تذكرت تقمص دونالد ترامب لشخصية الشيخ حسنى فى فيلم الكيت كات، بعدما قام بفضح المسرحية الهزلية على الملأ بين طهران وواشنطن عقب اغتيال جنرال الفوضى قاسم سليمانى وسرده بتباه تفاصيل الاتفاق غير المعلن الذى حوى ردة فعل وهمية بإطلاق عدة صورايخ أشبه «بمب العيد» الذى كان يلهو به الاطفال حول قاعدة عين الأسد الامريكية بالعراق لم تسفر عن أى خسائر تذكر وقال صراحة انه هو من سمح بهذا الهراء من اجل حفظ ماء وجه اصدقائه من نظام الملالى امام الرأى العام الغاضب والمؤسسات الامنية الحساسة.
يعتقد أئمة البازار انهم حاذقون بما يكفى لخداع مواطنيهم وشعوب المنطقة حين يظهرون انهم محور المقاومة الذى سيحرر القدس أنهم يكذبون كما يتنفسون كل همهم النفوذ وابتزاز دول المنطقة المغلوبة على أمرها.
ترسانة ايران التى تهدد بها جيرانها اناء الليل واطراف النهار هى فقط للاستعراض الأجوف فهى منذ فترة طويلة أرست مبدأ الصبر الاستراتيجى حتى يكتمل برنامجها النووى وتعودت صاغرة على انتهاك سيادتها الوطنية وبلع اهانة الضربات الأمريكية والإسرائيلية حتى الباكستانية فى عمقها الحيوى ثم تكتفى بعدها ببيانات إنشائية فارغة تطيب بها خواطر انصارها المكلومين.
مؤخراً اجتاح العالم العربى موجة من السخرية على التصعيد المحسوب والمعلن يؤكد ذلك عدم استهداف مئات الصواريخ الباليستية والمسيرات التى انطلقت للمرة الأولى من الأراضى الايرانية دون الاستعانة بصديق المدن الاسرائيلية ولم تخدش مدنى أو عسكرى وتفادت عن قصد استخدام اجواء الخليج حتى لا تغضب حلفائهم الأمريكيين الذين استخدموا نظام إيجيس للدفاع الجوى وفعلت فرنسا نظام مامبا وهو دفاع جوى فرنسي- كجزء من الدفاع الاوربى المضاد للصواريخ البالسيتية فى الاردن والعراق وتصدت القبة الحديدية الاسرائيلية لما تبقى.
اذا كل ما حدث من هذه الضربة الكوميدية هو سقوط تسعة صواريخ بالسيتية على احد مدرجى قاعدة نيفاتنيم وسقط بعضها خارج قاعدة رامون وأخطأ بعضها طريقه إلى داخل الأراضى الأردنيه!!
ايران المأزومة فى حاجة إلى انتصار ما حتى ولو كان مزيفاً لاسيما بعد تدمير قنصليتها بدمشق لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن الايرانية فقد تسببت هذه الهجمات البهلوانية فى مكاسب جمة لتل أبيب اهمها اولاً توحيد الجبهة الداخلية بتوقف المظاهرات الشعبية المطالبة برحيل نتنياهو وكذلك كسر عزلة حكومته اليمينية الدولية الذى كانت تعانى ضغوط هائلة بسبب اصرارها الإجرامى على اجتياح رفح ثانياً تحول الاضواء والاهتمام العالمى عن المعاناة الانسانية للفلسطينيين التى وصلت إلى مرحلة المجاعة ثالثا اختبرت اسرائيل كفاءة دفاعاتها الجوية بعد هذا التدريب المجانى عالى المستوى وستعمل على تفادى الثغرات بتطوير القبة الحديدية، مقلاع داود والسهم وسيأتى لها الدعم العسكرى النوعى من كل حدب وصوب رابعاً ستستغل المخاوف المشروعة لخصوم طهران بالمنطقة وسوف تسوق من جديد عقب نهاية حرب غزة لضرورة بناء تحالف استراتيجى اقليمى واسع ورادع من اجل إجهاض حلمها النووى.
المؤسف ان ذيول الملالى من المتأسلمين والقومجية ملوك المزايدات الرخيصة مازالوا يهللون ويصفقون لهذا النظام الخبيث الذى يتاجر بقضايانا المصيرية من اجل مصلحته الشخصية
أين انت يا حمرة الخجل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بمب العيد دونالد ترامب الكيت كات قاسم سليمانى
إقرأ أيضاً:
سيرة أمير العمرى المُدهشة (1-3)
أنا واحد مَمن يُفضلون قراءة التاريخ من مسارات مُغايرة للمسار السياسى التقليدي، لذا فإن كُتب السير الذاتية للمُثقفين تُعد فى رأيى رافدا مُهما وحياديا للاطلال على تاريخنا المُعاصر. ومما كان لافتا ومشوقا فى الأيام الأخيرة، تلك السيرة العجيبة للناقد السينمائى الكبير أمير العمري، والتى صدرت مؤخرا عن دار نظر للمعارف بالقاهرة وحملت عنوان « الحياة كما عشتها».
وأمير العمرى واحد من أفضل النقاد السينمائيين العرب، إذ قضى نحو خمسة عقود مُتنقلا بين مهرجانات السينما العالمية، مُحللا، ومفككا، ومُطلعا، ومتابعا لحركات الفن العالمية، مُتخذا من العاصمة البريطانية لندن مستقرا.
وقد عرفناه صحفيا عتيدا فى كبرى وسائل الإعلام بدءا من هيئة الإذاعة البريطانية «بى. بى. سي» مرورا بالحياة اللندنية، والقدس العربي، وصحيفة العرب، وغيرها، فضلا عن رئاسة مهرجان القاهرة السينمائى.
والمثير أن سيرته تتجاوز سيرة ناقد سينمائى لترصد تحولات كبرى فى عالم الصحافة والاعلام العربي، وتقدم حكايات مشوقة وحصرية عن شخصيات سياسية، وفنية، وإعلامية معروفة، تتسم بنبرة الصراحة التامة.
إن أول ما يلفت نظرنا فى حكاية الناقد المولود فى 1950 بمدينة المنصورة، هو ذلك التنوع العجيب الذى شكل شخصيته، بدءا من والده مهندس المساحة الوفدي، الذى تنقل من مدينة إلى مدينة ليتعرف على محيطات مجتمعية مختلفة، ودراسته العميقة للطب وتفوقه فيه ثم تعيينه طبيبا فى أقاصى الصعيد، وانتقاله لاحقا من قرية إلى قرية، وصولا إلى صداقاته وعلاقاته الوطيدة بالمثقفين والمبدعين ومجانين الكتابة فى مصر الستينات والسبعينات.
كانت المنصورة وقتها مميزة بوجود جالية أجنبية كبيرة يغلب عليها الطليان، الذين أسسوا دور سينما عديدة واهتموا بعرض أحدث الأفلام. وهُنا أحب الفتى الصغير، السينما وارتبط بها، وسعى للالتحاق بمعهد السينما بعد إتمامه الثانوية، لكن رضخ لرغبة والده وإلحاحه بدراسة الطب. كان يشعر بأنه يُسدد دينا لوالديه، وظل طوال سنوات الدراسة متعلقا بالسينما ومديرا لنادى ثقافى أسسه مع بعض الشباب لمتابعتها. وبعد أن جرب حظه فى العمل طبيبا فى أسيوط والقاهرة، ثم عمل طبيبا فى الجزائر بمدينة بسكرة، وجد أن مهنة الطب لا تُرضى طموحه، فغادرها تماما بعد وفاة والديه حيث رحلت أمه فى 1971، ووالده فى مطلع الثمانينات، وأنهى عمله بالجزائر وسافر إلى لندن ليبدأ حياة جديدة.
فى لندن كان هناك عالم جديد للصحافة والاعلام يتشكل مع تحولات السياسة العربية فى ذلك الوقت. كان ألمع عقول العالم العربى الفكرية يعملون فى صحف ممولة من العراق وليبيا والسعودية وغيرها، وتعرف أمير بكثير من النجوم اللامعين كان منهم عماد أديب، هالة سرحان، عمرو عبد السميع، أمجد ناصر، صبرى حافظ، عثمان عمير، منى غباشي، أحمد الهوني، مجدى نصيف، وجميل مروة، وغيرهم.
وهو يقدم لنا حكايات عجيبة جدا عن هؤلاء وغيرهم ممن شهد بداياتهم وهم مفلسون، حالمون، أنقياء، ثُم تحولوا فى زحام لندن وسحرها إلى ملوك وسماسرة ومليارديرات. يتذكر أمير جيدا وجه الشاب الطموح الذى طُرد من إحدى مجلات «الحياة اللندنية» لاتهامه بمخالفات مالية، ثُم رآه بعد سنوات معروفا بالملياردير إيهاب طلعت.
كما يتذكر كيف كان هناك صحفى فلسطينى متواضع الحال، ومتخصص فى الصحافة الرياضية واسمه عبد البارى عطوان، تعرض للبطالة فجأة بعد استغناء الشرق الأوسط عنه، وظل شهورا بلا عمل حتى عرف باعتزام منظمة التحرير الفلسطينية اصدار صحيفة فى لندن، فساق كل علاقاته توسطا ليتولى إدارتها. ثم يذكر كيف قرر الناشر الفلسطينى إقالة عبد البارى عطوان بسبب موقف الصحيفة المناصر لصدام حسين خلال احتلاله الكويت، لكن «عطوان» تمكن بفضل تهديد عدد من أنصاره بالانسحاب من العودة مرة أخرى، وظل فى موقعه حنى 2013.
وللحكايات بقية..
والله أعلم
[email protected]