لم تتوقف حالة الجدل في أوساط الشارع الأردني بعد إقرار قانون العفو العام الذي صدر مؤخرا، من خلال شموله العقوبات المترتبة على إصدار شيكات من دون رصيد، مما يفضي إلى آثار اقتصادية واجتماعية مستقبلا، ويفاقم المشكلات المالية خاصة عند أصحاب الأموال في القطاعات الإنتاجية والتجارية، وفق خبراء اقتصاديين.

القانون الذي دخل حيز التنفيذ بعد مصادقة ملك الأردن عبد الله الثاني شمل عقوبات الشيكات من دون رصيد حتى وإن لم يتم إسقاط الحق الشخصي أو إجراء التسويات المالية بين طرفي المعادلة (الدائن والمدين)، في حين شهدت أعداد الشيكات المعادة لعدم وجود رصيد ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات القليلة الماضية نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد.

وبحسب بيانات رسمية، فقد بلغ عدد الشيكات المتداولة خلال الربع الأول من العام الحالي 1.6 مليون شيك بقيمة 9.7 مليارات دينار (13.58 مليار دولار)، استنادا إلى بيانات الشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص (جوباك).

أوضاع اقتصادية صعبة يعيشها المواطن الأردني (مواقع التواصل الاجتماعي) ضربة اقتصادية

ورأى عضو غرفة صناعة عمان موسى الساكت أن قانون العفو العام الذي صدر مؤخرا "لم يراع جرائم الشيكات بدون رصيد، الأمر الذي شكل ضربة اقتصادية حقيقية لكل القطاعات التجارية والصناعية التي تتعامل مع الشيكات، وهذا جاء بعكس توجيهات الملك عبد الله الثاني بعدم المساس بالحقوق".

وبشأن الخوض في تفاصيل قانون العفو العام، لفت الساكت في حديثه لـ"الجزيرة نت" إلى أن "الدائن (صاحب الحق) لا يستطيع رفع قضايا جزائية بحق المدين، مما يعني أن مئات الملايين من الدنانير ستضيع على أصحاب الحقوق، لأن أغلب من عليه دين لا يوجد أملاك مسجلة باسمه للحجز عليها".

وتابع "القطاع الخاص آخر من يُنظر إليه فيما يتعلق بتذليل العقبات أمامه، وهذا سبب من أسباب التراجع الاقتصادي وتراجع الاستثمار الكلي، وهذا يحتاج إلى وقفة ومعالجة حقيقية إذا ما أردنا تحسين البيئة الاستثمارية في البلاد، والوصول إلى النمو الاقتصادي المطلوب".

وفي رأي مخالف لرأي الساكت، قال رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب غازي الذنيبات إن مشكلة حبس المدين مشكلة قائمة في الأردن، معتبرا أن الحبس يكون للمجرمين، وليس للمتعثرين ماليا.

واستدرك في حديثه "للجزيرة نت" قائلا إن قانون العفو العام الذي صدر أعفى المدين من الشق الجزائي في قضايا الشيكات، مع بقاء قيمة الدين في ذمة المحكوم عليه، وهو ما يعرف بالحق المدني، والديون تبقى في ذمة المحكوم عليه، لأن قيمة الشيك دين والتزام، وبالتالي قد يكون العفو العام دافعا للمدين لرد الدين، بعد خروجه من السجن.

وكانت غرف صناعة الأردن قد حذرت من أن شمول إصدار الشيكات من دون رصيد بقانون العفو، وخصوصا ذات الصلة بالتعاملات التجارية، ستكون له تداعيات اقتصادية بالغة الخطورة على بيئة الأعمال والاستثمار في المملكة، وسيؤدي إلى ضياع حقوق مالية على الشركات الصناعية، قد تصل إلى إغلاق بعضها وتسريح عمال بعضها الآخر، بسبب عدم القدرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية، التي كان جزءا كبيرا منها يعتمد على تحصيل هذه الشيكات.

حالة من الجدل في أوساط الشارع الأردني لم تتوقف بعد إقرار قانون العفو العام (مواقع التواصل) مشكلات اجتماعية واقتصادية

بدوره، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن إقرار قانون العفو العام بشكله الحالي خاصة بما يتعلق بالعقوبات الجزائية على الشيكات من دون إيجاد حل عادل وعاجل لطرفي المعادلة المدين والدائن، فإننا "أمام مشكلة مستقبلية كبيرة، عنوانها تراكم أعداد المقترضين المتأخرين عن السداد".

وأضاف عايش في حديثه "للجزيرة نت" "ارتفاع الشيكات المرتجعة يعتبر انعكاسا لتراجع الأوضاع الاقتصادية والأنشطة المختلفة لا سيما أن معظم المعاملات في السوق، وخاصة من قبل القطاعات التجارية والخدمية والصناعية، تجري بالشيكات التي تقدم عادة كضمانة للسداد لعدم القدرة على الدفع الفوري، وبالتالي الخشية أن يؤدي الأمر إلى مشكلات اجتماعية خلال الفترة المقبلة، وأيضا تأثر أصحاب الأموال وخاصة في القطاعات الإنتاجية والتجارية التي تسوق منتجاتها بالبيع الآجل أي الدفع اللاحق".

وكان العاهل الأردني عبد الله الثاني أمر الحكومة في 20 مارس/آذار الماضي بإعداد مشروع قانون عفو عام والسير بإجراءاته الدستورية، بمناسبة اليوبيل الفضي لتوليه سلطاته الدستورية وجلوسه على العرش، ومنحت الحكومة مشروع القانون صفة الاستعجال ليمر بمراحله الدستورية، إذ أقره مجلس النواب، ثم مجلس الأعيان، فصادق عليه الملك، ونشر بالصحيفة الرسمية ليصبح ساري المفعول.

ومنذ توليه سلطاته الدستورية عام 1999، أصدر العاهل الأردني 4 قوانين عفو عام، كان أولها عام 1999، وثانيها عام 2011، وثالثها عام 2019، والرابع هذا العام 2024.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات قانون العفو العام دون رصید من دون

إقرأ أيضاً:

الأردن.. دفاع المتهمين بـخلية الصواريخ يعلق لـCNN على الأحكام الصادرة ويصفها بـالقاسية جدا

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية، الأربعاء، أحكاما بحق 4 متهمين بالسجن بالأشغال المؤقتة لمدة 20 عاما وتغريمهم الرسوم، في قضيتين من بين 6 قضايا متعلقة بما عرفت إعلاميا "بخلية تصنيع الصواريخ"، التي أعلنت الحكومة عن إحباط مخططاتها في 15 أبريل/ نيسان الماضي.

وبحسب وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، أصدرت محكمة أمن الدولة في "جلسة علنية عقدتها الأربعاء، أحكاماً بالأشغال المؤقتة لمدة 20 سنة بحق 4 متهمين من 16 متهما وتغريمهم الرسوم بعد أن تم تجريمهم بالتهم المسند إليهم".

ووصف محاميا الدفاع في القضيتين لموقع CNN بالعربية، الأحكام "بالمغلظة جدا والقاسية جدا"، على أن يصار إلى تمييز الأحكام لدى محكمة التمييز خلال 30 يوما.

وصدرت الأحكام بحق المتهمين الثلاثة، إبراهيم جبر وشقيقه حذيفة وخالد مجدلاوي في قضية اتهموا فيها "بحيازة مفرقعات وأسلحة وذخائر بقصد استخدامها على وجه غير مشروع، والإخلال بالنظام العام وإرسال أسلحة إلى حركة حماس في الضفة الغربية"، بحسب وكيلهم المحامي عبدالقادر الخطيب.

وقال الخطيب لـCNN بالعربية إن "العقوبة في حدها الأعلى وهي قاسية جدا، وسابقة في القضايا المتعلقة بدعم المقاومة"، بحسب تعبيره.

أما القضية الثانية التي صدر فيها أيضا الحكم بالأشغال المؤقتة 20 عاما، فصدرت بحق المتهم الرابع، أحمد عايش بركات، بحسب وكيله المحامي بسام فريحات، الذي قال لـCNN بالعربية، إن القضية الثانية "كانت منظورة أمام محكمة أمن الدولة منذ قرابة العام، والمتهم فيها أحمد عايش بركات حيث قام بنقل صاروخ كاتيوشا من منطقة في شمال الأردن، ومن ثم نقله ودفنه في منطقة قريبة من شارع المطار (جنوب العاصمة عمّان) بعد أن فصل الصاروخ إلى 3 أجزاء حتى لا يشكل أي خطر على المجتمع، تمهيدا لنقله إلى الضفة الغربية".

وبين فريحات: "تم إلقاء القبض على موكلي خلال تلك المرحلة، وصدر قرار بإدانته وسجنه لمدة 20 عاما، نرى بأن القرار مخالف للقانون لأن التجريم في هذه الحالات يستند إلى أن يكون العمل غير مشروع ويعرّض سلامة المجتمع للخطر، وهذان الأمران منتفيين لأنهما يتعلقان بدعم المقاومة"، بحسب الدفع القانوني الذي قدمه.

واستند فريحات في دفاعه، إلى ما قال إنه "مشروعية المقاومة في هذه الحالة"، وأضاف: "النظام العام مستقر لدينا والمستند إلى مناهج التعليم وسلوك الدولة الأردنية بإمداد غزة بالمساعدات ومنع تهجير الناس وتنفيذ إنزالات جوية هذا بحسب رأينا القانوني جزء من دعم المقاومة وتثبيت الناس في أرضها في فلسطين".

وأضاف فريحات "هذا الحكم نراه ثقيل جدا، سنقوم بتمييزه خلال 30 يوما ونأمل أن تبحث محكمة التمييز بكل تفاصيل القضية"، وأشار إلى أن موكله "عمل لمصلحة حركة حماس"، كما ورد في ملف القضية ووقائعها.

وقضت المحكمة، بحسب ما نقلت "بترا"، بأحكامها بعد "إدانة المتهمين بقضايا حيازة مواد مفرقعة وأسلحة وذخائر بقصد استخدامها على وجه غير مشروع والقيام بأعمال من شأنها الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر خلافاً لأحكام قانون منع الإرهاب".

ونوهت المحكمة، إلى أن "هذه القضية تعد جزءاً من المخطط الذي أعلنت عنه الحكومة الأردنية مؤخرا، وبدأ منذ العام "2021، وأوضحت بأن الأجهزة الأمنية "ألقت القبض على المتهمين فيها منتصف العام 2023، وأحالت القضية إلى الادعاء العام والذي أحالها إلى محكمة أمن الدولة".

وأشارت المحكمة، إلى أن إجراءات المحاكمة الخاصة بها، قد "بدأت منذ شهور"، فيما لا تزال القضايا الأخرى التي أعلن عنها مؤخرا منظورة أمام القضاء.

ووفقا للمحكمة، فإن المواد المفرقعة المضبوطة هي "مواد شديدة الانفجار (متفجرات) وتعتبر من المتفجرات العسكرية ذات الخاصية التدميرية وصالحة للاستخدام وذات أثر قاتل على الأرواح وتشكل ضراراً بالممتلكات والسلامة العامة".

ووجدت المحكمة، بحسب البيان الرسمي، "تغليظ العقوبة" والارتقاء بها إلى حدها الأعلى كيلا "تسول لهم أنفسهم ولغيرهم الإقدام على مثل هذه الأفعال الشنيعة تحقيقا لمبدأ الردع العام والردع الخاص والحفاظ على أمن وسلامة المجتمع الأردني".

وبدأت محاكمة المتهمين الآخرين الـ 12 أمام محكمة أمن الدولة قبل أيام وذلك في 4 قضايا جديدة، تم إصدار قرار بحظر النشر فيها، بينما تم عرض اعترافات متلفزة مؤخرا لهم، قالوا فيها إنهم على صلة بجماعة الإخوان المسلمين "التي أعلن حظرها وحظر أنشطتها بالكامل في 23 إبريل/ نيسان المنصرم.

مقالات مشابهة

  • الغرف السياحية: قطاع السياحة بريء من تنظيم الحج المُخالف العام الماضي
  • أسعار الأغذية تواصل ارتفاعها في الأردن
  • اتحاد نقابات عمال مصر: إصدار تشريعات تكفل حقوق العمالة غير المنتظمة
  • أرقام صادمة بيوم العمال.. نصف الشباب الأردني بلا عمل ونصف العمال بلا حماية
  • الأردن.. دفاع المتهمين بـخلية الصواريخ يعلق لـCNN على الأحكام الصادرة ويصفها بـالقاسية جدا
  • الأردن.. الأمن يحظر النشر في أخطر قضايا التصنيع العسكري والتجنيد
  • "تعليم النواب" توصي بإعداد مشروع قانون للسماح لهيئة الأبنية التعليمية بإصدار تراخيص البناء للمدارس
  • الحبس 3 سنوات لرئيس تنفيذي بشركة بتهمة تحرير شيكات بدون رصيد
  • الوزراء الأردني: لدينا التزام بكافة المواثيق الدولية لدعم وإنفاذ حقوق الإنسان
  • أكد استمرار التنقيب والاكتشافات وتأهيل الكوادر.. الناصر: ارتفاع متزايد لاحتياطيات السعودية من النفط والغاز