعيق أهداف التنمية المستدامة في القضاء على الجوع بحلول 2030
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً تناول من خلاله وضع النظام الغذائي العالمي، حيث أشار إلى أن الفترة الراهنة تُعد من الفترات الصعبة التي يشهدها العالم، نتيجة زيادة الحروب، والنزاعات الجيوسياسية، وانتشار عدد من الأوبئة على خلفية ذلك، فضلاً عن التغيرات المناخية الحادة، مما ترتب عليه زيادة نسبة الجوع عالميًّا، وتسبب في تعطيل جهود تقليل هذه النسبة، علماً بأن القضاء على الجوع يمثل الهدف الثاني من أهداف التنمية المُستدامة 2030، والذي ينص على خلق عالم خالٍ من الجوع عن طريق تحقيق الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة.
ويُعرف الجوع، استنادًا إلى تعريف الأمم المتحدة، بالفترات التي يعاني فيها الأفراد من الجوع لأيام كاملة دون تناول أي طعام ويعزى ذلك إلى نقص المال أو الوصول للغذاء. فضلًا عن ذلك، عرفت منظمة الصحة العالمية "الجوع الخفي" بسوء وضعف تغذية الفرد، على الرغم من حصوله على كميات من الطعام.
وقد أوضحت إحصاءات المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية أن حوالي 3 مليارات شخص في مختلف أنحاء العالم لا يستطيعون تحمل تكاليف النظام الغذائي الصحي، ويتركز هؤلاء الأفراد بالأساس في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (875 مليون نسمة)، وكذلك في جنوب آسيا (1283 مليون نسمة).
ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة، والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، فمن المتوقع أن يظل أكثر من ثلث سكان العالم غير قادرين على تحمل تكلفة اتباع نظام غذائي صحي حتى عام 2030.
وسجلت أعداد الجوعى عالمياً في عام 2015 نحو 564 مليون شخص، بينما وصلت أعداد الجوعى في عام 2022 إلى 735.1 مليون شخص، ورغم أنه من المتوقع أن تنخفض نسبة سكان العالم غير القادرين على تحمل تكاليف اتباع النظم الغذائية الصحية من 42% في عام 2021 إلى 36% بحلول عام 2030، فإن هذه النسبة تظل مرتفعة أيضاً للغاية، الأمر الذي يجعل الاهتمام بالنظام الغذائي العالمي أحد أهم القضايا التي يجب تسليط الضوء عليها في الوقت الراهن.
وأضاف مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن إنتاج الغذاء العالمي ارتفع بوتيرة سريعة على مدار الستين سنة الماضية، حيث ارتفع نصيب الفرد من الغذاء بنحو 4 أضعاف من عام 1961 إلى 2021، الأمر الذي يرجع إلى نشر تكنولوجيا "الثورة الخضراء" للمحاصيل الأساسية الغنية بالسعرات الحرارية، وخاصة الحبوب، بالإضافة إلى مساهمة مراكز البحوث الزراعية على مستوى العالم في تطوير أصناف زراعية عالية الإنتاجية، وقد لعب هذا دورًا في خفض أسعار المنتجات الغذائية الأساسية، ومن ثم خفض نسب الفقر والجوع في العديد من الدول حول العالم.
وتشير معدلات نمو الرقعة الزراعية بنحو (1.09 ضعف)، مقارنة بمعدلات نمو الإنتاج (3.8 أضعاف)، والنمو السكاني (2.6 ضعف)، إلى احتمالية تدهور التربة الزراعية نتيجة الضغط على التربة لمواكبة متطلبات الطلب على الغذاء، علاوة على ذلك، فمن المتوقع حدوث ضغط إضافي كبير على طلب المنتجات الزراعية بسبب زيادة الطلب على إنتاج الوقود الحيوي.
ومما لا شك فيه أن التغيرات المناخية تؤثر على إنتاجية المحاصيل الزراعية، فوفقًا لتقرير Warmer planet will trigger increased farm losses الصادر عن مركز "Cornell Atkinson Center for Sustainability" في يناير 2024، فإن كل ارتفاع في درجة الحرارة بدرجة مئوية واحدة يقابله انخفاض المحاصيل الزراعية الرئيسية مثل الذرة وفول الصويا والقمح بنسبة تتراوح بين 16٪ و20٪، كما يؤدي كل ارتفاع في درجة الحرارة بدرجة مئوية واحدة إلى انخفاض إجمالي دخل المزرعة بنسبة 7٪؛ مما قد يتسبب في انخفاض صافي دخل المُزارع بنسبة 66٪.
وعن تحقيق هدف "القضاء على الجوع" بحلول عام 2030، أشار التحليل إلى أنه يجب النظر إلى الأوجه المختلفة التي يحاول الهدف الثاني من أهداف التنمية المُستدامة تحقيقها، والمتمثلة في القضاء على الجوع وجميع أشكال سوء التغذية بحلول عام 2030. ونظرا للتحديات الكبرى التي يواجهها النظام الغذائي العالمي، فإن الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة يبدو هدفًا بعيد المنال.
علاوة على ذلك، فإن الأمن الغذائي يتأثر بالصراعات في العديد من الدول النامية ذات الدخل المنخفض والمتوسط، كما يُعد كل من تفاقم النزاعات السياسية في كثير من الأحيان والتغيرات المناخية الشديدة من العوامل الرئيسة وراء عودة ارتفاع نسب الجوع العالمي مقارنة بعام 2015، كما أن كلا من الصدمات الاقتصادية العالمية الأخيرة، وخاصة تلك الناجمة عن جائحة كوفيد-19، والصدمة التي تعرضت لها أسواق القمح والزيوت النباتية والأسمدة العالمية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، أدوا إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي العالمي، مما أثر على 735.1 مليون شخص على مستوى العالم في عام 2022، مقارنةً بعدد الأشخاص الذين عانوا من الجوع في عام 2015.
وأضاف التحليل وفقًا لتوقعات كل من منظمة الأغذية والزراعة FAO والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية IFPRI، فإنه حتى وإن تم تحقيق انتعاش اقتصادي عالمي دون أي اضطرابات جديدة كبرى على مستوى العالم حتى عام 2030، فإن هدف القضاء على الجوع سيظل بعيد المنال.
وعن الأجندة المقترحة للأمم المتحدة للحد من أزمة الجوع العالمي، فقد أوضح التحليل أنه تم عمل الأجندة للوصول إلى نسب منخفضة لمعدلات الجوع العالمية بحلول عام 2030. وتشير الأجندة التي تم إعدادها إلى أن التنفيذ الواسع النطاق لهذه البرامج من شأنه أن يولد مكاسب مهمة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة مثل تحقيق أهداف الأمن الغذائي وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة الملوثة للبيئة، وتتضمن الإجراءات، على وجه التحديد ما يلي:
أولاً: إجراءات لتحقيق مزيد من العدالة تشمل:1- شبكات الأمان الاجتماعي: حيث يتم تقديم كوبونات غذائية أو تحويلات مالية مخصصة للإنفاق على الغذاء لجميع الفقراء، بحيث يكون متوسط حجم التحويلات كافيا لسد الفجوة بين دخل الفرد في الأسر الفقيرة والتكلفة الأساسية لحياة صحية.
2- برامج التغذية المدرسية: يتم منح جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و11 سنة إمكانية الوصول إلى برامج التغذية المدرسية لمدة 200 يوم في السنة.
ثانياً: إجراءات لتحقيق خيارات أفضل تشمل:1- إعادة توجيه الإعانات الزراعية لتحفيز إنتاج الأغذية الصحية ومنخفضة الانبعاثات: حيث تتم إعادة تخصيص جميع الإعانات الزراعية للدفع المباشر للمزارعين، بما يتناسب مع إيرادات المزرعة. ويتم حساب معدل الدعم داخليًّا للحفاظ على ثبات الميزانيات المخصصة لدعم المزارع.
2- تقديم الإعانات للمستهلكين لتشجيع شراء الأطعمة الصحية مع وضع إصلاحات وحوافز للمستهلك.
ثالثاً: إجراءات لتحقيق الكفاءة وتشمل:1- زيادة الإنفاق على البحث والتطوير.
2- تقديم الحوافز لتشجيع الابتكارات الخضراء في مجال الزراعة: ومن المفترض أن يشمل ذلك ثلاث مكونات تتضمن: (توسيع وتحسين أنظمة الري التي تختلف حسب الاحتياجات لكل المناطق- وتحسين تربية الماشية وتحسين الممارسات من أجل زيادة الإنتاجية وخفض الانبعاثات لكل وحدة من وحدات الإنتاج- وخدمات الإرشاد وتدريب المزارعين لتبني ممارسات محسنة وزيادة إنتاجية المزرعة).
3- الحد من إهدار الطعام: ويستهدف هذا البرنامج تحقيق خفض بنسبة 25% في جميع الدول من خلال الاستثمار في تحسين التعامل مع المنتجات داخل وخارج المزرعة وصولا إلى مستوى البيع بالتجزئة.