صحيفة صدى:
2024-12-18@01:57:44 GMT

غزوة حُنين

تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT

غزوة حُنين

هي إحدى غزوات الرسول عليه الصلاة والسلام والتي وقعت في شهر شوال للسنة الثامنة من الهجرة وسُمِّيت غزوة حُنين نسبة إلى منطقة حُنين التي تبعد عن مكة المكرمة قرابة السبعة وعشرون كيلو متراً من جهة عرفات، وتقع هذه المنطقة في وادٍ تحيط به جبال شاهقة بين مكة والطائف وتسكنها قبائل هوازن وثقيف ومن حولهم، الذين لم يدخلوا في الإسلام وامتنعوا بعد فتح مكة بل وأظهروا العداء بعد رسائل الدعوة التي بعثها لهم النبي عليه أفضل الصلاة والسلام للدخول في الإسلام.

ذكر الله هذه الغزوة في القرآن الكريم وبالتحديد في سورة التوبة، حيث وقعت في بعد فتح مكة الذي أعزَّ الله به الإسلام والمسلمين برضوخ بعض القبائل وإسلامها وولائها للرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن البعض الآخر من قبائل العرب كنصر وجُشَم وسعد بن بكر وغيرهم رفضوا ذلك وأصروا على مُعاداتهم للإسلام والمسلمين، وكان لسيد قبيلة هوازن مالك بن عوف النضري “وهو من فرسان العرب” موقفا ضِدَّ النبي عليه الصلاة والسلام دعمته فيه قبيلة ثقيف من الطائف فخرج بالقبيلتين سائقا معه الأموال والنساء والأطفال ليقاتل الرجال منهم بقوة عن أهاليهم وأموالهم وقيل أن عدد جيش المشركين كان يُقدّر بثلاثين ألفاً، وأنهم وصلوا إلى حُنين قبل جيش المسلمين، فعلم الرسول عليه الصلاة والسلام بذلك وخطط لِلقاء المشركين في حنين قبل وصولهم لمكة خوفا من انضمام أهل مكة لهم خاصة وأنهم حديثي عهد بالجاهلية، فأستعد النبي بجيش يُقدَّر باثنا عشر ألفاً، منهم عشرة آلاف من أصحابه الذين شاركوا في فتح مكة، وألفان ممن أسلموا بعد فتح مكة فأعجبتهم كثرة الجيش وعُدَّته وعَتَاده إلى حَدّ الغرور وضمان النصر بل وقال بعضهم “لن نُغلَبُ اليَومُ مِنْ قِلِّة” ووصل الجيش إلى منطقة حنين قبل طلوع الشمس حيث تفرَّق المشركون على شكل كمائن في جبالها وشعابها استعدادا للمعركة وهاجموا المسلمين بوابل من السهام غير المتوقعة فارتبك المسلمون وأختل تنظيمهم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت وتراجعوا للخلف، وكان لثبات النبي عليه الصلاة والسلام في مكانه مع عددٍ قليل من الصحابة الأثر الكبير في تهدئة الجيش وإعادة تنظيم صفوفه وبث حماس الجهاد فيهم ومن هؤلاء الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمه العباس وغيرهم، وأمر العباس أن ينادي معشر الأنصار والمهاجرين، بقوله “أي عباس ناد أصحاب السمرة”، فلبوا النداء جميعا واجتمعوا مرة أخرى فقال لهم “الآن حَمِي الوَطِيس” وأخذ عليه الصلاة والسلام حفنة من التراب وقذفها على المشركين ودعا الله “اللَّهُمَّ أنْزِل نَصْرَك” فأشتد القتال وتسيَّد المسلمون أرض المعركة وسيطروا على كافة جوانبها ومضى علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى صاحب راية هوازن فقتله، وولى المشركين الأدبار فارين من الميدان تاركين خلفهم النساء والأطفال والغنائم، والمسلمون يقتلون ويأسرون منهم ما كتبه الله لهم، وقال الله تعالى في ذلك الموقف {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} (التوبة/25-26)، وأرسل النبي عليه الصلاة والسلام بعض الفرسان لمطاردة الفارين لمنعهم من التجمع ومعاودة الهجوم مرة أخرى على المسلمين وبالفعل تم القضاء عليهم، وكانت هي الغزوة الخاتمة لقتال الوثنية في الجزيرة العربية وتحطيم الأوثان.

وأختم بالدروس المُستفادة من هذه الغزوة التي شرَّفها الله بذكرها في القرآن الكريم، ومنها التوكل على الله في القتال مع الأخذ بالأسباب، وعدم الاغترار والإعجاب بكثرة العدة والعتاد وأن النصر بيد الله وحده، وأنه قادر على ابتلاء وتمحيص عباده في مواقف معينة لمصلحتهم، وكرم الله بنزول سكينته على رسوله والمؤمنين وإمدادهم بجنود لم يروها، وبرزت في هذه الغزوة شجاعة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وحُسن قيادته وثباته وتصرُّفه في المواقف الحاسمة ودعائه لله بالنصر، وأوبة الصحابة عليهم رضوان الله وحرصهم ورجوعهم وصمودهم لنصرة الحق بفضل الله عليهم، وبينت الغزوة أهمية القائد في المعركة ودوره المؤثر والكبير في تحويل الهزيمة إلى نصر بإذن الله، ودوره بعد انتهاء المعركة في إسلام مالك بن عوف سيد قبيلة هوازن بعد أن ردَّ عليه أهله وماله وزاده مئة من الإبل فحَسُن إسلامه وأستعمله الرسول عليه الصلاة والسلام على قومه.

 

 

 

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: علیه الصلاة والسلام النبی علیه فتح مکة

إقرأ أيضاً:

حكم التصحيح لـ الإمام من شخص خارج الصلاة

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم الفتح على الإمام ممن هو خارج الصلاة؟ فكنت أجلس في المسجد لقراءة الأذكار بعد المغرب وبجواري جماعة من المصلين جاؤوا متأخرين بعد انتهاء الجماعة الأولى، وأثناء صلاتهم أخطأ الإمام في قراءته وتلعثم ولم يرده عليه أحد من المأمومين خلفه، فهل يجوز لي تصحيح القراءة له والفتح عليه مع كوني خارج الصلاة؟.

لترد دار الإفتاء موضحة، أنه يجوز لمن هو خارج الصلاة أن يفتحَ على الإمامِ إذا أخطأ في قراءته ولم يفتح عليه أحد من المأمومين خلفه ولا تبطل الصلاة حينئذٍ، مع مراعاة عدم المبادرة إلى ذلك ولا ابتداؤه بالرد، إلا إذا توقف الإمام عن القراءة وطلب الفتح عليه.

جاء في حديث المُسَوَّر بن يزيد رضي الله عنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئًا لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله، تركت آية كذا وكذا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَلَّا أَذْكَرْتَنِيها» أخرجه الإمام أبو داود في "سننه" واللفظ له، والإمام أحمد في "مسنده".

وجاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صَلَّى صَلَاةً فَأُلْبِسَ عَلَيْهِ فِيهَا، فلما انصرف قال لِأُبَيِّ بنِ كَعب: «أصليت معنا؟» قال: نعم، قال: «فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَفْتَحَ عَلَيَّ» أخرجه الإمام أبو داود في "سننه"، والإمام الطبراني في "المعجم الكبير" واللفظ له.

فالحديثان يدلان على مشروعية الفتح على الإمام وهما الأصل في هذا الباب.

بيان المراد بالفتح على الإمام وحكمه

الفتح على الإمام هو تنبيهه إلى ما يقرؤه وتلقينه الآية عند التوقف فيها، والأصل أنه لا يُفتح على الإمام إلا إذا طلب الفتح أو التلقين من المأمومين كأن يقف في القراءة أو يتردد فيها، فلا يبتدئه المأموم بالرد، ولا يقاطعه أثناء القراءة؛ لأن مصلحة انتظام شأن الصلاة، والخشوع فيها مقدمة على ما عداها.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 236، ط. دار الكتب العلمية): [ولا ينبغي للمقتدي أن يُعجِّل بالفتح، ولا للإمام أن يحوجهم إلى ذلك، بل يركع أو يتجاوز إلى آية أو سورة أخرى، فإن لم يفعل الإمام ذلك وخاف المقتدي أن يجري على لسانه ما يفسد الصلاة فحينئذ يفتح عليه] اهـ.

وقال الإمام اللخمي المالكي في "التبصرة" (1/ 398، ط. وزارة الأوقاف بقطر): [وإذا تعايا المصلي في أول قراءته لم يفتح عليه في أول ذلك حتى يتردد أو يستطعم الفتح، وهو المخير بين أن يترك تلك السورة وينتقل إلى غيرها أو يركع، إذا كان ذلك في غير أم القرآن، أو يستطعم ذلك الفتح فيفتح عليه] اهـ.

وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 356، ط. دار الكتب العلمية): [والفتح: هو تلقين الآية عند التوقف فيها، ومحله كما في "التتمة" إذا سكت فلا يفتح عليه ما دام يردد التلاوة] اهـ.

وقال العلامة منصور البهوتي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 98، ط. مؤسسة الرسالة): [(و) للمأموم (الفتح على إمامه) إذا أُرْتِجَ عليه] اهـ.

حكم الفتح من المأموم على الإمام داخل الصلاة

من المقرر شرعًا أن الفتح من المأموم على الإمام داخل الصلاة مشروع في الجملة؛ وذلك لِمَا جاء في حديث المُسَوَّر بن يزيد رضي الله عنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئًا لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله، تركت آية كذا وكذا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَلَّا أَذْكَرْتَنِيها» أخرجه الإمام أبو داود في "سننه" واللفظ له، والإمام أحمد في "مسنده".

وما جاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صَلَّى صَلَاةً فَأُلْبِسَ عَلَيْهِ فِيهَا، فلما انصرف قال لِأُبَيِّ بنِ كَعب: «أصليت معنا؟» قال: نعم، قال: «فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَفْتَحَ عَلَيَّ» أخرجه الإمام أبو داود في "سننه"، والإمام الطبراني في "المعجم الكبير" واللفظ له.

فالحديثان يدلان على مشروعية الفتح على الإمام وهما الأصل في هذا الباب. يُنظر: "شرح سنن أبي داود" للإمام بدر الدين العيني (4/ 131، ط. مكتبة الرشد).

أراء الفقهاء في حكم الفتح على الإمام ممن هو خارج الصلاة
أما إذا كان الفاتح أو الملقن غير مصلٍّ فقد ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز أن يفتح على الإمام ولا حرج في ذلك؛ لأنه تلقين لإصلاح أمرٍ مُتعلِّقٍ بالصلاة.

قال الإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي في "النوادر والزيادات" (1/ 179-180، ط. دار الغرب الإسلامي): [ومن المختصر: ولا بأس أن يفتح على الإمام في المكتوبة والنافلة، وأن يفتح مَنْ ليس في صلاة على مَنْ هو في صلاة] اهـ.

وقال الإمام اللخمي المالكي في "التبصرة" (1/ 398): [ويجوز لمن هو في غير صلاة أن يفتح على من هو في صلاة] اهـ.

ونقل الإمام الإسنوي الشافعي في "الهداية إلى أوهام الكفاية" (20/ 123، ط. دار الكتب العلمية) عن القاضي الحسين في "فتاويه" ما نصُّه: [مسألةٌ: إذا كان لا يحسن الفاتحة، فشرع في الصلاة، فجاء رجل، فجعل يلقنه الفاتحة حرفًا حرفًا، فصلى- صحت صلاته، ولكن لا يلزم ذلك] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 45، ط. مكتبة القاهرة): [ولا بأس أن يفتح على المصلي من ليس معه في الصلاة. وقد روى النَّجَّاد بإسناده، قال: كنت قاعدًا بمكة، فإذا رجل عند المقام يُصلي، وإذا رجل قاعد خلفه يُلَقِّنُه، فإذا هو عثمان رضي الله عنه] اهـ.

وذهب الحنفية إلى فساد صلاة المستفتَح عليه إذا فتح عليه من هو خارج الصلاة فتبعه في ذلك؛ لأن ذلك تعليم وتعلم، والصلاة ليست مقامًا للتعليم والتعلم.

قال العلَّامة فخر الدين الزيلعي في "تبيين الحقائق" بـ"حاشية الشِّلْبِيّ" (1/ 156، ط. المطبعة الأميرية الكبرى) في بيان ما يُفسد الصلاة: [(وفتحه على غير إمامه) لأنه تعليم وتعلم من غير ضرورة فكان من كلام الناس، ثم شرط في الأصل التكرار؛ لأنه ليس من أفعال الصلاة فيعفى القليل منه، ولم يشترطه في "الجامع الصغير" وهو الصحيح؛ لأنه من قبيل الكلام فلا يعفى القليل منه بخلاف العمل والفرق قد تقدم، وقوله على غير إمامه يشمل فتح المقتدي على المقتدى وعلى غير المصلي وعلى المصلي وحده وفتح الإمام والمنفرد على أي شخص كان، وكل ذلك مفسدٌ] اهـ.

المختار للفتوى أنَّ الفتحَ على المصلِّي ممن هو خارج الصلاة أمرٌ جائز شرعًا ولا تبطل صلاته بذلك؛ كما هو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، مع ضرورة مراعاة عدم التسرع في الفتح، حتى لا يتحيَّر المصلِّي ولا يختلط عليه الأمر فيزيد تردده.

الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز لمن هو خارج الصلاة أن يفتحَ على الإمامِ إذا أخطأ في قراءته ولم يفتح عليه أحد من المأمومين خلفه ولا تبطل الصلاة حينئذٍ، مع مراعاة عدم المبادرة إلى ذلك ولا ابتداؤه بالرد، إلا إذا توقف عن القراءة وطلب الفتح عليه.

مقالات مشابهة

  • «اللهم رب الناس أذهب البأس».. دعاء المريض كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم
  • المراد بالنصيحة في حديث النبي عليه السلام "الدِّينُ النَّصِيحَةُ"
  • حقيقة قصة النبي ﷺ مع الرجل اليهودي
  • نائب رئيس جامعة الأزهر: الرجال والنساء تحملوا عبء الدعوة مع النبي
  • بإسم الرسول الأعظم الحوثيون يغتصبون منزلا بالقوة ويضعون عليه اسم النبي
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • هل أمر النبي بتأخير صلاة العشاء؟.. انتبه لـ7 حقائق ينبغي معرفتها
  • حكم التصحيح لـ الإمام من شخص خارج الصلاة
  • علي جمعة: أخبرنا النبي ﷺ عن فضل التقوى في كثير من أحاديثه الشريفة
  • نهال علام تكتب: زوجات النبي (1)