أصدر مركز الجزيرة للدراسات تقريره السنوي للعام 2023-2024 تحت عنوان "طوفان الأقصى والحرب على غزة: تداعيات متعددة الأبعاد".

وخصص المركز التقرير هذا العام لرصد وتحليل تداعيات الحرب على غزة في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 الذي شنَّته كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على المستوطنات والثكنات الإسرائيلية في غلاف غزة، والذي أسفر عن قتل وأسر عدد من الإسرائيليين.

وتناول التقرير، الذي أعده الباحثون بمركز الجزيرة للدراسات، تداعيات الحرب الدائرة حاليا في غزة، فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا، راهنا ومستقبلا، ورسْمَ بعض السيناريوهات المحتمل أن تتجه إليها الأوضاع على المديين، المتوسط والبعيد.

فلسطينيا، أشار التقرير إلى ما أسفر عنه صمود المقاومة الفلسطينية في وجه العدوان الإسرائيلي على غزة وإنجازاتها الميدانية، وأوضح أن هذا الصمود وتلك الإنجازات وجَّها ضربةً للقوى الفلسطينية المراهنة على اتفاق أوسلو وتسوياته السياسية والأمنية، وكذلك لمن راهن على صفقة القرن وترتيباتها على الأرض. كما أشار إلى أن اعتداءات الاحتلال المتكررة على سكان الضفة الغربية، في غياب أي دور للسلطة الفلسطينية، زادت من شعبية المقاومة هناك، وأكد التقرير على أن هذا التحول سيكون له آثار سلبية على مستقبل السلطة ودورها وموقعها في ترتيبات ما بعد الحرب، وتوقع أن تتوالى الجهود والمبادرات العربية والدولية لإصلاحها وإعادة هيكلتها بما يضفي عليها قدرا من الفاعلية ويجعلها إطارا جامعا لكل الفصائل والتوجهات الفلسطينية.

وعربيا، خلص التقرير إلى أن الدول العربية المنخرطة في مسار التطبيع مع إسرائيل ستضطر لمراجعة مرتكزات أمنها القومي والإقليمي بعدما أثبتت الحرب على غزة أن إسرائيل لا تستطيع الدفاع عن نفسها بمفردها، وأنها ستظل بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية الكبرى، ومن ثمَّ فإنها لا تستطيع تحقيق الأمن لغيرها من الدول العربية التي راهنت على ذلك، وأن على هذه الدول التعايش مع النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة وأن عليها مقاربته من منظور مختلف عن منظور التطبيع. ورغم العرقلة التي أحدثتها الحرب لمسار التطبيع فإن التقرير لا يتوقع توقف هذا المسار توقفا تاما خلال المستقبل المنظور وإنما حتى تعيد الدول المطبِّعة النظر في أسس وإستراتيجيات أمنها القومي.

في ذات السياق، أشار التقرير إلى الدور المتزايد الذي باتت تلعبه الجماعات المسلحة من غير الدول في شؤون الحرب والسلام مع إسرائيل، وخلص إلى أن هذه الجماعات ستفرض مستقبلا على جميع الأطراف نمطا جديدا في التعامل معها ومع إستراتيجياتها وقدراتها العسكرية المتنامية. وأوضح أن هذا المتغير ستزداد أهميته بترابط عناصره وتشكيله بيئة مشتركة تتعدد فيها جبهات المواجهة (وحدة ساحات المقاومة)، وسيحتِّم ذلك على إسرائيل والولايات المتحدة والغرب عموما إعادة حساباتهم في المستقبل قبل أي عدوان جديد على غزة والفلسطينيين.

أما إقليميا، فأشار التقرير إلى أن الأحداث تتجه لتجعل من إيران أكبر المستفيدين من هذه الحرب، وبرر ذلك بما تملكه من نفوذ في المنطقة وقدرة على إدارة قوتها الردعية، وتوزيع منسوب الضغط عبر أذرعها وحلفائها بكلفة منخفضة. وأوضح أن هذا الضغط على جبهات متعددة أدى إلى تقييد حركة الولايات المتحدة وإسرائيل وضيَّق خياراتهما؛ وهو ما سيجعل من طهران طرفا مهمّا في أي ترتيبات أمنية في المنطقة، مع استمرار تعزيز نفوذها الإقليمي.

ودوليّا، ذكر التقرير أن حدث السابع من أكتوبر/تشرين الأول تسبب في إضعاف مرتكزات الإستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط؛ تلك الإستراتيجية التي تهدف إلى تطبيع وضع إسرائيل ودمجها في نسيج المنطقة أمنيا واقتصاديا وسياسيا، مع ضمان تفوقها المطلق على الصعيد العسكري؛ ما يجعل من دول المنطقة تابعة لها وليست مكافئة أو شريكة. في المقابل، تتخفف أميركا تدريجيا من عبء إسرائيل لتتفرغ لمواجهة أو احتواء القوى المناوئة لها، مثل إيران إقليميا والصين وروسيا عالميا. لكن الحرب على غزة وصمود المقاومة خلخلا هذه المرتكزات وأكدا عدم جاهزية إسرائيل لهذا الدور وحاجتها الحيوية المستمرة للدعم الأميركي والغربي بشكل عام.

أما ما أحدثته الحرب على غزة من تداعيات داخل الولايات المتحدة وعموم البلدان الغربية، فقد أوضح التقرير أن تلك الحرب كشفت عن اتجاه شعبي متزايد في أوساط الشباب خاصة، لمساندة القضية الفلسطينية ودعم المقاومة ومناهضة الاحتلال. كما أطلقت الحرب دينامية داخلية أفسحت المجال لشخصيات عامة وقيادات سياسية في تلك البلدان لمساءلة مؤسسات الحكم والتشريع عن دعمها غير المشروط لإسرائيل. من جهة أخرى -يضيف التقرير- تتزايد الأهمية السياسية لكتلة الناخبين من العرب والمسلمين في الولايات المتحدة على وجه الخصوص، ولتحالفاتهم مع فئات أخرى من المجتمع الأميركي. ويخلص التقرير إلى أن هذه كلها تطورات غير مسبوقة ستكون لها آثار مهمة خاصة على المديين، المتوسط والبعيد.

أما إعلاميا، فخلص التقرير إلى أن الحرب على غزة بيَّنت أهمية شبكات التواصل الاجتماعي بما تملكه من حرية نسبية مقارنة بوسائل الإعلام التقليدية التي أسهمت تاريخيا في دعم السردية الإسرائيلية وترسيخها في الغرب، وأوضح أن هذه الشبكات قد أسهمت في كشف الحقائق وإنارة الرأي العام العالمي والغربي تحديدا، وخاصة في أوساط الفئات الشبابية الأكثر قابلية للتحرر من قيود سردية الاحتلال وتقبل السردية الفلسطينية.

وبإمكان الراغبين؛ قراءة وتحميل التقرير الإستراتيجي السنوي 2023-2024 الصادر عن مركز الجزيرة للدراسات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الولایات المتحدة التقریر إلى أن الحرب على غزة وأوضح أن أن هذا

إقرأ أيضاً:

توسع إسرائيل وعقوبات سوريا وصفقة إيران| تحركات سريعة في خريطة الشرق الأوسط.. وخبير يكشفها

تتزايد التساؤلات حول إمكانية استجابة الولايات المتحدة ودول الغرب لمطالب سوريا برفع العقوبات المفروضة عليها، خاصة بعد تعيين مستشار جديد للشؤون الإيرانية، حيث تفتح هذه التطورات الباب أمام تحليل تأثير هذه الخطوة على العلاقات الدولية والتوازنات السياسية في المنطقة. 

ماذا يحدث في الشرق الأوشط؟ 

وفي هذا الصدد، قال الدكتور عبدالله نعمة المحلل السياسي الباحث الاستراتيجي في العلاقات الدولية، إن ما يجري في منطقة الشرق الأوسط اليوم حول تغير شكل المنطقة بعد سعى الاحتلال للتوسع الاسرائيلي وتكبير خريطتها على حساب المنطقة العربية، وهذا لم يكن يحدث لولا أن إيران هي السبب الرئيسي لأنها أعطت اللاعبين الكبار الحجة بضرب المنطقة العربية بعد تمدد إيران ضمن بلاد وخط محور الممانعة. 

وأضاف نعمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن  اللاعبين الكبار أيضا هم من تركوا إيران تتمدد وتهيمن على هذه الدول ولكن عندما فكرت إيران جديا بالمفاعل النووي وبدأت تقف في وجه إسرائيل وأمريكا وتضع شروطا؛ إما يتم إنشاء مشروعها النووي أو تبقي الصراع مفتوح مع إسرائيل عبر أذرعها في منطقة الشرق الأوسط. 

مقتل وإصابة 7 جنود إسرائيليين في غزةالدفاع المدني في غزة: الاحتلال يغتال أكثر من 50 شهيدا خلال 24 ساعة

وأشار نعمة، إلى أنه هنا بدأ الخلاف لأن إسرائيل لم ولن تقبل أن تمتلك إيران سلاحا نوويا وخاصة بعدما ضربت إيران إسرائيل ولو بشكل مسرحية لأنها لا تريد أن ينتقل الصراع لإيران نفسها وكانت تضحي بغزة والفلسطنيين ولبنان واللبنانيين وسوريا والسوريين بعد ما نال العراق ما نال من إيران، ولم ننسى تدخلها باليمن وما فعلته بدول الخليج وما سيحدث لليمن في الأيام القادمة لأن أمريكا وإسرائيل سيقومان بضرب اليمن.

وتابع: "وبعدها سيأتي دور إيران نفسها بمشاكل داخلية إيرانية بعد ضرب مفاعلها النووي لأنه كما نعلم أن هناك قرار دولي بإنهاء هذا المحور وتكون أمريكا وللأسف انقلبت على إيران لمصلحة إسرائيل، وايران لم تعد قادرة على التوسع أو التدخل في المنطقة ولم يسمح لها بالغطرسة والتدخل بأي دولة، لأن إسرائيل وأمريكا قد سيطرا سيطرة كاملة على منطقة الشرق الأوسط". 

واختتم: "روسيا ستنسحب من سوريا وهذا ضمن الاتفاق الذي تم بين ترامب وبوتين مقابل أن تتحقق مطالب روسيا في أوكرانيا، ليتحقق حديث نتنياهو بتوسيع خارطة إسرائيل، فهكذا خدمت إيران أمريكا". 

رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يدين جرائم الاحتلال في غزةمسؤولون إسرائيليون: من الممكن التوصل لاتفاق غزة خلال أسبوعين

 ومن جانبه، أصدر البيت الأبيض بيانا يؤكد الامتثال الكامل للقوانين واللوائح الخاصة بالطائرات المسيرة التي رصدت في سماء شمال شرق الولايات المتحدة.

وقد جاء هذا البيان استجابة لطلب الرئيس المنتخب ترامب لتوضيح الأمر، حيث أوضح جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، أن الطائرات المسيرة التي تم رصدها هي إما طائرات تجارية أو ترفيهية أو تابعة للشرطة، وجميعها تعمل ضمن الإطار القانوني. كما أشار كيربي إلى أن بعض المشاهدات كانت نتيجة سوء فهم من قبل السكان، حيث تم الخلط بين الطائرات الصغيرة والنجوم.

وأضاف كيربي أن الحكومة الأمريكية ملتزمة بالشفافية الكاملة في معالجة هذه المسألة.

ومن جابنه، أكد القائد العام لإدارة العمليات العسكرية في سوريا، أحمد الشرع، أن رفع العقوبات عن سوريا يعد أمرًا ضروريًا لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم. كما شدد على أهمية بناء دولة القانون والمؤسسات وإرساء الأمن في البلاد.

ومن جانبها، أفادت قناة "القاهرة الإخبارية" بأن غارات جوية استهدفت العاصمة اليمنية صنعاء، حيث تم استهداف معسكر الحفا. وقد سُمع دوي انفجار كبير في المدينة، فيما أُشير إلى أن القصف طال أيضًا مبنى وزارة الدفاع. وذكرت مصادر إعلامية يمنيّة أن الهجوم هو نتيجة لعدوان أمريكي بريطاني جديد على صنعاء، حيث حلقت طائرات حربية في أجواء الحديدة وضواحيها.

مواجهة صاروخية بين روسيا وأمريكا

وفي تطور آخر، نقلت وكالات الأنباء الروسية عن سيرجي كاراكاييف، قائد قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية، قوله إن موسكو وواشنطن تتبادلان التحذيرات بشأن عمليات الإطلاق المحتملة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات. 

وأوضح كاراكاييف أن روسيا تخطر الولايات المتحدة قبل 24 ساعة بأي إطلاق لصواريخ باليستية، بما في ذلك تلك التي تطلق من الغواصات.

ترامب يشعل القلق في تل أبيب بخصوص إيران والضفة الغربية

وجدير بالذكر، أن وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تشعر بالقلق من تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، بشأن إيران والضفة الغربية. 

وأوضحت المصادر أن ترامب يسعى إلى التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران بدلاً من شن ضربة عسكرية، كما أنه لا يدعم خطط إسرائيل بضم الضفة الغربية، كما أن صحيفة "هأرتس" الإسرائيلية أشارت إلى أن ترامب قد يسعى لإبرام صفقة مع إيران من وراء ظهر إسرائيل، وهو ما أثار قلقًا كبيرًا داخل تل أبيب.

مقالات مشابهة

  • وسائل إعلام إسرائيلية تعلن موعد الحرب بين إسرائيل وتركيا
  • مجلس الأمن يناقش اليوم القضية الفلسطينية
  • مجلس الأمن يناقش القضية الفلسطينية والوضع في الشرق الأوسط
  • مجلس الأمن الدولي يناقش اليوم القضية الفلسطينية 
  • اليمن يعيدُ تعريفَ المقاومة في الشرق الأوسط
  • توسع إسرائيل وعقوبات سوريا وصفقة إيران| تحركات سريعة في خريطة الشرق الأوسط.. وخبير يكشفها
  • لجان المقاومة الفلسطينية تُشيد بالقصف اليمني للعمق الإسرائيلي
  • بالفيديو.. خبير: إسرائيل استغلت "طوفان الأقصى" لتحقيق أهدافها في المنطقة
  • خبير: إسرائيل استغلت طوفان الأقصى لتحقيق أهدافها في المنطقة
  • نفذ 718 عمل رقابي خلال 2022.. مجلس المحاسبة ينشر تقريره السنوي 2024