الجزيرة:
2025-02-22@21:50:57 GMT

مفاوضات حماس لوقف إطلاق النار إلى أين؟

تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT

مفاوضات حماس لوقف إطلاق النار إلى أين؟

تخوضُ حركةُ المقاومة الإسلاميّة "حماس"، ومعها فصائل المقاومة الفلسطينية، معركة ضروسًا مع التحالف الصهيو- أميركي في ميدان التفاوض، لا تقلّ ضراوة عن معركتها العسكرية في مواجهة حرب الإبادة الجماعية التي تقودها قوات التحالف الصهيو-أميركي في قطاع غزة، منذ أكثر من ستة أشهر.

تعاقبت جولات التفاوض غير المباشر بين الطرفين، بمساعدة الوسطاء المصريين والقطريين، للتوصل إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ولكنّها تصل كل مرة إلى طريق مسدود؛ بسبب تشدد حماس في مطالبها الأساسية لإبرام الاتفاق، وقبل يومين قدّمت ردّها على مقترحات الوفد الأميركي، وهي ردود من المؤكد أنها غير مقبولة من التحالف الصهيو-أميركي، ما يعني فشل هذه الجولة، كما فشلت سابقاتها، فأين تكمن المشكلة؟ وما الذي ستصل إليه هذه المفاوضات في النهاية؟

رغم أن طرفي المفاوضات غير متكافِئَين سياسيًا وعسكريًا على الإطلاق، فإن معطيات الواقع الميداني في المعركة أفقدت الطرف الأقوى القدرة على الانتصار حتى الآن، وبالتالي أفقدته القدرة على هزيمة حماس، وفرض شروطه

عقدة المنشار

المفاوضات التي تجري بين الأطراف المتحاربة أو المتنازعة عادة ما تقوم على أحد ثلاثة أسس حاسمة، تتحكّم في نوعية الشروط المفروضة وطبيعة الاتفاق الذي سيتمّ التوصل إليه في النهاية، وهذه الأسس هي:

وجود طرف منتصر، وآخر منهزم، وهذا الأساس يضع المنتصر في موقع يمكّنه من فرض الشروط التي يريدها على الطرف المنهزم، على غرار مع ما فعلته الدول المنتصرة في الحربَين العالميتَين: الأولى والثانية، مع الدول المنهزمة.

وتتسم هذه المفاوضات بأنها سريعة، وتكون على شكل إملاءات ملزمة للطرف المنهزم. ويندرج تحت هذا الأساس كذلك، المفاوضات التي جرت عام 1982م بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني، عن طريق الوسطاء للخروج من لبنان، بعد أن خسرت المقاومة الفلسطينية الحرب ضد قوات الكيان الصهيوني، واضطرت منظمة التحرير للقبول بشروط وإملاءات الكيان الصهيوني. وجود طرفين متصارعين على درجة كبيرة من التكافؤ العسكري، ويرغبان في التوصل إلى اتفاق ينهي حالة القتال والعداء بينهما، وهنا لا يستطيع أي من الطرفين أن يفرض شروطه على الآخر، وإنما يعملان على التوصل إلى حلول وسط لكافة النقاط والمشكلات والخلافات الكامنة وراء أسباب الصراع، بما يحقق المصالح المشتركة لكل منهما.

وذلك على غرار ما حدث بين مصر والكيان الصهيوني. وهذا النوع من المفاوضات يستغرق وقتًا طويلًا، حيث ينبري كلا الطرفين للطرف الآخر متسلحًا بكافة الأساليب والوسائل والمستندات التي تمكّنه من التفوّق على الطرف الآخر؛ للخروج بأكبر قدر ممكن من الشروط، والمصالح والضمانات.

وجود طرفين متصارعين وغير متكافِئَين عسكريًا، ويتفقان على إنهاء حالة الحرب والعداء بينهما، وهنا يكون الطرف الأقوى، هو صاحب اليد العليا في المفاوضات، وفرض الشروط على الطرف الأضعف، ولكن مع القبول ببعض مطالبه، والتنازل له عن بعض المكتسبات التي تشجعه على الدخول في المصالحة وإنهاء حالة الحرب، وذلك على غرار ما حدث بين منظمة التحرير الفلسطينية، والكيان الصهيوني في اتفاق "أوسلو"، وكثيرًا ما كان الزعيم ياسر عرفات يردد مقولته الشهيرة: "هم اليد العليا ونحن اليد السفلى".

وبالرجوع إلى المفاوضات الدائرة حاليًا بين التحالف الصهيو-أميركي وحركة حماس، نجد أن هناك خللًا كبيرًا في الأساس الذي تقوم عليه، حيث يصعب إدراجها تحت أي نوع من الأنواع الثلاثة السابقة، فرغم أن الطرفين غير متكافِئَين سياسيًا وعسكريًا على الإطلاق، فإن معطيات الواقع الميداني في المعركة أفقدت الطرف الأقوى القدرة على الانتصار حتى الآن، لأنه لم يستطع تحرير الأسرى، ولا القضاء على المقاومة المسلحة، رغم مرور أكثر من ستة أشهر على هذه الحرب.

وكل الذي استطاع التحالف الصهيو-أميركي تحقيقه كان القيام بإبادة جماعية شاملة ضد الشعب الفلسطيني في غزة في أبشع صورها، ما أثار عليه شعوب العالم أجمع والغالبية العظمى من الأنظمة السياسية.

وفي المقابل، يعتبر العسكريون والإستراتيجيون أن صمود حماس أمام التحالف الصهيو-أميركي حتى اليوم والحيلولة دون تمكينه من تحقيق أهدافه المعلنة للحرب؛ يعتبر بحد ذاته انتصارًا لصالح حماس والمقاومة المسلحة في قطاع غزة. وقد انعكس هذا الوضع على المفاوضات الجارية فيما يأتي:

رفض التحالف شرط حماس بالإيقاف الدائم لإطلاق النار، وانسحاب قوات الكيان الصهيوني (الشامل) من قطاع غزة. رفض حماس شرط التحالف بالإيقاف المؤقت لإطلاق النار، وانسحاب قوات الكيان الصهيوني (الجزئي) من قطاع غزة.

وهذا يفتح المجال أمام سيناريوهات تصعيدية جديدة.

أسوأ سيناريوهات التحالف الصهيو-أميركي القادمة، لجوؤه إلى وضع إستراتيجية عسكرية متوحشة تجبر حماس على رفع الراية وإعلان الاستسلام، بعد الانتهاء من معالجة موضوع النازحين، واستيعابهم في مخيمات إيواء جديدة، تحت إشراف الأمم المتحدة، بعيدًا عن ساحة المعركة

السيناريوهات القادمة

هذا التشدّد مع استمرار وتيرة المعركة على ما هي عليه، يضع الطرفين في مرتبة واحدة من الناحية التفاوضية، في حين أنهما من الناحيتين السياسية والعسكرية ليسا كذلك. وهذا يعني أن المفاوضات ستبقى تراوح مكانها، ولن تحقق تقدمًا على صعيد إيقاف إطلاق النار، وسيترتّب على ذلك قيام الطرفين باتخاذ إجراءات من شأنها تغيير الأساس الذي تقوم عليه المفاوضات، لتنتقل من حالة التكافؤ في شروط التفاوض، إلى حالة المنتصر والمنهزم، بحيث يتمكّن أحد الطرفين من إجبار الطرف الثاني على الإذعان لشروطه، وذلك ضمن سيناريوهات محتملة، سيلجأ لها الطرفان بالتزامن، وعلى رأسها اثنان من جهة التحالف، واثنان من جهة حماس، على النّحو التالي:

الأول: لجوء التحالف الصهيو-أميركي إلى وضع إستراتيجية عسكرية متوحّشة تجبر حماس على رفع الراية وإعلان الاستسلام، بعد الانتهاء من معالجة موضوع النازحين، واستيعابهم في مخيمات إيواء جديدة، تحت إشراف الأمم المتحدة، بعيدًا عن ساحة المعركة، من أجل تخفيف الاحتجاجات الرسمية والشعبية المطالبة بحماية المدنيين ومراعاة القانون الدولي والإنساني. وهو السيناريو الأرجح من جهة التحالف، في ظلّ الوقائع الجارية على الأرض، وسيكون السيناريو الأسوأ. الثاني: قيام الإدارة الأميركية بتكثيف العمل على إسقاط رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو شعبيًا وسياسيًا، وتشكيل حكومة معتدلة لا تضمّ أحدَ أحزاب اليمين المتطرف، تضع قواعد جديدة للتعامل مع حماس؛ من أجل التوصل إلى حلّ يقبله الطرفان. وهذا السيناريو يتعارض مع توجهات ومصالح الأوساط الإقليمية التي ترفض خروج حماس منتصرة في هذه الحرب. الثالث: لجوء حماس والمقاومة الفلسطينية إلى خطط تكتيكية عسكرية نوعية تركّز على أفراد الجيش الصهيوني أكثر من تركيزها على الآليات العسكرية، بحيث تعمل على الإيقاع بأكبر عدد ممكن من أفراد الجيش بين قتيل وجريح، ما يشكل عاملَ ضغطٍ كبيرٍ على الشارع اليهودي في دولة الكيان الصهيوني وخارجها. إلا أن أكبر مخاطر هذا السيناريو عدم قدرة حماس على مواجهة توحّش العمليات الهجومية المتوقّعة في السيناريو الأول. الرابع: لجوء حماس إلى أساليب تكتيكية جديدة سياسية وعسكرية، شبيهة بتلك التي لجأت إليها حركة طالبان في مفاوضاتها المكوكية مع الإدارة الأميركية.

تتسارع الأيام، وتتفاقم الأزمات الإنسانية، ومؤشر الخسائر البشرية في صفوف المدنيين في صعود لا يتوقف، وما زالت حماس تواجه وحدها مع فصائل المقاومة المسلحة في غزة حرب الإبادة الجماعية الصهيو-أميركية الشاملة، مدعومة من الدول الأوروبية الكبرى، التي تدافع باستماتة عن الكيان الصهيوني، ولا ترى له أي تجاوزات أو انتهاكات للقانون الدولي والإنساني، ومازالت تنكر الإبادة الجماعية الشاملة التي يقوم بها في قطاع غزة.

فهل ستقف حماس عند حدود هذين السيناريوهَين، أم ستنتقل إلى سيناريوهات أخرى تمليها الوقائع الميدانية والمتغيرات المحلية والإقليمية المتوقّعة؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الکیان الصهیونی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

“القسام” تعلن أسماء 6 أسرى صهاينة ستفرج عنهم اليوم.. وحكومة الاحتلال تواصل خروقاتها وتماطل في مفاوضات المرحلة الثانية

 

 

الثورة / متابعات

أعلنت “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة حماس، امس، أسماء 6 أسرى صهاينة تعتزم الإفراج عنهم اليوم السبت، ضمن الدفعة السابعة من صفقة التبادل في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي مقابل اطلاق الكيان 602 فلسطيني، من بينهم مئات من الأسرى الذين اعتقلهم الاحتلال في غزة بعد السابع من أكتوبر، وعشرات المحكومين بالمؤبد. .
وقال متحدث “القسام” أبو عبيدة، في بيان: “في إطار صفقة طوفان الأقصى لتبادل الأسرى، قررت كتائب القسام الإفراج اليوم السبت عن الأسرى الصهاينة التالية أسماؤهم: إيليا ميمون اسحق كوهن وعمر شيم توف وعومر فنكرت وتال شوهام وأفيرا منغستو وهشام السيد”.
وفي 19 يناير بدأت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، والتي تتضمن ثلاث مراحل تمتد كل منها 42 يومًا، مع اشتراط التفاوض على المرحلة التالية قبل استكمال المرحلة الجارية.
ولا تزال سلطات الاحتلال تماطل في بدء مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، التي كان من المفترض أن تبدأ في 3 فبراير الجاري، رغم أن المرحلة الأولى تتضمن تسليم الاحتلال 33 أسيرًا صهيونيا، بينهم أحياء وأموات.
وحتى الآن، تسلمت حكومة الاحتلال 19 أسيرًا حيًا و4 جثث، ومن المقرر أن تتسلم اليوم 6 أسرى أحياء، إضافة إلى 4 جثامين أخرى الأسبوع المقبل، لتنتهي المرحلة الأولى من الاتفاق.
في المقابل، أفرجت سلطات الكيان الإسرائيلي عن 1135 أسيرًا فلسطينيًا، بينهم عشرات ممن صدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد، ومن المتوقع أن تفرج عن 602 آخرين خلال الأسبوعين المقبلين، ليصل إجمالي المفرج عنهم ضمن المرحلة الأولى إلى 1737 أسيرًا فلسطينيًا.
ويواصل كيان الاحتلال خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار.
وأعلن مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، تسجيل أكثر من 350 انتهاكاً “إسرائيليا” لاتفاق وقف إطلاق النار منذ سريانه، في 19 يناير الماضي .
وقال الثوابتة في تصريحات إعلامية، أمس، إن “الاحتلال الصهيوني انتهك اتفاق وقف إطلاق النار أكثر من 350 مرة منذ توقيعه، في تأكيد واضح على استمراره في خرق الالتزامات وتحدي المجتمع الدولي”.
وبين الثوابتة ” إن جيش العدو ومنذ سريان الاتفاق، قتل وأصاب العشرات من أهالي قطاع غزة، بتنفيذ غارات جوية بطائرات، أو بإطلاق النار بشكل مباشر، أو عبر مسيّراته” .
وأشار إلى أن لجنة الطوارئ المركزية الحكومية بمدينة رفح جنوب القطاع سجلت توغلات صهيونية في مناطق حدودية شرق القطاع، حيث تتوغل الآليات الصهيونية بشكل مستمر وسط وغرب المدينة.
وطالب مدير الإعلامي الحكومي بغزة، المجتمع الدولي والوسطاء بالضغط لتوفير حاجات القطاع العاجلة من مستلزمات الإيواء والإغاثة والرعاية الصحية، ومنع الاحتلال من ممارسة الابتزاز والتلذذ بمعاناة أهالي القطاع ومفاقمتها عبر إعاقة دخول هذه الاحتياجات.
وبدعم أمريكي، شنت دولة الاحتلال الصهيوني حربًا على غزة بين 7 أكتوبر 2023م و19 يناير 2025م، أسفرت عن أكثر من 160 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • ما قصة الأسيرة بيباس التي كادت جثتها أن تهوي باتفاق وقف إطلاق النار؟
  • حركة حماس: مفاوضات المرحلة الثانية لم تبدأ حتى الآن
  • حماس: إعادة إعمار قطاع غزة يجب أن يتم بتوافق وطني
  • ‌دعوة أميركية كينية لوقف إطلاق النار شرق الكونغو
  • “القسام” تعلن أسماء 6 أسرى صهاينة ستفرج عنهم اليوم.. وحكومة الاحتلال تواصل خروقاتها وتماطل في مفاوضات المرحلة الثانية
  • شهيدة برصاص الاحتلال في رفح و350 خرقًا إسرائيليًّا لوقف إطلاق النار
  • كاتب صحفي: لولا الإصرار المصرى لما كنا وصلنا لوقف إطلاق النار
  • أكسيوس: لقاء أميركي إسرائيلي مرتقب لبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة
  • «صمود» يرحب بدعوة وقف القتال خلال رمضان ويطالب أطراف النزاع بالاستجابة
  • غزة .. أكثر من 20 فلسطينيا استشهدوا جراء انتهاكات الاحتلال لوقف إطلاق النار