آيتان من هذه السورة سبب لقبول الدعاء وتكفيانك كل شيء.. داوم عليهما
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
قراءة سورة البقرة لها فضل كبير وعظيم الأثر لما لها من بركة فعند قراءتها ينفر الشياطين والجن من المنزل أو المكان الذى تتلى فيه، سورة البقرة .. قراءة القرآن عبادة محبوبة عند الله ورسوله، وأن النبي بشر قارئ القرآن بأن له بكل حرف حسنة، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف وميم حرف ولام حرف، ومن يقرأ كل يوم سورة البقرة، فعليه أن يتصور عدد حروفها وبكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها، وله أجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى.
ومن أرد البركة والخير في كل شيء فعليه بالقرآن فلك أن تقرأ وردًا يوميًا من القرآن ولسورة البقرة خاصًا عجائب في قراءتها، فإن الشياطين تنفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة وتحفظ الذي يقرأها من السحر، ومن قرأها في الصباح بعد صلاة الفجر حفظه الله بها من الشياطين حتى يمسي ومن قرأها مساءً قبل صلاة المغرب حفظه الله من الشياطين حتى يصبح، ومن قرأها بتدبر متيقنًا بها وتفهم معانيها شفي من كل سوء أصابه من مرض أو سحر أو مس أو قلق أو اكتئاب ثم تشعر بالسعادة والرضا بعد قراءتها.
أخر آيتان من سورة البقرةقال رسول الله صلى الله عليه وسلم،حيث قال:" من قرأ آخر آيتين من سورة البقرة كفتاه"، وقال المفسرين فى توضيح معنى كفتاه فقالوا تكفيك عن قراءة القرآن نفسه، وقيل كفتاه عن قيام الليل وتحفظه من شياطين الإنس والجن، حفظته من كل هم وغم.
والدعاء الذى تحويه تلك الآيتين مضمون الاستجابة، أتَى جبريل النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم فقال : أبشِرْ بنورَينِ أوتيتُهما لم يؤتَهُما نبيٌّ قبلكَ فاتحةِ الكتابِ وخواتيمِ سورةِ البقرةِ لن تَقرأَ حرفًا منهما إلَّا أُعطيتَهُ".
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ".
1) نورٌ للمسلم، فقد أخرج الإمام مسلم من صحيح السنّة النبويّة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (بيْنَما جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، سَمِعَ نَقِيضًا مِن فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقالَ: هذا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ اليومَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إلَّا اليَومَ، فَنَزَلَ منه مَلَكٌ، فَقالَ: هذا مَلَكٌ نَزَلَ إلى الأرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إلَّا اليَومَ، فَسَلَّمَ، وَقالَ: أَبْشِرْ بنُورَيْنِ أُوتِيتَهُما لَمْ يُؤْتَهُما نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بحَرْفٍ منهما إلَّا أُعْطِيتَهُ)، فقد أُخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- بفضل خواتيم سورة البقرة؛ فكانت نورًا يهتدي به المسلم إلى الطريق المستقيم في الدنيا، وكذلك يوم القيامة، ويكون نورها في الدنيا؛ بإرشادها وهدايتها للمسلم إلى طريق الهداية والطريق المستقيم.
2) كفايةٌ للمسلم في ليلته، كما أخرج الإمام البخاري في صحيحه، عن عقبة بن عمرو -رضي الله عنه-، أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن قَرَأَ بالآيَتَيْنِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ)، ولفظ: "كَفَتاهُ"؛ يُراد به عدّة معانٍ، منها: أنّ خواتيم سورة البقرة تُغني عن صلاة قيام الليل، وقيل بل عن الأدعية والأذكار، وقيل عن المكروه، وذلك بما تتضمّنه تلك الآيات من خيري الدنيا والآخرة.
3) دليلٌ على رحمة الله -سبحانه- بالأمّة، فحين نزل قول الله -تعالى-: (لِّلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّـهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وقعت الخشية في قلوب المؤمنين؛ حذرًا من مؤاخذة الله لهم على ما يُخفونه في أنفسهم، فأرشدهم النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى السمع والطاعة، فنزل قول الله -تعالى-: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)، ثمّ نزلت آخر آيةٍ من سورة البقرة، متضمنةً دعاء المؤمنين الذي استجابه الله لهم، قال -عزّ وجلّ-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
ليس هنالك وقت محدد تلزم فيه قراءة سورة البقرة، فيجوز قراءتها كل يوم، أو كل يومين، أو كل أسبوع مرة، غير أن الإكثار من قراءتها والمداومة عليها، أمر مرغب فيه، ومأجور عليه فاعله، وروى مسلم وغيره عن أًبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ». قَالَ مُعَاوِيَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ: السَّحَرَةُ، ومن خصائص سورة البقرة أن من قرأها في بيت لم تدخله الشياطين ثلاث ليال، ففي صحيح ابن حبان عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلًا لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَارًا لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»، وفيها آيتين من قرأهما في ليلة كفتاه، كما ثبت في صحيح البخاري وغيره، عن أَبي مسعودٍ البدْرِيِّ -رضي الله عنه- عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «منْ قَرَأَ بالآيتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورةِ البقَرةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ» متفقٌ عَلَيْهِ، موضحًا: قيل معناه كَفَتَاهُ من قيام الليل، وقيل من الشيطان، وقيل من الآفات، ويحتمل من الجميع.
لسورة البقرة فوائد كثيرة أهمها:
تأتي يوم القيامة تدافع عن صاحبها، ولا يقدر عليها البطلة اى السحرة، وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن البيت الذي يقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان 3 ليال.
6 فوائد عظيمة للبيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة1- سورة البقرة تقي من السحر والحسد في البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة تهجره الشياطين الذين هم مصدر أعمال السحر والأذى للناس، وجاء في حديث شريف: «فإنّ أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة»؛ فالحديث يتضمن آثار الأخذ بسورة البقرة وقراءتها والتمسك بأحكامها، حيث تحل البركة في المال والأهل والولد، كما تدفع عن المسلم الحسرة بسبب ضياع أحد أسباب الحفظ والوقاية والتفريط بها، وكذلك لا تتمكن من اختراق هذه السورة العظيمة وبركاتها وآثارها الطيبة جموع السحرة المبطلين الذين يستعينون بالشياطين من أجل تحقيق مآربهم لإفساد بيوت المسلمين بأعمال السحر والشعوذة .
2- تنير بيت المسلم حيث تمنع عنه صفة القبورية التي تحل بالبيوت التي تهجر فيها قراءة القرآن الكريم؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلّم- قالَ: «لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِر فإنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ».
3- تشفع لأصحابها يوم القيامة وترفع من شأن المؤمن في الدنيا، كما صوّر النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح كيف تأتي الزهراوان وهما: سورتا البقرة وآل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان تظلان صاحبهما وتحاجان عنه يوم القيامة.
4- تشتمل على أحكام تهم المسلمين فقد جاءت في سورة البقرة أحكام الطلاق والعدة والوصية وأحكام البيع والشهادة والرهن وتحريم الربا، ولذلك تسمى سورة البقرة عند علماء المسلمين بأنها فسطاط المسلمين لمكانتها في الفقه والشريعة الإسلامية.
5- تشتمل على أعظم آية في كتاب الله -تعالى- وهي آية الكرسي، والتي من فضائلها أنها تحفظ المسلم عندما يقرؤها قبل نومه، وكذلك فضل قراءتها دبر كل صلاة وفي ذلك جاء قوله -عليه الصلاة والسلام-: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ»، [صحيح بخاري].
6- كما أنّ آخر آيتين من آيات سورة البقرة لهما فضل عظيم، فجاء في الحديث الشريف: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه»، [حديث صحيح].
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سورة البقرة فضل خواتيم سورة البقرة آخر آيتين من سورة البقرة علیه الصلاة والسلام من سورة البقرة رضی الله عنه یوم القیامة ى الله علیه علیه وسلم من قرأها ى الله ع ول الله ع ل ى ال کل یوم ه علیه
إقرأ أيضاً:
حكم الذكر عند الطواف بالكعبة بالأذكار المأثورة وغير المأثورة
اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها مضمونة:"هل يوجد دعاء أو ذكر محدد يُستحب أن يقوله الإنسان عند الطواف بالبيت؟ وهل يجوز الدعاء في الطواف بدعاءٍ غير مأثور؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أن الدعاء وذكر الله سبحانه وتعالى عند الطواف بالبيت أمرٌ مستحبٌّ شرعًا، وأحسنه ما ورد في السنة النبوية من الأدعية والأذكار، والتي منها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْحَجَرِ فيقول: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار» أخرجه الإمام أحمد وابن خزيمة والحاكم عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه.
ومنها أيضًا: ما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، مُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ بِهَا عَشَرَةُ دَرَجَاتٍ» رواه الإمام ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ويجوز الذكر والدعاء بغير الوارد؛ سواء كان ذكرًا ينشئه بنفسه أو ذكرًا مرويًّا عن بعض الصالحين مما فتح الله تعالى به عليهم.
فضل الطواف بالكعبة المشرفةالطواف بالكعبة المشرَّفة عبادة من أفضل العبادات وقُربة من أشرف القُربات، ويُثاب عليه المسلم ثوابًا عظيمًا؛ قال تعالى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج: 26]، وقال تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ طَافَ بِالبَيْتِ خَمْسِينَ مَرَّةً خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أخرجه الترمذي.
وأخرج الفاكهي في "أخبار مكة" عن الحجاج بن أبي رقية قال: كنت أطوف بالبيت فإذا أنا بابن عمر رضي الله عنهما، فقال: يا ابن أبي رقية استكثروا من الطواف؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ حَتَّى تُوجِعَهُ قَدَمَاهُ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يُرِيحَهُمَا فِي الْجَنَّةِ».
حكم الدعاء والذكر في الطوافالطواف عبادة متعلقة بالكعبة المشرفة كما تعلقت بها الصلاة؛ إلا أن الله تعالى أحل فيه الكلام، وخير الكلام في هذه العبادة هو ذكر الله تعالى والدعاء. واستحباب الدعاء والذكر في هذه المواطن مما قرره جمهور الفقهاء، واستدلوا عليه بما أخرجه أبو داود واللفظ له، والترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ».
قال العلامة المَوَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (4/ 153، ط. دار الكتب العلمية): [(والدعاء بلا حدٍّ). القرافي: من سنن الطواف الدعاء] اهـ.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (4/ 88، ط. المكتبة التجارية): [(وَليَدْعُ) ندبًا (بما شاء) من كل دعاء جائز له ولغيره، والأفضل الاقتصار على ما يتعلق بالآخرة (ومأثور الدعاء) الشامل للذكر؛ لأن كُلًّا قد يطلق ويراد به ما يعم الآخر في الطواف بأنواعه] اهـ.
وقال الإمام البُهُوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 559، ط. دار الكتب العلمية): [ويكثر في بقية طوافه من الذكر والدعاء... لأن ذلك مستحب في جميع الأحوال؛ ففي حال تلبسه بهذه العبادة أولى] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامة في "المغني" (3/ 343، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب الدعاء في الطواف، والإكثار من ذكر الله تعالى؛ لأن ذلك مستحب في جميع الأحوال، ففي حال تلبسه بهذه العبادة أولى] اهـ.
أفضل الدعاء أو الذكر في الطوافأحسن الدعاء أو الذكر حال الطواف ما ورد في نصوص الشرع، ومن ذلك:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْحَجَرِ فيقول: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار» أخرجه الإمام أحمد وابن خزيمة والحاكم عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه.
ومنها أيضًا: ما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، مُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ بِهَا عَشَرَةُ دَرَجَاتٍ» رواه الإمام ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ومنها كذلك: ما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم من أنه كَانَ يَدْعُو بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ ويَقُولُ: «اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي، وَبَارِكْ لِي فِيهِ، وَاخْلُفْ عَلَيَّ كُلَّ غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ» رواه الإمام الحاكم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
حكم الدعاء أو الذكر في الطواف بغير ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم
يجوز للإنسان أن يذكر بغير هذه الأذكار مما لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم سواء كان ذكرًا ينشئه بنفسه أو ذكرًا مرويًّا عن بعض الأولياء؛ لأن ذكر الله تعالى جاء الأمر به مطلقًا عن القيد، قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: 103]، والمطلق يؤخذ على إطلاقه حتى يأتي ما يُقَيِّدُه في الشرع، ومن المقرر أن الأمر المطلق يقتضي عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال.
وهذا أمر ثابت شرعًا تلقته الأمة بالقبول، وعملت به؛ فعن رفاعة بن رافع الزُّرَقِي رضي الله عنه قال: كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد، حمدًا كثيرًا طيبًا مبارَكًا فيه، فلما انصرف قال: «مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟» قال: أنا، قال: «رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا؛ أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ» رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 287، ط. دار المعرفة): [واستُدِلَّ به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور] اهـ.
فإن كان هذا الحال في إنشاء ذكر غير مأثور في الصلاة، فالأمر خارج الصلاة في نحو الطواف أو غيره أوسع من باب أولى.
وقال العلامة زين الدين المُناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 107، ط. مكتبة الإمام الشافعي-الرياض): "(إذا سمعتم الرعد)؛ أي: الصوت الذي يسمع من السحاب (فاذكروا الله) بأن تقولوا: سبحان الله الذي يسبح الرعد بحمده أو نحو ذلك من المأثور أو ما في معناه" اهـ؛ مما يظهر منه أن غير المأثور مما لم ير العلماء فيه بأسًا.
الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالدعاء وذكر الله سبحانه وتعالى عند الطواف بالبيت أمرٌ مستحبٌّ شرعًا، وأحسنه ما ورد في السنة النبوية من الأدعية السابق ذكرها، ويجوز الذكر والدعاء بغير الوارد؛ سواء كان ذكرًا ينشئه بنفسه أو ذكرًا مرويًّا عن بعض الصالحين مما فتح الله تعالى به عليهم.