متلازمة عُطيل.. غيرة وهمية تهدد الحياة الزوجية
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
تعتبر الغيرة عاطفة إنسانية طبيعية، بل ربما تكون حافزا لتحسين بعض العلاقات، لكنها قد تتحول إلى رغبة في التملك وشعور بالخوف من فقدان الطرف الآخر حتى تتطور إلى اضطراب نفسي، يعرف باسم "متلازمة عطيل" أو الغيرة الوهمية المرضية.
اضطراب نفسيتعد متلازمة عطيل أحد الاضطرابات النفسية والعقلية، وتشير إلى الشك المبالغ فيه تجاه تصرفات شريك الحياة، وتوهم خيانته وعدم إخلاصه للعلاقة الزوجية بدون أي دليل ملموس، ويمكن أن يمتد هذا الاضطراب خارج العلاقات الزوجية ليشمل الأصدقاء وأفراد الأسرة وزملاء العمل وغيرهم.
ويرجع تسمية هذه المتلازمة إلى الطبيب النفسي البريطاني جون تود 1955 في إشارة إلى الغيرة غير العقلانية التي جسدها أحد أبطال مسرحية "عطيل" للكاتب المسرحي ويليام شكسبير، إذ قام "عطيل" بقتل زوجته ديدمونة خنقا بعد أن نسج شكوكه حول خيانتها المزعومة، ثم انتحر بسبب سوء فهمه واكتشافه براءتها، واصفا نفسه بالرجل الذي تجاوز في حبه، ولم يعشق بتعقل ومع ذلك جاهد في دفع الغيرة عن نفسه، ولكنها تمكنت منه فتمادى فيها إلى النهاية.
المصاب بمتلازمة عطيل يتلصص على سجل مكالمات شريكه وتتبع حساباته على منصات التواصل الاجتماعي (شترستوك) تقييد حرية الشريكيلازم هذه المتلازمة مجموعة من السلوكيات غير المقبولة، إذ ينشغل الشخص المصاب بأفكار مضللة حول خيانة الشريك، ويظل يبحث عن أدلة وإثباتات لا تتوافق مع المنطق ليبرهن على خيانته، ويعتمد في ذلك على الملاحقة والتلصص والتحقق من سجل مكالمات شريكه وقراءة رسائل بريده الإلكتروني وتتبع حساباته ونشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويذهب البعض إلى حدود أبعد تصل إلى حد تثبيت تطبيقات التنصت على مكالمات الهاتف ووضع أجهزة تسجيل مخفية في المنزل أو توجيه اتهامات مباشرة للشريك بأنه ينجذب إلى شخص آخر، أو ينظر إليه بشكل عاطفي.
خلل في توازن القوىينقل موقع "فسيولوجي توداي" عن أستاذ علم النفس في جامعة تكساس في أوستن، ديفيد بوس، قوله إن الغيرة تشير إلى خلل في توازن القوى في العلاقة، وعندما تتحول إلى مرض فإنها تكون ضارة للغاية، وتعد المحرك الرئيسي لقتل شركاء العلاقة.
ووفق أستاذ علم النفس، تدفع الغيرة المرضية إلى محاولة السيطرة على الطرف الآخر بطرق غير صحيحة مثل مراقبة أماكن وجوده باستمرار أو التحكم في الدائرة الاجتماعية المحيطة به وعزله عن الأصدقاء والعائلة ومحاولة تقويض احترامه لذاته.
وعلى الرغم من انتشار الغيرة بين الرجال والنساء، فإن بوس يوضح أن غيرة الذكور أكثر خطورة، إذ تشير الأرقام في الدول الغربية أن 50 إلى 70% من جرائم قتل النساء البالغات تكون على يد أزواجهن أو أصدقائهن، بينما ترتكب الزوجات 3% فقط من جرائم قتل الرجال.
الشك قد يصل بالمصاب بمتلازمة عطيل إلى تثبيت تطبيقات التنصت على مكالمات الهاتف (شترستوك) أسباب متلازمة عطيليعد الشعور بالنقص وعدم الأمان والخوف من فقدان الشريك أمام منافس محتمل عوامل رئيسية لتطور متلازمة عطيل التي تعزز تشويه تفسير الأحداث والمعلومات ووضع افتراضات وتصورات خاطئة، ومن أهم أسبابها:
بعض الاضطرابات النفسية مثل التوتر والاكتئاب أو الوسواس القهري. مشكلات الطفولة أو التجارب السلبية في العلاقات السابقة سواء خيانة أو رفض. الاختلالات الوظيفية الناتجة عن تعاطي المواد المخدرة بأنواعها المختلفة، ولا سيما أنها تزيد من حدة الأفكار المضللة والوسواسية. متلازمة عطيل واضطرابات مختلفةترتبط متلازمة عطيل ببعض الاضطرابات العقلية والعصبية مثل الذهان والفصام واضطرابات أعصاب الدماغ وألزهايمر ومرض باركنسون، وفي عام 2017، تم تصميم دراسة منهجية لمراجعة تسجيلات طبية لـ95 مريضا يظهر عليهم أعراض متلازمة عطيل، وخلصت الدراسة التي نشرتها المجلة الأوروبية لعلم النفس إلى ارتباط هذه المتلازمة بالأمراض العصبية التنكسية بشيوع قدره 59% تليها الآثار الجانبية لبعض الأدوية بنسبة 13.7%، والخرف الوعائي 8.4%، وارتبطت بشكل متكرر مع المرضى الذين يعانون اختلالات هيكلية في الفص الجبهي الأيمن من المخ.
الافتقار إلى الثقة بالنفس وتدني احترام الذات الذي يفضي إلى التشكك في استمرارية العلاقة، ويدعم ذلك حالة الزوجة البريطانية "ديبي وود" التي تم تشخيصها بمتلازمة عطيل، ووصفتها صحيفة "ديلي ميل" عام 2013 بأنها أكثر النساء غيرة في العالم، إذ إنها تمنع زوجها من مشاهدة النساء على شاشات التلفاز، أو النظر إلى صورهن في المجلات، وتجبره على إجراء اختبار كشف الكذب في كل مرة يغادر فيها المنزل، ولأنها تفتقد للأمان والثقة بالنفس بسبب معاناتها مع اضطرابات تشوه الجسم، سعت لإجراء إحدى جراحات السُمنة في اعتقاد منها أن زوجها لن يفكر في الهروب مع أخرى إذا كان لديه زوجة جميلة ونحيفة في المنزل.
الافتقار إلى الثقة بالنفس وتدني احترام الذات يفضي إلى التشكك في استمرارية العلاقة (شترستوك) المخاطر المتعلقة بالغيرة المرضية ضرر وإيذاء النفس والآخرين: تدفع الغيرة المرضية في الحالات الأكثر خطورة إلى ارتكاب أعمال إجرامية تصل إلى قتل شريك الحياة، وقد يتبع ذلك الندم الشديد يعقبه تفكير في الانتحار، ووجدت دراسة أجريت على 20 شخصا يعانون من الغيرة الوهمية ونشرتها مجلة الأكاديمية الأميركية للطب النفسي 1998 أن 13 شخصا هددوا بقتل شركائهم بسبب الخيانة الزوجية المزعومة، وقام 12 منهم بإيذاء أزواجهم من بينهم 3 أشخاص نفذوا اعتداءاتهم باستخدام السلاح، وأحيانا يقع العنف على طرف ثالث يُشتبه أنه طرف في علاقة غرامية مع الشريك. إيذاء الأبناء: يعاني الأبناء من الانتهاك الجسدي والعاطفي نتيجة تصرفات الوالد المصاب بالغيرة المرضية، ويتابعون المشاجرات المستمرة بين الوالدين، وقد يتعرضون للإصابة عرضيا أثناء الاعتداءات، وأحيانا يستغل الوالد المصاب أحد الأطفال للتجسس على الطرف الآخر. طرق فعالة للعلاج ينبغي استشارة الطبيب النفسي إذا شعر أي من طرفي العلاقة بالغيرة المفرطة. الالتزام بالعلاج السلوكي المعرفي للتعرف على أسباب الغيرة والتحكم فيها. استشارة اختصاصي الصحة العقلية لتشخيص الاضطرابات الكامنة، وإجراء اختبارات الفحص العقلي لاستبعاد بعض الأمراض. ينبغي على الطرف السليم في العلاقة أن يبتعد عن استثارة شكوك المريض أو المراوغة في الإجابة عن تساؤلاته. ينبغي على الأشخاص القريبين ذوي الثقة التحدث إلى العطيلي (المصاب بمتلازمة عطيل) بطريقة ودية وعدم تجاهله أو الاستخفاف بكلامه وتصرفاته، لأنه قد يؤذي نفسه والآخرين.المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
نصائح للأمهات للتعامل مع الطفل المصاب بالوسواس القهري
قالت الدكتورة شيماء عرفة، أستاذة الطب النفسي بكلية الطيب بجامعة الأزهر، إن حالات الوسواس القهري قد تظهر نتيجة لشدة مفرطة أو تراكم ضغوط نفسية.
وأوضحت ببرنامج "صباح الخير يا مصر"، الذي يعرض على شاشة القناة الأولى أن علاج الوسواس القهري ينقسم إلى نوعين رئيسيين: العلاج النفسي الدوائي والعلاج النفسي السلوكي، ويعتمد تحديد النوع المناسب من العلاج على شدة الحالة.
وأضافت أن مثالًا على ذلك هو الطفل الذي يعاني من خوف مفرط من الجراثيم؛ حيث يتم تطبيق تقنيات علاجية مثل "التعرض ومنع الاستجابة"، والتي تشمل تعليم الطفل تمارين التنفس والاسترخاء، بالإضافة إلى اللعب والأنشطة التي تساعده على تخطي مخاوفه.
وأكدت الدكتورة شيماء أن الطفل يجب أن يشعر بالثقة في الطبيب المعالج، ويعلم أنه يمكنه التحدث بحرية دون أن يتم نقل ما يقوله إلى والدته.
وأشارت إلى أنه من غير المناسب أن يتم عرض الأشياء التي يخاف منها الطفل عليه مباشرة، خاصةً إذا كانت هناك مخاوف صحية أخرى، مثل وجود مشكلة في القلب قد تهدد حياته.
وفي حال كانت الأعراض بسيطة، يتم علاجها من خلال العلاج المعرفي السلوكي، أما إذا كانت الحالة شديدة، فقد يستدعي الأمر التدخل الدوائي.
ونصحت الدكتورة شيماء الأمهات بضرورة القراءة الجيدة حول هذا المرض النفسي لفهم كيفية التعامل مع الطفل المصاب بالوسواس القهري، وذلك لتوفير الدعم المناسب له ومساعدته على التعافي.