​ذكر تحليل لمجلة "فورين بوليسي"، أن الهجوم  الإيراني الأخير على إسرائيل أظهر تعاونا غير مسبوق من الدول العربية في مواجهة التهديد الإيراني المشترك، على الرغم من استمرار التوترات بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، خاصة مع الحرب الدائرة بغزة.

وسلط التحليل الضوء على الفرص التي يتيحها هذا التعاون من أجل تشكيل تحالف استراتيجي ضد إيران وتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، لا سيما السعودية، بوساطة أميركية.

غير أنه لفت إلى العقبات والقيود التي قد تحول دون ذلك، خاصة في ظل الحرب في غزة، وضعف بعض الدول العربية في مواجهة إيران بدون ضمانات أمنية أميركية.

وشنّت إيران ليل السبت الأحد هجوما على إسرائيل بواسطة مئات الطائرات المسيرة والصواريخ المجنّحة البالستية، وذلك ردا على ضربة استهدفت في الأول من أبريل القنصلية الإيرانية في دمشق، وأوقعت سبعة قتلى من الحرس الثوري بينهم ضابطان كبيران، ونُسِبت إلى إسرائيل.

وتمكنت الدفاعات الجوية الإسرائيلية بمساعدة الولايات المتحدة وحلفاء آخرين من اعتراض القسم الأكبر من هذه الصواريخ والمسيّرات.

"تحالف مهم ناشئ"

وشكّل هجوم إيران على إسرائيل في عطلة نهاية الأسبوع المرة الأولى، بعد عقود من الحرب الخفية، التي حاولت فيها طهران مهاجمة البلاد بشكل مباشر، حيث أطلقت أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ على إسرائيل.

وتميز حادث السبت، بحسب التحليل، بـ"تعاون غير مسبوق" من الدول العربية ودول الخليج في صد الهجوم. 

واعترض الأردن عددا من الطائرات المسيرة والصواريخ وسمح للولايات المتحدة ودول أخرى باستخدام مجاله الجوي، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، بينما شاركت الإمارات والسعودية معلومات استخباراتية بشأن الهجوم المخطط له، بحسب الصحيفة ذاتها.

ورغم أن المسؤولين الأردنيين قللوا من أهمية دورهم في صد الهجوم الإيراني، ووصفوه بأنه مسألة دفاع عن النفس، نوهت "فورين بوليسي" إلى أن "أهمية اللحظة لم تغب عن الكثيرين في إسرائيل، التي خاضت أربع حروب مع الأردن قبل توقيع معاهدة السلام عام 1994".

وبحسب "فورين بوليسي"، فقد شكلت هذه الاستجابة أول اختبار مهم لتحالف ناشئ، وإن كان غير مستقر، في الشرق الأوسط ضد إيران، حتى في الوقت الذي  أثارت فيه حرب إسرائيل في غزة غضبا شعبيا كبيرا في المنطقة.

وقال آرون ديفيد ميلر، كبير المفاوضين الأميركيين السابقين في الشرق الأوسط بوزارة الخارجية للمجلة: "ما فعلته دول الخليج من 13 إلى 14 أبريل يشير إلى أنها، مهما كان التزام شعوبها بالقضية الفلسطينية، لا تزال مستعدة للاهتمام بمصالحها الوطنية أولا". 

وأضاف "هذا هو الأمر المهم، ليس أن التعاون حدث ولكن أنه حدث في ظل ظروف غير بديهية".

دول الخليج أمام معادلة صعبة.. هل تجبرها مواجهة إيران وإسرائيل على "الانحياز"؟ طالما حاولت الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية والإمارات تجنب اتخاذ موقف بشأن المنافسات الجيوسياسية الأميركية خلال السنوات الأخيرة، لكن حينما جاء الدور على الصراع بين إسرائيل وإيران، بات من الصعب الحفاظ على موقف متوازن أو محايد.

ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، طالما حاولت الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية والإمارات، تجنب اتخاذ موقف بشأن المنافسات الجيوسياسية الأميركية خلال السنوات الأخيرة، فالتزمت الحياد إلى حد كبير في حرب أوكرانيا وبنت علاقات مع الصين، لكن تمحور الوضع على الصراع بين إسرائيل وإيران، أصبح من الصعب الحفاظ على موقف متوازن أو محايد.

وذكرت الصحيفة أن المواجهة بين إسرائيل وإيران كشفت صعوبة حفاظ الإمارات والسعودية على "توازن دقيق" بين إيران، منافسهما الرئيسي في المنطقة من جانب، والولايات المتحدة الحليف الأمني الأهم لهما وإسرائيل من جانب آخر.

وأشارت إلى أنه في ظل تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة بقوة، فإنه "من المرجح أن تجد دول الخليج نفسها أمام خيارين.. إما السماح للقوات الأميركية بشن هجمات من قواعد في بلدانها والمخاطرة بانتقام إيراني، أو استرضاء طهران والبقاء على الهامش، كما فعلت بشكل كبير منذ هجمات السابع من أكتوبر التي أدخلت الشرق الأوسط في حالة من الاضطراب".

ومنذ الهجوم الإيراني على إسرائيل، دعت الإمارات إلى ضبط النفس وضرورة العمل على تحقيق الاستقرار عبر الدبلوماسية.

أما بالنسبة للسعودية، فأشارت الصحيفة إلى أن موقفها "أكثر تعقيدا"، وذلك في ظل الجهود الرامية إلى إبرام اتفاق مع تطبيع مع إسرائيل يضمن للمملكة الحصول على التزامات أمنية من الولايات المتحدة ودعمها في برنامجها النووي، وهي جهود تراجع زخمها مع الحرب في غزة.

"براغماتية"

وعلى الجهة المقابلة، حذر مسؤولون أميركيون سابقون من المبالغة في تفسير تعاون الدول العربية في صد هجوم إيران، مشيرين إلى أنه ربما "نبع من البراغماتية وليس من الإيثار".

وقال المستشار السابق بوزارة الدفاع الأميركية، بلال صعب، لفورين بوليسي: "لا أريد التقليل من شأن ما فعله الأردنيون، ولكن معظم هذه الحسابات كانت محلية ولها علاقة بحماية سمائهم"، مشيرا إلى أن البلاد تتلقى أيضا تمويلا كبيرا من وزارة الدفاع لتدريب قواتها المسلحة وتجهيزها.

وعلى الرغم من أن صحيفة "وول ستريت جورنال"، ذكرت أن السعودية وافقت على مشاركة معلومات استخباراتية حول الهجوم الإيراني مع الولايات المتحدة، قلّل مسؤولون سعوديون من مشاركة بلادهم في العملية. ونفت مصادر لقناة "العربية"، مشاركة المملكة في اعتراض القصف الإيراني، مما يؤكد الخط الدقيق الذي تسير عليه الرياض، وفقا لفورين بوليسي.

التصعيد الإسرائيلي الإيراني.. دول الخليج تتحرك تبذل دول الخليج قصارى جهودها الدبلوماسية لإبعاد شبح توسع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، في محاولة لحماية أمنها وسياساتها الاقتصادية الطموحة المهددة، خصوصًا بالتصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل، وفق محللين.

تبذل دول الخليج قصارى جهودها الدبلوماسية لإبعاد شبح توسع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، في محاولة لحماية أمنها وسياساتها الاقتصادية الطموحة المهددة، خصوصا بالتصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل، وفق محللين.

وصرح صعب بأنه في غياب ضمانات أمنية وتعهدات واضحة من جانب الولايات المتحدة بتوفير الحماية، فإن دول الخليج ستبقى على الأرجح متحفظة ومترددة في الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران أو تصعيد الموقف معها.
 ويتقاسم معه ميلر هذا الطرح، قائلا : "أعتقد أن هذه كانت علامة مبشرة على الأمور التي قد تتطور وتنضج، لكن القيود لا تزال شديدة جدا". 

وأضاف ميلر أن "قضية غزة لم تختف. الجانب الإسرائيلي الفلسطيني من هذا لم يختف،" مضيفا "قبل كل شيء، أعتقد أن مسألة الضعف ستجعل الكثير من الدول تفكر مليا قبل ترسيم أي تحالف يبدو أنه موجه استراتيجيا ضد إيران".

وفي سياق مرتبط، فإن دول الخليج تعمل جاهدة في محاولة لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وطهران، في محاولة لحماية أمنها وسياساتها الاقتصادية الطموحة، المهددة خصوصا بالتصعيد العسكري الأخير، وفق محللين تحدثوا لفرانس برس.

ويرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط في جامعة "كينغز كوليدج" في لندن، أندرياس كريغ، في حديثه للوكالة أن دول الخليج تتشارك "إدراكا عاما بأن الصراع مضرّ للأعمال، وأن تجنب النزاع أصبح الآن أمرا ضروريا مهما كلّف الثمن".

"استغلال الفرصة"

وبعيدا عن علاقتها بدول المنطقة، ذكر تحليل "فورين بوليس"، أن هجوم السبت، سلط الضوء مجددا على التهديدات التي تواجهها إسرائيل التي تحرص على الاستفادة من هذه اللحظة لعزل إيران بشكل أكبر، في وقت أصبح فيه شركاؤها الغربيون أكثر إحباطا من تكتيكات قواتها في غزة والأزمة الإنسانية المتفاقمة الناتجة عن ذلك هناك.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الأحد: "لدينا فرصة هنا لإقامة تحالف استراتيجي ضد هذا التهديد الخطير من إيران، التي تهدد بوضع متفجرات نووية على رؤوس هذه الصواريخ".

من جهته، صرح وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الثلاثاء، أن بلاده تشن "هجوما دبلوماسيا"، حيث أرسلت رسائل إلى 32 دولة واتصلت بعشرات وزراء الخارجية، داعية إلى فرض مزيد من العقوبات على إيران وتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية. 

وأعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، أنّ الولايات المتحدة ستفرض عقوبات جديدة على إيران، مشيرا إلى أنه "يتوقع" أن يحذو حلفاء آخرون لواشنطن حذوها قريبا.

وبالفعل، قرر قادة الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، تشديد العقوبات على إيران، منددين بالهجوم الإيراني، وأكدوا مجددا التزامهم بأمن إسرائيل ودعوا جميع الأطراف، بما في ذلك لبنان إلى منع حدوث المزيد من التوترات.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الأربعاء، أن بلاده "تحتفظ بالحق في حماية نفسها" في مواجهة الضغوط الدولية على حكومته لتجنّب رد ضد إيران يهدد بجر المنطقة إلى مزيد من التصعيد في خضم الحرب مع حركة حماس في قطاع غزة.

وقال جويل روبين، الذي شغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما: "وضعت حرب غزة العلاقات الدبلوماسية لإسرائيل تحت ضغط في المنطقة، لكن ليس تحت ضغط مباشر، كما يمكن أن يكون عليه الحال إذا ردت عسكريا على إيران، مما قد يؤدي إلى إشعال المنطقة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الهجوم الإیرانی فی الشرق الأوسط إیران وإسرائیل إسرائیل وإیران الدول العربیة فورین بولیسی بین إسرائیل على إسرائیل دول الخلیج بین إیران فی محاولة على إیران فی مواجهة ضد إیران إلى أنه إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

تحليل إسرائيلي حول سر توجه الجيش المصري نحو روسيا والصين

مصر – حذرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، من التحركات والتدريبات العسكرية المصرية مع روسيا والصين، مشيرة إلى أن القاهرة تجري تدريبات مع كل القوى العظمى، والهدف منها هو إسرائيل.

وأوضحت الصحيفة العبرية في تقريرها أن العلاقات الإسرائيلية-المصرية تمر بأكبر أزمة لها منذ أحداث السابع من أكتوبر 2023. وفي الوقت الذي تجري فيه مصر مناورات ضخمة مع طائرات مقاتلة صينية متطورة، تحاول إسرائيل فهم ما إذا كان هناك ما يجب أن تخشاه.

وتابعت الصحيفة أن المخاوف تتزايد في القاهرة بشأن انهيار الأوضاع الأمنية على حدود قطاع غزة، واحتمال تدفق سكان غزة إلى سيناء، وهو ما دفع القوات المصرية للانتشار بالقرب من الحدود، مما أثار تساؤلات في تل أبيب حول النوايا المصرية. وفي السياق نفسه، نجحت المناورات العسكرية الأولى من نوعها بين مصر والصين، والتي شاركت فيها طائرات مقاتلة صينية متقدمة، في مفاجأة حتى الجانب الصيني، حيث سارعت وزارة الدفاع في بكين إلى التفاخر بها علنًا.

ولفهم خلفية هذا التعاون العسكري الاستثنائي، تحدثت “معاريف” مع المقدم احتياط إيلي ديكل، ضابط الاستخبارات الإسرائيلي السابق والخبير في الشؤون المصرية، الذي أكد أن التعاون العسكري المصري مع الصين ليس مفاجئًا، بل يمثل جزءًا من سياسة القاهرة الواضحة على مدى عقود. وأوضح ديكل أن مصر عملت بوعي على عدم الاعتماد على أي قوة دولية واحدة، وأنها تبذل موارد هائلة لتحقيق ذلك عبر شراء الأسلحة من مختلف الدول، والسعي للحفاظ على علاقات عسكرية وسياسية مع العديد من القوى العالمية. وأشار إلى أن هذه السياسة تهدف إلى منع تكرار ما حدث لمصر أربع مرات في الماضي، عندما أغلقت الولايات المتحدة صنابير الإمدادات العسكرية عنها.

وفي هذا الإطار، أشار ديكل إلى أن إسرائيل تعتمد بشكل كبير على إمدادات الأسلحة الأمريكية، قائلاً: “في الحرب الأخيرة، لم تزودنا الولايات المتحدة بالجرافات، وفي الماضي لم تزودنا بمحركات الطائرات، وفي التاريخ البعيد لم تزودنا بأي أسلحة على الإطلاق. الولايات المتحدة تتلاعب بنا لأنها تعلم أننا نعتمد عليها، بينما تعلمت مصر درسًا على مر العقود بعدم أن تكون تابعة لأي طرف”.

وبحسب ديكل، فإن التعاون العسكري مع الصين، رغم أنه قد يبدو مفاجئًا لبعض الأطراف في إسرائيل، يمثل تطورًا طبيعيًا من وجهة نظر القاهرة. وقال: “إنها تحافظ عمدًا على علاقاتها مع العالم بأسره – مع كل من تستطيع التواصل معه، وكل من لديه رأي، وكل من يملك جيشًا وأسلحة جيدة. ولذلك تجري، من بين أمور أخرى، مناورات مشتركة مع روسيا”. وأضاف ديكل أن مصر تجري مناورات أيضًا مع فرنسا وإنجلترا، وبالطبع مع الولايات المتحدة، قائلاً: “أعرف تقريبًا كل المناورات التي أجرتها مصر مع الصين في التاريخ، ولا أفرق بين المناورات العديدة التي أجرتها مصر مع روسيا والاتحاد السوفييتي، وبين تلك التي أجرتها مع الصين”.

وأشار ديكل إلى أن سوق الأسلحة الصينية ليست غريبة على مصر، رغم أن الولايات المتحدة لا تنظر إليها بعين الرضا. وقال: “في إطار سعي مصر الدائم إلى أسواق الأسلحة لخلق حالة من الاستقلال عن الولايات المتحدة، دأبت مصر على شراء الأسلحة من الصين لسنوات، رغم علمها بأن الولايات المتحدة لا ترغب في ذلك. فهي تعلم أن الولايات المتحدة تمولها بما يشبه مخصصًا سنويًا قدره ثلاثة مليارات دولار، ومع ذلك تواصل شراء الأسلحة من الصين وغيرها”.

ووفقًا لديكل، اشترت مصر مؤخرًا أنظمة حرب إلكترونية متقدمة مصنوعة في الصين، بما في ذلك أربع بطاريات صواريخ متطورة للغاية، إلى جانب أسلحة إضافية لم يتم الإفصاح عنها بعد.

المصدر: معاريف

مقالات مشابهة

  • بخطوة نادرة.. لبنان يستدعي سفير إيران ويبلغه ضرورة التقيّد بالأصول الديبلوماسية
  • السيسي: التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي تحتم تكثيف التعاون بين الدول العربية
  • الجامعة العربية: إسرائيل تسعى للتطهير العرقي وتهدد استقرار المنطقة
  • تحليل إسرائيلي حول سر توجه الجيش المصري نحو روسيا والصين
  • الدول العربية الأكثر تضررًا من رسوم ترامب الجمركية
  • كوري ميلز: بحثت مع الشرع العلاقات مع إسرائيل وإيران
  • ما هي الدول العربية الأكثر تضررا من رسوم ترامب الجمركية؟
  • الحرس الثوري الإيراني يحتجز سفينتين أجنبيتين تنقلان وقودا مهربا في الخليج
  • الحرس الثوري الإيراني يحتجز ناقلتي نفط أجنبية في مياه الخليج
  • عاجل| وزير الخارجية: اتصالاتنا مستمرة مع كل الأطراف لوقف انتهاك إسرائيل لسيادة الدول العربية