هل تبطل صلاة من قال سيدنا محمد؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
هل تبطل صلاة من قال سيدنا محمد ؟ سؤال يشغل ذهن الكثيرين، خاصة في ظل ما يشاع من قبل بعض الدعاة وعناصر التيارات المتشددة والقول بكونها بدعة تبطل الصلاة، فـ هل تبطل صلاة من قال سيدنا محمد ؟ نجيب على ذلك من خلال فتوى دار الإفتاء المصرية.
هل تبطل صلاة من قال سيدنا محمد؟تقول دار الإفتاء المصرية في بيان هل تبطل صلاة من قال سيدنا محمد : عَلَّمَنا الله تعالى الأدب مع سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين خاطب جميع النبيين بأسمائهم، أما هو فلم يخاطبه باسمه مجردًا بل قال له: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾ [المائدة: 41]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ [الأنفال: 64]، وأمرنا بالأدب معه وتوقيره فقال: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفتح: 8-9]، ومِن توقيره تَسوِيدُه كما قال السُّدِّيُّ فيما ذكره القرطبي في "تفسيره" (16/ 267، ط.
وقال قتادةُ: أمر الله بتسويده وتفخيمه وتشريفه وتعظيمه. أخرجه عبد بن حُمَيد وابن جرير الطبري في "التفسير" (22/ 208، ط. مؤسسة الرسالة)، وينظر: "الدر المنثور" للسيوطي (7/ 516، ط. دار الفكر).
وتابعت: نهانا أن نخاطبه صلى الله عليه وآله وسلم كما يخاطب بعضُنا بعضًا فقال سبحانه: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور: 63]. قال قتادة: أَمَرَ الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُهَابَ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وآله وسلم، وَأَنْ يُبَجَّلَ وَأَنْ يُعَظَّمَ وَأَنْ يُسَوَّدَ. أخرجه ابن أبي حاتم وغيره في "التفسير" (8/ 2655، ط. مكتبة نزار الباز). فكان حقًّا علينا أن نمتثل لأمر الله، وأن نتعلم مع حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأدبَ معه، ومن الأدب معه أن نسودَه كلما ذُكِرَ، وأن نصلي عليه كلمَّا ذُكِر، وأن لا نخاطبه باسمه مجرَّدًا عن الإجلال والتبجيل، ولا فرق بين النداء والذكر في ذلك، فكما يُشرَع استعمالُ الأدب والتوقير والتعظيم عند دعائه صلى الله عليه وآله وسلم يُشرَع كذلك عند ذكر اسمه صلى الله عليه وآله وسلم والصلاة عليه من غير فرق؛ لوجود العلة في كلا الأمرين، وهي النهي عن مساواته بغيره من المخلوقين، وذلك حاصل في الذكر كما هو حاصل في الخطاب والنداء، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
وشددت: أجمعت الأمة على ثبوت السيادة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى عَلَمِيَّته في السيادة، قال الشرقاوي: فلفظ "سيدنا" عَلَمٌ عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وأما ما شذ به البعض للتمسك بظاهر بعض الأحاديث متوهمين تعارضها مع هذا الحكم فلا يُعتَدُّ به، ولذلك أجمع العلماء على استحباب اقتران اسمه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم بالسيادة في غير الألفاظ الواردة المتعبَّد بها من قِبَل الشرع، كما اتفقوا على عدم زيادتها في التلاوة والرواية: أما التلاوة: فإن القرآن كلام الله تعالى لا يجوز أن يزاد فيه ولا أن ينقص منه، ولا يقاس كلام الله تعالى على كلام خلقه. وأما الرواية: فإنها حكاية للمَرْوِيِّ وشهادة عليه؛ فلا بُدَّ من نقلها كما هي.
أما بالنسبة للوارد: فمذهب جمهور العلماء والمحققين من أتباع المذاهب الفقهية المعتمَدة وغيرهم أنه يُستحَبُّ اقترانُ الاسم الشريف بالسيادة أيضًا في الأذان والإقامة والصلاة، بناءً على أن الجمع بين الأدب والاتباع أولى من الاقتصار على الاتباع؛ لأن الجمع أولى من الترجيح، وفي الأدب اتِّباعٌ للأمر بتوقيره وتعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم الذي لم تُخَصَّ منه صلاةٌ ولا أذانٌ ولا إقامةٌ، وقد علَّم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أُمَّتَه الأدبَ معه حيث أخبر بالسيادة عن نفسه الشريفة بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال لمن خاطبوه بقولهم: أنت سيدنا: «قُولُوا قَوْلَكُمْ، وَلَا يَسْتَجِرَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ» رواه الإمام أحمد واللفظ له وأبو داود وغيرهما.
فأقرَّ ذكر السيادة ونبَّه على صحة المعنى بالتحذير من إهمال الفرق بين سيادة المخلوق والسيادة المطلَقة للخالق سبحانه من جهة أخرى، وخوطب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بـيا سَيِّدِي فأقر ذلك ولم ينكره؛ فعن سَهْلِ بْنَ حُنَيْفٍ رضي الله عنه، قال: مَرَرْنَا بِسَيْلٍ، فَدَخَلْتُ فَاغْتَسَلْتُ فِيهِ، فَخَرَجْتُ مَحْمُومًا، فَنُمِيَ ذَلِكَ إِلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: «مُرُوا أَبَا ثَابِتٍ يَتَعَوَّذ»، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي! وَالرُّقَى صَالِحَةٌ؟ فَقَالَ: «لا رُقْيَةَ إِلا فِي نَفْسٍ أَوْ حُمَةٍ أَوْ لَدْغَةٍ» رواه الإمام أحمد في "مسنده" وأبو داود في "سننه" والنسائي في "عمل اليوم والليلة" والحاكم في "المستدرك" وقال: [هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه] اهـ.
وفي إقراره صلى الله عليه وآله وسلم لذلك إِذْنٌ منه في خطابه وذِكْرِه بذلك وأنه أمر مشروع، ولا فرق في ذلك بين أن يكون داخل الصلاة أو خارجها، بل ذلك في الصلاة أَولى؛ لأن الشرع راعى الأدب مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة بصورة مؤكَّدة، فشرع للمصَلِّي مخاطبة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم داخلَ الصلاة وجعلها تبطل بمخاطبة غيره، وأوجب الله تعالى على المصلِّي أن يجيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا خاطبه أثناءها ولا تبطل بذلك صلاتُه؛ مبالغةً في الأدب معه صلى الله عليه وآله وسلم، ومراعاةً لحرمته وجنابه الشريف، وهذا جارٍ أيضًا في الأذان والإقامة، فتخصيصُهما من ذلك لا دليل عليه بل هو على عمومه.
وإذا قيل بالترجيح بينهما فالأدب مقدَّم على الاتباع، كما ظهر ذلك في موقف سيدنا علي رضي الله تعالى عنه في صلح الحديبية حيث رفض أن يمحو كلمة رسول الله عندما أمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمحوها؛ تقديمًا للأدب على الاتباع، وظهر ذلك أيضًا في تقهقر سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الصلاة بعد أَمرِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له بأن يبقى مكانه وقال له بعد الصلاة: ما كانَ لابنِ أبي قُحافةَ أَن يَتَقَدَّمَ بينَ يَدَي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذا هو المعتمد عند الشافعية كما نص عليه الجلال المحلي، والشيخان: ابن حجر والرملي، وعند الحنفية كما أفتى به العلامة القحفازي واعتمده البرهان الحلبي والإمام الحَصْكَفي والطحطاوي، وعند المالكية كما قال الإمام العارف ابن عطاء الله السكندري وجزم به القاضي ابن عبد السلام وأبو القاسم البرزلي واعتمده الإمام الحطَّاب والأُبِّيُّ، ونقله ابن المنذر عن الإمام إسحاق بن راهويه في صلاة الجنازة.
حكم تسييد سيدنا محمد في التشهد أثناء الصلاةأجاب الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال متصلة حول تسييد سيدنا محمد ﷺ في التشهد أثناء الصلاة.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال فتوى له، اليوم الخميس: "الصح إننا نقول سيدنا محمد، والفقهاء نصوا على هذا فهو سيد الأولين"، مشددًا: "اللى يقولك متقوليش لا تسمعى كلامه، وتسييد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لا يبطل الصلاة".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وآله وسلم ه صلى الله علیه وآله وسلم دار الإفتاء المصریة الله تعالى رسول الله الأدب مع رضی الله
إقرأ أيضاً:
يجوز في حالات.. خالد الجندي يكشف حكم العمل وقت صلاة الجمعة
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن وقت صلاة الجمعة لحظة فارقة في حياة المسلم، فهي اللحظة الوحيدة التي يصبح فيها البيع والشراء والعمل من المحرمات، إلا في حالات الضرورة القصوى كالأطباء، وسائقي وسائل النقل، والخدمات الأمنية.
واستشهد عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، بقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ"، لافتا إلى أن هذا دليل واضح على تحريم الانشغال بأي عمل دنيوي وقت النداء لصلاة الجمعة.
وأضاف الشيخ خالد الجندي "ربنا سبحانه وتعالى قال (وذروا البيع) ولم يقل (البيع والشراء)، لأنه ذكر البيع لاختصاره وشموله، فهو الأشهى للنفس ودلالته كافية على الطرفين".
وأكد الشيخ خالد الجندي أن العبادة لا تنتهي بانتهاء الصلاة، بل تستمر بشكل آخر، مستشهدًا بقوله تعالى: "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، مشيرا إلى أن الآية الكريمة توضح أن العمل بعد الصلاة جائز بل مطلوب، لكن لا ينبغي أن ينسى المسلم ذكر الله حتى وهو في سعيه وكده.
حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم.. الإفتاء توضح
حكم ترك صلاة الجمعة تكاسلًا أو بدون عذر.. رأي الشرع
وتابع الشيخ خالد الجندي "العمل عبادة نعم، ولكن في غير وقت صلاة الجمعة، والقرآن الكريم يربي الإنسان على ألا يأخذ إجازة من التسبيح أو الذكر، حتى لو أُعطي الجنة مثلما أُعطي النبي صلى الله عليه وسلم الكوثر، فقد قيل له: "فصل لربك وانحر"، وحتى بعد تمام المهمة: "فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً"، فطريق العبادة لا يتوقف".
حكم صلاة الجمعة لموظفي الأمن والحراسةوكانت دار الإفتاء بيّنت حكم صلاة الجمعة لموظفي الأمن والحراسة، موضحة أنه من المقرر شرعًا أن صلاة الجمعة واجبة على كل مسلمٍ ذكرٍ بالغٍ عاقلٍ مقيم، وأنَّ مَن لم يستطع أداءها لأي عذرٍ فإنه يصلي الظهر بدلًا منها.
وأضافت دار الإفتاء أن من يستطيع صلاة الجمعة من العاملين بالمصنع يجب عليه ذلك، أما غير المستطيع لعذرٍ فعليه أن يصلي بدلًا منها الظهر.
وتابعت الإفتاء "بالنسبة إلى موظفي الأمن والحراسة والبوابة فلا يجب عليهم ترك مواقعهم لأداء الجمعة؛ لأن الحفاظ على المصنع وتأمينه أمرٌ واجبٌ كذلك، وعلى المسؤولين عن المنشأة الاكتفاء في هذه المهام بالحد الأدنى الذي يناط به هذه المهام، وأن يناوبوا بين هؤلاء الموظفين على مدار الجمعات المتتالية حتى لا يحصل انقطاع هؤلاء الموظفين الكامل للمدة الطويلة عن الجمعة".