في محاولة لمعالجة الحرب المستمرة في غزة والتهديد المتصور من إيران، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الوحدة الوطنية، مؤكدا على ضرورة التضامن خلال ما وصفه بـ "التهديد الوجودي". وجاءت هذه الدعوة خلال اجتماعات منفصلة اليوم مع رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بما في ذلك محادثات مع رئيس الموساد ديفيد بارنيا ورئيس الشاباك رونين بار.

وفقا لتايمز أوف إسرائيل، شدد نتنياهو على الحاجة الملحة للتغلب على الانقسامات الداخلية، قائلاً: "يجب أن يختفي الانقسام الداخلي الآن لأننا نتعرض لتهديد وجودي - وفي تهديد وجودي، علينا أن نوحد قوانا". وشدد على أهمية الوحدة في مواجهة التحديات، وخاصة في تأمين إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة تحتجزهم الجماعات في غزة منذ 7 أكتوبر.

وخلال المناقشات مع مسؤولي الموساد، سلط نتنياهو الضوء على السياق الإقليمي الأوسع، مؤكدا على ضرورة معالجة المحور الإرهابي في غزة ومواجهة التهديد المتصور المنبثق من إيران. وأكد أن هذه المهام تتطلب العزم والوحدة.

تعكس تصريحات رئيس الوزراء شعورا بالإلحاح في مواجهة ما يعتبره تهديدات كبيرة لأمن إسرائيل. ومن خلال استحضار فكرة أن الأمم تتفكك أولاً من الداخل، يؤكد نتنياهو على التماسك الداخلي الضروري لتحمل الضغوط الخارجية.

وتأتي دعوة نتنياهو للوحدة وسط تصاعد التوترات في المنطقة، حيث تؤدي الصراعات المستمرة والتعقيدات الجيوسياسية إلى تفاقم المخاوف بشأن أمن إسرائيل. ومع تطور الوضع، تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى حشد الدعم والتضامن للتغلب على التحديات المقبلة.

ويعلق الخبراء على رسالة نتنياهو، مشيرين إلى التوازن الدقيق بين الوحدة الوطنية والانقسامات السياسية داخل المجتمع الإسرائيلي. وفي حين أن الوحدة أمر بالغ الأهمية في أوقات الأزمات، فإن البعض يحذر من الاستقطاب المحتمل والحاجة إلى قيادة شاملة لمعالجة وجهات النظر والمخاوف المتنوعة.

وبشكل عام، فإن دعوة نتنياهو إلى الوحدة تؤكد خطورة الوضع الحالي وضرورة العمل الجماعي في مواجهة التحديات الأمنية المتعددة الأوجه التي تواجه إسرائيل. وبينما تمر البلاد بهذه الأوقات المضطربة، فإن القدرة على تعزيز التماسك الداخلي ستكون حاسمة في تشكيل استجابتها للتهديدات الخارجية.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

أبرز التحديات أمام الرئيس جوزيف عون في لبنان

 

 

 

د. هيثم مزاحم **

 

بعد أكثر من سنتين من الفراغ الرئاسي، انتخب مجلس النواب اللبناني أخيرًا قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية بأصوات 99 نائبًا من أصل 128 نائبًا.

وقد انتخب عون في الجلسة الثانية بعد حصوله على 71 صوتًا فقط في الجلسة الأولى؛ إذ كان يحتاج إلى 86 صوتًا، أي ثلثا عدد النواب للفوز من الجلسة الأولى. وكان لافتًا أن الأصوات الـ28 التي صبّت للعماد عون في الجلسة الثانية، كانت أصوات جميع النواب الشيعة، ممثلي حركة أمل وحزب الله، ما اعتُبر رسالة منهم إلى الداخل والخارج بأنهم، برغم التضحيات والخسائر الكبيرة التي قدموها في صمودهم أمام العدوان الإسرائيلي، إلّا أنهم ما يزالوا يمثلون ركنًا أساسيًا من أركان الوطن، يشاركون في محطاته المفصلية ولا يمكن أن ينكسروا أو يُهزموا، ولا يراهنن أحد في الداخل والخارج على أن قبول "حزب الله" بوقف إطلاق النار مع العدو الإسرائيلي هزيمة له، يترتب عليها تقديم تنازلات في الداخل كما للخارج.

وكشفت بعض المصادر أنَّه بين جلستي الانتخاب جرت اتصالات ولقاءات حصل خلالها الثنائي الشيعي على ضمانات لجهة نوعية مشاركته في الحكومة والتعيينات الأمنية والقضائية من جهة، ولجهة رفض تفسيرات الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ القرار الدولي 1701 وشموله منطقة شمال نهر الليطاني أو ربطه بالقرار الأممي 1559 الذي ينص على نزع سلاح الميليشيات في إشارة إلى سلاح المقاومة.

ويتفاءل اللبنانيون بانتخاب القائد جوزيف عون رئيسًا؛ نظرًا لتجربته الناجحة في قيادة الجيش اللبناني لأكثر من سبع سنوات، تمكن خلالها من الحفاظ على وحدة الجيش في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي يشهدها لبنان منذ أكتوبر 2019، والانقسام السياسي والطائفي، والفراغ الرئاسي، وشلل الحكم، في ظل حكومة مستقيلة تقوم بتسيير الأعمال. ويشهد الكثيرون للعماد عون بنزاهته وكفاءته ونظافة كفه واستقلاليته، وهو ما انعكس في القضاء على الفساد والرِشى داخل الجيش، والحفاظ على كرامة العسكريين وتأمين احتياجاتهم الغذائية والطبية في ظل الأزمة المالية المُستمرة.

لكن أمام الرئيس المنتخب تحديات كبرى سيُواجهها مع الحكومة المُقبلة وأبرزها:

العمل على إرغام العدو الإسرائيلي بالالتزام بوقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي اللبنانية التي احتلها في الأشهر الأخيرة، ونشر الجيش اللبناني في جميع مناطق جنوب نهر الليطاني في مقابل الحدود مع فلسطين المحتلة، والعمل مع لجنة المراقبة الدولية على منع الخروقات اليومية الإسرائيلية، والتصدي لأي عدوان إسرائيلي جديد. البدء في تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي بدءًا من تنفيذ المصارف لإجراء "الكابيتول كونترول" الذي ينظم التحويلات المالية إلى الخارج وإعادة الأموال التي هربتها المصارف إلى الخارج، وصولًا إلى الاتفاق على خطة لإعادة أموال المودعين وتوزيع الخسائر بين المصارف ومصرف لبنان والدولة. العمل مع الحكم الجديد في سوريا على إعادة معظم النازحين السوريين بعدما سقط النظام السابق الذي فروا من ظلمه وقمعه، وانتهت الحرب التي دفعتهم إلى النزوح، وبدأ الرفع الجزئي للعقوبات الغربية عن سوريا، ودخول مساعدات دولية وعربية إليها؛ مما سيجعلهم في حال أفضل من وجودهم في مخيمات في لبنان. ينبغي أن تكون الحكومة المقبلة من الكفاءات ومن غير الوجوه المرتبطة بالفساد، مع مراعاة التمثيل الطائفي والمذهبي والمناطقي، وأن يكون برنامجها برنامج عمل حثيث ومنهجي لإعادة إعمار ما دمّره العدو الإسرائيلي، وإعادة النازحين إلى مدنهم وقراهم في الجنوب اللبناني والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. وضع خطة شاملة لتأمين الكهرباء عبر بناء معامل تغطي حاجة لبنان الحالية والمستقبلية بعيدًا عن المُحاصَصة الطائفية ومصالح الكارتيلات (العقود) النفطية. تحسين العلاقات مع الدول العربية والشرقية والغربية، واستقطاب الاستثمارات لإعادة الإعمار، وتطوير البنية التحتية وخاصة معامل الكهرباء ومحطات المياه والصرف الصحي، وتطوير عمل المطار والمرافئ وإنشاء سكك حديد بين المناطق اللبنانية ووصلها مستقبلًا بخط سكك الحديد السوري وصولًا إلى الدول العربية الأخرى. الدعوة إلى حوار وطني يضم جميع الأحزاب والقوى والمكوّنات اللبنانية للاتفاق على استراتيجية وطنية دفاعية تأخذ بعين الاعتبار تجربة العدوان الصهيوني الأخير على لبنان، بحيث يتكامل دور الجيش مع المقاومة، والتوافق على حصر قرار الحرب والسلم في يد الحكومة اللبنانية. البدء في تنفيذ الأمور المعلقة في اتفاق الطائف وأبرزها إلغاء الطائفية السياسية واللامركزية الإدارية وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، مع التوافق مع المقاومة على إطار نظامي لعملها وسلاحها. ترسيم الحدود البرية والبحرية مع سوريا، خاصة في ظل الاهتمام المتزايد بملف الغاز والنفط في البحر الشرقي للمتوسط، وتثبيت الحدود مع فلسطين المحتلة بحسب اتفاقية الهدنة، وإنهاء احتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والنصف اللبناني من قرية الغجر، عبر الدبلوماسية الدولية وبالتوافق مع الإدارة السورية الجديدة بشأن لبنانية مزارع شبعا، كي لا تستمر إسرائيل بالتذرع بأنها أراضٍ سورية. العمل على خلق فرص عمل للشباب والخريجين الجامعيين، وتشجيع عودة المهاجرين اللبنانيين للاستثمار والعمل في لبنان.

يبقى أن نُشير إلى أن رئيس الجمهورية في لبنان هو حامي الدستور والحَكَم بين السُلطات وجزء من السلطة التنفيذية، لكن صلاحياته غير مُطلقة؛ فالصلاحيات التنفيذية في مجلس الوزراء مجتمعًا، لذلك هناك مسؤولية على رئيس الحكومة الذي سيُكلَّف بتشكيل الحكومة وعلى الوزراء الذين سيتم اختيارهم، كما على مجلس النواب الذي عليه التشريع ومراقبة عمل الحكومة ومحاسبتها على أدائها وتقصيرها.

** رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية - لبنان

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • غاراتٌ أمام عزيمة لمواجهة التحديات
  • كونسيساو يوضح سبب استبداله بن ناصر بعد الشوط الأول أمام كومو ويوجّه له نصيحة
  • غداّ الخميس... الطقس يصبح متقلّباً مع أمطار ورياح باردة
  • إبراهيم عيسى: تحصين الواقع المصري ضرورة في مواجهة التحديات الإقليمية والإخوانية
  • كاتب صحفي: يجب تشكيل حكومة لبنانية قادرة على مواجهة التحديات
  • الأمم المتحدة: مستعدون لدعم سوريا في مواجهة تحديات الفترة الانتقالية
  • أبرز التحديات أمام الرئيس جوزيف عون في لبنان
  • بيدرسون: مستعدون لدعم سوريا في مواجهة تحديات الفترة الانتقالية
  • جرعات بدنية وتكتيكية في المعسكر الداخلي لأحمر الشواطئ
  • ليفربول يخشى مفاجآت نوتينجهام فورست في مواجهة ثأرية بالدوري الإنجليزي