صحيفة صدى:
2025-05-01@07:41:18 GMT

غزوة حُنين

تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT

غزوة حُنين

هي إحدى غزوات الرسول عليه الصلاة والسلام والتي وقعت في شهر شوال للسنة الثامنة من الهجرة وسُمِّيت غزوة حُنين نسبة إلى منطقة حُنين التي تبعد عن مكة المكرمة قرابة السبعة وعشرون كيلو متراً من جهة عرفات، وتقع هذه المنطقة في وادٍ تحيط به جبال شاهقة بين مكة والطائف وتسكنها قبائل هوازن وثقيف ومن حولهم، الذين لم يدخلوا في الإسلام وامتنعوا بعد فتح مكة بل وأظهروا العداء بعد رسائل الدعوة التي بعثها لهم النبي عليه أفضل الصلاة والسلام للدخول في الإسلام.

ذكر الله هذه الغزوة في القرآن الكريم وبالتحديد في سورة التوبة، حيث وقعت في بعد فتح مكة الذي أعزَّ الله به الإسلام والمسلمين برضوخ بعض القبائل وإسلامها وولائها للرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن البعض الآخر من قبائل العرب كنصر وجُشَم وسعد بن بكر وغيرهم رفضوا ذلك وأصروا على مُعاداتهم للإسلام والمسلمين، وكان لسيد قبيلة هوازن مالك بن عوف النضري “وهو من فرسان العرب” موقفا ضِدَّ النبي عليه الصلاة والسلام دعمته فيه قبيلة ثقيف من الطائف فخرج بالقبيلتين سائقا معه الأموال والنساء والأطفال ليقاتل الرجال منهم بقوة عن أهاليهم وأموالهم وقيل أن عدد جيش المشركين كان يُقدّر بثلاثين ألفاً، وأنهم وصلوا إلى حُنين قبل جيش المسلمين، فعلم الرسول عليه الصلاة والسلام بذلك وخطط لِلقاء المشركين في حنين قبل وصولهم لمكة خوفا من انضمام أهل مكة لهم خاصة وأنهم حديثي عهد بالجاهلية، فأستعد النبي بجيش يُقدَّر باثنا عشر ألفاً، منهم عشرة آلاف من أصحابه الذين شاركوا في فتح مكة، وألفان ممن أسلموا بعد فتح مكة فأعجبتهم كثرة الجيش وعُدَّته وعَتَاده إلى حَدّ الغرور وضمان النصر بل وقال بعضهم “لن نُغلَبُ اليَومُ مِنْ قِلِّة” ووصل الجيش إلى منطقة حنين قبل طلوع الشمس حيث تفرَّق المشركون على شكل كمائن في جبالها وشعابها استعدادا للمعركة وهاجموا المسلمين بوابل من السهام غير المتوقعة فارتبك المسلمون وأختل تنظيمهم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت وتراجعوا للخلف، وكان لثبات النبي عليه الصلاة والسلام في مكانه مع عددٍ قليل من الصحابة الأثر الكبير في تهدئة الجيش وإعادة تنظيم صفوفه وبث حماس الجهاد فيهم ومن هؤلاء الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمه العباس وغيرهم، وأمر العباس أن ينادي معشر الأنصار والمهاجرين، بقوله “أي عباس ناد أصحاب السمرة”، فلبوا النداء جميعا واجتمعوا مرة أخرى فقال لهم “الآن حَمِي الوَطِيس” وأخذ عليه الصلاة والسلام حفنة من التراب وقذفها على المشركين ودعا الله “اللَّهُمَّ أنْزِل نَصْرَك” فأشتد القتال وتسيَّد المسلمون أرض المعركة وسيطروا على كافة جوانبها ومضى علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى صاحب راية هوازن فقتله، وولى المشركين الأدبار فارين من الميدان تاركين خلفهم النساء والأطفال والغنائم، والمسلمون يقتلون ويأسرون منهم ما كتبه الله لهم، وقال الله تعالى في ذلك الموقف {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} (التوبة/25-26)، وأرسل النبي عليه الصلاة والسلام بعض الفرسان لمطاردة الفارين لمنعهم من التجمع ومعاودة الهجوم مرة أخرى على المسلمين وبالفعل تم القضاء عليهم، وكانت هي الغزوة الخاتمة لقتال الوثنية في الجزيرة العربية وتحطيم الأوثان.

وأختم بالدروس المُستفادة من هذه الغزوة التي شرَّفها الله بذكرها في القرآن الكريم، ومنها التوكل على الله في القتال مع الأخذ بالأسباب، وعدم الاغترار والإعجاب بكثرة العدة والعتاد وأن النصر بيد الله وحده، وأنه قادر على ابتلاء وتمحيص عباده في مواقف معينة لمصلحتهم، وكرم الله بنزول سكينته على رسوله والمؤمنين وإمدادهم بجنود لم يروها، وبرزت في هذه الغزوة شجاعة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وحُسن قيادته وثباته وتصرُّفه في المواقف الحاسمة ودعائه لله بالنصر، وأوبة الصحابة عليهم رضوان الله وحرصهم ورجوعهم وصمودهم لنصرة الحق بفضل الله عليهم، وبينت الغزوة أهمية القائد في المعركة ودوره المؤثر والكبير في تحويل الهزيمة إلى نصر بإذن الله، ودوره بعد انتهاء المعركة في إسلام مالك بن عوف سيد قبيلة هوازن بعد أن ردَّ عليه أهله وماله وزاده مئة من الإبل فحَسُن إسلامه وأستعمله الرسول عليه الصلاة والسلام على قومه.

 

 

 

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: علیه الصلاة والسلام النبی علیه فتح مکة

إقرأ أيضاً:

ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟

ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟.. الإفتاء توضح جائز أم مكروه
أوضحت دار الإفتاء المصرية حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة، وذلك ردا على سؤال تلقته الدار من شخص يقول: ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة، وهل هذا يُؤثِّر على كونها صحيحة؟
وفي رده، أجاب الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، مستشهدا بما روى الإمام مالك في “الموطأ” عن أبي عبد الله الصنابحي قال: “قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، فَصَلَّيْتُ وَرَاءَهُ الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ سُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ، ثُمَّ قَامَ فِي الثَّالِثَةِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنَّ ثِيَابِي لَتَكَادُ أَنْ تَمَسَّ ثِيَابَهُ، فَسَمِعْتُهُ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَبِهذِهِ الآيَةِ: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: 8].
وأوضح جمعة، في بيان فتواه عبر بوابة الدار الرسمية، أن قراءة الآية محمولة على الدعاء؛ فإنَّ ثالثة المغرب لا قراءة فيها بعد الفاتحة، فهذا دعاء في موضع لم يُؤثَر فيه الدعاء، فدلَّ على فهمه رضي الله عنه صحة ذلك وجوازه؛ قال الشيخ العلامة المحدِّث زكريا الكاندهلوي في “أوجز المسالك إلى موطأ مالك” (2/ 125، ط. دار القلم): [قال الباجي: يحتمل أنه رضي الله عنه دعا بهذه في آخر الركعة على معنى الدعاء؛ لمعنًى تذكّره أو خشوع حضره، لا على معنى أنه قرن قراءته على حسب ما تقرن بها السورة.
وقريب منه: ما نقله الشيخ الموفق عن الإمام أحمد بن حنبل إذ قال: وسُئل أحمد عن ذلك فقال: إن شاء قاله، ولا ندرى أكان ذلك قراءة من أبي بكر أو دعاءً؟ فهذا يدل على أنَّه لا بأس بذلك؛ لأنه دعاء في الصلاة فلم يكره.
قلت: وكذلك عندنا الحنفية يصحّ حمله على الدعاء، قال الحلبي في السهو بحثًا: وأما التشهد فلأنه ثناء، والقيام والركوع والسجود محلّ الثناء] اهـ.
وعليه، يختم الدكتور علي جمعة فتواه، قائلًا: فلا حرج في الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة ولا يُؤَثِّر ذلك على صحتها.. والله سبحانه وتعالى أعلم.

مصراوي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • دلّنا عليها النبي.. 4 أعمال عظيمة ثوابها وأجرها مثل الحج والعمرة
  • أذكار المساء مكتوبة كما كان النبي يرددها.. لا تفوت أجرها
  • سبب استحباب أداء العُمرة في شهر ذي القعدة .. تعرّف عليه
  • هل ثبت عن النبي الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة؟.. الإفتاء توضح
  • أفضل الصدقة التي أخبر عنها النبي .. اغتنمها
  • تسجيل صوتي مسيء لمقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يُفجّر اشتباكات مسلحة بـ”جرمانا” السورية
  • المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية: نؤكد حرصنا على ملاحقة المتورطين ومحاسبتهم وفق القانون، مع استمرار التحقيقات لكشف هوية صاحب المقطع الصوتي المسيء لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ونؤكد أننا لن نتساهل في تقديم كل من ساهم في إثارة الفوضى وتقويض الاستقرار إ
  • المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية: في ظل الأحداث الراهنة، وعلى خلفية انتشار مقطع صوتي يتضمن إساءةً لمقام النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، وما تلاه من تحريض وخطاب كراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، شهدت منطقة جرمانا اشتباكات متقطعة بين مجموعات لمسلح
  • ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟
  • خالد الجندي يشكر الرئيس السيسي: دعا لعودة المساجد لما كانت عليه في زمن النبي