منظمة يهودية تستخدم تصنيف معاداة السامية للضغط على الجامعات الأميركية
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
واشنطن- كشفت رابطة مكافحة التشهير "إيه دي إل" (ADL) إحدى أكبر وأهم المنظمات اليهودية الأميركية، النقاب عن تصنيف 85 جامعة أميركية، من تلك التي تضم أكبر تجمعات للطلاب اليهود الأميركيين، طبقا لـ21 معيارا وضعتها المنظمة، لقياس "درجة معاداة السامية في الحرم الجامعي" وما اعتبرته ممارسات جديدة متزايدة تستهدف الطلاب اليهود.
ومن بين هذه المعايير ما يتعلق بالسياسات والإجراءات الإدارية التي تتخذها الجامعات لحماية طلابها اليهود، وأعداد الحوادث المعادية للسامية، وطرق مواجهة العداء للسامية بالحراك الجامعي، ودرجة السماح بالتقاليد والعادات والحياة اليهودية داخل الجامعات، حيث جاء إصدار هذا التصنيف في وقت يشهد فيه الحرم الجامعي الأميركي تقلبات ضخمة منذ أحداث "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
تعد منظمة "رابطة مكافحة التشهير" واحدة من أعرق المؤسسات اليهودية، وتأسست عام 1913 لمواجهة "العداء للسامية" قبل الانتقال لدعم إسرائيل بعد إنشائها، وتهدف لإطلاع أولياء الأمور والطلاب وصانعي السياسات على مواد يستطيعون من خلالها محاسبة الجامعات الجانحة، وترى في التصنيف مصدرا مهما لصانعي السياسات، لا سيما كأداة لإبلاغ الرقابة والتشريعات في الكونغرس.
ويمكن للأعضاء ومساعديهم استخدام التقرير لتوجيه وتوعية الكليات والجامعات في مناطقهم وولاياتهم، ويمكن لوزارة التعليم أيضا استخدام التصنيف للإبلاغ عن أي مخالفات، أو المساعدة بالتحقيقات الجارية والمستقبلية المتعلقة بمعاداة السامية في الجامعات.
ويجمع تحليل ومنهج المنظمة بين بيانات موضوعية من أعداد الحوادث التي يتم الإبلاغ عنها، وبين الكثير من الانطباعات والتحليلات الذاتية، إضافة لما تعتقده المنظمة وخبراؤها حول كيفية تقييم العوامل المختلفة.
ويتم تصنيف الجامعات على 5 درجات وفق التالي:
إيه/A: على القمة قبل الآخرين. بي/B: أفضل من معظم الآخرين. سي/C: تحتاج إصلاحات ضرورية. دي/D: نهجها ناقص. إف/F: رسوب وفشل. نتيجة الاستبيانوزودت المنظمة كل جامعة باستبيان، وتلقت ردودا من 84% من الجامعات التي قامت بتقييمها، كما نظرت المنظمة في معلومات عامة أخرى، بما في ذلك التحقيقات الفدرالية المتعلقة بالباب السادس من قانون الحقوق المدنية، الذي يمنع التمييز على أساس الدين والعرق والجنس.
وتلقت أهم جامعات العالم، والتي حصل أساتذتها وعلماؤها على عشرات من جوائز نوبل في مختلف المجالات، مثل جامعات هارفارد وستانفورد وشيكاغو ومعهد ماساشوستس للتكنولوجيا، على أسوأ تقييم بدرجة "إف" "F" لما اعتبرته المنظمة فشل هذه الجامعات في حماية الطلاب اليهود، ومعالجة معاداة السامية في حرمها الجامعي.
وجاء تصنيف 85 جامعة على النحو التالي:
حصلت جامعتان فقط على درجة "إيه" "A" وهما جامعة إيلون بولاية كارولينا الشمالية، وجامعة برانديز بولاية ماساشوستس، التي كانت أول من يقدم على خطوة إلغاء الاعتراف الرسمي بفرع "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" بسبب نشاط المجموعة في الحرم الجامعي في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما أوضحت الجامعة أن عبارات مثل "من النهر إلى البحر" هي خطاب كراهية وتتعارض مع مبادئ الجامعة. حصلت 18 جامعة على درجة "بي" "B" من بينها جامعة دويك بولاية كارولينا الشمالية، وجامعة ولاية أريزونا، وجامعة هوفستريا بنيويورك، ويعني ذلك أن أداء هذه الجامعات جيد، وأنها أفضل من بقية الجامعات. حصلت 29 جامعة على درجة " سي" (C) من بينها جامعة بوسطن، وجامعة ولاية كولورادو وجامعة نيويورك، أي أن هناك المزيد من الجهد المطلوب القيام به لتصحيح الأوضاع داخل هذه الجامعات. حصلت 24 جامعة على درجة "دي" (D) من بينها جامعة ييل بولاية كونيكيتيكت، وجامعة رايس بولاية تكساس، وجامعة برينستون بولاية نيوجيرسي وجامعة جون هوبكينز، وجامعة جورج تاون، وجامعة كولومبيا، ويعني ذلك أن هذه الجامعات لا تقوم بما يجب من جهود لمنع العداء للسامية. حصلت 12 جامعة على درجة إف (F) من بينها جامعة "إم آي تي" (MIT)، وجامعة هارفارد وجامعة ستانفورد وجامعة شيكاغو، ويعني ذلك الفشل وربما تشجيع هذه الجامعات على الأنشطة المعادية للسامية داخل حرمها الجامعي. إرهاب أكاديمي مغلففي معرض تقديمه للتقرير، يقال الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير جوناثان غرينبلات، إن "الطلاب اليهود يستحقون أن يشعروا بالأمان والدعم في الحرم الجامعي، إنهم يستحقون بيئة تعليمية خالية من معاداة السامية والكراهية".
وبحسب الرابطة، فقد سجلت العام الماضي ما يقرب من 4 آلاف و873 حادثة معادية للسامية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وزادت نسبة الحوادث بالجامعات الأميركية خلال عام 2023 عن العام السابق بنسبة 321%.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فتح مكتب الحقوق المدنية التابع لوزارة التعليم الأميركية العديد من التحقيقات المتعلقة بمعاداة السامية بالجامعات الأميركية، بسبب الانتهاكات المزعومة للباب السادس من قانون الحقوق المدنية لعام 1964، كما بدأت لجنة مجلس النواب للتعليم والقوى العاملة تحقيقات في معاداة السامية بالعديد من الجامعات.
وسبق أن بعثت المنظمة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي رسائل إلى ما يقرب من 200 رئيس جامعة، تحثهم فيها على التحقيق في انتهاك محتمل من قِبل الجماعة الطلابية المعروفة باسم "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" للقوانين الفدرالية وقوانين الولايات المعنية بتقديم الدعم المادي لـ"الإرهاب".
من ناحية أخرى، يرى الكثير من الخبراء القانونيين أنه ليس من شأن الجامعات، سواء الخاصة أو الحكومية، التعليق على آراء أعضاء هيئة التدريس، أو إخبار الطلاب بما يمكنهم وما لا يمكنهم قوله أثناء الاحتجاجات الطلابية، طالما أنها لا تتضمن الدعوة أو التحريض على أعمال عنف.
في الوقت ذاته، يخشى العديد من أعضاء هيئات التدريس في الجامعات من أن تصبح هذه التصنيفات بمثابة سوط موجه ضد أي حراك معاد للسياسات الإسرائيلية.
ويعتبر أكاديمي عربي -فضل عدم ذكر اسمه- في حديث للجزيرة نت أن "ما تقوم به الرابطة وغيرها من المنظمات اليهودية يهدف بالأساس لإرهاب الطلاب الصغار، المؤيدين للحق الفلسطيني بنسب كبيرة صدمت النخبة الأميركية التقليدية، ويرى هؤلاء الشباب قضية الشرق الأوسط من خلال منظور جديد يتعلق بغياب العدالة والمساواة، والعنصرية والاحتلال".
وأشار الأكاديمي العربي، الذي يُدرّس في إحدى أهم جامعات العاصمة الأميركية، إلى أن "هناك مخاوف معلنة بين قادة اللوبيات اليهودية بين ما يرونه خسارة في الرأي العام الأميركي، لذا يفعلون ما بوسعهم لوقف وعرقلة التغيُّر في هذا التوجه لدى الشباب الأميركي الأقل تأييدا للجانب الإسرائيلي مقارنة بجيل آبائهم".
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تشهد أغلب الجامعات الأميركية فعاليات احتجاجية لا تتوقف، من أجل دفع إدارة الرئيس جو بايدن لوقف إطلاق النار، وشهدت بعض الجامعات مواجهات بين الطلاب المؤيدين للجانب الفلسطيني، الذين زادت أعدادهم بصورة ضخمة، وبين الطلاب المؤيدين للموقف الإسرائيلي.
وبرز دور تنسيقي كبير لمنظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" والتي أصبح لها فروع بالعديد من الجامعات في كل الولايات الأميركية الخمسين.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أدلت رئيسات 3 جامعات كبرى، هي هارفارد وبنسلفانيا و"إم آي تي" بشهادتهن أمام لجنة التعليم في مجلس النواب، وسلطت جلسة الاستماع الضوء على مشكلة التوازن بين حماية حرية التعبير والحفاظ على سلامة الطلاب، واضطرت رئيستا جامعتي هارفارد وبنسلفانيا للاستقالة عقب الإدلاء بشهادتيهما، لما اعتبره البعض فشلا في إدانة بعض الأنشطة الطلابية الخلافية.
ولا تزال جامعة هارفارد قيد التحقيق الفدرالي بسبب انتهاكات محتملة للباب السادس، وقد رفع العديد من الطلاب اليهود دعوى قضائية ضد الجامعة لفشلها في حمايتهم من "معاداة السامية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الجامعات الأمیرکیة معاداة السامیة جامعة على درجة الحرم الجامعی الطلاب الیهود الأول الماضی هذه الجامعات
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: حملة مدمرة تطال التعليم الجامعي في أميركا
استضاف صحيفة نيويورك تايمز حوارا عبر الإنترنت مع كتاب أعمدة الرأي، ماشا جيسين وتريسي ماكميلان كوتوم وبريت ستيفنز، حول ما أسموه "الحملة المُدمِّرة" التي يشنّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحلفاؤه على التعليم العالي، مستعرضين كيف أضعفت الجامعات نفسها عبر سلوكيات داخلية وتغيرات ثقافية، جعلتها أهدافا سهلة للهجمات السياسية الشرسة.
وافتتح باتريك هيلي نائب رئيس تحرير قسم الرأي بالصحيفة الحوار بحديث دار بينه مع رئيس جامعة أخبره بأنه نُصح بتعيين حارس شخصي، وقال إنه لم ير هذا القدر من الخوف في عالم التعليم العالي من قبل، وأوضح أن العديد من رؤساء الجامعات "يخافون بشدة" من خفض إدارة ترامب لتمويلهم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليبراسيون: استخدام فرنسا الأسلحة الكيميائية بالجزائر قررته أعلى مستويات الدولةlist 2 of 2جدعون ليفي: أنى لرئيس الشاباك أن يقدم دروسا في الأخلاق حتى لنتنياهو؟end of listوأشار رئيس الجامعة إلى ما يطلقه إيلون ماسك، مستشار الرئيس المقرَّب، من هجمات عبر منصته (إكس)، وإلى دخول عملاء دائرة الهجرة والجمارك الأميركية الحرم الجامعي، وإلى رسائل البريد الإلكتروني الغاضبة التي تغمر صناديق بريدهم، وإلى احتجاجات الطلاب على غزة وإسرائيل، والقلق من التعرض للاستهداف بالعنف.
وأضاف رئيس الجامعة أن الرؤساء والأساتذة قد استهانوا بأمور كثيرة، وظنّوا أنه سيُنظر إليهم دائما على أنهم "منفعة عامة" تُفيد المجتمع، لكنهم أصبحوا يُعتبرون نخبويين ومتعالين على الأميركيين العاديين، مذكرا بأن الأميركيين يكرهون بشدة النخب التي تتعالى عليهم، والآن نشهد محاسبة كبيرة للتعليم العالي أيديولوجيا وثقافيا وماليا، يقودها ترامب واليمين.
إعلان
ووجه باتريك هيلي، الذي قال إنه كان مراسلا للتعليم العالي عندما كانت الجامعات قبل عقدين تحظى بإعجاب واسع في أميركا، إلى الكتاب نفس السؤال الذي وجهه إلى رئيس الجامعة، قائلا "ما الخطأ الذي ارتكبه التعليم العالي؟ وكيف أصبحت الكليات فريسة سهلة؟"
انعدام الثقة بالجامعاتاتفق المشاركون في الحوار على أن الجامعات الأميركية، التي كانت تُعتبر يوما ما مصدر فخر للبلاد، تواجه الآن أزمة وجودية، وأرجعوا السبب في ذلك إلى أن صورة المؤسسات الأكاديمية تغيرت من كونها ذات "منفعة عامة" إلى كونها كيانات تُوصف بالانعزال والنخبوية والاستعلاء.
وقد أدى هذا التغير إلى انعدام الثقة بالجامعات من قِبل قطاعات واسعة من المجتمع الأميركي، وقد استفادت إدارة ترامب من هذه الفجوة المتزايدة بين النخب الأكاديمية والعامة للتحريض عليها تحت شعارات مثل "مكافحة النخب" و"العدل في تمويل الجامعات".
ويرى ستيفنز أن المشاكل بدأت من داخل الجامعات نفسها، حيث أدى الاهتمام المفرط بالتنوّع والهويات إلى تقييد حرية التعبير والتفكير، وضرب مثلا على ذلك بحادثة جامعة ييل عام 2015، التي أظهرت كيف بات الطلاب أكثر حساسية تجاه المواضيع الثقافية، مما يعكس نزعة تعزيز الهوية على حساب الحوار المفتوح.
وقال ستيفنز إنه أدرك في تلك اللحظة أن ثمة خطأ فادحا، واتضح له أن قيمتين من قيم الجامعة الحديثة تتعارضان بشدة، التنوع وحرية التعبير، إذ أصبحت بعض الآراء تمنع لأنها تُسيء إلى جماعة أو تُخالف المعتقدات السياسية التقليدية، أو لأنها تقال من قِبل شخص ينتمي إلى هوية عرقية أو إثنية مختلفة.
ومع ذلك انتقد ستيفنز ترامب، مشيرا إلى أن استغلال الإدارة لهذه القضايا لتحقيق أهدافها السياسية يهدد الأسس الفكرية للجامعات.
وأشارت تريسي إلى أن النقد المحافظ للجامعات غالبا ما يضخم الأحداث الفردية لتبدو وكأنها انعكاس لحالة شاملة، وجادلت بأن العديد من مؤسسات التعليم العالي ليست جزءًا من هذه النخبوية المستهدَفة، بل هي جهات تقدم خدمات تعليمية للمجتمع دون الموارد الكافية.
إعلان الأزمة تتجاوز الجامعاتوخلصت الكاتبة إلى أن المشاكل تتجاوز ترامب، مؤكدة أن هناك أزمة اقتصادية وثقافية أوسع تعاني منها الجامعات، تتمثل في تراجع وعد التعليم العالي بتحقيق الحراك الاجتماعي كما كان في الماضي.
أما ماشا جيسين فوصفت الهجمات على الجامعات بأنها جزء من حملة أوسع ضد كل ما هو فكري وعلمي في المجتمع الأميركي، وهي ترى أن المشكلة لا تنحصر فقط في سياسات ترامب والمحافظين، بل تمتد إلى أزمة اجتماعية أعمق تتعلق بالتفاوت الطبقي والانقسام الثقافي، مؤكدة أن الجامعات شاركت على مدى عقود، في خلق هذه الفجوات الاجتماعية من خلال النخبويّة والانعزال عن عامة الشعب.
ووصل النقاش إلى أن الجامعات أصبحت رمزا "للعدو النخبوي" في الخطاب السياسي، إذ يرى المحافظون أن النقاشات الثقافية داخل الجامعات، مثل قضايا العرق والجندر، تتعارض مع القيم التقليدية، وبالفعل أصبحت سياسات الجامعات المفتوحة على الطلاب الدوليين وموضوعات مثل العدالة الاجتماعية أدوات يستغلها ترامب والمتحالفون معه لتأجيج الانقسام.
وفي هذا السياق، ركز المشاركون في النقاش على قضية اعتقال الطالب الفلسطيني محمود خليل، منظم المظاهرات المؤيدة لفلسطين في جامعة كولومبيا، ورأوا أن اعتقاله الذي تم تبريره باعتباره إجراءً قانونيا، كان جزءا من محاولة أوسع لتعزيز الخوف وإخماد المعارضة داخل الجامعات، واعتبرت تريسي وماشا أن القضية لا تتعلق بخليل كشخص، بل هي "اختبار لضبط حدود الخطاب السياسي".
وخلص الحوار إلى أن الهجمات على الجامعات ليست مجرد نزاعات سياسية سطحية، بل هي جزء من معركة أعمق حول الهوية الثقافية والاجتماعية للولايات المتحدة، وهي ليست محصورة في التعليم العالي وحده، بل تمتد إلى أزمة ثقة أوسع في المؤسسات العامة، ولذلك يتطلب الأمر قيادة جريئة من رؤساء الجامعات، وتحركا جماعيا، لمواجهة هذا التهديد الذي قد يعيد تشكيل المجتمع الأميركي لسنوات قادمة.
إعلان