الوطن:
2025-04-09@20:47:31 GMT

الشيخ ياسر السيد مدين يكتب.. كيف وصلتنا السُّنة؟ (3)

تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT

الشيخ ياسر السيد مدين يكتب.. كيف وصلتنا السُّنة؟ (3)

كان من المنتظر أن نبدأ فى عرض بيان كيفية انتقال السنَّة إلينا منذ عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن رأيت قبل البدء فى هذا أن أعرض شيئاً من تطور أمر التدوين منذ العهد النبوى الشريف تمهيداً للحديث عن السنَّة المطهرة.

ومعروف أن القرآن الكريم بدأت كتابته فى العهد النبوى بما يُؤمَن معه ما قد يعرض للمكتوبات من محو أو تآكل أو تأثّر، مع حفظه فى موضع خاصٍّ، وقد كان هذا بإشارة من الوحى الكريم الذى نزل واصفاً القرآن الكريم بأنه كتاب وبأنه صحف من باب المجاز باعتبار ما سيكون إشارةً إلى ضرورةِ أن يصير كذلك بأيدى المسلمين، قال تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}، وقال سبحانه: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً}.

وقد كان الصحابة يدونون ما ينزل لأنفسهم، وفى قصة إسلام سيدنا عمر رضى الله عنه أنه آيات مدونة فى صحيفة مع أخته رضى الله عنها، وكانت الكتابة تتم عند سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيدُنا ابن عباس رضى الله عنهما: كانت المصاحف لا تُباع، كان الرجل يأتى بورقة عند النبى صلى الله عليه وسلم فيقوم الرجل فيحتسب فيكتب، ثم يقوم آخر فيكتب حتى يفرغ من المصحف.

وقد زاد الاهتمام بالعلم والتدوين فى عهده صلى الله عليه وسلم، وقد رُوى عن عدد من الصحابة عبارة «قيدوا العلم بالكتاب»، وبعضهم يرويها عنه صلى الله عليه وسلم، بل قال سيدنا أنس رضى الله عنه: كُنّا لا نَعدُّ عِلمَ من لم يكتب عِلمَه علماً، وهذه العبارة واضحة الدلالة فى اعتناء الصحابة بتدوين العلم، ولذا نجد الاعتناء بإنشاء كتاتيب للعلم، يقول سيدنا عبدالله بن مسعود رضى الله عنه: «قرأتُ من فِى [فم] رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد بن ثابت له ذؤابة فى الكُتَّاب»، كما أنه صلى الله عليه وسلم اهتم بتعليم الكبار أيضاً، يقول سيدنا عبادة بن الصامت رضى الله عنه: علّمتُ ناساً من أهل الصُّفّة الكتابةَ والقرآن.

وبدأ فى عصره صلى الله عليه وسلم الصورة الأولى للديوان بفروعه المختلفة، فهناك ديوان خاص بالجنود، وفى صحيح البخارى أن رجلاً جاء يستأذنه صلى الله عليه وسلم فى أنْ يُرافقَ زوجتَه فى الحجَّ بعد أن تم تسجيل اسمه فى جيش سيخرج، وهذا واضح الدلالة فى وضع نظام دقيق لتسجيل الجند.

كما كان هناك كُتَّابٌ لمراسلات الملوك، وقد أَرسَى صلى الله عليه وسلم برسائله آداباً صارت معروفة متبعة فى المراسلات من حيث ما تُصدّرُ به الرسالة، وفى البدءِ بذكْرِ المرسَل إليهِ أو المرسِل، وفى طريقةِ الانتقالِ من موضوعٍ لآخر، وفى ختم الرسالة، وغير هذا.

وقد كان له صلى الله عليه وسلم عدد من الكُتّاب المتخصصين، فمنهم من يكتب للملوك، ومنهم من يكتب المعاهدات، ومنهم من يكتب المداينات والعقود، ومنهم من يكتب الغنائم، ومنهم من يكتب فى الحوائج العامة، ومنهم مَن ينوبُ عمَّن غاب عن عمله من الكُتّاب. كما كان فيهم من تخصص فى الترجمة.

وبدأ فى عهد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم جمع العلم والأدب فقد كتبَ سيدُنا عمر رضى الله عنه إلى المغيرة بن شعبة وهو عامله على الكوفة أنِ ادعُ مَن قِبَلك من الشعراء، فاستنشدهم ما قالوا من الشعر فى الجاهلية والإسلام، ثم اكتبْ بذلك إلىَّ.

بل كان لبعض الصحابة مصنفات، يقول موسى بن عقبة: وَضعَ عندنا كُريْب حِملَ بعيرٍ مِن كُتبِ ابنِ عبّاس، وسوف نذكر شيئاً من هذا فى المقال القادم إن شاء الله تعالى.

وكذلك انتشر التصنيف فيمن بعدهم فكان لعبيدة السلمانى (ت 72هـ) كتبٌ محاها قبل موته وقال: «أخشى أن يليَها قوم يضعونها غير موضعها»، وكتب عروة بن الزبير (ت 93 هـ) فى سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كان له كتب كثيرة أبيدت فى وقعة الحَرَّة وكان يتحسر على ذلك، وكذلك كتب أبان بن عثمان بن عفان (ت 105هـ) كتاباً فى السيرة النبويّة، وكان للحسن البصرى (ت 110هـ) كتب يتعهد النظر فيها، وكان لزيد بن أسلم (ت 136 هـ) كتاب فى التفسير، بل كانوا يرون أن من شرط العالم كتابة العلم، يقول معاوية بن قرة (ت 113 هـ): «من لم يكتب العلم فلا تعدوه عالماً»، بل كثر التدوين والتصنيف حتى إن أبا عمرو بن العلاء (ت 154هـ) -وهو أحد القراء السبعة وأحد أئمة اللغة والأدب- كتب عن العرب الفصحاء كتباً ملأت بيتاً له إلى قريبٍ من السقف.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: القرآن الكريم و ي ع ل م ه م ال ك ت اب و ال ح ك م ة رسول الله صلى الله علیه وسلم له صلى الله علیه وسلم رضى الله عنه ومنهم م

إقرأ أيضاً:

إسحق أحمد فضل الله يكتب: الشبكة التي نتخبط فيها

وكانت تلك أيام مارلين مونرو الأمريكية. وبريجيت باردو الفرنسية وكلوديا كاردينالى الإيطالية و..
كل بلد كان لديه سيقانه التي والتي
وكان الناس يكرعون السيقان هذه على الشاشة…
وصاحب يوسف إدريس حين يرى مارلين مونرو يقول لصاحبه في حسرة
: والنبي. إحنا متجوزين غفر….
وكانت الستينات هى إيام جيفارا وبوليفيا
وجيفارا الذي لا قيمة له في الحقيقة يجعله إعلام الغرب بطلاً أسطوريًا له حكايات…
أسطورة لأن العظمة هي أن تنتصر على العظيم
ولما قتلوه في بوليفيا الكاميرا تجوس جسده وتزعم إن أمرأة تنظر إليه بأنفاس مقطوعة ثم تهمس
: ألا تظن إنه المسيح؟
وكان الشيوعيون في السودان يغنون له…
……
وكانت تلك أيام بيريا وخروتشوف
ودمامل الحقد التي صنعها ستالين .. تنبجس
وفي أول اجتماع للمركزية بعد وفاة استالين كان المشهد هو
خروتشوف يدير عيونه في التسعة عشر الجلوس ثم يقول بهمس مثل صوت المبرد الخشن
: أنا أتهم الرفيق بيريا بأنه عدو للشعب…
وبيريا هو أخطر مدير مخابرات فى الأرض
والاتهام هذا لقيادي في المركزية شىء قانونه هو
إن استطاع مقدم الاتهام إثبات التهمة…أعدم المتهم على مقعده
وإن عجز مقدم الاتهام عن الاثبات أعدم على مقعده
والرؤوس التسعة عشر التي سمعت الاتهام تتحجر وعيونها تغرس فى المائدة الأبنوسية
وصمت….
وقائد الحرس يقود بيريا إلى الخارج
وبيريا يصرخ بعنف
والاعناق التى تحمل الرؤوس لا تتحرك
والأذان تنصت لشىء
ومن خارج الغرفة يأتي صوت رصاصة
والجميع يتنهد
و….
البند الثاني في اجتماعنا هذا .. هو….
……..
وكانت تلك أيام نهاية الكاوبوي …. والمسدس بست طلقات
وظهور ديجانجو .. الذي يستبدل المسدس بالمدفع الرشاش … فالمسدس الذي يقتل الإنسان مرة واحدة يصبح غير مثير. والمسدس يستبدل بالرشاش الذي يقتل الإنسان عشر مرات
كان كل شىء يطحن أسنانه والعالم ينتقل والحال الجديد يصنع السخريات
وحرب كل أحد ضد كل أحد تجلب أدباً جديداً
والكتابات الغليظة لا نريدها لكن نكتة تكفي
وفيها
الرجل المتعب يقف أمام بائع الحجز في المطار
وهذا يسأله عن الجهة التي يقصدها
والرجل يعجز عن تحديد بلد
وموظف الحجز يضع أمامه كرة أرضية ليحدد البلد الذي يريده
والرجل يفحص الكرة الأرضية كلها ثم يقول للموظف
: أليس لديكم كرة أرضية
أخرى … لنذهب إليها
……..
وحتى السخريات من خراب العالم فى المرحلة الجديدة كان بعضها طريفاً
وكتابات عن كل شىء
وعن حروب الانتخابات قال كاتب
: لماذا العراك فى الانتخابات؟ يكفي أن نصدر اعلانًا نقول فيه
مطلوب رئيس بالمواصفات التالية
أن يجيد الرقص التوقيعي … وأن يجيد اخفاء تاريخه و…و… وأن يكون مستعدًا للموت… دون ألم
)
والآن شديد الطرافة
………
وكانت تلك أيام أيام بروفيمو .. وزير الدفاع البريطانى الذى تبشتنه جاسوسة روسية
وكانت تلك أيام اختراع الكلاشنكوف .. حتى يناسب حجم المرأة الفيتنامية الضئيل وهم يقاتلون الأمريكان
…. و….
وما يجمع هذا الركام … ركام الستينات … هو حقيقة مدهشة
ما يجمع هذا كله هو أن الركام هذا كله ليس أكثر من عمل مخابرات
فالستينات وحرب المخابرات كانت هي البذور .. بذور الحنظل
الحنظل الذي نأكله الآن
ومالم نعرف ما يجري في العالم فإن طعامنا سوف يظل هو الحنظل

إسحق أحمد فضل الله
الوان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: الشبكة التي نتخبط فيها
  • ضياء السيد: كولر عليه أن يراجع نفسه.. وزيزو مكسب للأهلي
  • هل الزواج في شهر شوال مكروه؟.. دار الإفتاء تكشف عن سبب المقولة الخاطئة
  • دعاء قبل النوم أمر بترديده الرسول.. اقرأه لأطفالك
  • الدكتور السيد عبد الباري: النصر والتمكين سيكونان لأمة الإسلام في النهاية
  • تعرف على أفضل الأدعية عند زيارة قبر النبى صلى الله عليه وسلم
  • أدعية زيارة قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • طاعات بعد رمضان.. عبادات احرص عليها في هذه الأيام
  • هل التوسل بالنبي في الدعاء حرام شرعا؟.. الإفتاء توضح
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: الضلع الرابع للمثلث