ما هي الأرض المغصوبة؟ وهل يعد الطريق العام أرضا مغصوبة في حال ضمها إلى المسجد عنوة؟

المغصوبة هي ما أخذت عنوة من يد صاحبها هذه هي المغصوبة، وجرى العرف على أن يستعمل المغصوب في الأصول في الاستيلاء عليها وأخذها عنوة من صاحبها دون وجه حق شرعي، فلذلك تسمى الأرض المغتصبة أو الأرض المغصوبة هذا هو التعريف العام للمغصوب، وهذا يسري على ما كان ملكا عاما أو ما كان ملكا خاصا، فما كان منفعة عامة كالطرق والمرافق العامة، فإنه لا يصح العدوان عليها، ومن باب أولى أن بيوت الله تبارك وتعالى يجب أن تنزه عن أي شبهة اغتصاب أو أخذ بغير وجه شرعي لأنها أطهر البقاع في الأرض وللنهي عن الصلاة على الأرض المغصوبة، فوجب أن تنزه المساجد بيوت الله تبارك وتعالى عن تشييدها أو إقامتها أو توسعتها في أرض لا حق لها فيها.

أما موضوع الطريق، فإنه ينظر هل استحدثت طرق بديلة تغني عن الطريق التي توسع فيها المسجد؟ وهل ثبت فعلا أن تلك الطريق هي أسبق من المسجد أو من أملاك المسجد فإنها في وقت من الأوقات على المسجد.

الحاصل أن النظر في قضية خاصة لا بد فيه من التعرف على كل الأحوال والظروف والملابسات التي تكتنف الموضوع، فليس من الحكمة أن نجيب في مسألة خاصة وإنما نضع القاعدة الفقهية العامة في مثل هذا النوع من المسائل، وأنبه إلى ألا يتعجل في المسألة، فإذا كان مسجد من المساجد توسع في طريق، فلعله أحدثت له طرق أخرى أو أن تلك الطريق هي التي اعتدت على حق المسجد، فينظر ما الحالة الخاصة التي تكتنف الأمر، ولا يتعجل في الحكم على أرض ضمت إلى مسجد بأنها مغتصبة. والله تعالى أعلم.

في قوله تعالى: «إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)» ما المراد بقوله تعالى إن هذا؟

المراد هو ما تقدم في سورة الأعلى وهو عند أكثر المفسرين من قوله تعالى: «قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى...» إلى آخر السورة فهذا هو المراد أنه ما اشتمل عليه متضمنا الصحف الأولى وعرفها ربنا تبارك وتعالى في السورة نفسها بقوله صحف إبراهيم وموسى، وقيل إن المقصود هو كل ما ورد في سورة الأعلى، من قوله تعالى: «سبح اسم ربك الأعلى» إلى آخر السورة، فالإشارة في قوله تعالى: «إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى» هي إشارة إلى ما ورد في هذه السورة، لكن القول الأول الذي هو قول أكثر المفسرين المتقدمين منهم والمتأخرين أوجه، لأن سورة الأعلى ورد فيها: «سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8) فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى(9) سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى» هذه توجيهات لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بعد الامتنان عليه، فناسب ذلك أن تكون الإشارة راجعة إلى آخر ما ورد ذكره، وإن كان بعض القائلين بأن الإشارة ترجع إلى السورة يحملون ذلك على الجانب المعنوي، فإن سورة الأعلى تتحدث عن توحيد الله تبارك وتعالى وتنزيهه عما لا يليق، وتتحدث عن النبوة وعن المعاد من وعد ووعيد فهذه هي مما ورد في صحف إبراهيم وموسى، فحتى تتحدث عن المعاد، فهذا في الجزء الذي خوطب به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امتنانا وإرشادا «سنقرئك فلا تنسى» إلى السياق المتقدم، فإن المقصود ليس إلا ما تتعلق به النبوات فشأنه شأن من تقدمه أيضا من الأنبياء والرسل وهذا المعنى يتكرر في كتاب الله -عز وجل- على ما ورد في كتب أنزلها الله تبارك وتعالى على أنبياء ورسل سابقين عليهم الصلاة والسلام يتكرر في القرآن الكريم، فورد في سورة الأعلى بهذا السؤال وورد في قوله تعالى: «أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى(36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»، وورد أيضا في قوله تبارك وتعالى في الشعراء: «وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ» أي أن القرآن الكريم بما اشتمل عليه من مواعظ وهدايات ومن توحيد وعبودية لا من حيث التفاصيل والشرائع وإنما من حيث التوحيد والنبوة والرسالة والمعاد والأخلاق والمواعظ والهدى هو مهيمن على ما ورد في الكتب قبله، والزبر أي الكتب هذا والله تعالى أعلم.

ما الدافع الذي جعل الملكة التي بعث إليها النبي سليمان عليه السلام بكتابه بأن وصفته بأنه كتاب كريم وهي لم تؤمن بعد؟

الظاهر أن ما خلصت إليه ملكة سبأ من أن هذا الكتاب «كتاب كريم» حصل لها من جملة أمور أولا من الطريقة التي وصل بها إليها الكتاب، فمن طريقة وصول الكتاب إليها علمت أن ذلك ليس من شأن عامة الناس أو ملوك الدنيا، ثم من ظاهر شكل الكتاب فعلمت أن هذا الكتاب ليس بكتاب يمكن أن يحسنه أو أن يتقنه أي أحد من الناس أو من عامة الملوك والحكام من ظاهر شكل هذا الكتاب الذي أرسله سليمان عليه السلام إليها، ولا يبعد أن يكون عليه السلام قاصدا ليريها ما يشد انتباهها وينبه فكرها إلى أن المرسل ليس ملكا وإنما هو نبي كريم من عند الله تبارك وتعالى، ثم من مضمون هذا الكتاب الذي قرأته هي على قومها «إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ» هذه الصيغة بهذا الخطاب وهذا الإيجاز وهذا الذكر لله تبارك وتعالى بهذه الأوصاف يكشف على أن هذا الكتاب كتاب ذو شأن وأن المرسل له شأن عظيم، وقد اعتادت على مراسلة حكام وملوك وأن ترسل إليهم وأن يرسلوا إليها، لكنها رأت شيئا مختلفا، وإن كان القرآن الكريم قد طوى ذكرى هذه التفاصيل، إلا أن كلمتها هذه تكشف عن كل هذه الوجوه، فهذا هو الذي يظهر مما استنتجت به ملكة سبأ نفاسة هذا الكريم، يوصف به الشيء النفيس في العربية يقال هذا أمر كريم، وسحابة كريمة، إذا كانت نفيسة أو إذا كان يرجى منها خير عظيم، أو إذا كان فيها ما يميزها. والله تعالى أعلم.

ما صحة هذا الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا أنبئكم بليلة أفضل من ليلة القدر، حارس حرس في أرض خوف»؟

نعم. الحديث عند النسائي في السنن الكبرى وعند الحاكم والبيهقي، وأكثر أهل الحديث صححوا هذا الحديث، ومعناه يتناسب مع فضل الرباط في سبيل الله تبارك وتعالى، فلا أحفظ أن في الحديث أو في معناه مطعنا يمكن أن يكدر عليه. والله تعالى أعلم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الله تبارک وتعالى هذا الکتاب قوله تعالى ما ورد فی فی قوله

إقرأ أيضاً:

في أول تصريح له بعد تعيينه.. مفتي المملكة ينوّه بدعم القيادة ويُثني على جهود الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله

نوّه سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان، بما يلقاه جهاز الإفتاء في المملكة من دعم ومساندة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظهما الله.
وقال: "إن هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للفتوى تضطلع بمهمة عظيمة في تبصير الناس بأمور دينهم، امتثالًا لقول الله عز وجل: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رحمه اللهوأثنى سماحته على ما قام به الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، طيلة عمله بمنصب المفتي العام ورئاسة هيئة كبار العلماء حتى توفاه الله في هدى وسداد، سائلًا الله تعالى أن يغفر له ويرحمه ويعلي نزله في جنات النعيم.
أخبار متعلقة أمر ملكي.. الشيخ صالح الفوزان مفتيًا عامًا للمملكةوفاة الدكتور عبدالله عمر نصيف أمين رابطة العالم الإسلامي الأسبقأمير قطر يعقد اجتماعات مكثفة مع قادة الوفود في قمة شرم الشيخ .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله - اليوم
ورفع معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد، الشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-.اللجنة الدائمة للفتوىجاء ذلك بمناسبة صدور الأمر الملكي بتعيينه أمينًا عامًا للجنة الدائمة للفتوى، ومشرفًا عامًا على مكتب المفتي العام للمملكة، ومشرفًا عامًا على الشؤون الإدارية والمالية في الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.
وأكد أن الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، ستسخر إمكاناتها كافة، بأن تقوم هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للفتوى بدورها الشرعي ومهمتها الدينية بكل كفاية واقتدار.

مقالات مشابهة

  • حكم قول "حسبي الله ونعم الوكيل".. الإفتاء تجيب
  • فتاوى| لماذا صلاة الظهر سرية حتى في الجماعة؟.. كيف أبر زوجتي بعد وفاتها وحكم التصدق عنها؟.. حكم مسح الرقبة في الوضوء
  • المفتي العام للسلطنة يعلق على "حفل حديقة العامرات"
  • المفتي العالم للسلطنة يعلق على "حفل حديقة العامرات".. عاجل
  • أحمد مجاهد: معرض الكتاب يحتفي بالمبدع إبراهيم نصر الله في لقاء فكري
  • في أول تصريح له بعد تعيينه.. مفتي المملكة ينوّه بدعم القيادة ويُثني على جهود الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله
  • مفتي المملكة ينوّه بدعم القيادة ويُثني على جهود الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله
  • 4 أمور تجعلك تنتظم في صلاة الفجر وتنال 20 فضيلة تسعد حياتك
  • مفتي عام المملكة ينوّه بدعم القيادة لجهاز الإفتاء ويُثني على جهود الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله
  • فضيلة الداعية الشيخ «محمد الغزالى» (7)