شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الدولي، في مؤتمر «إعادة التفكير في السياسة الاقتصادية: التغيير الهيكلي»، الذي نظمه معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، أحد أبرز مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، حيث تناول المؤتمر الأوضاع الاقتصادية في الوقت الحالي الذي يشهد فيه العالم أزمات متعددة، وتجارب الدول في تنفيذ سياسات تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي والإصلاحات الهيكلية.

وافتتح المؤتمر آدم بيسون، رئيس معهد بيترسون، وكريستالينا جيورجيفا، رئيسة صندوق النقد الدولي، كما شاركت وزيرة التعاون الدولي في جلستها إلى جانب ماري بانجيستو، أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة إندونيسيا وعضو المجلس الاستشاري لمعهد بيترسون، وسيسيليا مالمستروم، المفوضة الأوروبية للشئون الداخلية سابقًا ومسئولة في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي،  وهيذر بوشي، عضو مجلس المستشارين الاقتصاديين، مكتب الرئيس الامريكى، وشهد المؤتمر مشاركة موسعة من الأكاديميين والباحثين وممثلي الحكومات والمؤسسات الدولية. ومن المقرر أن يصدُر عن المؤتمر كتابًا بمشاركات المتحدثين حول سياسات الإصلاح الاقتصادي والهيكلي وتجارب الدول المختلفة.

وفي كلمتها أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، أنه في وقت يشهد فيه العالم أزمات متتالية ومتشابكة، فقد بات من الضروري تحقيق تغيير هيكلي وإصلاح في السياسات الاقتصادية، لاسيما على مستوى الدول النامية والاقتصاديات الناشئة، وإعادة رسم للأولويات، موضحة أن الإصلاحات الهيلكية وسياسات استقرار الاقتصاد الكلي بمثابة استراتيجيات يعزز بعضها بعضًا من أجل دفع النمو وتحقيق الاستقرار.

وأشارت وزيرة التعاون الدولي، في عرضها التقديمي، إلى أن سياسات الاستقرار الاقتصادي تُعالج الاختلالات على المدى القصير، بينما تضمن الإصلاحات الهيكلية دعم صمود ومرونة الاقتصاد وتضع أساسًا للاستقرار على المدى الطويل مما يقلل الاقتصاد للتعرض للصدمات الخارجية ويساعد من التخفيف من الاختلالات.

الصدمات الخارجية

ولفتت «المشاط»، إلى أن الصدمات الخارجية تحول دون استدامة الإصلاحات الهيكلية في الدول النامية وهو ما يتسبب في اتساع الفجوة بين الاقتصاديات المتقدمة والنامية، ويستلزم تسريع الإصلاحات لإعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح، موضحة أن السياسات الصناعية تعد عنصرًا رئيسيًا في الإصلاحات الهيكلية حيث تعمل على دعم التنافسية الاقتصادية، لكنها تحتاج إلى سياسات مالية داعمة لتحقيق النتائج المرغوب فيها والتحول إلى اقتصاد أخضر ورقمي.

ونوهت بأنه في الوقت الذي تواجه فيه الاقتصاديات النامية والناشئة حاجة متزايدة لتسريع الإصلاحات الهيكلية، فإن السياسات الصناعية تشكل أهمية كبيرة من خلال زيادة الاستثمارات في البنية التحتية المستدامة والنظيفة بما يدفع الانتقال إلى اقتصاد أكثر حضرة، وخلق فرص العمل وتحفيز الابتكار.

التحول الأخضر

كما أكدت أنه في ضوء الدعوات العالمية لتحقيق التحول الأخضر في التجارة العالمية وإنشاء سلاسل القيمة المستدامة، فيجب تعزيز الاستثمار في التكنولوجيات النظيفة باعتباره أمر بالغ الأهمية للحفاظ على القدرة التنافسية للاقتصاد.

وفي هذا الصدد شددت على التزام الدولة المصرية بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، والوفاء بالتزاماتها في اتفاق باريس للمناخ، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 والاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، واتباع بيئة مواتية لتعزيز المسار الاقتصادي المستدام، مضيفة أن الحكومة تعمل على دمج معايير الاستدامة البيئية تدريجيًا في المشروعات حيث تخطط زيادة نسبة المشروعات الخضراء في الاستثمارات العامة لمستوى 50% خلال العام المالي 2024/2025، كما شرعت الحكومة في تطوير استراتيجية جديدة للصناعة لتشجيع النمو الاقتصادي الذي يقوده القطاع الخاص بالتعاون مع مجموعة البنك الدولي أحد أبرز شركاء التنمية لمصر.

وفي ذات السياق استعرضت وزيرة التعاون الدولي، المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّــي» محور الارتباط بين مشروعات المياه والغذاء والطاقة، التي تستهدف الدولة من خلالها حشد التمويلات المناخية استنادًا إلى قائمة مشروعات طموحة في مجالات التخفيف والتكيف والمرونة، بما يسرع الأجندة الوطنية للعمل المناخي ويحشد استثمارات القطاع الخاص والتمويلات الميسرة والأدوات المبتكرة لدعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر، وذلك بالشراكة مع العديد من شركاء التنمية من بينهم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والبنك الدولي، والبنك الأفريقي للتنمية، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وبنك الاستثمار الأوروبي.
 

الإصلاحات الهيكلية وسياسات استقرار الاقتصاد الكلي في مصر

وتحدثت وزيرة التعاون الدولي، عن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة المصرية لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي والإصلاحات الهيكلية من خلال عدد من التدابير، من بينها ضبط أوضاع المالية العامة، وزيادة الإيرادات المحلية، وتعزيز الشفافية في إدارة الشركات المملوكة للدولة، واتباع نظام سعر صرف مرن، بالإضافة إلى اتباع استراتيجية واضحة لزيادة الإنفاق الاجتماعي وتلبية الاحتياجات الفورية للفئات الأقل دخلًا التي يمكن أن تتأثر سلبًا بالإصلاحات الجاري تنفيذها.

وذكرت أنه في هذا الإطار، سعت الحكومة بالتوازي مع الإصلاحات الأخيرة دعم الأسر منخفضة ومتوسطة الدخل التي تأثرت بارتفاع مستويات التضخم، والآثار الناجمة عن الإصلاحات الاقتصادية، وذلك من خلال توسيع نطاق برنامج تكافل وكرامة للتحويلات النقدية في عام 2023، واعتماد حزمة حماية اجتماعية بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بقيمة 180 مليار جنيه .

ولفتت وزيرة التعاون الدولي، إلى الإصلاحات الهيكلية التي عززت التنافسية في قطاع الطاقة المتجددة منذ عام 2014، لمقابلة الطلب المتزايد على الطاقة، وهو ما ساهم في زيادة المشروعات المنفذة في القطاع وتشجيع المزيد من شركات القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب على المساهمة في تلك المشروعات، وتحسين البنية التحتية في قطاع الطاقة المتجددة ودفع التحول الأخضر.

تمكين القطاع الخاص

وأكدت على تركيز الدولة في هذا التوقيت لتعزيز مشاركة القطاع اخاص باعتباره عنصرًا محوريًا في دعم النمو الشامل والمستدام من خلال عدد من المحاور والآليات والإجراءات التي يعمل عليها الصندوق السيادي، ووضع معايير واضحة من خلال وثيقة سياسات ملكية الدولة لزيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري إلى مستوى 65% خلال العامين المقبلين، فضلًا عن تعزيز كفاءة إدارة الشركات المملوكة للدولة وتعزيز مستويات الشفافية والإفصاح ودعم آليات التنافسية مع شركات القطاع الخاص.

وذكرت وزيرة التعاون الدولي، أن مصر تعمل على المضي قدمًا لتبني سياسات تعمل على تنشيط النمو الاقتصادي والتركيز على القطاعات الأعلى قيمة مثل الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإصلاحات الهيكلية الاقتصاد الكلي البنك الدولي الدكتورة رانيا المشاط الدكتورة الولايات المتحدة استقرار الاقتصاد الکلی وزیرة التعاون الدولی الإصلاحات الهیکلیة القطاع الخاص تعمل على من خلال

إقرأ أيضاً:

إرادة جيل: مصر ستكون بوابة التصنيع إذا نجحنا في استثمار التعريفة الجمركية الأمريكية

قال المستشار محمد حسين، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب إرادة جيل، إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن فرض رسوم جمركية على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، مبرر، في ظل ما تشكله ضخامة حجم الاقتصاد الأمريكي والذي يمثل نحو 30 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي، وفي المقابل هناك تحديات في الداخل الأمريكي من تراكم حجم الديون وزيادة نسبة التضخم وارتفاع نسبة البطالة وغيرها من المشكلات الداخلية، ومن ثم فلها الحق في إعادة النظر في التعريفة الجمركية.

لكن تأثير تلك الرسوم والتي شملت القائمة التي أعلنها ترامب الدولة المصرية سيكون إيجابيا على الاقتصاد المصري، حسبما يرى المستشار محمد حسين، الذي يؤكد أنه علينا استغلال تلك الفرصة في ظل نسبة الرسوم المفروضة على مصر هي الأقل من بين نظيراتها من الدول والكيانات التجارية التي شملتها القائمة التي أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب.

معيط عن تداعيات الرسوم الجمركية: يصعب الآن التقييم الدقيق للمشهد الاقتصادي العالميبدء إيقاف تشغيل الهواتف المهربة غير المسددة للرسوم الجمركية بداية من الغد

وبحسب رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب إرادة جيل، فإن استغلال تلك الفرصة عبر التسويق الاستثماري لحجم ما هو متاح من فرص استثمارية في الداخل المصري عبر إقناع تلك الدول التي تأثرت من القرار ولاسيما الصين والاتحاد الأوروبي لتصنيع ما كان يتم في أمريكا، سيجعل مصر بوابة التصنيع لكثير من دول العالم في ظل ما تتمتع به من بنية تحتية قوية وحجم تكلفة أقل كثيرا من أمريكا أو الدول الكبرى.

ولفت المستشار محمد حسين، إلى أن ذلك سيسهم كثيرا في إعادة تشغيل المصانع المتوقفة ويسهم في تشغيل الأيدي العاملة، وما سينعكس إيجابا على حجم الاقتصاد المصري والصناعة المصرية وحل كلي لمشكلة البطالة وزيادة معدلات التصدير وتوفير العملة الصعبة.

وبدد رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب إرادة جيل، المخاوف من انعكاسات القرار الأمريكي بفرض رسوم للتعريفة الجمركية على إحداث ركود عالمي كالذي حدث في ثلاثينيات القرن الماضي خاصة أن أمريكا في هذا الوقت لم تكن تمثل سوى نحو 11 بالمئة من الاقتصاد العالمي، لكنه يرى كذلك أن كثيرا من الشركات في الداخل الأمريكي ستعاني ويلات الركود إذا ما توافرت إستراتيجيات جادة للتعاطي مع تأثيرات ذلك القرار عليها.

مقالات مشابهة

  • المشاط تبحث مع سفير كازاخستان لدى مصر استعدادات انعقاد الدورة السادسة للجنة المشتركة
  • وزير الاقتصاد وحاكم قوانغشي الصينية يبحثان التعاون في الاقتصاد الجديد
  • مشاركة عُمانية في مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما
  • شرطة الطاقة: استعادة 23 مليون لتر من الوقود المهرب ونسبة خرق الأنابيب صفر
  • عربي21 ترصد مشاركة واسعة بحملة إضراب لأجل غزة في تركيا (شاهد)
  • وزارة الإنتاج الحربي تحقق زيادة 144% في الإيرادات لعام 2023/2024
  • أشرف صبحي يشهد افتتاح منتدى الاستثمار الرياضي بالرياض
  • مجلس تطوير القطاع الخاص: خطوة نحو شراكة اقتصادية حقيقية في العراق
  • إرادة جيل: مصر ستكون بوابة التصنيع إذا نجحنا في استثمار التعريفة الجمركية الأمريكية
  • تفاصيل مشاركة رئيس النواب في أعمال الجمعية الـ150 للاتحاد البرلماني الدولي