دفاع المعتقلين التونسيين بقضية التآمر يتوقع الإفراج عنهم وجوبا بدءا من الليلة
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
قال محاميا الدفاع عن المعتقلين بقضية "التآمر" في تونس، كريم المرزوقي وإسلام حمزة، لـ"عربي21"، إن دائرة الاتهام بالحكمة الابتدائية قررت تأخير جلستها المقررة الخميس، إلى الثاني من آيار/ مايو القادم، ما يعني وجوبا بدء الإفراج عن المعتقلين اعتبارا من الليلة.
وكان من المنتظر أن تجتمع الخميس، دائرة الاتهام للنظر في ملف المعتقلين في ما يعرف بملف "التآمر" بعد انتهاء قاضي التحقيق من البحث الاثنين الماضي، وسط مقاطعة من هيئة الدفاع، التي اعتبرت أن الجلسة نقطة النهاية لمسار تحقيقي غير قانوني.
وبالتزامن مع ذلك احتجت عائلات المعتقلين وفريق الدفاع، بمشاركة جبهة "الخلاص" الوطني وأحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني وحقوقيون أمام قصر العدالة حيث المحكمة الابتدائية بتونس، على بعد أمتار من مقر وزارة العدل.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين وتندد بما اعتبرته ظلما غير مسبوق طالهم، مرددين شعارات، "يسقط يسقط الانقلاب، يسقط قيس سعيد، ارحل يا فاشل سنحاسبكم".
وتنتهي الخميس الآجال القانونية لفترة الاحتجاز المقدرة بأربعة عشر شهرا بالنسبة للناشط السياسي خيام التركي، وتنتهي لبقية المعتقلين غدا الجمعة، فيما تؤكد هيئة الدفاع أنه وجوبا لابد من إطلاق سراح المعتقلين، أو يعتبرون في حالة احتجاز قسري، وعليه سيتم اتخاذ أشكال نضالية تصعيدية تصل حد اللجوء للقضاء الدولي.
"محتجزون تعسفيا"
وقال محامي الدفاع سمير ديلو، إن "كل القرارات التي ستصدر عن دائرة الاتّهام ستكون باطلة بطلانا مطلقا" على حد قوله.
وشدد ديلو في تصريح لـ"عربي21" على أن ملف القضية "يشهد تطورات سريالية، أهمها أن مندوبينا سيتحولون في نهاية الأسبوع من معتقلين ظلما إلى محتجزين تعسفيا".
من جهتها قالت محامية الدفاع دليلة مصدق، إن "ما يشهده هذا الملف حالة قضائية لم يعرفها القانون التونسي، مطالبة في تصريح لـ"عربي21"، القضاة باحترام القانون وشرف المهنة، مشيرة إلى أن ما يحصل مهزلة غير مسبوقة، إذ أن القضية منظورة في ثلاث محاكم وفي نفس التوقيت.
وشددت مصدق على أنه "في حال لم يتم الإفراج عن منوبينا سنشتكي للقضاء الدولي والأفريقي ولن نصمت".
"الإفراج الوجوبي"
بدورها، قالت المحامية بهيئة الدفاع منية بوعلي، لـ"عربي21"، إن تأخير دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف للجلسة المقررة الخميس، "يعني أن الإفراج الوجوبي أصبح حقيقة، خاصة وأنه لم يتم إصدار بطاقة إيداع جديدة بحق منوبينا".
وأضافت: "يجب الإفراج عن كل من كمال اللطيف، و خيام التركي، اليوم الخميس قبل منتصف الليل، كما يجب الإفرااج غدا الجمعة قبل منتصف الليل الإفراج عن بقية المتهمين، وهم جوهر بن مبارك، غازي الشواشي، رضا بلحاج، عبد الحميد الجلاصي، وعصام الشابي، وذلك بعد إستيفاء الآجال القصوى للإيقاف وهي 14 شهرا وفق تقديرها".
يشار إلى أن هيئة الدفاع قد أصدرت بيانا قبل ساعات من انعقاد دائرة الاتهام وأكدت حصول تلاعب بالإجراءات وأن انتهاء البحث تم بطريقة غير قانونية.
في المقابل، أكدت الناطقة باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب حنان قداس، الثلاثاء أن النيابة العامة احترمت كافة الإجراءات والآجال القانونية بخصوص ملف المعروف بـ"التآمر" على أمن الدولة.
وتضمن قرار ختم البحث في ملف "التآمر" توجيه تهمة "تكوين وفاق إرهابي والتآمر على أمن الدولة، وارتكاب أمر موحش في حق رئيس الدولة لكلّ من وزير العدل السابق، نور الدين البحيري، والناشط السياسي، خيام التركي، ورجل الأعمال كمال اللطيف".
وللإشارة فإن البحيري مودع بالسجن منذ أكثر من سنة على ذمة ملف آخر يتعلق بتدوينة له دعا فيها للنزول إلى الشارع في ذكرى ثورة يناير.
كما تمّ توجيه "تهمة الانضمام إلى وفاق إرهابي وعدم الإشعار بجريمة إرهابية، والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي وارتكاب أمر موحش في حق رئيس الجمهورية" إلى المحامي والأمين العام السابق لحزب "التيار" غازي الشواشي.
ووجهت تهمة "الانضمام إلى وفاق إرهابي وعدم الإشعار بجرائم إرهابية والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي" ضد كل من عصام الشابي، وعبد الحميد الجلاصي، وجوهر بن مبارك، و 17 آخرين في حالة فرار.
وكانت النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب قد أصدرت بطاقات إيداع بحق كل من خيام التركي، عصام الشابي، جوهر بن مبارك، غازي الشواشي، رضا بلحاج، عبد الحميد الجلاصي وشيماء عيسى والأزهر العكرمي مع بطاقات جلب لعدة أسماء خارج البلاد منذ شهر شباط/ فبراير من العام الماضي ضمن حملة إيقافات واسعة لمعارضين سياسيين ورجال أعمال ووزراء سابقين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الدفاع تونس تونس الدفاع قضية التامر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على أمن الدولة دائرة الاتهام الإفراج عن
إقرأ أيضاً:
حقوقيون ومعارضة يتهمون الرئيس التونسي بتوظيف القضاء لتصفية خصومه
تونس- يواجه الرئيس التونسي قيس سعيد موجة متصاعدة من الاتهامات من قبل المعارضة ومنظمات حقوقية، باستخدام القضاء أداة لتصفية خصومه السياسيين، خاصة بعد صدور أحكام وصفت بالصادمة ضد عشرات المعارضين البارزين في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة".
وزاد غضب المعارضين والنشطاء السياسيين والحقوقيين إثر اعتقال المحامي البارز أحمد صواب أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين بتهمة "تكوين مجموعة إرهابية والتهديد بارتكاب جرائم إرهابية".
وشهدت العاصمة تونس احتجاجات عارمة، أمس الاثنين، بسبب اعتقال صواب بعد يومين من صدور الأحكام في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة" والتي طالما انتقدها واعتبرها جائرة ومفبركة وبلا أي أدلة.
وجاء اعتقاله إثر إدلائه بتصريح أمام المحكمة الابتدائية، السبت الماضي، قال فيه إن "السكاكين ليست فقط على رقبة المعتقلين السياسيين وإنما على رقبة القاضي الذي يحكم في القضية" في إشارة إلى وقوعه تحت ضغط السلطة بسبب وجود ملفات ضده.
وزاد اعتقال صواب من تأجيج المشهد. وقد تم توجيه التهم ذاتها إليه، على غرار "تكوين مجموعة إرهابية" وهو ما رأى فيه محامون وسياسيون خطوة أخرى في سياق تخويف فريق الدفاع والتضييق على العمل الحقوقي. ونددت منظمات حقوقية بهذه الخطوة، معتبرة أن الأمر يدخل في باب الانتقام السياسي ويؤكد تدهور استقلالية القضاء.
إعلان
أحكام قاسية
وكانت المحكمة الابتدائية أصدرت أحكاما بالسجن تراوحت بين 13 و66 عاما، شملت قيادات سياسية بارزة من الصف الأول في المعارضة، وسط تنديد واسع بما اعتُبر "محاكمات تفتقر إلى أدنى شروط العدالة" واعتبرتها أطراف واسعة محاولة لتجريم العمل السياسي المعارض وترويع المناهضين لسياسات الرئيس.
وتستند القضية إلى تهم تتعلق بـ"التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي" و"تكوين تنظيم إرهابي" و"التخابر مع جهات أجنبية" وهي تهم خطيرة وقاسية تمّت متابعتها بموجب فصول من "قانون مكافحة الإرهاب" والمجلة الجزائية، وسط تساؤلات عن مدى قانونية الإجراءات ومصداقية التهم الموجهة.
وتراوحت أوضاع المتهمين بين موقوفين ومطلوبين وآخرين في حالة إطلاق سراح، إلا أن القاسم المشترك بينهم هو معارضتهم الشديدة للمسار السياسي الذي انتهجه الرئيس منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، والتي منحته صلاحيات مطلقة وجمّد بموجبها البرلمان، وأعاد صياغة الدستور بشكل منفرد صيف 2022.
وجرت المحاكمة -التي انطلقت في 4 أبريل/نيسان الجاري على نحو سريع واستثنائي- حيث مُنع المتهمون من الحضور في قاعة المحكمة، واعتمدت السلطات آلية "المحاكمة عن بُعد" مما دفع المساجين إلى مقاطعة المحاكمة. وهو ما اعتبره محامو الدفاع مسا مباشرا بحقوق المتهمين في الدفاع عن أنفسهم، لا سيما مع منع العائلات من حضور الجلسات، إلى جانب إقصاء الصحفيين والمراقبين المحليين والدوليين.
وتذهب المعارضة التونسية إلى اعتبار أن القضاء في البلاد لم يعد مستقلا بل أصبح أداة طيّعة بيد السلطة التنفيذية، وتحديدا الرئيس سعيّد الذي ترى المعارضة أنه لم يكتفِ بإعادة هندسة المنظومة الدستورية والقانونية لإحكام قبضته على الدولة، بل مارس ضغطا ممنهجا على القضاة من خلال خطاباته النارية والمتكررة.
إعلانوتقول شخصيات معارضة وحقوقية إن الرئيس، من خلال تصريحاته العلنية، قد سلب القضاة حريتهم في اتخاذ قراراتهم، وجعلهم يتحركون تحت طائلة الخوف من التبعات السياسية.
ومن أبرز ما تستشهد به المعارضة بهذا السياق، تصريحات سعيد التي قال فيها إن "من يبرّئهم فهو شريك لهم" في إشارة إلى المعارضين الموقوفين في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة".
ولا يعد هذا التصريح، بحسب منتقدي الرئيس، تدخلا فقط في سير القضاء بل يمثل إدانة مسبقة للمتهمين، وتهديدا مبطّنا للقضاة الذين قد يحكمون ببراءتهم.
كما جاء على لسان الرئيس -في أكثر من مناسبة- أن التاريخ "قد حكم عليهم قبل أن يحكم عليهم القضاء" وهو ما اعتبرته المعارضة دليلا على توجيه مسبق للعدالة، وتجريد المحاكمات من أي مضمون موضوعي أو محايد.
"حالة رعب"وترى المعارضة أن هذه التصريحات لا يمكن فصلها عن سياق أوسع بدأ منذ اتخاذ سعيّد للتدابير الاستثنائية في يوليو/تموز 2021، ثم إقالته لعدد كبير من القضاة (بلغ عددهم 57 قاضيا) بزعم "تطهير القضاء" دون احترام الضمانات القانونية أو حق الدفاع، وفق المراقبين.
وتُحمّل المعارضة سعيّد ووزيرة العدل مسؤولية مباشرة عن "حالة الرعب" التي يعيشها القضاة، إذ أصبحوا يخشون اتخاذ أي قرارات قد تُغضب رأس السلطة، خشية الإعفاء أو الملاحقة أو التشهير الإعلامي.
ووفقًا لعدد من القضاة المتقاعدين والحقوقيين، فإن استقلال القضاء في تونس لم يكن مهددا كما هو عليه الآن منذ الثورة، في ظل أجواء "التخويف والتأديب السياسي" التي تخيّم على أروقة العدالة.
وفي هذا الإطار، حذّرت منظمات حقوقية دولية من "خطورة تسييس القضاء" معتبرة أن تصريحات الرئيس تقوّض ثقة الرأي العام في عدالة المحاكمات، وتؤسس لما يُشبه "عدالة انتقامية" موجّهة ضد المعارضين السياسيين، وهو ما يهدد المسار الديمقراطي برمّته، ويعيد البلاد إلى مربع الاستبداد باسم القانون.
إعلانوقد وصف الناشط السياسي والمعارض هشام العجبوني إن صدور الأحكام ضد المساجين السياسيين في قضية التآمر على أمن الدولة بعد الجلسة الثالثة يوم 18 أبريل/نيسان 2025 بأنه "يوم أسود في تاريخ القضاء وتاريخ تونس" معتبرا أن العدالة قد "اغتيلت ودُقّ آخر مسمار في نعش الدولة".
وأكد العجبوني أن "الإدانة لم تكن وليدة المحاكمة، بل كانت قرارا سياسيا صدر منذ فبراير/شباط 2023 حين دعا سعيّد وزيرة العدل إلى ملاحقة من وصفهم بالإرهابيين والمجرمين" وصرّح حينها أن "التاريخ قد حكم عليهم قبل أن تفعل المحاكم، وأن من يجرؤ على تبرئتهم فهو شريك لهم".
وأضاف للجزيرة نت أن الملف "مفبرك وفارغ ولا يتضمن أي دليل قانوني" مشيرا إلى أن السلطات تعمّدت التعتيم ومنعت التداول العلني للمحاكمات، لتُجريها عن بعد وفي غياب المتهمين ومحاميهم وأمام عدسات غائبة، متابعا إنهم "يخشون أن تتحوّل المحاكمة العلنية إلى محاكمة سياسية وأخلاقية ضدهم هم لا ضد المعارضين".
"الاعتقالات لن تتوقف"من جهته، عبّر المحامي والناشط السياسي عبد الوهاب معطر عن استيائه الشديد مما آلت إليه الأوضاع القضائية والسياسية، معتبرا أن "السلطة انتقلت من منطق (من يُبرّئهم فهو شريك لهم) إلى منطق أكثر خطورة وهو (من يُدافع عنهم فهو شريك لهم)" في إشارة إلى اعتقال المحامي صواب عضو هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين.
ويقول معطر للجزيرة نت إن اعتقال صواب ليس سوى حلقة في سلسلة متواصلة من التضييقات التي تطال كل من يجرؤ على الوقوف في صفّ العدالة والدفاع عن المعتقلين السياسيين، قائلاً إن "حملة الاعتقالات لن تتوقف، لأن هذه السلطة لم يعد أمامها خيار سوى الهروب إلى الأمام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".
وفي تحليله لمسار محاكمة ما يُعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة" أشار معطر إلى ما وصفه بـ"السرعة القياسية والمريبة" التي تم بها إصدار الأحكام، مما يعكس -حسبه- رغبة واضحة في غلق الملف بأسرع وقت ممكن وتحويل الأنظار عن قضايا اجتماعية مُلحّة، أبرزها الاحتجاجات المتواصلة في منطقة المزونة من ولاية سيدي بوزيد، عقب وفاة 3 تلاميذ سقط عليهم حائط مدرسة قديمة.
إعلانوأوضح أن "الملف كان هشا ومفككا منذ البداية، ولا يتضمن أدلة قاطعة أو أدنى مقومات الإدانة، ولذلك كان لا بد من تمريره بسرعة لتفادي انكشاف حقيقة التوظيف السياسي".
وتوقّع معطر أن تُصدر محكمة الاستئناف أحكامها بهذا الملف قبل فصل الصيف، مؤكّدا أن إبقاء الملف دون حسم يُعدّ "دليلا صارخا على الظلم والانحراف بالسلطة القضائية التي باتت مجرّد وظيفة خاضعة ومجردة من أي درجة من الاستقلالية".
"تطهير القضاء"في المقابل، يدافع أنصار سعيد بشدة عن مسار المحاكمات الجارية، مؤكدين أن رئيس الجمهورية لا يتدخل في شؤون القضاء، بل يعمل على تطهيره من الفساد وإعادة هيبته بعد سنوات من التسييس والانفلات، وفق تعبيرهم.
ويعتبر هؤلاء أن سعيّد رجل "نزيه" ولا مصلحة له في تصفية خصومه، بل يحرص على تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، وهو ما يعكسه دعمه المتواصل لاستقلال المؤسسات ورفضه لأي تسويات سياسية على حساب الدولة.
كما يرى المدافعون عن الرئيس أن الحديث عن محاكمات سياسية ليس سوى "محاولة لتبييض" صورة متهمين يواجهون تهما خطيرة، مؤكدين أنهم لم يُلاحقوا بسبب آرائهم، بل "بسبب ضلوعهم في نشاطات تمسّ بالأمن القومي" في ظل ما وصفوه بمحاولات متكررة لإرباك مؤسسات الدولة والتحريض على الفوضى، وفق رأيهم.