الحصانة الأميركية على أموال العراق.. كيف بدأت وماذا تعني؟
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
في 22 مايو من عام 2003 أصدر الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش أمرا تنفيذيا لحماية صندوق تنمية العراق الذي كانت تودع فيه عائدات مبيعات النفط بهدف حمايتها من أية ملاحقات قانونية.
وبعد مضي أكثر من عقدين لا تزال الإدارات الأميركية المتعاقبة تجدد العمل بهذا الأمر التنفيذي الرئاسي وأوامر أخرى تتعلق بالعراق وتهدف لحماية أمواله.
ووقع الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن المرسوم الذي مدد من خلاله حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بالأوضاع في العراق لعام آخر وجاء فيه: "لا تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق".
وأضاف البيان أن هذه العقبات "تشكل تهديدا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق والولايات المتحدة الأميركية أيضا. لذلك، قررت (جو بايدن) أنه من الضروري استمرار حالة الطوارئ الوطنية المعلنة بموجب الأمر التنفيذي 13303 فيما يخص استقرار العراق".
ما هو الأمر التنفيذي 13303؟يهدف الأمر التنفيذي لحماية صندوق تنمية العراق وبعض الممتلكات الأخرى التي للعراق مصلحة فيها.
ووفقا لما جاء في نص الأمر التنفيذي فإن الرئيس الأميركي آنذاك جورج دبليو بوش رأى أن هناك تهديدا بالحجز أو اتخاذ إجراءات قضائية أخرى ضد صندوق تنمية العراق والنفط والمنتجات النفطية العراقية والعائدات التي تنشأ عنها".
وجاء في الأمر التنفيذي أيضا أن هذا الوضع "يشكل تهديدا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وبالتالي جرى إعلان حالة الطوارئ الوطنية للتعامل مع هذا التهديد".
ينص الأمر على أن أي حجز أو حكم أو مرسوم أو أي إجراء قضائي آخر ضد صندوق تنمية العراق أو النفط والمنتجات النفطية العراقية والعائدات والالتزامات التي تتعلق ببيعها أو تسويقها، يعتبر لاغيا وباطلا.
يمنع الأمر التنفيذي جميع المواطنين الأميركيين والمقيمين داخل الولايات المتحدة وكذلك أي كيان منظم بموجب قوانين الولايات المتحدة من رفع دعاوى قضائية ضد الأموال العراقية.
وبحسب قانون الطوارئ الوطني الأميركي فإن عدم تجديد العمل بالأمر التنفيذي خلال فترة 90 يوما من تاريخ التجديد السابق فهذا يعني أنه سيصبح لاغيا.
صندوق تنمية العراقجرى إنشاء صندوق تنمية العراق بعد عام 2003، وقبل ذلك كانت توضع أموال مبيعات النفط العراقي في حساب تديره الأمم المتحدة ضمن ما يعرف ببرنامج النفط مقابل الغذاء.
منتصف تسعينيات القرن الماضي صدر قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بالنفط مقابل الغذاء ونص على بيع جزء من النفط العراقي مقابل شراء أدوية وأغذية خلال حقبة نظام صدام حسين الذي عانى من عقوبات دولية نتيجة غزوه الكويت عام 1990.
استمر هذا الوضع لغاية عام 2003، حين صدر قرار جديد من مجلس الأمن ألغيت بموجبه معظم العقوبات الاقتصادية على أن يتم حل القضايا المتعلقة بغزو الكويت، كالتعويضات والأسرى وغيرها.
يقول الكاتب والباحث السياسي العراقي عقيل عباس "إنه "عندما رفعت العقوبات ظهرت مشكلة وهي أن هناك قضايا مرفوعة على العراق من قبل عشرات أو مئات الشركات التي تضررت من غزو العراق للكويت في دول أوروبية وغيرها".
ويضيف عباس لموقع "الحرة" أن "السفارات العراقية في حينها لم تحضر جلسات المحاكم لتدافع أو تقلل من التعويضات، وبالتالي المحاكم أصدرت أحكاما غيابية بمبالغ باهضة جدا".
ويؤكد عباس، المقيم في ولاية فيرجينيا، أن "هناك أوامر حجز قضائية على الأموال العراقية لحين استيفاء مبالغ الدعاوى التي حكمت بها المحاكم".
"بالتالي الذي أنقذ العراق من هذه الدعاوى هو قرار الحماية الذي أصدره الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في عام 2003"، وفقا لعباس
ويتابع عباس أنه "بموجب الأمر التنفيذي الرئاسي باتت الأموال العراقية في صندوق تنمية العراق محمية وكأنها أموال أميركية".
نفوذ أميركي كبيرفي 2010 ألغي صندوق تنمية العراق بقرار أممي، أنهى كذلك جميع الضمانات الدولية بالحصانة الممنوحة للعراق من المطالبات بالتعويض.
وبدلا عن الصندوق الملغي جرى فتح حساب تابع للبنك المركزي العراقي في البنك الفيدرالي الأميركي توضع فيه جميع عائدات بيع النفط العراقي.
ومع ذلك استمرت الولايات المتحدة بتجديد الأمر التنفيذي الرئاسي، الصادر في عام 2003، سنويا بهدف حماية الأموال العراقية من أية ملاحقات قضائية.
يقول العضو السابق في اللجنة المالية بالبرلمان العراقي أحمد حمه رشيد إن "بقاء الوضع كما هو عليه يعني أن مصير أموال العراق سيبقى مرتبطا بالولايات المتحدة، ما يمثل ورقة ضغط قوية بيد واشنطن".
ويضيف رشيد في حديث لموقع "الحرة" أنه "لا يمكن حل هذا الموضوع إلا بسداد جميع الديون، وهذا الأمر يحتاج لسنوات إن لم يكن لعقود".
بالمقابل يشير عقيل عباس إلى أن ربط مسألة حماية الأموال العراقية من الملاحقات القضائية بالولايات المتحدة "يمنح واشنطن نفوذا كبيرا على بغداد".
ويتابع عباس أن "حل الأزمة يحتاج لقرار سياسي، كما حصل مع اليونان والأرجنتين مثلا، عبر الاستعانة بشركة محاماة رصينة ومعتبرة يتم إعطاؤها صلاحيات كاملة".
ويبين أن مهمة هذه الشركة ستتمثل بجرد القضايا المرفوعة على العراق بشكل دقيق وكم هو حجم المبالغ التي صدرت فيها أحكام".
بعدها، وبما أن العراق غير قادر على اللجوء للمحاكم بسبب اكتساب الأحكام الدرجة القطعية، فيمكن التوصل لصفقة مع المستفيدين.
على سبيل المثال يقول عباس إنه "يمكن الاتفاق مع المستفيدين على إسقاط الدعاوى مقابل إعطائهم نسبة من الأموال 40 أو 50 بالمئة"، مضيفا "على الأغلب سيقبلون لأنهم سيحصلون على أموال بدلا من الانتظار واحتمال عدم الحصول على أي شيء".
ويلفت عباس إلى أن "هذا الأمر يحتاج لسنوات من العمل ولوحدة قرار سياسي في العراق وإعطاء صلاحيات واسعة للشركة من أجل التفاوض باسم الدولة العراقية، وهذا الأمر إشبه بالمستحيل في بلد يعاني من البيروقراطية".
واعتذر مستشار باسم رئيس الحكومة العراقية عن التعليق، كما لم يتسن الحصول على تعليق من البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الاميركية لغاية نشر هذا التقرير.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأموال العراقیة الرئیس الأمیرکی الأمر التنفیذی أموال العراق هذا الأمر عام 2003
إقرأ أيضاً:
الديمقراطية العراقية تحت الضغط.. هل تصمد أمام التحديات؟
8 يناير، 2025
بغداد/المسلة: في خضم النقاشات التي تعصف بالمشهد السياسي العراقي، يظل النظام الديمقراطي التعددي هو حجر الأساس الذي يستند إليه استقرار البلاد، رغم التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهه.
و العراق، الذي عانى عقودًا من الأنظمة الشمولية، نجح منذ 2003 في إرساء نظام يتيح المشاركة السياسية للجميع ويضمن تداول السلطة عبر الانتخابات. ومع ذلك، تتجدد المخاوف من محاولات غير ديمقراطية لتغيير مسار النظام، في ظل المتغيرات الإقليمية المتسارعة.
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني شدد على أن العراق، بخلاف تجارب أخرى في المنطقة، يتمتع بنظام ديمقراطي يتيح معالجة أي خلل تحت سقف الدستور والقانون.
و في كلمته الأخيرة، وصف السوداني الحديث عن تغيير النظام السياسي بـ”الوهم”، مؤكداً أن الإصلاحات المطلوبة لا يمكن أن تأتي عبر الفرض الخارجي أو السلاح، بل عبر الآليات الديمقراطية التي تحكم العراق منذ أكثر من عقدين.
هذا التوجه يتماشى مع رؤية أطراف عدة داخل النظام السياسي، حيث يرى السوداني أن النظام الحالي هو نتاج عملية شاقة من البناء الوطني، تستدعي مراجعة مستمرة لكنها لا تحتمل المغامرات أو التدخلات التي قد تقود إلى الفوضى.
أصوات تحذر من المخاطر
في المقابل، لم تغب التحذيرات من المخاطر التي قد تهدد النظام.
نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، أشار إلى أن هناك “مؤامرات خارجية” تهدف إلى زعزعة استقرار العراق وربطه بأحداث إقليمية مثل الحرب في سوريا. هذه التصريحات تعكس قلقًا حقيقيًا من إمكانية استغلال القوى الخارجية للوضع العراقي الهش لتحقيق أهداف جيوسياسية، من بينها إضعاف دول المنطقة.
الدعوة إلى الإصلاح من الداخل
من جهة أخرى، يبرز تيار يدعو إلى الإصلاح من داخل النظام نفسه عبر القضاء على الفساد وهو موقف يجد صداه لدى نشطاء ومحللين يرون أن الاحتكام إلى القانون والاحتجاج السلمي هو الخيار الوحيد لضمان استمرارية الدولة ومنع انزلاقها نحو العنف.
رغم التصريحات التي تؤكد استقرار النظام السياسي العراقي، إلا أن تحديات داخلية لا تزال ماثلة. اتهامات بـ”المحاصصة الطائفية” وضعف في البنية الدستورية، إلى جانب تراجع نسب المشاركة في الانتخابات، كلها عوامل تلقي بظلالها على شرعية النظام في نظر بعض شرائح المجتمع.
أستاذ الإعلام في جامعة بغداد، علاء مصطفى، يرى أن هذه التحديات الداخلية تجعل النظام عرضة للتأثيرات الخارجية، خصوصاً في ظل العقوبات الاقتصادية واحتمال تغير السياسات الأميركية تجاه العراق.
إجماع القوى السياسية على ضرورة حماية النظام الديمقراطي لا يعني بالضرورة تجاهل المطالب الشعبية.
وهناك إدراك واسع بأن استقرار العراق يبدأ من الداخل، عبر إصلاحات سياسية واقتصادية تعيد الثقة بالنظام وتحقق العدالة للجميع.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts