«أحمد» يتحدى الإعاقة السمعية بالإخراج: «أحببت السينما فوهبتني السعادة»
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
في عامه الثاني اكتشفت والدته أن ابنها مصابا بالصمم، لم تستسلم وقررت السعي وكلها أمل في أن تسمع صوت صغيرها ويسمعها، وبعد جلسات التخاطب والعمليات الجراحية بدأت رحلة «أحمد» مع العالم الصامت، حتى صادف وسيلةً يعبر بها عن نفسه ويوصل من خلالها الكلمات المحبوسة بداخله.
أحمد السمان الذي ساعدته والدته على تحدي الإعاقة السمعية وإلغاء الفارق بينه وبين أقرانه في مرحلة التعليم الابتدائي، تعرض للتنمر بسبب عدم التحاقه بمدارس الصم والبكم، وانتهت به مضايقات زملائه إلى حادثة منعته من استكمال تعليمه بعد الحصول على شهادة الإعدادية، ليجد نفسه مرغماً على تعلم مختلف الحرف التي لا تناسب طموحه ويصف هذه المرحلة لـ«الوطن»: بـ«الفظيعة»؛ بسبب غياب الدعم النفسي وقصور الرعاية التي يوليها المجتمع لذوي الهمم في ذلك الوقت.
ومن هنا بدأت علاقته مع السينما، الفن السابع الذي استوعب مشاعره واحتياجاته وقدر من خلاله أن ينقل إلينا أفكاره بالصوت والصورة «لم أجد أمامي متنفساً سوى السينما وكانت بالنسبة لي بوابةً أعبّر بها عما بداخلي، وعندما أحببت السينما أحبتني ووهبتني الحياة».
في أواخر عام 2016 حصل «أحمد» على عدة ورش سينمائية في مسقط رأسه بمحافظة الاسكندرية، إضافةً إلى ورش إخراج وكتابة ومونتاج مكنته جميعاً من إنتاج أول فيلم له بعنوان «الرقص على أجسادنا»، والفيلم جرى تصويره بطريقة فريق الرجل الواحد، فهو المؤلف والمخرج والبطل، وتم عرضه في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، ما دفعه إلى إنتاج فيلمه الثاني في 2017 بعنوان «لوكيشن» لكنه لم يكن له نف صدى الفيلم الأول، ولم ينل ذلك من عزيمته بل حفزه على العمل بشكلٍ أفضل ليُخرج فيلمه الثالث «مجرم سينما» الذي لاقى ردود أفعال واسعة من ذوي الاحتياجات الذين وجدوا في العمل ما يلامس وجدانهم ويعبر عن مشكلاتهم «السينما بالنسبة لي مثل السحر، طالما أملك القدرة على استخدامه فلتكن قضيتي تعريف العالم بمشاكلنا نحن ذوي الهمم الذين نتحدى الظروف».
في بعض الحالات يستطيع الأشخاص الذين يعانون من الإعاقة السمعية أن يلتقطوا الأصوات الخارجية بمساعدة السماعات الطبية، وعادةً ما يتم ذلك بعد التدخل الجراحي مثل حالة أحمد السمان الذي يوضح خلال حديثه لـ«الوطن» أن المعاناة لا تنتهي عند هذا الحد بل ينبغي على ضعاف السمع تحمل الطنين الصادر من السماعات الطبية لساعاتٍ طويلة من اليوم، وإلا لن يكونوا قادرين على التواصل مع من حولهم، ومن هذا المنطلق يعمل «أحمد» على تقديم فيلم جديد يرصد المعاناة اليومية لذوي الهمم، ويعرض نماذج واقعية مثل فنانة تشكيلية من زارعي القوقعة ومترجمة إشارة «الفيلم يعبر عن عالمنا الذي لا يعرف أحدا شيئاً عنه إذا تخلينا عن الأجهزة التي تجعلنا سامعين، وهذه رسالة السينما التي أعتبرها ملجأً لي بعد الله، فهناك أمور لا نستطيع البوحَ بها، والكبت قاتل والسينما كالطبيب تعالجني في إخراج هذا الكبت».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أحمد السمان ذوي الهمم الإعاقة السمعية الصم الإخراج السينما تحدي الإعاقة
إقرأ أيضاً:
الإثنين.. سعد القرش يحكي عن "فتنة الأطياف" وحب السينما
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يقيم صالون "صفصافة" للكتاب، في السابعة مساء الإثنين المقبل، مناقشة كتاب "فتنة الأطياف.. أفلام ومهرجانات" للكاتب سعد القرش، وذلك بمقر الدار بوسط البلد، ويناقش الكتاب الناقدان عصام زكريا وسمير عمر، وتدير النقاش الكاتبة ناهد صلاح.
في الكتاب، يطوف سعد القرش بين العديد من المهرجانات السينمائية. ويبدأ بالحديث عن علاقته بالسينما، منذ الصبا حين تسلل إلى دار سينما وحيدا في صيف 1980، ولم يخرج، غادر عتمة القاعة إلى شمس العيد، ومن الرصيف المقابل تأمّل واجهة دار العرض، وجموع الداخلين إلى الحفلة التالية، وتمنى الرجوع، وإعادة المشاهدة، لكن الفلوس لا تكفي، لم يعد هو نفسه قبل المغامرة، وقد استقر الطيف في لا وعيه، واستجاب إلى "الندّاهة".
ثم كبر الفتى، ومن وقت إلى آخر، يحاول ردّ جميل الأفلام بالكتابة، وقد يفاجئه البعض بإطلاق صفة "الناقد السينمائي"، فينظر حوله، ويظن أن المقصود شخص آخر، ويبتسم وينفي بحزم: لست ناقدا ولا سينمائيا. أنا ذلك الفتى. ذلك الفتى هو أنا.
وينتقل إلى الخطوة الثانية في علاقته بالسينما، بعد التحاقه بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، وسأل عن سينما "كريم"، كانت تعرض بمناسبة افتتاحها فيلم "الطوق والإسورة". هنا مقاعد مريحة، في قاعة نظيفة، مكيفة الهواء، ممنوع التدخين، لا خوف على القميص من عابث يطفئ سيجارة، سوف يحب يحيى الطاهر عبد الله، وخيري بشارة الذي لم يسامحه، وفي الكتاب فصل عنوانه "خيري بشارة الساحر الذي أدخلني المتاهة".
يحب سعد القرش السينما حتى إنه يتورط في علمية المشاهدة، ولا يعتبر ما يشاهده أفلاما، إذ ينسى نفسه على باب دار العرض، أو حين تغيب الإضاءة وتحضر الأطياف. "دمعت عيناي مرات أثناء المشاهدة. بعض هذه النوبات في مشاهدة ثانية أو ثالثة للفيلم. أبكتني سعاد حسني في إحدى مرات مشاهدتي "الزوجة الثانية"، وهي تنبه زوجها إلى سقوط أمه، في رحلة الهروب ليلا من الطاغية: "أبو العلا، اِلْحَق، أمك وقعت"، وفي المشاهدة الثانية لفيلم "بنات وسط البلد"، في افتتاح مهرجان للسينما في روتردام بهولندا في مايو 2006، أشفقت على منة شلبي. كانت في نهاية الفيلم تغني، وتظن صوتها جميلا، وتحسب أن أصدقاءها يستحسنون غناءها، ولا تدري أنهم يسخرون منها، وظلت تغني وتبكي، مذبوحة من الألم، فبكيت معها. حدث هذا أيضا مع نداء من قلب فردوس محمد، في فيلم "ابن النيل"، وهي تحذر ابنها من هجوم الفيضان. وكذلك مع اعتراف غير صادق، يمزق القلب تعاطفا مع الفلسطينية نهيلة (الممثلة التونسية) ريم تركي، في إجابتها عن سؤال المحقق الصهيوني، في نهاية فيلم "باب الشمس".