لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
يعتقد هؤلاء المواطنون الفرنسيون، ومن بينهم مصرفيون وموظفون حكوميون وأساتذة جامعيون، أن السلطات العامة والعديد من وسائل الإعلام وجزءا من الرأي العام، تزداد قسوتهم تجاههم كل عام.
وهم منزعجون من عدم الثقة الذي يعاملون به، ومن الأجواء التي أصبحت خانقة أكثر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يوم هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل.
بهذه الجمل لخصت لوموند حال عدد من مسلمي فرنسا ومن ذوي الأصول العربية هناك، وقالت إنهم يتحدثون بنفس العبارات، رغم أنهم لا يعرف بعضهم بعضا، ويعبرون عن نفس المشاعر، كالفزع والشعور بالعجز والمرارة والغضب والحزن، مهما تباينت أعمارهم.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم لويز كوفلير- أن كل من قابلتهم -وقد غيرت أسماءهم الأولى- رفضوا التحدث علانية بوجه مكشوف، خشية أن يعرضهم ذلك للمشاكل، وعبروا عن اعتقادهم بأن هجوم حماس يمثل في نظرهم، نقطة تحول جديدة في انعدام الثقة تجاههم.
ودان هؤلاء الفرنسيون الخطاب السياسي والإعلامي الموجه ضد المسلمين والأجواء الخانقة، و"تهاون السلطات العامة" بشأنهم، وعبروا عن مدى الحسرة الذي ينتابهم على بلدهم، فرنسا التي "أعطتهم الكثير" والتي "كونتهم" لتجعل منهم في النهاية مواطنين مختلفين وضحايا يواجهون مهنيا عوائق غير مرئية، كما تقول الكاتبة.
ويقول هارون، (52 عاما) وهو مصرفي وخريج كلية إدارة أعمال مرموقة "مهما فعلنا ومهما بذلنا من جهود، ومهما كانت مهاراتنا، فنحن مرتبطون بأصولنا وهويتنا المذهبية ومعاقون في حياتنا المهنية"، وهو يعتقد أنه لم يحصل على الوظيفة التي كان ينبغي أن يتمتع بها.
يغادرون بالآلاف
وقالت الصحيفة إن بعض من قابلتهم تخنقهم العبرة وهم يعترفون بمدى ارتباطهم "بالجمهورية التي يحبونها ولكنها لا تحبهم"، فيوسف (62 عاما)، وهو موظف حكومي وناشط مجتمعي، يقول "أخبرنا آباؤنا أننا لسنا في بلدنا وأننا مجرد ضيوف، لكننا لم نرغب في تصديقهم، ومع ذلك، علينا اليوم أن نعترف بأننا أبناء غير شرعيين لفرنسا".
وقد بلغ الأمر بهؤلاء درجة التفكير في الهجرة، حيث تقول رئيسة تحرير موقع سفيرنيوز الإخباري، حنان بن رحومه إن "الأمر لا يتعلق بالضرورة بالذهاب إلى المنفى في بلد مسلم، بل باختيار العيش في بلد تتاح لهم فيه نفس الفرص التي يتمتع بها أي شخص آخر لديه مهارات مساوية".
ويضيف عبد الغني بنعلي، الأستاذ الباحث في جامعة السوربون الجديدة وإمام مسجد سان أوين إن "الهجرة عودة إلى أرض الإسلام كانت دائما تحدث، ولكن ما نشهده اليوم مختلف، فهي هجرة صامتة للموظفين المسلمين من المستويين المتوسط والعالي، بسبب التمييز ضدهم".
وكما جاء في كتاب "فرنسا.. أنت تحبها ولكنك تتركها: استطلاع عن الجالية الفرنسية المسلمة" (سينشر في 26 أبريل/نيسان الجاري)، لأوليفييه إستيفيس وأليس بيكار وجوليان تالبين، فإن الوجهة قد تكون المغرب أو الإمارات أو الولايات المتحدة أو كندا أو المملكة المتحدة، ولكنه "من الصعب للغاية قياس حجم هذه الظاهرة، حيث بلغت حالات المغادرة الآلاف وربما عشرات الآلاف".
مهما فعلت فأنا عربي ومسلم
وما زال إسماعيل وهارون مترددين في المغادرة مثل سمير الذي يقول "زوجتي طبيبة، وهي مستعدة للمغادرة، كما فعل 4 من صديقاتها، رغم أنهن غير محجبات وبعضهن لا يتحدثن العربية، وهن الآن في المغرب. لكن ماذا نفعل هناك؟ إنه بلد آبائنا وليس بلدنا، ووطننا هو فرنسا".
ويضيف سمير (39 عاما) وهو حاصل على درجة الماجستير "لقد كنت أومن بنجاح الجمهورية ولكنني كنت مخطئا"، وهو الآن مقتنع بأن مستقبله في فرنسا قد انتهى.
ويقول بيأس "مهما فعلت، فأنا مجرد عربي ومسلم، ومنذ السابع من أكتوبر لم أعد أتكلم. تحاصرني التهم، ولا أريدهم أن يضيفوا معاداة السامية إلى القائمة".
وأشارت الكاتبة إلى أن هجمات شارلي إيبدو وهايبر كاشر وباتاكلان في عام 2015، شكلت نقطة تحول بالنسبة لهؤلاء المواطنين الفرنسيين المسلمين، بل إن هجوم 11 سبتمبر/أيلول 2001 قبلها، "غيرت الطريقة التي ينظر بها الغربيون إلى المسلمين"، كما يقول يوسف.
ولكن عام 2015 يمثل بداية الشك الدائم من قبل السلطات العامة، إذ يقول هارون إنه "أصبح لزاما عليك أن تدين في نفس الثانية وبصوت عال وواضح، كل الهجمات ورسائل الكراهية على الشبكات والحجاب وإيران وحماس أو أي شيء آخر".
أما سمير فيقول "أجبرت على أن أعرض على الناس صور زوجتي بملابس السباحة على الشاطئ وابنتي تمارس الجمباز لأثبت أنني لست أصوليا. لا يمكنك أن تتخيل مدى إذلال ذلك".
ويؤكد عالم الاجتماع جوليان تالبين أن "هناك تسارعا في عمليات المغادرة منذ عام 2015 مع ارتفاع الشعور بالوصم بعد الهجمات"، موضحا أن الكثير من الأشخاص الذين قابلهم، أكثر من 70% منهم يتحدثون عن تجارب التمييز المباشر، ولكن الكثير منهم يتحدثون عن أجواء متدهورة تشكل ضغطا دائما عليهم، مما يدفعهم إلى الانتباه لكل ما يفعلونه وما يقولونه".
نحن "أصول تجارية" للسياسيين
ويقول المصرفي هارون الذي يفكر في الهجرة إلى إحدى الدول الأنجلوسكسونية، والذي أصبح الآن "متكتما" ويخفي ممارسته الدينية، ويطلب مع زملائه خلال شهر رمضان مقبلات ويتظاهر بتناولها "أصبح ينظر لنا كمسلمين قبل كل شيء. لقد نشأت عربيا، واليوم أنا عربي مسلم، ونحن جميعا مسؤولون عن عنف الآخرين".
وأشارت الكاتبة إلى انتشار الخطابات المعادية للمسلمين في بعض وسائل الإعلام، وإصدار القوانين المختلفة، ففي 2021 قانون "الانفصالية" ثم "مطاردة" "اليساريين الإسلاميين" في الجامعات، وحل التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا عام 2020، والجدل المتكرر حول ارتداء الحجاب أو البوركيني، ثم منع العباءة والقميص في المدارس مع بداية العام الدراسي 2023، ثم إغلاق المساجد، وحظر استراحة الإفطار أثناء المباريات، وغير ذلك.
ويقول هارون "الأمر لا يتوقف أبدا، لقد أصبحنا "أصولا تجارية" للسياسيين والإعلام، وأنا الذي كنت مقتنعا بأن الجمهورية يمكن أن تقدم لنا كل شيء إذا أردنا ذلك، عدت عن ذلك"، وهو اليوم كأستاذ يشجع طلابه على مغادرة فرنسا للحصول على "الحياة والمهنة التي يستحقونها".
ويعلق يوسف، الموظف الحكومي قائلا "إن الجو كله قذر"، ويهمس قائلا "يتحدث العالم السياسي جيل كيبيل عن تفاقم الجهادية، وكثيرون يستمعون إليه، ونحن نتحدث عن تفاقم الإسلاموفوبيا ولكن لا أحد يريد أن يسمعنا"، ويضيف أن من لديهم الإمكانيات فقط هم من يمكنهم اتخاذ قرار المغادرة اليوم، متأسفا على أن "فرنسا تخسر الكثير من المواهب التي دربتها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات
إقرأ أيضاً:
المسلمون يترقبون رؤية هلال رمضان بعد عدم ثبوته في دولتان عربيتان
موعد بداية رمضان 2025.. أعلنت كل من بروناي وماليزيا الجمعة أن أول أيام رمضان 2025 سيكون الأحد 2 مارس، فيما يترقب المسلمون في الدول الأخرى ثبوت رؤية الهلال مساء الخميس لتحديد موعد انطلاق شهر الصيام (السبت أو الأحد).
وتشير التوقعات الفلكية إلى أن غداً السبت سيكون موعد بداية شهر رمضان المبارك بأغلبية الدول العربية، لكن سيكون على المسلمين انتظار الجهة المختصة بكل دولة لتحديد الموعد بدقة لبداية شهر رمضان المبارك 2025 ليتم الإعلان عنه رسمياً، وستقوم الجهة المختصة بكل دولة عربية فور غروب شمس اليوم، بتحري رؤية الهلال وإعلان الموعد النهائي لشهر رمضان المبارك.
رؤية هلال شهر رمضان في مصرمن جانبها، تنظم دار الإفتاء المصرية احتفالا رسميا وشعبيا، مساء اليوم الجمعة الموافق 29 من شهر شعبان لعام 1446 هجريا، لإعلان نتيجة رؤية هلال الشهر المبارك لعام 1446 هجريا، وذلك بعد صلاة المغرب مباشرة، ويتم الإعلان بعد نصف ساعة تقريبا من بدء الحفل.
وأكدت دار الإفتاء المصرية أنها الجهة الوحيدة المنوطة بإعلان نتيجة رؤية الهلال، وترجو عدم الالتفات إلى الأخبار التى تُنْشَر قبل موعد الرؤية، واستقاء المعلومات الصحيحة من مصادرها، حيث إن دار الإفتاء المصرية هي المصدر الوحيد لذلك.
عدم ثبوت هلال شهر رمضانوأعلنت سلطنة بروناي عدم ثبوت رؤية الهلال، ليكون بذلك يوم الأحد 2 مارس غرة شهر رمضان.
وعلى خطى بروناي، سارت ماليزيا معلنة الأحد أول رمضان.
اقرأ أيضاًعاجل| دولتان تعلنان عدم ثبوت رؤية هلال رمضان.. تفاصيل
أفكار سريعة لزينة رمضان.. حضري بيتك لاستقبال الشهر الكريم