سواليف:
2025-01-09@09:27:36 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبة

يقول تعالى في الآيتين 166-167 من سورة آل عمران: “وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ . وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ ۗ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ ۚ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ”.


رغم أن هذه الآيات نزلت في معركة أحد، التي جاءت بعد أن ارتفعت معنويات المسلمين إثر انتصارهم في معركة بدر على قريش، التي كانت تمثل القوة العظمى في عالم العرب – الجزيرة العربية -، إلا أنها تنطبق على كل المواجهات فيما بعد، كونها تمثل سنة الله الكونية في تمحيص المؤمنين من المنافقين، كون الفريقين يعتبران مسلمين، يعيشون في مجتمع واحد ويؤدون الفرائض والعبادات ذاتها، وفي ظروف السلم والأمان لا يمكن تمييز الصادق منهم في إيمانه عن المنافق الكاذب في إيمانه، لذلك يسوق الله الابتلاءات للمجتمع المسلم بصورة مواجهات عسكرية، يدبر الله تعالى أحداثها، بإغراء أعداء منهج الله باستهداف المسلمين بعدوان، عندها يهب المسلم الصادق في إيمانه للجهاد بماله وبنفسه، فيما ينكشف المنافق، والذي يكون نفاقه على ثلاث درجات:
أدناها المذبذب الضعيف الإيمان، فتهزه وتذهب به هبة ريح.
وثانيها عديم القناعة بمنهج الله أصلا، فإسلامه مجرد تقية وارتزاق لذا ينكص هذا المنافق ويقعد عن الجهاد، أو يشتري مغنم الدنيا بأجر الآخرة فيوالي المعتدين خوف بطشهم أو طمعا بعطائهم.
وثالثها أن يكون حاقدا أصلا على مجتمعه لاتباعهم منهج الله ويخفي ذلك، فيغريه ما يعانيه المؤمنون من شدة وضيق جراء العدوان، فيجدها فرصة ملائمة للكشف عن دخيلته فيتحالف مع أعدائهم عليهم، وينضم إليهم في عدوانهم.
إذاً فهذه سنة كونية ثابتة، خصصها الله تعالى للمجتمعات المؤمنة تحديدا، لذلك فهي باقية لا مبدل لها ولا مغير، وتصيب المؤمنين في كل العصور والأزمان.
آخر تطبيقاتها في عصرنا هذا كانت في ترتيب الله تعالى الأمور وتدبير الأقدار لأجل حدوث معركة الطوفان، التي كانت تحريضا لمعادي منهج الله للقيام بعدوانهم على الفئة المنتهجة لمنهج الله من بين هذه الأمة، التي باتت غثاء لا قيمة له عند أعداء الأمة، فلا يخشون منها بأسا، بعد أن تمكنوا من تدجين حكامها وتوظيفهم لخدمتهم وتنفيذ ما يطلبونه منهم.
منذ البداية انكشف الفريقان: المؤمنون الصادقون منهم: لم يخشوا قوة أعدائهم الكاسحة، فصبروا وصمدوا ورابطوا، فصدقهم الله وعده: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” [الروم:47]، فحماهم الله على قلة عددهم إذ هداهم لفكرة الأنفاق، وأعمى عيون أعدائهم عنهم رغم قدراتهم التقنية الفائقة، وسدد رميهم رغم تواضع قدرات أسلحتهم، فلم ينل الأعداء منهم ما أملوه، وفشلوا فيما سعوا إليه، وهاهم يفاوضون للخروج من هذه المواجهة بما يحفظ ماء وجوههم الكالحة.
والأهم هو انكشاف الفريق الثاني (المنافقين)، وهم يتألفون أساسا من أغلب الفئات الحاكمة لديار العرب، والذين كانت هذه الموقعة كاشفة لنفاقهم، فظهروا على حقيقتهم متوزعين على الفئات المنافقة الثلاث السالف ذكرها.
فمن هذه الأنظمة من جَبُن فاستجاب لاملاءات العدو الأمريكي، فقعد عن نصرة من تعرضوا للعدوان، ونكص عن واجبه في تأييدهم المعنوي بالحد الأدنى، وامدادهم لكسر الحصار عليهم.
ومنهم أكثر نفاقا وعداء لمنهج الله، فلم يتوقف عند الإرصاد بالمجاهدين في سبيل الله بوصمهم بالارهابيين لتبريرالتنكيل بهم، بل شارك العدو بحصار أهليهم، والتضييق على مؤيديهم ومنع مناصرتهم، ومعاقبة من يستجيب لأمر الله تعالى للمؤمنين بالجهاد بالنفس والمال، بل تحالف مع الأعداء وعقد معهم الأحلاف، وطالبهم بعدم التوقف عن عدوانه حتى القضاء على المجاهدين.
وأما الأشد نفاقا مما سبق فكانوا من أولئك الذين والوا العدو صراحة، وكشفوا عن أنهم حلفاء له مخلصون، واثباتا لذلك ساهموا بالدفاع عنه عندما تعرض الى الهجوم الإيراني على تواضعه وانعدام خطورته.
لذلك أراد الله هذا الطوفان كاشفا، فظهر التباين هائلا بين جماهير الأمة وتأييدها الكاسح للمقاومة، وبين بعض الحكام الذين كان يتولى مَلَؤُهم ومؤيدوهم إيهام العامة بأنهم حماة للدين وللمقدسات، فانكشفوا على حقيقتهم.
لذلك فمن يدعو لتعليق الآمال على هؤلاء المنافقين بعد اليوم فهو منهم، فلن تنتصر الأمة إلا بالمجاهدين الصادقين.

مقالات ذات صلة الصراعات المجدولة في هذا التوقيت 2024/04/18

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية الله تعالى

إقرأ أيضاً:

صرخة في وجه النفاق

عبد الإله عبد القادر الجنيد

لا يزال النفاق هو المرض المتفشي والضارب في عمق الجسد العربي والإسلامي، والجرح الناكئ في جسد أمتنا الإسلامية والعربية.

وإن ما ينبغي وجوبًا على كل المصلحين في الأمة القيام به هو ما يمليه عليهم الواجب الديني والأخلاقي والإنساني في مكافحة ومقاومة وعلاج هذا المرض الخطير، حتى لا ينتشر في أوساط المستضعفين والعوام العاجزين عن مواجهة هذا الداء الأخطر على الأمة.
وما فتئ رؤوس النفاق الذين تولوا كِبْر هذا الإفساد العظيم في واقع أمتنا المناط بها مسؤوليات كبرى في مكافحة طغيان وهيمنة وتجبر قوى الاستكبار العالمي، التي كان لحلف النفاق إسهام الأكبر في تخاذل الأمة وصرفها وتنصلها عن مسؤولياتها الكبرى في هذا الزمان الذي احتدمت فيه المواجهة بين الإيمان كله والشرك والكفر والنفاق كله.
وفي الوقت الذي اتضحت فيه الحقائق وتبين الرشد من الغي والحق من الباطل، ومن بعد أن أوغل الباطل في طغيانه وإجرامه وظلمه وإفساده في أوساط أمتنا، وما يجري على مقدساتنا وإخوتنا في أرض الرباط فلسطين من قتل وتنكيل وحرب إبادة جماعية وحصار ليس له مثيل، منعا للدواء والغذاء والملبس والمشرب، ناهيك عن توجه كيان العدو الغاصب المجرم الصهيوني الماسوني اللعين لإغلاق المستشفيات للحؤول دون علاج المرضى والجرحى، وتعمد قتل المستضعفين بكل الطرق والوسائل الممكنة، بما في ذلك إجبار المواطنين الشرفاء على افتراش الأرض في هذا الصقيع الشتوي والبرد القارس، لتعمد قتل النساء والرجال والمسنين والرضع والأطفال بالصقيع، ولم يجدوا حتى خيمة تؤويهم تقيهم البرد والمطر، ولا ملابس يسترون بها عوراتهم.
وفي ظل هذا الإجرام الصهيوني المتعمد والجرم المشهود على مرأى ومسمع العالم أجمع، بمن فيهم أبناء أمتنا الذين يدينون لله- سبحانه وتعالى- بدين الإسلام، هذا الدين الذي يأمر كل مسلم تقي صالح يمتلك من الشهامة والمروءة والغيرة ما يدفعه إلى نصرة أولئك المستضعفين المظلومين وتقديم العون والمساعدة لهم بكافة الطرق والوسائل الممكنة والمتاحة لاستنقاذهم من ظلم وجبروت هذا الكيان اللقيط اللعين.
وعلى الرغم من كل هذا الإجرام، إلا أن رؤوس النفاق والعمالة والارتزاق والخيانة لله ولدينه ولرسوله ولأوليائه ولإخوانهم في الدين ينعقون بالتظليل والأكاذيب والافتراءات على أبناء الأمة المجاهدين في سبيل الله المؤمنين المتقين الأخيار الشرفاء الذين، على قلتهم، مدوا يد العون والإسناد والمساعدة والدعم والتأييد للمستضعفين من أبناء غزة والضفة وفلسطين، ويطعنون ظهر المقاومة والمجاهدين بكل حقد وغل وجرأة على الله. إنه الحقد الدفين والحسد المقيت منشأ النفاق المتولد عن الخوف والخشية والذعر والذل والخنوع والهوان وحب الدنيا متاع الغرور والطمع في السلطة والجاه وفتات المال، والمنغص للخذلان والتخلي عن قضايا الأمة المصيرية والعزة والكرامة والنصر والتمكين الذي أراد الله سبحانه وتعالى لأمة الإسلام أن تنتصر، لعزتها وكرامتها ودينها وإسلامها ومجدها وصُددها لتسود الأرض بالعدل والقسط والمحبة والسلام للإنسانية جمعاء.
وفي هذا المقام، لا سيما ونحن نخوض المواجهة الكبرى ومعركة الفصل والجهاد المقدس والفتح الموعود مع قوى الطغيان والشيطان الأكبر الأمريكي والبريطاني والصهيوني وقرن الشيطان وأوليائهم جميعًا، فلا بد من الوقوف بحزم لمواجهة النفاق والعمالة والارتزاق المخلخل لصفوف الأمة، التي يجب عليها بعد تكشف الحقائق أن تكون مع الصادقين وتلتحم بالمجاهدين المؤمنين المتقين، وإعلان البراءة من المشركين والكفار والمنافقين، وإعلان الجهاد في سبيل الله لقتال الظالمين المجرمين المحتلين المفسدين في الأرض، والمنافقين صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص، امتثالًا لتوجيهات الله الأعلى في قوله تعالى: [إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ] الصف(4)..
فيا أبناء أمتنا الإسلامية والعربية، اعلموا أنه ما كان لله- سبحانه وتعالى- أن يعذب المنافقين ويهوي بهم في الدرك الأسفل من النار إلا لأنهم سبب التخاذل والمذلة والهوان والانبطاح لأعداء الله، والتماهي معهم للنيل من المجاهدين المؤمنين الأتقياء الأخيار، وإطفاء نور الله وكلمته ودينه، وكفى بالأعراب وبدولة تركيا التي مدت يد العون للكيان الغاصب المحتلة الصهيوني وسارعت لتعويض الكيان الغاصب بالبضائع وكل محتاجاته من السلع والمواد الأساسية التي عجز عن الحصول عليها عن طريق البحر الأحمر نتيجة للحصار المفروض من اليمن على الكيان لإجباره على وقف جرائمه وعدوانه وحصاره لإخواننا في غزة الصمود والثبات.
فأي إسلام، وأي إيمان لهؤلاء المنافقين بعد هذا الخذلان لإخوانهم في الدين، الذين كان عليهم الوقوف إلى جانبنا في تشديد الحصار على هذا الكيان اللعين وتقديم الدعم والعون والإسناد للفلسطينيين في غزة والضفة؟..
وعليكم تقع المسؤولية الكبرى في إدراك الحقائق الواضحة والجلية التي لم تعد خافية على أحد.
يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية، ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله؟ أثقلتم إلى الأرض؟ أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة؟ فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل.
يا أبناء أمتنا الأحرار الشرفاء الأخيار الذين لطالما خُدعوا من المنافقين وغُرِّر بهم العملاء والخونة والمرتزقة، انهضوا بمسؤوليتكم فقد أشرق الحق وأعلن الجهاد من يمن الإيمان، وها هو الباطل بفضل الله سبحانه وتعالى وعونه بدأ يتهاوى ويزهق، فسارعوا إلى نصرة إخوانكم في الدين والعروبة في أرض فلسطين قبل أن يحق عليكم غضب الله وسخطه والخسران المبين. فلا يزال باب الله مفتوحًا لكم، فتداركوا أنفسكم.
فما كان الله ليذر المؤمنين على ما هم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب. فاستبقوا الخيرات، واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه، وأن النصر بيد الله ينصر من يشاء من عباده، ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون. وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، وحاشا لله الأعلى أن يترك عباده المستضعفين المجاهدين وقد نبذوا المذهبية وتمسكوا بالقرآن كتاب الله وأعلام الهدى قرناء القرآن، وتوكلوا على ربهم وأناخوا ببابه واستعانوا به وافتقروا إليه.
فهو سبحانه الناصر لعباده والمؤيد لهم والممد لهم بالنصر والفتح والتحرير، وإلَّا تنفروا يعذبكم عذابًا شديدًا فتصبحوا على صمتكم وقعودكم وتخاذلكم نادمين، والعاقبة للمتقين.

مقالات مشابهة

  • الإفتاء: أكدت السنة النبوية حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم للتزين
  • ضابط تغيير خلق الله المنهي عنه في القرآن الكريم
  • الإفتاء: الدعاء مستحب وفيه تضرع واففتار العبد لله تعالى
  • صرخة في وجه النفاق
  • مفهوم الصدقة الجارية ومصارف أنفاق الأموال
  • من فعل ذنوبا كثيرة في رجب.. فعليه بهذا الدعاء
  • معنوياتٌ عالية وهاماتٌ ثابتة
  • الإفتاء: إعطاء الصدقات لغير المسلمين من قبيل التعاون والاستباق في الخير
  • حكم صلاة الفريضة في الطائرة ومدى صحتها
  • بين الدين والعلم