مفاوضات حماس لوقف إطلاق النار إلى أين؟
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
تخوضُ حركةُ المقاومة الإسلاميّة "حماس"، ومعها فصائل المقاومة الفلسطينية، معركة ضروسًا مع التحالف الصهيو- أميركي في ميدان التفاوض، لا تقلّ ضراوة عن معركتها العسكرية في مواجهة حرب الإبادة الجماعية التي تقودها قوات التحالف الصهيو-أميركي في قطاع غزة، منذ أكثر من ستة أشهر.
تعاقبت جولات التفاوض غير المباشر بين الطرفين، بمساعدة الوسطاء المصريين والقطريين، للتوصل إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ولكنّها تصل كل مرة إلى طريق مسدود؛ بسبب تشدد حماس في مطالبها الأساسية لإبرام الاتفاق، وقبل يومين قدّمت ردّها على مقترحات الوفد الأميركي، وهي ردود من المؤكد أنها غير مقبولة من التحالف الصهيو-أميركي، ما يعني فشل هذه الجولة، كما فشلت سابقاتها، فأين تكمن المشكلة؟ وما الذي ستصل إليه هذه المفاوضات في النهاية؟
رغم أن طرفي المفاوضات غير متكافِئَين سياسيًا وعسكريًا على الإطلاق، فإن معطيات الواقع الميداني في المعركة أفقدت الطرف الأقوى القدرة على الانتصار حتى الآن، وبالتالي أفقدته القدرة على هزيمة حماس، وفرض شروطه
عقدة المنشارالمفاوضات التي تجري بين الأطراف المتحاربة أو المتنازعة عادة ما تقوم على أحد ثلاثة أسس حاسمة، تتحكّم في نوعية الشروط المفروضة وطبيعة الاتفاق الذي سيتمّ التوصل إليه في النهاية، وهذه الأسس هي:
وجود طرف منتصر، وآخر منهزم، وهذا الأساس يضع المنتصر في موقع يمكّنه من فرض الشروط التي يريدها على الطرف المنهزم، على غرار مع ما فعلته الدول المنتصرة في الحربَين العالميتَين: الأولى والثانية، مع الدول المنهزمة.
وذلك على غرار ما حدث بين مصر والكيان الصهيوني. وهذا النوع من المفاوضات يستغرق وقتًا طويلًا، حيث ينبري كلا الطرفين للطرف الآخر متسلحًا بكافة الأساليب والوسائل والمستندات التي تمكّنه من التفوّق على الطرف الآخر؛ للخروج بأكبر قدر ممكن من الشروط، والمصالح والضمانات.
وجود طرفين متصارعين وغير متكافِئَين عسكريًا، ويتفقان على إنهاء حالة الحرب والعداء بينهما، وهنا يكون الطرف الأقوى، هو صاحب اليد العليا في المفاوضات، وفرض الشروط على الطرف الأضعف، ولكن مع القبول ببعض مطالبه، والتنازل له عن بعض المكتسبات التي تشجعه على الدخول في المصالحة وإنهاء حالة الحرب، وذلك على غرار ما حدث بين منظمة التحرير الفلسطينية، والكيان الصهيوني في اتفاق "أوسلو"، وكثيرًا ما كان الزعيم ياسر عرفات يردد مقولته الشهيرة: "هم اليد العليا ونحن اليد السفلى".
وبالرجوع إلى المفاوضات الدائرة حاليًا بين التحالف الصهيو-أميركي وحركة حماس، نجد أن هناك خللًا كبيرًا في الأساس الذي تقوم عليه، حيث يصعب إدراجها تحت أي نوع من الأنواع الثلاثة السابقة، فرغم أن الطرفين غير متكافِئَين سياسيًا وعسكريًا على الإطلاق، فإن معطيات الواقع الميداني في المعركة أفقدت الطرف الأقوى القدرة على الانتصار حتى الآن، لأنه لم يستطع تحرير الأسرى، ولا القضاء على المقاومة المسلحة، رغم مرور أكثر من ستة أشهر على هذه الحرب.
وكل الذي استطاع التحالف الصهيو-أميركي تحقيقه كان القيام بإبادة جماعية شاملة ضد الشعب الفلسطيني في غزة في أبشع صورها، ما أثار عليه شعوب العالم أجمع والغالبية العظمى من الأنظمة السياسية.
وفي المقابل، يعتبر العسكريون والإستراتيجيون أن صمود حماس أمام التحالف الصهيو-أميركي حتى اليوم والحيلولة دون تمكينه من تحقيق أهدافه المعلنة للحرب؛ يعتبر بحد ذاته انتصارًا لصالح حماس والمقاومة المسلحة في قطاع غزة. وقد انعكس هذا الوضع على المفاوضات الجارية فيما يأتي:
رفض التحالف شرط حماس بالإيقاف الدائم لإطلاق النار، وانسحاب قوات الكيان الصهيوني (الشامل) من قطاع غزة. رفض حماس شرط التحالف بالإيقاف المؤقت لإطلاق النار، وانسحاب قوات الكيان الصهيوني (الجزئي) من قطاع غزة.وهذا يفتح المجال أمام سيناريوهات تصعيدية جديدة.
أسوأ سيناريوهات التحالف الصهيو-أميركي القادمة، لجوؤه إلى وضع إستراتيجية عسكرية متوحشة تجبر حماس على رفع الراية وإعلان الاستسلام، بعد الانتهاء من معالجة موضوع النازحين، واستيعابهم في مخيمات إيواء جديدة، تحت إشراف الأمم المتحدة، بعيدًا عن ساحة المعركة
السيناريوهات القادمةهذا التشدّد مع استمرار وتيرة المعركة على ما هي عليه، يضع الطرفين في مرتبة واحدة من الناحية التفاوضية، في حين أنهما من الناحيتين السياسية والعسكرية ليسا كذلك. وهذا يعني أن المفاوضات ستبقى تراوح مكانها، ولن تحقق تقدمًا على صعيد إيقاف إطلاق النار، وسيترتّب على ذلك قيام الطرفين باتخاذ إجراءات من شأنها تغيير الأساس الذي تقوم عليه المفاوضات، لتنتقل من حالة التكافؤ في شروط التفاوض، إلى حالة المنتصر والمنهزم، بحيث يتمكّن أحد الطرفين من إجبار الطرف الثاني على الإذعان لشروطه، وذلك ضمن سيناريوهات محتملة، سيلجأ لها الطرفان بالتزامن، وعلى رأسها اثنان من جهة التحالف، واثنان من جهة حماس، على النّحو التالي:
الأول: لجوء التحالف الصهيو-أميركي إلى وضع إستراتيجية عسكرية متوحّشة تجبر حماس على رفع الراية وإعلان الاستسلام، بعد الانتهاء من معالجة موضوع النازحين، واستيعابهم في مخيمات إيواء جديدة، تحت إشراف الأمم المتحدة، بعيدًا عن ساحة المعركة، من أجل تخفيف الاحتجاجات الرسمية والشعبية المطالبة بحماية المدنيين ومراعاة القانون الدولي والإنساني. وهو السيناريو الأرجح من جهة التحالف، في ظلّ الوقائع الجارية على الأرض، وسيكون السيناريو الأسوأ. الثاني: قيام الإدارة الأميركية بتكثيف العمل على إسقاط رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو شعبيًا وسياسيًا، وتشكيل حكومة معتدلة لا تضمّ أحدَ أحزاب اليمين المتطرف، تضع قواعد جديدة للتعامل مع حماس؛ من أجل التوصل إلى حلّ يقبله الطرفان. وهذا السيناريو يتعارض مع توجهات ومصالح الأوساط الإقليمية التي ترفض خروج حماس منتصرة في هذه الحرب. الثالث: لجوء حماس والمقاومة الفلسطينية إلى خطط تكتيكية عسكرية نوعية تركّز على أفراد الجيش الصهيوني أكثر من تركيزها على الآليات العسكرية، بحيث تعمل على الإيقاع بأكبر عدد ممكن من أفراد الجيش بين قتيل وجريح، ما يشكل عاملَ ضغطٍ كبيرٍ على الشارع اليهودي في دولة الكيان الصهيوني وخارجها. إلا أن أكبر مخاطر هذا السيناريو عدم قدرة حماس على مواجهة توحّش العمليات الهجومية المتوقّعة في السيناريو الأول. الرابع: لجوء حماس إلى أساليب تكتيكية جديدة سياسية وعسكرية، شبيهة بتلك التي لجأت إليها حركة طالبان في مفاوضاتها المكوكية مع الإدارة الأميركية.تتسارع الأيام، وتتفاقم الأزمات الإنسانية، ومؤشر الخسائر البشرية في صفوف المدنيين في صعود لا يتوقف، وما زالت حماس تواجه وحدها مع فصائل المقاومة المسلحة في غزة حرب الإبادة الجماعية الصهيو-أميركية الشاملة، مدعومة من الدول الأوروبية الكبرى، التي تدافع باستماتة عن الكيان الصهيوني، ولا ترى له أي تجاوزات أو انتهاكات للقانون الدولي والإنساني، ومازالت تنكر الإبادة الجماعية الشاملة التي يقوم بها في قطاع غزة.
فهل ستقف حماس عند حدود هذين السيناريوهَين، أم ستنتقل إلى سيناريوهات أخرى تمليها الوقائع الميدانية والمتغيرات المحلية والإقليمية المتوقّعة؟
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الکیان الصهیونی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
أكسيوس: ترامب يشرف على مفاوضات غزة وفقا لطلب رئيس إسرائيل
تعلق عائلات الرهائن والمسؤولون الإسرائيليون أمالا عريضة في التوصل إلى اتفاق يشارك فيه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لينجح فيما فشل فيه الرئيس الحالي جو بايدن حتى الآن، وهو إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإنهاء الحرب في غزة مقابل إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
وأكد موقع اكسيوس الاستخباراتي الأمريكي أنه قبل أقل من شهرين من تنصيب ترامب، يبدو من غير المرجح أن يتم التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في أي وقت قريب.
وبدلا من ذلك، فمن المرجح أن يرث ترامب الأزمة والمسؤولية عن الأمريكيين السبعة الذين تحتجزهم حماس، والذين يعتقد أن أربعة منهم على قيد الحياة.
وقالت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية الجديدة للبيت الأبيض في عهد ترامب، لموقع أكسيوس إنه سيعيد فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران، ويحارب الإرهاب، ويدعم إسرائيل.
وأضافت: 'الرئيس ترامب سيكون كبير المفاوضين الأمريكيين وسيعمل على إعادة المدنيين الأبرياء المحتجزين كرهائن إلى منازلهم'.
وعندما اتصل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ بترامب لتهنئته بفوزه في الانتخابات، أخبر الرئيس المنتخب أن تأمين إطلاق سراح الرهائن الـ 101 هو 'مسألة ملحة'، وفقًا لثلاثة أشخاص مطلعين على المكالمة.
وقال هرتزوغ لترامب: 'عليك أن تنقذ الرهائن'، الذي قال ردا على ذلك إن جميع الرهائن تقريبا ماتوا على الأرجح.
ثم أخبر الرئيس الإسرائيلي ترامب أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية تعتقد أن نصفهم ما زالوا على قيد الحياة.
وقال أحد المصادر لموقع أكسيوس: 'تفاجأ ترامب وقال إنه لم يكن على علم بذلك'.
وأكد مصدران آخران اطلعا على المكالمة أن ترامب قال إنه يعتقد أن معظم الرهائن ماتوا.
وعندما التقى هرتزوغ ببايدن في البيت الأبيض في 11 نوفمبر، طلب من الرئيس العمل مع ترامب بشأن هذه القضية من الآن وحتى 20 يناير/كانون الثاني عندما يتولى ترامب منصبه، حسبما قال مصدر مطلع على الاجتماع لموقع 'أكسيوس'.
وبعد ذلك بيومين، عندما استضاف ترامب في اجتماع لمدة ساعتين في المكتب البيضاوي، أثار بايدن مسألة الرهائن واقترح عليهم العمل معًا للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق.
وقال بايدن لعائلات الرهائن الأمريكيين في اجتماع بعد ساعات قليلة من محادثته مع ترامب، وفقًا لمصدرين على دراية مباشرة: 'لا يهمني إذا حصل ترامب على كل الفضل طالما أنهم عادوا إلى ديارهم'.
وواجه الرئيس الامريكي الاسبق رونالد ريغان، حسب قول ترامب، وضعا مماثلا عندما كان يستعد لتولي منصبه في عام 1981.
وقد وقع سلفه جيمي كارتر على اتفاق رهائن مع إيران في 19 يناير 1981. وفي اليوم التالي مباشرة بعد ريغان تم إطلاق سراح 52 أمريكيًا احتجزتهم إيران لمدة 444 يومًا.
وكتب أورنا ورونين نيوترا، والدا المواطن الأمريكي عمر نيوترا الذي تحتجزه حماس في غزة لمدة 412 يومًا، رسالة مفتوحة إلى ترامب في صحيفة واشنطن بوست، وقالا إنهما يعتقدان أنه يمكن أن يحظى بلحظة ريغان خاصة به.
وأشاروا إلى كيف يبدو أن دول المنطقة التي لها تأثير على حماس، بما في ذلك إيران وقطر، تعيد حسابات أفعالها منذ فوز ترامب في الانتخابات.
وكتبوا 'لدينا رسالة لـ ترامب: الوقت هو جوهر الأمر. نحن نعول على قيادتك لإعادة عمر إلى الوطن'.
ويشهد الوضع الراهن مفاوضات معقدة بشأن الرهائن واتفاق وقف إطلاق النار متوقفة منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
وفي اجتماع عقد في وقت سابق من هذا الأسبوع، أخبر رؤساء الجيش الإسرائيلي والموساد والشين بيت نتنياهو أنهم يعتقدون أنه من غير المرجح أن تتخلى حماس عن شروطها للانسحاب الإسرائيلي من غزة وإنهاء الحرب.
وأخبروه أنه إذا كانت الحكومة الإسرائيلية مهتمة بالتوصل إلى اتفاق، فيجب عليها تخفيف مواقفها الحالية، حسبما قال مسؤولان إسرائيليان مطلعان على الاجتماع لموقع Axios.
لكن نتنياهو رفض إنهاء الحرب مقابل صفقة الرهائن، مدعيا أنها ستسمح لحماس بالبقاء وتشير إلى هزيمة إسرائيل.
صرح مسؤول إسرائيلي كبير لموقع Axios أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، فسيؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على حماس وإعادة تركيز الجهود على التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة.
ويقول بعض المسؤولين الإسرائيليين إن ترامب، الذي قال إنه يريد أن تنتهي الحرب في غزة بسرعة، سيكون له نفوذ ونفوذ أكبر بكثير من بايدن على نتنياهو.
وضغط بايدن مراراً وتكراراً على نتنياهو لتخفيف موقفه لكنه فشل.
وقال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات المقرب من العديد من أعضاء فريق الرئيس المنتخب الجديد، لموقع Axios، إن على ترامب التحرك الآن للتوصل إلى اتفاق.
وأضاف 'يجب على الرئيس ترامب أن يصدر فوراً طلباً واضحاً بالإفراج عن جميع الرهائن، وأن يكلف كبار مسؤوليه ببدء العمل على هذا الأمر قبل 20 يناير، وأن يحذر جميع الأطراف من عواقب تحدي الرئيس الأمريكي المقبل. ويجب أن يكون واضحاً أن إطلاق سراح الرهائن أمر ضروري'. وقال دوبويتز إن إطلاق سراح الرهائن شرط مسبق غير قابل للتفاوض لوقف إطلاق النار.